عرض مشاركة واحدة
قديم 17-12-2017, 07:13 PM   #3
أبو همس
 
تاريخ التسجيل: 23-09-2004
الدولة: الطائف
المشاركات: 222
معدل تقييم المستوى: 20
أبو همس is on a distinguished road
افتراضي رد: أفكار لتفعيل يوم اللغة العربية

النحو العربي :. من المفارقات العجيبة أن يعترف المستشرقون بأهمية نحونا العربي بينما ينكر فضله العرب ويرونه حملاً ثقيلاً على أكتافهم ! يقول المستشرق الهولندي " دي بور " في كتابه [ تاريخ الفلسفة ] : علم النحو أثر رائع من آثار العقل العربي بما له من دقة في الملاحظة ومن نشاط في جميع ما تفرق ، وهو أثر يرغم الناظر فيه على التقدير له ويحق للعرب أن يفخروا به .
ويكفينا مثلاً على أهمية هذا العلم الجليل قصة ذلك الرجل الذي كان يذم النحو حتى قرأ يوماً قوله تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } برفع لفظ الجلالة ونصب العلماء فقيل له : كفرت من حيث جعلت الله يخشى العلماء ، فقال : استغفر الله، والله لا طعنت على علمٍ يؤدي إلى معرفة هذا أبداً .
وسمع أعرابي رجلاً يقرأ قوله تعالى :{ وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله } بالكسر في رسوله فقال : معاذ الله أن يستعيذ الله من رسوله .
ومما تجدر الإشارة إليه أن تغيير حركة واحدة قد يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله ، فإذا قرأ المسلم :{ إياك نعبد وإياك نستعين } بتخفيف الياء من إيَّاك فإن الأَيَا :" ضياء الشمس " فيصير كأنه يقول : شمسك نعبد ، وهذا كفر .
ولعلنا نتذكر قصة أبي الأسود الدؤلي حين جلس مع ابنته يرقب النجوم فقالت : ما أجملُ السماء ؟ فأجاب : نجومها . فقالت : أنا لا أسأل أنا أتعجب ، فقال : إذاً قولي : ما أجملَ السماء !
ولعل نطقنا لجملة : هذا قاتلُ أخي تختلف عن : هذا قاتلٌ أخي ( مع أن الاثنين ضم ).
لغتنا الجميلة :. إن النظر إلى الشيء كلمة عامة ، ولكن مدلولها واسع وفي تفصيل مدلول كلمة " النظر " كلام يطول عند من أورثه الله ذوقاً في اللغة ، ومَلكةً في معرفة أصولها .
فالباحث في اللغة يرى أن الإنسان إذا نظر لشيء بمجامع عينه قال : رَمَقَهُ ، وإذا كان النظر من جهة أذنه قيل : لَمَحَهُ ، فإذا رماه ببصره مع حِدَّة نظره قيل : خَدَجَهُ ، فإذا نظر إليه نظر المتثبت قيل : استوضحه وتوسَّمَه ، وإن نظر وفتح جميع عينيه لشدة النظر قيل : حَدَّق ، فإذا فتح عينيه وجعل لا يطرف قيل : شَخَص ، وإن أدام النظر للأرض وهو ساكت قيل : أطرق .
ولعل قائلاً يقول : ما فائدة كل ذلك إذا كان كله يشير للنظر ؟؟ فنقول له : تلمَّسْ هذه الفائدة في قول الله تبارك وتعالى : { لو يجدون ملجأً أو مغاراتٍ أو مُدَّخلاً لولوا إليه وهم يجمحون } التوبة ( 57 ) .
فقد يظن صاحب النظرة العجلى أن تلك الألفاظ مترادفة في المعنى ، لكنها في الحقيقة ليست كذلك فكل كلمة من تلك الكلمات تبين شكل خاص للمهرب الذي يبحث عنه المنهزم من هؤلاء المنافقين . فالملجأ : هو الشكل العادي المألوف من غرفة ، أو دار، أو زمرة من الناس .
والمغارة : حفرة في باطن الأرض أو بطن الجبل لا يألفه ولا يرضاه إلا من اشتد خوفه .
والمدَّخل ، هو المكان الضيق الذي لا يستطيع الخائف أن يدخله إلا بجَهد ، ولا يمكن أن يستقر فيه إلا تضاؤلاً والتصاقاً ، وتوحي هذه الكلمة بجرسها ، وصوتها ، ووزنها، وتشديد الدال فيها بهذا المعنى . وهكذا نرى أن لكل كلمة موقعاً ، وكما قيل : لكل مقام مقال ، وليس كل حديث يقال ـ فالريح غير الرياح، والأكل خلاف الافتراس ، والحمد ليس كمثل الشكر ، وخشي ليس مثل خاف ، وجاء تختلف عن أتى ....... وهكذا .
من أراد الاستزادة من ذلك فليرجع إلى :
صفاء الكلمة ـ د / عبد الفتاح لاشين .
الفاصلة القرآنية ـ د / عبد الفتاح لاشين .
تاريخ آداب العرب ـ مصطفى صادق الرافعي ـ ج3
مطالعات في الشعر المملوكي والعثماني ـ د / بكري *** أمين .
معجزة القرآن ـ محمد متولي الشعراوي .
والله الموفق ..

هناك ما يسمى في اللغة بالمثلثات ، وأشهر من كتب فيها العالم الأندلسي قطرب ، وقد ألف فيها كتاباً ، وتباع كشريط في التسجيلات الإسلامية ( اقتنيته منذ أعوام ، ولا أعرف إن كان موجوداً أم لا .)
والمثلثات عبارة عن لفظة واحدة تحرك بالفتح ، والضم ، والكسر فتعطي معان مختلفة ، وقد أبدع فيها ، فأول كلمة عنده تبدأ بالفتح ، ثم بالكسر ، ثم بالضم ، وهذا مقطع منها :
تيم قلبي بالكلام * وفي الحشا منه كِلام
فسرت في أرض كُلام * لكي أنال مطلبي
بالفتح قول يفهم * والكسر جرح مؤلم
والضم أرض تبرم * لشدة التصلب
خدّد في يوم سَهام * قلبي بأمثال السِهام
كالشمس إذ ترمي سُهام * بضوئها واللهب
بالفتح حر قوي * والكسر سهم رمي
والضم نور وضيا * للشمس عند المغرب
صاحبني وهو رَشا * كصحبة الدلو للرشِا
حاشاه من أكل الرُشا * في الحكم أو من ريب
بالفتح للغزال * والكسر للحبال
والضم بذل المال * للحاكم المستكلب .


لاشك أن كل جزء في اللغة له أهميته ودوره الذي لا يقوم به غيره ، فللكلمة دور .. وللحرف دور .. وللحركة دور .. بل وحتى لعلامات الترقيم ومنها النقطة دور !
وقد برز دورها في المثال السابق الذي دار فيه النقاش بين الرجلين ( غرك عزك ... )
واليوم نطرح لها قصة أخرى :
أراد ملك أن يحبس رجلاً عقاباً له ، فخط خطاباً يشير فيه أنه لن يعفو عنه وأنه سينفذ فيه العقوبة ، وكتب فيه :
( عفونا مستحيل . يرسل إلى سيبيريا ) ، فتوسطت زوجة الرجل المعاقب لزوجة الملك ليعفو عنه ، فما كان من الأخيرة إلى أن غيرت مكان نقطة واحدة فتحول الخطاب من عقاب لعفو ، فماذا فعلت ؟
( عفونا . مستحيل يرسل إلى سيبيريا ) .
ويمكن طرح هذا اللغز المتداول : كيف تقرأ هذه العبارة بوضع نقطة فقط ؟
رجل هده بيتاً
رجل هد 50 بيتاً .
وهذا مثال آخر على النقطة :
العفو ممنوع الإعدام / أين ستضع النقطة ؟ إن قلت : العفو . ممنوع الإعدام فقد تركته حراً ، وإن قلت : العفو ممنوع . الإعدام ، فقد حكمت عليه بالموت .
أعتقد بعد أن يستبين الطالب أهمية الحرف ، والكلمة ، بل والحركة والترقيم سيرى كم هي لغة جميلة وهامة ، وحتى إن لم يحبها فعلى الأقل لن يكرهها بعد ذلك ، ومع التعزيز بالمسابقات والألغاز بين ثنايا الحصص سيزداد إعجاباً ودفاعاً عنها ، وسلامة القصد مع الإخلاص في العمل سيحققان المطلوب بإذن الله تعالى .




__________________
أسعد الناس بالحياة من حمل بين جنبيه قلباً ينبض بالعطاء لأمته ...
أبو همس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس