عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2009, 02:26 PM   #38
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 18
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

قلت له : لعلك ذكرت في سؤالك أنك معلم للصف الأول والذي أجزم أنه يبذل جهدا كبيرا في تدريسه وهذا ما أظن جزما أنك تقوم به بل أجزم تماما أنك تلتزم بواجبك بتوصيل كل طلابك لبيوتهم كل يوم إيابا وذهابا , قاطعني بصوت يفيض بالاعتراض : يا أستاذ ليس من عملي أن أقوم بتوصيل الطلاب إلى بيوتهم أنا مهمتي تبدأ من حضورهم للمدرسة , قلت : مارأيك لو جعلت الحضور حكما بيني وبينك , قام المعلمون يبدون رأيهم واحدا تلو الآخر وقد أجمعوا على أن توصيل الطلاب ليس من مهمة المعلم , قلت : بما أن الجميع قد خالفني فإني أتراجع عن رأيي وأعود إلى رأيك ...وجدت في عينيه بريق الانتصار , قلت : دعونا نعطي رأينا في المسألة الثانية وهي هل من مهام المشرف التربوي أن يقوم بتوزيع الكراتين الخاصة بورق التصويرعلى المدارس , طلبت من الجميع إبداء رأيه فأجمعوا على أنه ليس من مهامه , طلبت رأيه قام يتمتم وكلماته تنطق بالتراجع عن رأيه , قلت له عموما أنا أعدك متى زرت مدرستكم أن أحضر معي كرتونا أو كرتونين من الورق قابل كلامي بابتسامة لا تخلو من لطف ,ثم جاء الكلام عن المشرفين التربويين , قلت له إنهم يتفاوتون في قدراتهم وفهومهم ومهاراتهم فمنهم المتمكن ومنهم المتوسط ومنهم الضعيف وليس من شروط الترشيح أن يكون معصوما من الخطأ أو عالما في فنه بل يجتهد القائمون على التعليم في اختيار الافضل من المعلمين فيصيبون تارات ويخطئون مرات ولعل من تشكو منه ممن لم يوفق المسئولون في اختياره , قاطعني قائلا : لا أنا الذي يزورني من المشرفين من أهل الكفاءة , قلت : يبدو أنك تتكلم عمن يزور غيرك قال : نعم قلت : قد يكون مقصرا وأنت لا تدري ....شعرت أن الحدة بدأت تنفك عن وجهه وظهرت على محياه ابتسامة جميلة , شكرته على أسئلته وشكرت بقية زملائه وودعتهم , استوقفني في الممر قال : يا أستاذ أريد أن أعتذر عن سلوكي معك , لم أكن لطيفا معك لقد أجبرني المدير على حضور المحاضرة مع كثرة مشاغلي وهمومي وقرب تقاعدي حاولت معه أن يرشح غيري فرفض , جئت إلى هنا منفعلا أسعى بكل وسيلة أن أفتعل مشكلة مع أي أحد قلت له : شعرت بذلك منذ الثانية الأولى من دخولك شعرت بعدائيتك مبكرا أرسلت لك رسالة أرجوك فيها أن تكف عما تنوي فعله لكنك كنت مصرا قال : فهمت الرسالة لكنني كنت في حال من لايقبل التراجع ...أعجبني ردك خاصة أن لم تتناول شخصي بشيء مع أنني حاولت الإساءة إليك عن طريق ذم المشرفين , قلت : لكن لدي عتب عليك وهو اختيارك لهذا التصرف مع أن لديك بدائل أكثر فاعلية , قال : مثل ماذا ؟ قلت : أن تحضر الخمس الدقائق الأولى ثم تعتذر من المحاضر بوجود ظرف لديك وتخرج , أو أن تذهب إلى بيتك وتنام قال : يصلح ذلك قلت : نعم عندما لا يكون أمامك إلا خيارين الذهاب للبيت أو أن أفتعل مشكلة فأنا أرجح الذهاب للبيت مهما كانت النتائج ...قال : يا أستاذ أنا أمر بظروف قاهرة فابنتي الكبرى مصابة بمرض السرطان مما يجعلني متوترا وقلقا ومضطربا قلت : أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشمل أبنتك بعظيم لطفه ويمن عليها بالشفاء العاجل ...كرر اعتذاره مرة أخرى قلت له : كم هو رائع هذا الموقف أكسبني صديق كريما وودعته مكررا دعائي لابنته ....بعد سنة أو أكثر زرت مدرسته بشأن أمر ما فوجئت بدخوله الإدارة تعلو وجهه ابتسامة محب متودد سلم علي بحرارة سألته عن ابنته قال : تحت رحمة الله , دار بيني وبينه حديث ممتع , قلت له مداعبا : أوه نسيت كراتين الورق ,ضحك وفي عينيه شيئا من بقايا اعتذار , ودعته مذكرا إياه أن يلح بدعاء ربه سائلا إياه شفاء بنيته .




مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس