واقع التعليم وسبل إصلاحه

[فايع]

--------------------------------------------------------------------------------

محمد إبراهيم فايع
قرأت قبل فترة من الوقت أن الحكومة البريطانية رصدت 20 مليون جنيه إسترليني للتخلص من المعلمين السيئين واستبدالهم بمعلمين ممتازين. وأنا أقرأ هذا الخبر القديم الجديد وأنا أواكب عودة طلابنا إلى المدارس قبل فترة وكنت تابعت اللقاءات التحضيرية للحوار السادس حول التعليم والذي عقد في الجوف قبل فترة فلقد انهمرت على أخيكم مجموعة من الأسئلة دارت كلها حول العدد الكبير من المعلمين في بلدي، فكم واحداً منهم مرب يجيد أدبيات هذه المهنة؟ وتساءلت بعدما اطلعت على ما كتب عن دراسة أكاديمية في إحدى جامعاتنا تقول إن أكثر من 95% من المعلمين يحصلون على تقدير ممتاز، وسألت نفسي: هل هذا يعكس واقعهم الصحيح أم أن مديري مدارسنا يشعرون بالحرج ويرون أن التقدير لا يقدّم ولا يؤخّر وبدلاً من (إغضاب) المعلم، يتم تقديره بممتاز ولو كان لا يستحق، وهو واقع كثيرين من المعلمين الذين يبدأون يتمسكون فيما بعد بتقدير ممتاز ولو حصلوا بعد ذلك على أقل وهم يعلمون أنهم لا يستحقون تقدير الممتاز فسيقيمون الدنيا ولن يقعدوها وكأن (الممتاز) أصبح حقهم ولا غيره، وسألت نفسي: لماذا لا يربط الأداء الوظيفي بالعلاوة ويتم وضع ضوابط ومعايير داخل بطاقة الأداء الوظيفي يكون فيها ما يميّز بين المعلم المجتهد والمقصِّر، بين المعلم الجاد والمثابر والمعلم المهمل، وبين من يسهر الليل ليعدَّ وسائله وتحضيره وبين من لا يراعي شيئاً من هذا، وفي النهاية يتساوى المعلمان في التقدير لأن حضرة مدير المدرسة لا يريد (زعل) أحد في المدرسة (فيله) كلهم ممتازون ومشي حالك وما يبقى إلا الجميل،
تلك القاعدة أضاعت المعلم الجيد وهضمت حقه، وقد تابعت ما دار في ندوات التحضير للقاء السادس الذي أعده مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وكان موضوعه لهذا العام حول واقع التعليم وسبل إصلاحه أو التعليم بين الواقع والتطوير رأيت أن الجميع تطرق لأغلب موضوعات الإصلاح التعليمي إلا بطاقة الأداء الوظيفي التي أرى أن تطرح كقضية تحتاج الإصلاح حتى تتناول البحوث والدراسات بالذكر وما قدّمه المعلم من مشروعات وتجارب لميدانه وعدد الدورات والمشاركات والأنشطة التي حضرها أو قدّمها إذا كان من المعلمين المبرزين؟ وماذا قدّم لطلابه من جهود لتحسين مستوياتهم؟ وحجم مشاركاته في الأنشطة المدرسية، فبعضهم يرفضها وحجم إشراكه للوسائل التعليمية بصدق فكثير من المعلمين لا يستخدمها ولا يؤمن بها أمور كثيرة تحتاجها استمارة الأداء الوظيفي كي تراجع وتؤدي غرضها حتى لا يكون هناك تقديرات خاطئة مخالفة لواقع المعلمين وأنا واحد منهم يسعدني أن أرى أن جهودي تقدّر وأن أستفيد من عثراتي فيما لو حصلت على تقدير غير مرض.

وهذا أحد أهداف بطاقة الأداء الوظيفي أن تمايز بين جهود المعلمين فلا تساوي بينهم لأنها لم تعبأ بمصداقية فتعطي كل ذي حق حقه، ووالله إنه لأمر يسعد أي معلم خاصة عندما تستخدم (كتغذية راجعة) للاستفادة من نتائجها وتعكس جهوده بصدق.

* أتمنى كذلك أن يتم مراجعة ضوابط اختيار مديري المدارس ووكلائها، فمن غير المقبول أن يتحول كرسي مدير المدرسة للخاملين الذين يريدون الراحة من خلال مقعد الإدارة فهو يحتاج إلى من يملأه من خلال ما يقوم به من أدوار ومهام فنية وإدارية وإشراف، فهو مشرف مقيم تناط به مسؤوليات كبيرة تهدف للارتقاء بمستوى مخرجات التعليم ومدخلاته ونجاح عملياته وليس فقط إدارة العمل في المدرسة لأن بمقدور أي شخص أن يترقي الكرسي ويراقب العمل ولكن بدون فاعلية أو تطوير، وإذا ما أردتم قياس فاعلية مدير مدرسة اسألوا كم نشاطاً أقامته مدرسته، وكم برنامجاً علاجياً قدّمته مدرسته للمعلمين؟

وكم دورة تدريبية وفرتها المدرسة للمعلمين؟ وما مدى تفاعل الطلاب مع المدرسة ما مستواهم الدراسي وما شكل المدرسة بداية من اللوحة التي تعتلي الباب وما مدى تأثير المدير على المعلمين وما حجم الغياب والتأخر اليومي للمعلمين والطلاب وإسهامات الإذاعة، المكتبة، مركز المصادر وحجم مشاركات مدرسته في الأنشطة الخارجية، وغير ذلك ستجدون أن عنوان النجاح أو الفشل مطروح على طاولة مدير المدرسة ووكيلها وإن حدث وشاهدتم خلاف ذلك فيجب ألا يأخذ المسؤولين حرجٌ في أخذ قرار تحريك أي مدير ممن يثبت تقصيره من منطلق أن المدرسة مجتمع تربوي عظيم ولا بد لهذا المجتمع من قائد تربوي، قائد يا إخوان وليس مديراً، قائد يسلِّم بأنه مسؤول أمام الله ومن وضعه سيكون كذلك مسؤولاً أمام ربه عن هذا المجتمع الذي يضم فلذات الأكباد أبناء اليوم ورجال الغد، وما يُقال عن مدير المدرسة ينطبق على الوكيل والمرشد الطلابي؛ لأن بعضاً من هؤلاء من يحاول عرقة مدير المدرسة عن ممارسة دوره.

* ومن نقاط إصلاح التعليم تفعيل (قانون المحاسبة)، ولا يجب أن تأخذنا رأفة في ذلك؛ لأن من يعمل مع البشر يختلف عن من يعمل مع الحجر أو الآلة أو المكنة لأن هؤلاء البشر لهم مشاعر وأحاسيس وعقول وهم في الغد من يعوّل عليهم حمل مشاعل النور والعمل في الوطن.

فكم معلم يغيب أو مدير أو وكيل وفي النهاية لا أحد يحاسبه أو يسأل عن صحة تقاريره الطبية خاصة إذا ما تحول غيابه إلى ظاهرة لافتة للنظر. وكم معلم لغم الأفكار والعقول وخالف أعراف المهنة يحتاج إلى من يوقفه عند حده ليسأله أنت تعمل لمصلحة من بهذا السلوك الغريب! كم معلم أو مدير أو وكيل لا يحسن مهامه وأصبح بعيداً عن أجواء التربية والتعليم ورغم هذا ظل مستمراً في منصبه فلا أحد يريد أن يقطع رزقه لكن أن يقطع أرزاق الآخرين من خلال إهماله فلا بأس.

اختفاء قانون المحاسبة أفرز لنا معلمين ومديري مدارس ومرشدين طلابيين ووكلاء مدارس لا يحسنون رعي ثنتين من الغنم ناهيكم عن العمل في ميدان التربية والتعليم الذي يشهد تطوراً وتغيراً في الأساليب والأدوات والوسائل والطرائق، وبعض هؤلاء نائمون في العسل لأن رقابة الضمير والعمل هي الأخرى نائمة، ومن الظلم أن يبقى رقي تعليمنا مرهوناً بأيدي من ثبت أن زمن التعليم الحديث قد تجاوزهم.

هناك أمور كثيرة تستحق الحديث عنها مثل المباني المستأجرة، تدريب المعلمين ومستوى الموضوعات المقدمة ومن يقدم التدريب، الإشراف التربوي، المناهج التي يتضجر بعضنا إذا ما اقترب الحديث منها وكأن تطويرها من المحرمات ونسوا مقولة أحد الساسة أرني مناهج أمة أتنبأ لك بمستقبلها، ونسوا ثورة الأمريكيين على مناهج بعد صعود السوفيت للفضاء، وهناك موضوع الوسائل التعليمية وواقع بعض المعلمين فيها، وهناك النشاط، جميعها وغيرها تستحق الوقفات لا الوقفة سأحاول من واقع التجربة والواقع أن أقف عند كل محطة منها إن شاء الله. لقد كنت صادقاً صريحاً واقعياً وما انطلق من القلب سيصل بكل تأكيد إلى القلب.. دمتم.
faya11@hotmail.com

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

[أبوعبدالرحمن]

هموم التعليم كثيرة وبحاجة الى اصلاح بل وترميم

نتمنى أن نرى حلولا لتلك العوائق والمشكلات في القريب العاجل

مشاركة مفيدة اخوي .. يعطيك العافية يا غالي

[جنـــــــــان]

تماما مثل ماقال اخوي (أبو عبد الرحمن)..
هموم التعليم كثيرة وبحاجة الى اصلاح بل وترميم
نتمنى أن نرى حلولا لتلك العوائق والمشكلات في القريب العاجل ..

نعم هموم التعليم كثيره ..

مشكور اخوي فايع على مشاركتك الحلوه..

وبانتظار جديدك..

سلااااااااااام

جنـــــــــــان

[البندر]

يعطيك العافيه اخي فايع

ينصلح الحال بتظافر الجهود حول مستقبل الأمه وحمل همومها

وتقديم النصح والإرشاد في كل الأحوال