عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2009, 06:11 AM   #33
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

قلت وأنا أصافح الأب : الله جابك وينك يارجل تعال ساعدنا على هالبطل , أقترب الأب من ابنه وبدأ يهمس في أذنه كلمات عندها أشاح الولد بوجهه , أدركت حيئذ أن الأب زاد الأمرصعوبة خاصة بعد أن قام الوالد يستجدي الصغير أن يتكلم , والولد يدحضه بنظرات حادة , بدأت أفكر في أمر آخر وهو أن استمرارنا على هذه الطريقة لن يجدي , قلت في نفسي لعل هذا الصغير يتهيب الكلام أمام زملائه أو لم يتعود ذلك , التفت للمعلم قائلا : سأحاول للمرة الأخيرة , طلبت من الطفل أن يخرج أمام السبورة مع مجموعة من الطلاب ثم قمت بارجاعهم لأماكنهم الواحد تلو الآخر حتى بقي لوحده عند السبورة مواجها زملائه طلبت منه أن يعطي الطلاب ظهره ويذكر اسمه بصوت ضعيف , خيل إلي أنني سمعته يذكر اسمه طلبت منه مرة أخرى أن يذكره بصوت أعلى , المذهل أنه نطق اسمه , شعرت أنني بدأت في تحديد المشكلة , طلبت منه أن يعطي وجهه لزملائه بشرط أن يضع يديه على عينيه مغمضتين ثم ينطق اسمه , استجاب لي ونطق اسمه بصوت لا يخلو من رجفة , قلت له : استمر في اغماض عينيك ولكن أنزل يديك عن عينيك وانطق اسمك ففعل , بدأت أقرأ في عيون المعلم والأب نظرة إعجاب وإكبار لصاحبكم قلت في نفسي ( وما أكثر ما أقول لنفسي وتقول لي ) الله يستر لا يفسد علي متعب هذه اللذة الكبيرة أقصد نظرات الإعجاب بشخصي الكريم , قلت له : افتح عين واحدة وانطق اسمك ففعل ثم قلت افتح عينيك وانطق اسمك ففعل طلبت من الطلاب والمعلم والأب أن نصفق له بحرارة ففعلوا فابتهج قلت له : أنت مستحق لما وعدتك به وقمت بإخراج مائة ريال وأعطيتها إياه تفاعل والده مع الموقف فأخرج خمسين ريال وأعطاه إياه , التفت إلي المعلم وهو يقول : تدري يا أستاذ أول مرة أسمع صوته في الفصل الله يفتح عليك , قلت له : بقي المرحلة الأهم وهي أن يتكلم كثيرا وبصوت عال ليطرد الرهبة التي عشعشت في نفسه طويلا , قلت للطلاب : سأعمل مسابقة أعلى صوت في الفصل , من يريد أن يشارك رفع أكثر الطلاب أيديهم قلت : سنبدأ بمتعب وطالب آخر والفائز منهما من ينطق اسمه بصوت أعلى , بدأ الطالب الآخر نطق اسمه ومن حسن الحظ لم يكن صوته عاليا , وطلبت من الطلاب تشجيع متعب على رفع صوته , فاز متعب وطلبت من طالب آخر أن يتحدى , وكنت أنا الحكم وفي كل مرة يفوز متعب ولا يخلو بعض فوزه من شبهة ضعف الأمانة من الحكم والميل الواضح لمتعب , قمت بعدها بتغيير المطلوب من الاسم إلى سورة من القرآن ....الرائع أن البطل كان صاحبي , رفعته على الطاولة وطلبت من الجميع أن يصفق له ويحيه , قرأت في عينيه سعادة متدفقة وشعورا بالفرح والبهجة ....عاد إلى كرسيه بدأت أسأل الطلاب عن بعض مادرسوه فوجدته يرفع يده يطلب المشاركة مع زملائه ....نظرت إلى معلمه وأبيه فوجدتهما لا يقلان عني فرحا ....استأذنت المعلم للخروج ودعني بحرارة وامتنان وهو لا يدري أنه صاحب الفضل علي فقد أكسبني خبرة جديدة وعرفني أن التنظير لا يجعل من صاحبه ماهرا في حل المشكلات مالم يكن ممارسا لها....خرجت من عنده وولي الأمر يرافقني شكرته على اهتمامه في متابعة ابنه , خرجت من المدرسة ويغالبني شعور بالحزن الشديد فأنا أضعف ما أكون في مثل هذه المواقف , أستشعرت طلابا في مدارسنا مثل حال متعب و ما أكثرهم قد ذهبوا ضحايا لمعلمين لايرون حلا لهم إلا الرسوب ...ما أبشع هذا الرسوب الذي أصبح حلا جاهزا لكل مشكلة!! ....ما أبشع أن نتقاذف الطالب المسكين كل منا يطعنه من جهة !!
ما ابشع أن نتهمه في نقص عقله وقلة فهمه عندما يصعب عليه فهم مسألة ولا نتهم أنفسنا بنقص المهنية وعدمية الاطلاع على كيفية التعامل مع هذه المشكلات .
وإن كان من شكر فهو لذلك المعلم الكريم الذي أرقه حال طالبه وأزعجه واقعه فسعى عند كل من يظن عنده حل أو علاج ناجع فله مني الشكر الجزيل وبارك الله له في نفسه وولده.




مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس