اسم المنتدى منتدى الأحساء التعليمي المنطقة الأحساء سنة التأسيس 1424-2004 المؤسس خالد السعيد حساب تويتر kldsed@ بريد إلكتروني kld@kld.me جوال المنتدى 0506999229

 


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 06-09-2009, 10:56 PM   #46
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

الله يرضى عليك
يسعدني أن تجد هذه الذكريات صدى طيبا في نفسك و نفوس من يقرؤها .
رفع الله قدرك وأنالك من المعالي أعلاها .




مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 07-09-2009, 01:02 AM   #47
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

الطالب البائس
كنت في حديث مع مدير المدرسة حول جهود معلميه في تدريس الصفوف الأولية , أثنى المدير على معلميه خيرا , سألته عن مستوى الأمن النفسي الذي يمنحه المعلمون لطلابهم , أكد انه مرتفع وأن الحس الإنساني لدى معلميه عال وقام يدلل على بعض المواقف التي لا تخلو من سلوك كريم , استأذنته في الاجتماع بالمعلمين , قابلتهم وكان الحوار عن الأمن الذي يجب أن نمنحه لطلابنا , كنت أردد عليهم قوله تعالى ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) كنت أقول لهم : يا أحبتي قبل أن تشير بأصبعك نحو طالب تصفه فيها امام زملائه بأنه ضعيف ونقص في الفهم تأكد أنك تهدمه وتمسخ كل جمال في نفسه , تأكد أنك تتفنن في طمس كل معاني الإنسانية في ذاته , قلت لهم : إن دورنا أن نبعث الحياة من جديد في نفوس طلابنا , أن نساعدهم ليتعرفوا على قدراتهم وطاقاتهم , أن نأخذ بأيديهم مرات ومرات , إننا لم نأت لنثبت فشلهم ونسعى لنعرف الآخرين به مديرا ووكيلا ومعلمين وولي أمر , بل أن نقول له : ياصغيري لا تقلق ما لا تعرفه اليوم سأساعدك لتعرفه غدا ....سألتهم بالله أن يعاملوا طلابهم كما يحبون أن يعامل أبناؤهم ...وعدتهم بزيارتهم في فصولهم المرة القادمة , يسر الله لي زيارة المدرسة مرة أخرى فدخلت على أحدهم فوجدته أبا لطلابه رحيما بهم مشفقا عليهم , لين العريكة طيب اللفظ واللحظ , شكرته بعد الزيارة داعيا الله أن يكثر من أمثاله , انتقلت لجاره طرقت الباب , أذن المعلم لي فسلمت عليه وطلابه وتوسطت الاصف أبحث عن مكان أجلس فيه بادرني بشكوى وضيق , قال لي: مع كل ما أبذله مع بعض الطلاب إلا أن البيت لا يؤدي دوره بشكل جيد , دعني يا أستاذ أريك بعض الطلاب الذين قدمت لهم الكثير لكن للأسف لا أجد تجاوبا من البيت , قاطعته قائلا : طيب دعنا نقف على بعض الجوانب المشرقة والكثيرة لديك أنت وطلابك , وسنتناقش في فرص التحسين خارج الصف , جعل بعض الطلاب يقرؤون , ثم يأتي لي هامسا : هذا الطالب تعبت معه , للمرة الثالثة يعيد , قلت : أستاذ الله يحفظك أريد أن أرى بعض الأشياء الجميلة أولا , رجع يكرر الشكوى , أدركت أنني أنفخ في رماد , قلت : أستأذنك في مناقشة الطلاب والحديث معهم , سألت طلابه فوجدت فيهم من تأسف على أن كان قدره أن يكون هذا معلمه , أخرجت الطلاب فوجدت منهم المتميز والمتوسط والضعيف , كنت أحثهم على المشاركة والتفاعل وكنت أتجاهل نداءات المعلم لي بإخراج أحد الطلاب الكبار حتى أتعرف على تقصيره وضعف متابعة المنزل , التقت عيناي بعيني الطالب الكبير يبدو أنه في الثانية عشرة من عمره ومازال في الصف الثالث الابتدائي , أكثر من إلحاحه أن أخرجه , طلبت منه أن يعطيني فرصة لمناقشة الطلاب , قال لي : يا أستاذ أرغب أن ترى مستواه !! أخرجته مضطرا بعد أن أخذت على المعلم عهدا ألا يقوم من كرسيه وأن يتركني أناقش الطلاب , مازحت الطالب الكبير , قال المعلم : هذا يا أستاذ حاولت معه بكل الطرق لكن لا فائدة , قلت للمعلم : أرجوك يا أستاذ دعني وصاحبي ...طلبت منه أن يكتب كلمة ( من ) قام الطالب يفكر , قلت له : مكونة من حرفين ميم ونون ...شعرت من نظرات الطالب أنه مدمر الهوية مزعزع الثقة لا يستطيع أن يكتب اسمه , قام يفكر ويحاول ساعدته حتى كتبها طلبت من المعلم والطلاب أن نصفق له جميعا , قام يبتسم ابتسامة الخائف , يبدو أنه التعزيز الأول الذي يتعرض له هذا الطالب , لم يصبر المعلم قام من كرسيه يطلب مني أن أعطيه كلمة صعبة أو كما يقول كلمة فيها همزة , طلبت منه أن يخرج معي خارج الصف , هناك رجوته أن يدعني مع الطالب ويكتفي بالمراقبة والملاحظة , عدنا للصف , قمت أنتقي بعض الكلمات السهلة وأطلب من الطالب كتابتها ومع كل كلمة يكتبها تزداد ثقته بنفسه , عاد المعلم يجدد طلبه بأن أعطيه بعض الكلمات التي ستكشف حقيقته , جددت رجائي للمعلم أن يدعني مع الطالب ويجلس في مكانه , كان مصرا على أن يثبت عجز الطالب وفشله , والمحزن أن الطالب يفهم رسالته ويفهم تحطيمه , العجيب أن لغة جسد الطالب وتعابير وجهه كانت أقدر على التعبير عما في نفسه , شعرت بتعب شديد وضيق من هذا المعلم البشع , قلت له : أما أن تتركني أواصل ما أريد أو أن أخرج , قال : يا أستاذ أردت أن أعرفك بمستوى هذا الطالب الضعيف المقصر والمهمل , صددت عنه وودعت الصغار واستأذنته في الخروج , لحقني بعد خروجي مباشرة وهو يسأل عن رؤيتي لجهوده , قلت له : أقول لك رأيي من غير أن تزعل , قال : أبدا يا أستاذ لن أزعل : قلت تعدني , قال : نعم , قلت : أنت أسوأ معلم مر علي , والله أنك تظلم نفسك وطلابك أن رضيت أن تكون معلما !! يا أخي اتق الله أحاول انتشال الطالب من فشله الذي أشك أن يكون هو المتسبب فيه وأنت مصر على اثبات عجزه وتقصيره !! قال : كنت أريد أن أعرفك بأنه طالب ضعيف , قلت : وجسمه الكبير بين الصغار ألا يكشف ضعفه !! تردده وعجزه عن كتابة بعض الكلمات السهلة ألا يكشف ضعفه !! تأكيدك البغيض لي منذ اللحظة الأولى عن واقعه ألا يكشف لي ضعفه , أقسم بالله أن مكوثه في بيته نائما عاطلا خير له من عذاب يتجرعه كل يوم وليته يجد مقابل عذابه ماينفعه !! ليت لي أن أكشف صدره لأريك بغضه لك ولكل كلمة ونظرة تسحقه بها ....تركته وذهبت للإدارة , لحقني يريد توضيح الصورة , قلت : له أرجوك لا أستطيع الحديث معك قبل الحصة الخامسة , أكملت زياراتي للمعلمين وكانوا على حال مرض , بعد الخامسة جاءني وجلس بجانبي قائلا : يا أستاذ أنا لا أريد تدريس الصف الثالث وسأطلب من المدير أن يكلفني بتدريس الصفوف العليا , قلت : لماذا ؟ قال : يا أستاذ أنت حطمتني وجعلتني معلما فاشلا ولا أصلح للتدريس , قلت : أسألك بالله كيف كانت نفسيتك خلال الساعتين السابقتين , قال : في الحضيض , قلت : بكل صراحة حشيت فيني في غرفة المعلمين , قال : بصراحة نعم , قلت : انظر تطلب ترك التدريس في الصفوف الأولية ولم تتورع عن غيبتي وكل ذلك لأجل كلمات صدرت مني وقت انفعال ومرة واحدة فقط , مارأيك ياعزيزي فيما تفعله بطلابك كل يوم وخاصة هذا الطالب البائس ألم تستشعر مدى الآلام التي تملأ نفسه بها , ألم تستشعر قسوة نظرات زملائه له وكلماتهم في الفسحة وغيرها بأنه غبي بليد !! ياعزيزي ضاقت نفسك من كأس تجرعت منه قطرات وتدفعه في حلق هذا الصبي دفعا , قال : قبل أن أترك تدريس الصفوف الأولية ما رأيك في تدريسي ؟ قلت : تمتلك مهارات جيدة في بعض الجوانب لا يمتلكها الكثير من المعلمين وقد ظهر ذلك في بعض قراءة طلابك , قال : كيف نجمع بين كوني أسوأ معلم وأن لدي جوانب رائعة ؟ قلت : لا تعارض ...تعاملك اللانساني لايلغي تميزك في بعض الجوانب لكن ياعزيزي تذكر أن بناء الطالب علميا على حساب كرامته وهدم إنسانيته لا قيمة له , كم ستكون رائعا لو تحديت مع نفسك في أن تقدم كل ما لديك لهذا الطالب من غير أن تجرحه وتؤذيه , أعد له الشرح مرات ومرات من غير يأس أو تضجر , قلت : عموما أنا أعتذر لك عما بدر مني تجاهك لكن أردت أن تعيش نفس الحال الذي يعيشه طالبك كل يوم , قال : والله يا أستاذ أنني خجل من نفسي وأشعر بذنب عظيم تجاه هذا الطالب , قلت : هو بين يديك رمم جراحه , ابعث فيه الحياة من جديد , تذكر تلك الآية العظيمة وكل كلام الله عظيم ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) ودعته وطلب مني أن أزوره مرة أخرى ليريني مايسعدني .



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 07-09-2009, 06:00 AM   #48
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

التميز المزور
عند توزيع المدارس على المشرفين وجدت أن أكثر المشرفين بل كلهم لا يرغب في مدرسة معينة , سألتهم فلم أنل منهم إجابة شافية سوى أن المدير غير متعاون , لم أجد أن هذا السبب كان كافيا لعدم الرغبة فيها , قررت أن تكون هذه المدرسة من نصيبي , زرت المدرسة وجدت ترحيبا منقطع النظير من مديرها , دار بيني وبينه حوار وجدته على درجة كبيرة من الثقافة والوعي , قلت في نفسي أستغرب من زملائي أن يفرطوا في مثل هذا المكسب الكبير مما لا شك أن وقعت على كنز ثمين ...أطلعني المدير على شهادات الشكر والتقدير التي نالتها المدرسة بشكل عام , وماحصل عليه المدير بشكل خاص , أطلعني على عبارات الشكر التي دجلها ,عفوا أقصد دبجها الزائرون في حقه وحق مدرسته , قلت له : يكفي مارأيته هذا اليوم وسأنقل للمسئولين واقع هذه المدرسة المشرف , استأذنته وغادرت المدرسة مبتهجا سعيدا بها وبمديرها ....قمت بالثناء عليها عند زملائي لكن لفت نظري أن كلامي عنها وعن مديرها لم يقع في نفوسهم موقعا حسنا مما زاد استغرابي وحيرتي , أدركت أنني أمام لغز يحتاج قبل التفكير في حله إلى تفكيكه وتفتيته ....تاقت نفسي لزيارة المدرسة سريعا رغبة في اكتشاف أسرارهذه المدرسة خاصة السر الأكبر وهو إحجام المشرفين عنها , وصلت إلى المدرسة مبكرا , وجدت المدير في مكتبه سلمت عليه بحرارة بادلني الحرارة نفسها , استأذنته في حضور الطابور حاول أن أستريح قليلا استجبت لطلبه , كررت له رغبتي في حضور الطابور من بدايته , خرجنا للطابور , دققت النظر فيه وجدته شبه مضطرب , وصلنا للطابور ( يسمونه الآن الاصطفاف الصباحي ) لم أجد سوى عدد قليل من المعلمين وعدد كبير من الطلاب ملأ المكان فوضى وصخبا , عرفت الآن سر ارتباك المدير , سألته عن معلم الرياضة قال إنه سيأتي , المهم كان الطابور مثالا معبرا عن التسيب والاستهتار والفوضى , بعد نهاية الطابور ونحن في الممر قام يطلعني على بعض صور الإنجازات التي حققتها المدرسة , لم تجد تلك الانجازات قبولا في نفسي كما وجدت في اللقاء السابق , عدنا للإدارة طلبت منه أن يأتي لي بدفتر الحضور وجدت أن المعلمين الذين قد وصلوا للمدرسة يقارب النصف , سألته عن النصف الآخر قال : حالا سيأتون , قلت : له هل تشكو أستاذ من تأخر المعلمين ؟ رد سريعا : أبدا معلمو المدرسة من أفضل معلمي المدارس انتظاما في الحضور , قلت : إذا تأخرهم اليوم عارض وليس بشكل متكرر , قال بسرعة : نعم نعم ....طلبت منه أن يتكرم بارسال من يجمع دفاتر التحضير , طلب من الوكيل أن يجمع الدفاتر , بعد نصف ساعة جاء الوكيل يحمل بين يديه دفترين , قلت للوكيل : أنا طلبت دفاتر جميع معلمي الصفوف الأولية في المدرسة وعددهم اثنا عشر معلما , قال : والله يا أستاذ هذا الموجود , التفت إلي المدير قائلا : ستأتي جميع الدفاتر بعد قليل , ثم التفت للوكيل يحثه على إحضار باقي الدفاتر , خرج الوكيل , قلت للمدير : هل تعاني من تكاسل معلمي الصفوف الأولية في الالتزام بالتحضير للدروس رد بسرعة كرده السابق : أبد يا أستاذ معلمونا من أحسن المعلمين التزاما في ذلك ,شعرت أننا أدخلت نفسي في نفق مظلم مع هذه المدرسة وأنها ستأخذ من اهتمامي ووقتي الكثير خاصة أن الأمر يزداد صعوبة في أن قائد المدرسة لا يعترف بوجود مشكلة وهذا في حد ذاته مشكلة المشاكل , لكن حب التجربة واستعمار التحدي لنفسي جعلني أصرف التفكير إلى المواصلة حتى النهاية , نظرت في الدفترين اللذين حضرا فوجدتهما مجرد أوراق متلاصقة وكتابات متناثرة تكشف بؤسا قادما , قلت : أستاذ جزما لديك سجل يكشف مدى انتظام المعلمين في التحضير , قال : أكيد , وأخرج لي سجل فوجدت جميع المعلمين قد وضع لهم علامات تدل على انتظامهم من غير أن يتخلف أحد , قلت : له طيب يا أستاذ ماذا تفسر تخلف عشر معلمين عن التحضير هذا اليوم , قال : حتى أنا مستغرب , قلت : طيب أنا أستأذنك سأضطر لتغيير خطة زيارتي وأذهب لمدرسة أخرى , وسأضطر آسفا لكتابة سبب تغيير خطة زيارتي لمدير مركز الإشراف , قال : على راحتك ....عدت للمدرسة بعد أسبوع لم تكن حرارة السلام من مدير المدرسة حاضرة , تجاذبنا بعض الأحاديث الجانبية , كررت الطلب البغيض دفاتر التحضير , قام بنفسه يجمعها جاء بثلاثة , قلت : أستاذي العزيز تأكد لي الآن أن ثمة مشكلة , رد بلهجة تتنفس ضيقا : أبدا يا أستاذ ليس لدينا مشاكل ولله الحمد , قلت : أستاذ هل وجود المشكلات في مؤسسة ما دليل على الفشل ,قال : لا , قلت : طيب ألا ترى أن غياب دفاتر التحضير للمرة الثالثة يدل على أن هناك مشكلة , قام يتمتم بكلمات يذكر لي فيها من أثنوا عليه خيرا ابتداء من مدير التعليم وغيره من القيادات , قلت : طيب يا أستاذ أنا مضطر للمرة الأخيرة في مغادرة المدرسة وتغيير خطتي وسأطلب من مشرف الإدارة المدرسية المشرف على المدرسة أن يكون حاضرا ليكون لنا عونا في حل هذه المشكلة , لكن قبل أن أغادر أرجو أن تقترح علي يوما تكون فيه الدفاتر جاهزة , قال : لو تبغاها الآن هي جاهزة , قلت : أرجوك يا أستاذ كما أحفظ لك التقدير والاحترام أن تبادلني السلوك نفسه بل أهم من ذلك أن تحترم عقلي , إذا كنت تقول أنها جاهزة فأنا ذا في انتظارها , لكن الأفضل أن تختار يوما ولو بعد شهر المهم أن تكون جميع الدفاتر حاضرة أو أن تقول أن المعلمين مقصرون في ذلك , ونبدأ أنا وإياك نبحث عن علاج لتلك المشكلة : فكر قليلا ثم قال : يوم الاثنين القادم إن شاء الله . قلت : على بركة الله .....جاء الاثنين المبارك , وجدت تأخر المعلمين كما هو والطابور يئن من الفوضى , بمجرد ماعدت من الطابور معه حتى قال : أستاذ أرغب في مصارحتك ونصحك , قلت : تفضل , قال : أشعر أنك تشك في المعلمين !!! قلت : أي معلمين أخشى أن تكون تقصد معلمي المدرسة الذين لم أشاهدهم بعد , قال : يا أستاذ أعلم أنك مشرف متحمس ونشيط لكن صدقني يا أستاذ ستنفر منك المدارس لو استمريت على هذا النشاط , قلت : أسألك أولا هل تم ما اتفقنا عليه , قال : هذا أمر سهل , قلت : أستاذ أشكر لك نصيحتك ولا حرمك الله أجرها , لكن أطلب منك استشارة لو كنت مكاني بعد هذه الزيارات ما الذي تفعل , دعني أعترف لك بفشلي في العمل معك , يبدو أن نقص خبرتي لم يسعفني في تحقيق شيئا لهذه المدرسة , كما أعلنت التحدي في الإشراف على المدرسة أعلن أيضا فشلي , أعدك يا أستاذ أن تكون هذه هي الزيارة الأخيرة , لكنني أستأذنك في كتابة تقرير عنك لن أتكلم فيه عن تأخر المعلمين ولا عن الطابور الهزيل ولا عن دفاتر التحضير الغائبة ولا عن الفوضى التي تسود المدرسة ولا عن السجلات التي تنطق بخلاف الواقع , سأتكلم عنك وعنك فقط سأقول إنك تحتاج إلى من يقنعك أن الأخطاء توجد في كل مدرسة وأن العيب ليس في الاعتراف بها لكن العيب وكل العيب أن نغطيها بل ونوهم الآخرين بعدم وجودها ....ياعزيزي إن عشر دقائق يمكثها الزائر في المدرسة يستطيع أن يعرف مدى صدق شهادات التكريم من عدمه ....ياعزيزي تذكر أن تقود مدرسة كبيرة كلهم خصوم لك يوم القيامة لو منعت عنهم من قد ينفعهم , ياعزيزي سيأتيك زميل آخر لكن أرجوك اجلس معه وحاول أن تعالج معه كل القصور , قدمت تقريري للمسئولين , قلت لهم لا أستطيع العمل معه لكونه سيكون جزءا في كل مشكلة لا جزءا في حلها . قابلته بعد سنوات عاتبني لعدم زيارته , قلت : لا أريد خسارتك ,قال : يا أستاذ حقي عليك زيارتي حتى تثبت لي صفاء قلبك تجاهي , زرته و تعانقنا , وزال مافي نفسي ونفسه .



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 07-09-2009, 10:38 PM   #49
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

الإضراب العام
القيادة مهارة عالية تضم تحت طياتها الكثير من المهارات المتنوعة لذا كان من أبرز الصفات التي يجب أن تتوافر فيمن سيقود مدرسة أن يمتلك حظا كبيرا من القدرة على القيادة والتأثير والكاريزما , دخلت المدرسة قابلني مديرها , أدركت منذ الدقائق الأولى أن القيادة تغرد في غير هذا المكان , صوت ضعيف هزيل , نظرات خجلى , أوراق مبعثرة , مكتبه حمى مستباحة , وكيل منهك يشكو الحال إليه بين حين وآخر , داخلني شعور أن هذا المدير يقود المدرسة للهاوية , سألته عن أعمال معلميه , قام من كرسيه يبحث عن الوكيل ليجيب , للأمانة كان وكيله أقدر على القيادة منه وأولى بتولي الأمور, لم أجد عند معلميه من الأعمال شيئا يذكر خاصة لدى اثنين منهم سألتهما عن دفتر التحضير فاعتذرا بأنهما قد نسياه , سألتهما عن نموذج التقويم فاعتذرا بأن الإدارة لم تسلمهما النماذج لتعبئتهما , دخلت عليهما الفصل فلم تكن لديهما وسيلة واحدة , طلبت من المدير متابعة أمرهما , عاودت الزيارة للمدرسة بعد حين سألت صاحبي عن الجوانب السابقة لم يحركا ساكنا , عقدت اجتماعا معهما في حضور مدير المدرسة لم يخل كلامي من قسوة , قلت لهم : إن عدم التزامهما بالتحضير للدروس وعدم وجود نماذج للتقويم وخلو الفصل من الوسائل المساعدة لطلاب هم أحوج مايكونون إليها في هذا السن إلى هذا الوقت استهتاروتفريط كبير , كان المدير صامتا يعتذر عن تقصيرهم وتقصيره , سألته عن متابعته لهم في الأيام السابقة فوعد خيرا , قلت لهم : أرجو أن أجد في المرة القادمة شيئا مختلفا , زرت المدرسة للمرة الثالثة ووجدت صاحبي على حالهما , طلبت من مدير المدرسة استمارة تقويم وضعت لأحدهما 52 والآخر 54 وطلبت من المدير التوقيع عليها فوقع , استدعيتهما وكانا يتوقعان مني عتبا ونصحا بترك التفريط , قابلتهما بابتسامة , قلت : ليقرأ كل واحد منكم استمارته وينظر في درجة تقويمه , كنت قد اتفقت مع مدير المدرسة على أن يتدخل للشفاعة عندما يرى منهما صدقا في التغيير , نظرا استمارة التقويم فبهتا , قال أحدهما : يعني ذلك حرماننا من الزيادة السنوية , قلت : ليس ذلك فقط بل سأكتب خطابا هذا اليوم لنقلكما للهجر البعيدة والتحقيق معكما , اعتذرا عن خطئهما , قلت لهما : كان يجب أن أفعل ذلك منذ اللقاء الأول لكنني تعاملت معكما تعاملا راقيا ظننتما أنه ضعفا , لقد أخذت وعدكما السابق وصدقته ثقة فيكما وحسن ظن , قمت ألملم أوراقي استعدادا للخروج حاولا معي أن أجلس لمواصلة النقاش وكلماتهم تنطق بالاعتراف بالخطأ وتدعو لمنحهما آخر فرصة , التفت لمدير المدرسة ففهم مني أن وقته حان للتدخل , قام من كرسيه وتكلم لأول مرة كلاما جيدا كان مما قاله : أن المعلمين مخطئان وأنه شريك في الخطأ معهما لكونه لم يتابعهما متابعة جادة وأنه يرجو أن أقدر شعرات الشيب التي تعلو وجهه بأن امنحهما الفرصة الأخيرة , قلت له : صدقني لن يلتزما , قال : أرجوك امنحهما الفرصة الأخيرة , قلت له : حق الفرصة لا أملكه لكوني لست صاحب الحق فلا أعدو عن كوني مؤتمنا على متابعة الأمر , اتفقنا الأربعة أن الزيارة القادمة ستكون الفرصة الأخيرة لهما لتصحيح مسارهما , خرجا من غرفة الإدارة , قلت للمدير : أرجوك أيها الكريم أن تستشعر أن كل تقصير من المعلم يلقي بظلاله سوءا على مستوى الطلاب خاصة في هذه المرحلة مرحلة التأسيس.
في اليوم التالي لهذه الزيارة كانت خطة الزيارات لدي تشير لإحدى مدارس أرامكو الكبرى , سلمت على المدير الجديد تجاذبت معه أطراف الحديث لأعرف منطلقات التفكير لديه وكذا التعرف على مستوى المهارات القيادية لديه , وجدته ليس بعيدا عن صاحبي السابق إلا أنه يفوقه في الحرص غير أنه يتفق معه في عدم القدرة على المواجهة ...الطريف أنني أسمع مقولة من كثير من مديري المدارس هي لديهم من الأقوال المأثورة وهي ( لا تكن رأسا فإن الرأس كثير الأذى ) وكثيرا ما أقول لهم : بل الأذى في الذنب ....المهم طلبت منه أن يجمع دفاتر التحضير لأتعرف على منهجية كل معلم وطريقته في التدريس ومدى قدرته على اختيار طرائق التدريس المناسبة لكل درس , طلب من وكيله أن يجمع دفاتر التحضير , عاد بعد حين وهمس في أذني المدير بكلام تقوست بسببه عينا المدير قام من كرسيه مستأذنا , عاد وهو أكثر اضطرابا , قلت : عسى ماشر يا أستاذ , قال : لا أبد كل شيء زين بس , وسكت , قلت : بس ماذا , قال : أحد المعلمين ممتنع عن تسليم دفتر التحضير واحد أو اثنين , قلت : أو كلهم , قال : بصراحة كلهم , قلت : كم عددهم , قال : اثناعشر معلما ( عادة المدارس الكبيرة يكون عدد معلمي الصفوف الأولية اثني عشرا معلما ) قلت : طيب وما المشكلة ؟ قال : يا أستاذ عادي عندك , قلت : ليس عاديا لكني لا أقضي وقتا طويلا في مناقشة المشكلة أنا أعطي الوقت الأكبر في التفكير لحلها , قام وصب لي كوبا من الشاي , قلت له : مادام فيها شاي اعتبر المشكلة انتهت , قال : توقعتك ستغضب , قلت : ولماذا أغضب أنا أحوج للهدوء والتركيز منه للغضب والضيق , عموما , ما رأيك يا أستاذ نحول هذه المشكلة إلى خبرة نستفيد منها من خلال تحليل المشكلة والتعرف على أسبابها ونفترض الفروض الممكنة لحل المشكلة ونجرب الفروض وهكذا بدلا من أن نتصرف تصرفات متعجلة قد نندم عليها , ما رأيك لو غادرت الآن حتى أعطيك فرصة للوقوف على الأمر, ومن خلفه؟ وما مطالب المضربين ؟ طلبت من مدير المدرسة أسماء أهل الإضراب فوجدتني لا أعرف أكثرهم فزاد استغرابي , همس إلي المدير راجيا ألا يصل الموضوع للمسئولين , قلت له : أنا تركت الموضوع لك لتقف عليه وتسعى في معالجته ولن أخطو خطوة إلا بعد مشاورتك لكونك ستكون عنصرا رئيسيا في حلها , لكن أرجوك ترفق بهم واسمع منهم فقد يكون لهم عذر في فعلهم أو لعلهم توهموا أمرا ما , ودعته وأوصيته أن يتعامل مع الموقف كخبرة جديدة وليست مشكلة مؤرقة , لم أصل مركز الإشراف إلا وقد سبقني , رحبت به , بادرني بكلمات الإعتذار عن تصرف معلميه وأن تصرفهم يدل على جهلهم وعدم معرفتهم بما قد يؤول إليه الأمر , قلت : إذا دع الأمر لي سأتصرف , عاد يكرر اعتذاره , أدركت أنه سيكون عاجزا عن معالجة الموقف , قلت له : صدقني يا أستاذ سينتهي الموقف بصورة ترضيك , قبل أن يغادر قال : تمنيت يا أستاذ أنهم فشلونا في أحد غيرك , قلت : يارجل اذهب للغداء وانس الموضوع , في اليوم الثاني اتصلت برئيس القسم لا ستشارته في الموضوع , للفائدة رئيس القسم هذا من أروع من رأيت في القيادة , قائد بالفطرة يجمع بين قوة النجديين في الحق وبين سهولة وطيبة أهل الأحساء , تشرفت بالعمل معه سنوات فتعرفت من خلاله على القيادة بالنبل , يذكرني بالفرسان النبلاء الذين كنت أقرأ عنهم في القصص وأنا صغير , أخبرته بالموضوع انزعج وقرر أن يزور المدرسة في الغد , ذهب إلى هناك اجتمع معهم في حضور مدير المدرسة , دار بينهم نقاش طويل , تنصل أكثرهم من الموقف , قال لهم : إن فعلكم مشين وخطأ كبير وقد يتسبب في نقلكم جميعا من المدرسة , ذكر لهم أنه جاء ليسمعهم , سألهم هل سبق لكم رؤيته ؟ ذكر أكثرهم أنه لم يرني أبدا لكنه يسمع عني , ذكر أحدهم أن الدافع لهذا التصرف أن الأستاذ زار مدرسة قبل مدرستنا وأعطى المعلمين درجات سيئة دون الستين فقلنا سيفعل بنا مافعل بهم فاتفقنا أن نمتنع عن تسليم دفتر التحضير لعله يترك المدرسة , قال لهم رئيس القسم : موقف مخجل ومؤسف , وماعلاقتكم بغيركم فقد يكون لديهم نقص كبير , طلبوا منه الشفاعة عندي , لم يعدهم بشيء وأرجع الأمر إلي , وقال لهم : المشرف هو صاحب الحق أن يقبل عذركم أو يصعد الأمر...اتصل بي رئيس القسم يطلب رأيي في الموضوع , قلت : أيها القائدالرائع غفر الله لي ولهم , هم لم يخطئوا في حقي بل في حق أنفسهم , وشكرا لك على اهتمامك وحرصك بابنك الصغير ( للفائدة الأستاذ حمد يكبرني بسنة قمرية فقط ) , توالت علي اتصالات معلمي المدرسة يقسم بعضهم جهد أيمانه أنه لم يمتنع مع من امتنع ,حتى ذكر بعضهم أنه عند جمع دفاتر التحضير كان في بيت الراحة فلم يسمع صوت المنادي ...واصلت زياراتي للمدرسة بعد الموقف وللأمانة كانوا على درجة كبيرة من الانتظام والعمل الجاد ...صارحني المدير أن هذا الموقف كان خيرا للطلاب والمدرسة حيث حرص الجميع في الظهور بأجمل صورة , قاربت السنة على الانتهاء , قال المدير : من سيأخذ حوافز الصفوف الأولية من معلمي الصفوف الأولية ؟ قلت : الجميع , صارحني أنه كان يتوقع أن أنتقم منهم وأقوم بحرمانهم من الإجازة المبكرة التي يتحصل عليها المتميزون من معلمي الصفوف الأولية , قبل أن أغادر طلبت الاجتماع معهم , قلت لهم : شكرا لكم على هذا المجهود الرائع , سألني أحدهم عن الحوافز , قلت : منحت للجميع , قاموا يكررون اعتذارهم الصادق هذه المرة بل صرح أحدهم بأننا أخطأنا في حق أنفسنا قبل أن نخطىء في حقك , قلت لهم : يا أحبتي لم يكذب من وصفني بالقسوة مع بعض المعلمين لكونه لا يعلم سر القسوة فهل علم ذاك أن من المعلمين من دفن أمانته مبكرا وصلى عليها أربعا , هل علم ذاك أن من المعلمين من يسعى كل يوم في ارهاب طلابه وتخويفهم ليس لشيء إلا لأنهم لم يفهموا درسه من المرة الأولى , هل علم ذاك أن من المعلمين من جعل فصله صالة لتداول الأسهم يبيع ويشتري وإذا سألته عن ضعف طلابه وجه سهامه لوالدي الصغير يتهمهما بنقص المتابعة , فهل هؤلاء لا يستحقون القسوة عندما يعطون الفرصة مرات ومرات ولا يستجيبون ....نسيت أن أقول أن صاحبي الدرجات المنخفضة لما زرتهم وجدت الحال كأجمل مايكون , شكرتهم وطلبت من المديرأن يمنحهم درجة طيبة , ذكرتهم أن مراقبة الله أعظم وأجل من متابعة مخلوق ضعيف , ذكرتهم بقول أحد السلف الصالح أن من أكل الحلال أطاع الله شاء أم أبى وأن من أكل الحرام عصى الله شاء أم أبى.



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 08-09-2009, 10:59 PM   #50
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

الخطيئة
كنت في زيارة إحدى المدارس التي تتميز بالنشاط والحيوية , جرني مدير المدرسة في حديث طويل يذكر شيئا مما يسعى في تحقيقه لهذه المدرسة , قال لي : لدي مفاجأة لك متأكد أنك ستكون سعيدا برؤيتها , طلب مني مرافقته لزيارة الصف الرابع , دخلنا الفصل , المعلم يجلس في الصف الأخير, رحب بنا ثم عاد إلى كرسيه , جلست ومدير المدرسة في الصف الأخير , أعطى المعلم إشارة البدء لأحد الطلاب , قام الطالب ليشرح درسه , بدأ بمقدمة مثيرة أعقبه باستهلال أكثر إثارة , بعدها قام يعرض درسه بأسلوب أخاذ , أشرك من حوله من الطلاب مراعيا أن تعم المشاركة جميع الطلاب , أبهرني صوته الذي يفيض ثقة وقوة , فهمه للموضوع الذي يطرحه كان موطن إعجاب مني ومن مدير المدرسه , الطريف أنه بعد أن انتهى من درسه بدأ يشجع الطلاب على الأسئلة حول ماشرحه , أخذ في استقبال الأسئلة والرد عليها , وكان رده مقنعا في كثير منها , الذي زادني انبهارا هو تفصيله الممتع في الرد على الأسئلة وكذا لغة جسده المعبرة والتي تنطق بها عيناه , لم أترك الفرصة عرضت على مدير المدرسة أن نستفيد منه معلما للصفوف الأولية , تبسم المدير , سألت الصغير عن عمره , قال إنه في العاشرة ,ارتجلت كلمة شكرت فيها الطالب المبدع وثنيت بالشكر لمعلمه الذي كان خلف هذا الإبداع , وثلثت بشكر مدير المدرسة الذي يسعى دائما في إبراز مواهب الطلاب وصقل مهاراتهم , خرجنا من الفصل , قال لي المدير: تعرف ياأستاذ أن هذا الطالب من أكبر المشاغبين في المدرسة , لقد كان شغلي الشاغل أنا و وكيل المدرسة , لا يمر يوم إلا ولنا معه قصة , مرة يضرب هذا ومرة يصفع ذاك ومرة ينسى أدواته ...حتى فكرت في أمر , وهو لم لا نستفيد من طاقته الكبيرة والتي يستخدمها للإيذاء والتخريب , فكرت أن أسند إليه بعض الأدوار القيادية في المدرسة , طلبت من المعلمين أن يكلفوه بأعمال تتصف بالقيادة مثل أن يكون عريفا للفصل , أن يكون مسئولا عن النظام في الفسحة , مازال المدير يواصل حديثه قال : تحول هذا الطالب المشاغب إلى طالب مسالم لا أبالغ لو قلت لك أنه يقوم بأدوار إيجابية في المدرسة تفوق بعض الأدوار التي يقوم بها بعض المعلمين , قلت : وكيف أصبح مستواه الدراسي ؟ قال : تحول من طالب ضعيف إلى طالب ينافس على المركز الأول على الصف , قلت : كيف كان أثر تغيره على والديه ؟ تلكأ وتردد ثم قال : ليس له والدان معروفان , قلت : كيف ؟ قال : لا نعرف له أما ولا أبا , قلت : يتيم , قال : أشد بؤسا من اليتم , قلت : نتاج خطيئة , قال : نعم , استرجعت كل الأحداث القريبة ... ملامحه , صوته , ثقته بنفسه , فرحته بالقيادة , تفوقه وتميزه , ابتهاجه بثنائي عليه , لاح أمام ناظري وجهه الذي يفيض عذوبة وبراءة , عاودتني نبرة صوته الطفولي , تدافعت لذاكرتي أسئلته وتساؤلاته , ودعت المدير سريعا فأنا أضعف ما أكون في مثل هذه المواقف , ركبت سيارتي , وفي الطريق تملكتني مشاعر وأحاسيس تزلزل الصخر الأصم , كأني به يرى لكل زملائه أب وأم وليس له , كأني به يرى في عيون الناس شيئا يعجز عن فهمه , كأني به يفجع يوما من الأيام بما يزلزل نفسه وكيانه , كأني بطفولته عاجزة عن تفسير الألغاز التي تحيط به ,
ما أبشع تلك النزوة التي ذهبت سريعا لكنها تركت حطاما في صورة إنسان !!
ما أبشع تلك الشهوة التي دمرت إنسانا كتب عليه أن يعيش بائسا
ما أبشع الحياة عندما يكون الإنسان ثمرة لعلاقة آثمة
ما أبشع الحياة عندما يفر الإنسان من نفسه
بقي هذا الموقف في ذاكرتي طويلا كلما سعيت في دفعه ونسيانه تجدد لي كأنه البارحة حتى صرفتني الحياة ومشاغلها عنه حتى جاء ذلك اليوم الذي أتصفح فيه صحيفة من الصحف فإذا هو لقاء مع بعضهم , هزني فيه كلام أحدهم عندما قال : لن أعفو عن حقي , ولن أصفح , سأقف بين يدي الله عزوجل أطلب خصومتي من ذلك الرجل وتلك المرأة لا سامحهما الله , لو يعلمان ماذا فعلا بي !!! , عاد بي شريط الذكريات مع ذلك المعلم الصغير فعاودني الحزن وكساني وأنا أردد في نفسي , هل سيسامح من كان سببا في بؤسه وشقائه ؟؟؟



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 10-09-2009, 06:33 AM   #51
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

الكلية الفاشلة

رحب بي المعلم واختار لي مكانا في زاوية الفصل لأجلس فيه , استأذن أن يبدأ درسه , بدأه بمناقشة طلابه ( الصف الثاني) حول موضوع سابق , طلب من صغاره أن يفتحوا كتبهم على موضوع القراءة الجديد , شرع في القراءة لم يتجاوز السطر الأول إلا وانبرى له أحد الطلاب يصحح له قراءته , قلت في نفسي لعل المعلم يتعمد الخطأ في القراءة ليتعرف على من يتابعه ممن يذهب بعيدا عن الدرس , لم يعزز المعلم تصويب الطالب واستمر في قراءته , عاود الطالب الصغيرتصحيحه لقراءة المعلم بصوت مرتفع , لم يلتفت المعلم للطالب واستمر في قراءته , قمت بمحاولة قراءة أثر الموقف في وجوه الطلاب فلم أر شيئا مما قد يدل أن هذا الموقف ليس جديدا عليهم , بل زاد استغرابي أن الموقف أن المعلم لم يهتز للموقف ولم يظهر عليه ارتباك مما أوقعني في حيرة كبيرة حاولت أن أستدعي فيها خبرات العمر لتسعفني في تحليل الموقف وتفسيره لكن كالعادة خذلتني تلك الخبرات التي يبدو أنها تحتاج إلى إعادة النظر في كونها خبرات أصلا ....واصل المعلم القراءة ومازال المصحح الصغير يلاحقه بالتصحيح , داخلني الاضطراب , الطريف أنني كنت المضطرب الوحيد في الفصل شفقة على المعلم وخشية أن يداخله الحرج من تخطئة الصغير له , انتهت الحصة شكرت المعلم أمام طلابه وخرجت معه , بادرني : بشر يا أستاذ كيف وجدتني ؟ قلت : رائع الله يفتح عليك , قال : كله يا أستاذ بركات توجيهاتك , قلت في نفسي أبرأ إلى الله من هذه التوجيهات وبركاتها ( الطريف أن هذه الزيارة هي الأولى ولم تسبق لي معه توجيهات ولا بركات لكن يبدو أنها لازمة على ألسنة بعض المعلمين يقولها من غير تركيز ) أدركت أن المعلم يحتاج إلى المساعدة أكثر من غيره , يكفي أنه لا يدري أن لديه مشكلة وهذه في حد ذاتها قاصمة الظهر ... قال لي : يعني يا أستاذ مافيه أي ملحوظات , قلت : فيه ملحوظة صغيرة جدا أرغب في مناقشتك فيها إذا رغبت , لذا ما رأيك جلسنا في المكتبة بعيدا عن مكتب المدير حيث يكثر الداخل والخارج , قلت : أرغب منك أن تخبر زملاءك في رغبتي في حضورهم لدي في المكتبة واحدا تلو الواحد لمناقشة كل واحد منهم في خطة عمله وتكون أنت آخر من يحضر , جاء المعلمون فجلست مع كل واحد منهم دقائق معدودة في لقاء فردي حتى جاء دور صاحبنا , قلت له : قبل أن نتناقش في الملحوظة الصغيرة أريد أن أستشيرك في أمر , اعتدل في جلسته وتلبس بلباس المستشار , قلت : لو كان لك صديق عزيز أو أخ كريم وهذا الأخ الحبيب يعاني من مشكلة لكنه لا يدري أنه يعاني وتريد أن تشعره بالمشكلة وحجمها من غير أن تجرحه أو تؤذي نفسيته خاصة وأنت تظن في نفسك أنك قد تملك مايمكن أن يساعده على تجاوز مشكلته , هل تنصحني بالجلوس معه أو أن أتركه حفاظا على المودة معه , وما الأسلوب الذي تراه مناسبا ليكون كلامي مقبولا لديه , قال بحماس : لا والله يا أستاذ لو كنت مكانك لجلست معه بشرط أن يكون على انفراد مع اختيار ألفاظ لطيفة لأجل ألا ينفر , قلت : أخشى أن أفعل ذلك وينفر !!! قال : ولماذا ينفر وأنت تريد مصلحته ؟ قلت : يعني أستعين بالله وأكاشفه : قال : نعم , ماذا لو علمت أن صاحبي الذي أتكلم عنه هو أنت , أرجع ظهره إلى الخلف قليلا , قال : لعلك تقصد الطالب الذي كان يرد علي , قلت : نعم , قال : هذا الطالب حذرته أكثر من مرة من مقاطعتي أو مقاطعة زملائه لكنه لا يرتدع , مشكلة الطلاب عندنا يا أستاذ مدللون ولو عاقبت واحدا منهم , قاطعته : السؤال الأهم وأنا أثق في كل كلمة تقولها : هل قرأت الدرس قبل أن تقرأه أمام الطلاب , قال : نعم أكثر من مرة , قلت : بصدق , قال : بصراحة لا لا لم أقرأه , قلت : كنت أتوقع ذلك !! قال يا أستاذ : ما مشكلتي ؟؟ قلت: عندك عدم تركيز في الانتباه لضبط أواخر الكلمات بالشكل , طلب الاستئذان لاحضار الكتاب للوقوف على المشكلة , وطلب أن يقرأ الدرس أمامي , بدأ في القراءة وأنا أتابع معه استوقفته عند الكثير من الكلمات التي قرأها بطريقة خطأ ...باختصار لو كان طالبا لما استحق أن ينجح من الصف الثاني ابتدائي , قلت له : ياعزيزي يعجبني فيك حرصك على نفع نفسك ورغبتك في الوقوف على حل لهذه المشكلة وهذا دليل أنك رجل يستحق أن أرفع لك قبعة التقدير والاحترام , والآن ياعزيزي استطعنا أن نحل ثلاثة أرباع المشكلة , استطعنا أن نشعر بالمشكلة ثم استطعنا تحديدها وهي عدم اتقان قراءة الكلمة عندما تكون مشكلة والآن جاء دور الجزء الأسهل وهو العلاج فما الذي تقترحه , قال : يا أستاذ بصراحة لما قمت ترد على أثناء القراءة علمت أن مستواي في القراءة ضعيف , قلت : لا نريد أن نعود لمناقشة المشكلة فنحن قد أعطيناها من النقاش مايكفي ...على فكرة نسيت أن أقول لك : يقول بعض العلماء المبدعون يقضون 10% في مناقشة أسباب المشكلة و90% في البحث عن حل لها , أما الجهلة والبسطاء فالعكس يقضون 90% في مناقشة المشكلة و10% في البحث عن حله , قال : طيب يا أستاذ لدي فكرة أنا عندي أخت متميزة في اللغة العربية وهي كذلك معلمة فما رأيك ان أستفيد منها في تحسين قراءتي , قلت : لله درك كونك تبحث عن العلاج دليل على أن المشكلة ستنتهي قريبا , ثم تناقشت معه فيما يمكن أن يساعده في ذلك , قبل أن أغادر قلت له : على فكرة وش تخصصك , قال : للأسف لغة عربية , قلت : لماذا تتأسف هذا في حد ذاته رائع وسيساعدنا على العلاج , قال : أقولك يا أستاذ ما سبب مشكلتي ؟ قلت : أوه أوه أرجوك لا تعود بنا لمناقشة المشكلة تذكر 90% , قال : فقط كلمة صغيرة , مشكلتي يا أستاذ انني خريج كلية .........وهذه الكلية فاشلة جدا كانوا يدرسوننا الأدب الأموي والفاطمي درسنا أشياء سخيفة , قلت : أعدك سيكون لنا موقف مع هذه الكلية بعد أن ننتهي من مشكلتنا ......زرته بعد فترة ,قلت : ما رأيك نجلس في المكتبة , قال : لا أرجوك تزورني في الفصل الآن ؟ قلت : ابشر , بدأ يقرأ درسه الجديد وعيناي تبحث عن المصحح , وجدته متحفزا بعينين صغيرتين للرد وكأن سعادته في تعقب معلمه , قلت في نفسي الحمد لله المعلم تجاوز السطرين الأولين من غير خطأ , أرجوك كن حذرا فالمصحح الصغير لن يرقب فيك إلا ولا ذمة , ياللروعة انتهى من قراءة الموضوع من غير خطأ واحد , شعرت بسعادة غامرة صافحته بعد خروج طلابه للفسحة , شكرته بحرارة , قلت له : لأول مرة أشعر أنني مشرف تربوي , حدثني مافعل الله بك , ماهذه الروعة !! قال : بكل صراحة يا أستاذ بذلت معي أختي جهدا جبارا فلها فضل علي ما أنساه , داعبته قائلا : ياليت كل معلم عندي عنده أخت مثل أختك وأعطيها نصف الراتب وتقوم كل أخت بأخيها , قلت : مارأيك لو راسلت عميد الكلية الفاشلة ليضعون مقررا خاصا بتدريس الضمة والفتحة والتنوين , فهم قصدي فضحك , قلت : إذا ياعزيزي لم تكن تلك الكلية فاشلة لأنها تدرس علوما متقدمة وذلك لكونها غير معنية بتدريس الأبجديات إنما يجب أن نلوم أنفسنا أن قصرنا العلم والمعرفة بل ومعرفة الحياة على ما تقدمه لنا الكليات أو غيرها , ياعزيزي إن المعلم الذي لا يتجدد ويسعى في الوقوف على كل نافع ومفيد مصيره التخشب والجفاف , أيها الرائع لقد تعلمت منك أن الإنسان يستطيع أن يتجاوز الأزمات والمشكلات عندما يسعى صادقا في حلها .



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 10-09-2009, 01:00 PM   #52
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

المعلم اللغز
سألت مدير المدرسة عن معلميه , أسهب في الثناء على أحدهم واصفا إياه بأن تميزه تجاوز المدرسة فهو ليس متميزا فيها فقط بل على مستوى المحافظة , شاقني حديثه عنه مما جعل نفسي تهفو إلى التبكير بزيارته , طلبت من المدير لقاء أوليا بالمعلمين , حضروا فتعرفت عليهم وكان من بينهم , تأملته أثناء الاجتماع فوجدته لم يقدم نفسه بشكل يتناسب مع وصف المدير له بالتميز, بل كانت نظراته التي يرمق بها زملاءه حين يتحدث أحدهم تشعر بأنه يرى لنفسه مكانا عليهم , انتهى الاجتماع , بعد هذه الزيارة بأيام عدت للمدرسة وكان ممن زرتهم ذلك اليوم ذاك المعلم , حضرت درسه فوجدت أنه لا يتميز عن زملائه بشيء شكرته وصرحت بسعادتي بحديث مدير المدرسة عنه , لم يستثره ثناء المدير عليه , أكملت زياراتي للمعلمين , ثم جلست للنظر في دفاتر إعداد الدروس فوجدت صاحبنا يحضر يوما ويترك يومين , سألت مدير المدرسة عن مدى علمه بذلك , استغرب وعاد يثني عليه , سألته عن درجة تقويمه العام الماضي فقال : منذ عشر سنوات تقريبا ودرجته 100 , قلت : عموما لا تقلق سأعالج الأمر بطريقتي الخاصة , استدعيت المعلم وتناقشت معه حول أدائه داخل الصف , أثنيت على جهوده وأبرزت له جوانب القوة لديه ثم ناقشته عن بعض الجوانب التي تستحق أن يوليها شيئا من العناية , خرج عن هدوئه منذ النقطة الأولى , أكدت له أن مناقشة بعض النواحي لا تعني ضعفه وقصوره فيها بل تعني بحثا عن زيادة في التميز , اكدت له أكثر من مرة أن وجهة نظري ليس شرطا أن تكون صوابا , صعقني عندما قال لي : أستاذ أنت تبحث عن أخطاء علي , رددت عليه سريعا : لماذا ؟ قال : لست أدري , قلت : ما أقوم به معك الآن فعلته مع بعض زملائك ولم يقل أنني أبحث عن أخطائه , قال : يا أستاذ كل من في المدرسة يعرف جهودي, قلت : صدقني سأكون أسعد الناس بالوقوف على جهودك , انتقلت معه للنقاش حول دفتر التحضير وكانت الدفاتر أمامي وقد جعلت دفتره في الأسفل , قلت : لمحت دفترا لا أدري هو لك أو لزميل لك يحضر يوما ويترك يومين , قال بثقة : ليس لي , قمت بسحب دفتره وفتحته فأريته ماذكرت قلت : يبدو يا أستاذ أن الأيام التي لم تقم بتحضيرها كنت في إجازة مرضية أو اضطرارية ( ذكرت له ذلك حتى أمنحه فرصة لينسحب ويحفظ ماء وجهه ) قال لي : يا أستاذ هل رأيت أحدا في المدارس يقوم بتحضير دروسه , قلت : نعم , الأصل هو التحضير وهذا ما أراه عند الكثير من المعلمين لكن لا يعني ذلك ترك المقصرين من المتابعة , الأهم من ذلك أنت تريد أن تضع نفسك مع أي الفريقين ؟؟ قال : يا أستاذ أشعرأنك تنتقص عملي , قلت : مافي دفتر التحضير كمال أم نقص , ياعزيزي دعنا من ذلك كله لنتفق على تحريك فرص التحسين , قال : على فكرة يا أستاذ أنت أول واحد ينتقص عملي كل من سبقك من المشرفين يثنون عليه خيرا , قلت : مارأيك لو جعلت المدير حكما بيني وبينك , قال : لا أرضى بالمدير حكما , قلت : كيف لا ترضى به حكما وهو الذي جعل لك الصدارة بين زملائك , سكت بامتعاض, عرضت الأمر على المدير ذكرت له هل يعد المعلم الذي يترك يومين أو ثلاثة في تحضير الدروس من المتميزين أم ممن يستحق المتابعة والعناية , قام المدير يثني على المعلم وأن هذه الأمور ستعالج بإذن الله , شكرت المعلم , عاد إلى فصله , سألني المدير كم يستحق يا أستاذ من درجة , قلت : كم ترى أنت ؟ قال : هو كل سنة يعطى مائة , قلت : مع ماعنده من التقصير , المهم اتفقت معه على 95 على أن يعالج وضعه , ودعت المدير وخرجت إلى الإدارة , بعد الظهر قابلت مدير الإشراف التربوي في الممر قال لي : أريدك في موضوع , ذهبنا إلى مكتبه , قال : للتو خرج من عندي معلم جاء يشتكي منك , عرفت أنه صاحبي , ذكرت له الموضوع , قال : لو كنت مكانك لكتبت فيه خطابا للإدارة هذا ليس متميزا هذا معلم مفرط في أمانته أقترح عليك أن تغير درجته إلى 75 فقط حتى يعرف حجم تقصيره , قلت : يا أباعمر هلا تركت لي صاحبي أعالجه بطريقتي , لا أرى النجاح في إغراقه في أخطائه بل في أن أمد يدي له لأساعده على تجاوز تقصيره , أرجوك دعني وصاحبي , عدت بعد فترة لزيارة المدرسة بشرني المدير أن المعلم عالج أخطاءه وانتظم في تحضيرهكما قدم لي اعتذاره عن شكوى المعلم علي , قلت : ليس لأحد أن يمنع أحدا من طلب حقه , وهذا المعلم سلك الطريق المشروع ولم يتجاوز , أخبرته بوجهة نظر مدير الإشراف التربوي عما يجب أن يستحقه من الدرجات , بهت , قال : تعرف يا أستاذ ماذا يعني ذلك ؟ يعني أنه سيكون المعلم الأقل ؟ قلت : لا تنزعج طلبت منه أن يترك الأمر لي ولك , عموما يا أستاذ أرغب في زيارة المعلم في فصله لعلي أجد له مزيدا من جوانب القوة , كنت قد زرته في القراءة سابقا , وأحببت أن أزوره في درس القرآن الكريم , ذهبت إليه وقد عزمت على تعزيزه وتشجيعه , لكنني وجدت أنه في القراءة خير منه في القرآن فقد كان يقرأ القرآن من غير تجويد أو معرفة بأحكامه , أشبه بقراءة عوام الناس , خرجت من عنده بعد أن شكرته , سألته في الممر عن إن كان سبق له أن أخذ دورة في التجويد
قال لي : لو أردت يا أستاذ أن أعلمك التجويد علمتك ؟ لم أرد عليه وواصلت سيري للإدارة !! عاد لي بعد عشر دقائق متوترا وهو يقول : يا أستاذ يبدو أنك غضبت من كلامي لكن تذكر أن ما ذكرته ردة فعل لكلامك الذي ذكرت فيه أنني جاهل في التجويد ؟ قلت له : اتق الله فلم يمرعلى كلامي أكثر من عشر دقائق , لقد سألتك هل سبق لك أن التحقت بدورة تجويد ؟ ثم هناك أمر آخر وهو دعني أستفد منك في التجويد كما ذكرت لي , ما أحرف الإدغام بغير غنة ؟ لم يجب , قلت : يا أستاذ ابسط لي ماعندك من العلم والذي خلقك لأكونن عندك نعم التلميذ فلا يكبرعلى, قام يتمتم باعتذار خافت كأنه يخشى أن يراه أحد , قابلته في مكان عام صدفة سلم علي بحرارة وكرر اعتذاره صريحا , دعاني لزيارة بيته , اعتذرت له لارتباطي بموعد , واصلت زياراتي للمدرسة للوقوف على المعلمين الآخرين وجدت أنه يتعمد الالتقاء بي في الممر بشكل يظهر أن غير مقصود ويجرني في حديث ويقذف بكلمة جريئة , فعلها أكثر من مرة وأنا أقابل إساءته بابتسامة لكوني منشغلا بمعرفة الدافع لذلك أكثر من الإساءة , قلت له في المرة الأخيرة ألا تستغرب أنني لا أرد عليك الإساءة , قال : نعم , قلت : لسبب واحد أخشى أن يزعجك !! قال : أرغب في معرفته , قلت : مادمت مصرا يا عزيزي فاسمع أنا أعاملك بأخلاقي لا بأخلاقك , لقد صبرت عليك ليس ضعفا أو عجزا أو قلة بيان بل ترفقا بك من جانب وسيرا على أخلاق الكرام وأخذا بالعفو وإعراضا عنك ...أما اليوم فستسمع وترى مني ماتكره سأحصي عليك جميع تصرفاتك وسأسعى أن تكون عبرة لغيرك , للأسف زادك حلمي عليك جرأة وقبحا , أعدك أن أضعك في مكانك الذي يليق بك ....لم ينبس ببنت شفة , تركته ودخلت الإدارة , بدأت أفكر في اللغز المحير , خطرت علي فكرة سألت المدير عن أحب معلم لديه , ذكر لي أحدهم , قلت له : أعلم أن هذا المعلم قريبا من نفسك وسأصارحك أشعر أن في الأمر لغزا أو حلقة ناقصة وقد قررت رفع شأنه للمسئولين وسأسعى في معاقبته إلى أقصى حد , قلت : أرجوك ساعده , قال لي : سأكون معك صادقا , هذا المعلم بعد أن أعطيته درجة أقل من مائة قام المعلمون يتهكمون به حتى وصل الأمر بهم أنه إذا رأوه في الممرات صرخ أحدهم قائلا : جاك المشرف الفلاني جاك ياويلك يقصدونك , فأصبح في كل زيارة لك للمدرسة يتعمد أن يلقي كلمة عليك ثم يأتي إلى غرفة المعلمين فيذكرها لهم وكانوا يستغربون منك عدم الرد , وكانوا يزيدون في تحديهم أن يلقى كلمة أكثر حدة فيفعل ويعود إليهم إلا هذه المرة فلم يقل شيئا , استدعيت المعلم عاتبته على أن رضي أن يكون ألعوبة في أيدي الآخرين , رأيت في عينيه اعتذارا صادقا ...قلت له : عفا الله عما سلف وغفر الله لي ولك , أصبح بعد ذلك من أروع المعلمين تعاملا ولطفا ونشاطا , قلت له : هذا هو معدنك الحقيقي فلا تفرط فيه .



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 13-09-2009, 05:16 AM   #53
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

الانتحار
كلفت سنة من السنوات بالعمل مشرفا منسقا على إحدى الثانويات التي تقع في إحدى الهجر التي سكانها كان يسميهم بعض المؤرخين بألمان العرب نظرا لقوة بأسهم وشدة بطشهم , أدركت أنني قادم على تجربة رائعة وفريدة , اجتمعت مع المعلمين , دار بيني وبينهم حوار طويل كشف لي أنهم يجهلون القيم التي ينطلق منها ابن البادية في التعامل مع الآخرين , كان أكثرهم يشتكي من الطلاب وصعوبة التعامل معهم , أكدت لهم أهمية أن يتعرفوا على القيم السائدة في الهجرة التي توجد فيها هذه المدرسة ليستطيعوا تفسير تصرفات الطلاب وسلوكياتهم , بدأت في زيارة المعلمين في فصولهم استوقفني معلم التربية الإسلامية بسمته الجميل ومحياه المشرق وابتسامته التي لا تغيب,ولكم حزنت عندما علمت أنه في أيامه الأخيره في التدريس حيث تم اختياره ليكون قاضيا في وزارة العدل , دخلت الفصل فرحب وبدأ يشرح درسه وكان بعنوان ( الانتحار ) وهو من موضوعات الفقه التي تدرس في هذه المرحلة, تناول الأستاذ تعريف الانتحار وصوره وحكمه , كان تفاعل الطلاب واضحا معه لجمال أسلوبه ولكون الموضوع مثيرا , بعد انتهائه من درسه التفت إلي متسائلا عن مدى رغبتي في سؤال الطلاب , قلت : تفاعل الطلاب معك يغني عن السؤال لكن لدي فكرة لو رغبت أن نطبقها سأكون سعيدا !! قال : وماهي ؟ قلت : قد قدمت درسك بصورة جيدة مستخدما طريقة الإلقاء , مارأيك لو جربنا طريقة أخرىمن طرائق التدريس أو طريقتين لنرى مستوى التفاعل معها وسأقوم بتطبيقها أمامك وقم أنت بدور المشرف التربوي في تقديم التغذية الراجعة لي بعد نهاية الدرس , بدأت في نقاش الطلاب عن بعض صور الانتحار , ثم سألتهم قائلا : بصراحة ياشباب من منكم فكر في الانتحار أي في أن ينتحر , رفع اثنان أيديهما , دفعت ببصري للمعلم فوجدته مشدوها من الموقف, قلت لهما : رائع وأشكركما على ثقتكما القوية بالنفس لكن دعوني أسأل أحدكما عن سبب تفكيره في هذا الأمر الخطير , انبرى أحدهما يتكلم عن سبب تفكيره في ذلك فذكر أن عدم وجود طعام للإبل دعاه للتفكير في ذلك , قلت له : هل ترى أن هذا السبب كاف لا تخاذ قرار الانتحار ؟ قال بثقة : نعم , التفت إلى زملائه قائلا : من يوافق أخاكم على تفكيره في هذا الأمر ؟ لم يرفع أحد يده سوى ذاك الذي شاركه في فكرة الانتحار, رجعت لصاحبي صاحب الابل , قلت : مارأيك لو خرجت عند السبورة لنقدم حوارا حول هذا الموضوع معي أو مع أحد زملائك , بعد خروجه , قلت : أعلم جيدا أنكم تمتلكون مهارات عالية في التأثير والإقناع والذكاء المتقد فمن منكم يستطيع أن يقنعه بخطأ تفكيره في هذا الأمر وخطورته مستفيدا من ماذكره الأستاذ من أدله وتوجيهات , قام أحدهم يحاور صاحب الانتحار , سألته بعد حواره معه : هل استطاع اقناعك بترك الانتحار ؟ قال : لا , رفع آخرون أيديهم طلبا في محاورته واقناعه , جاء آخر ثم آخر , لم يستطيعوا ثنيه عن فكرته , من الطرف ماذكره أحدهم عندما قال له : تبغى تنتحر ..الباب مفتوح لن نتأثر بغيابك , التفت إلي قائلا : أستاذ دور غيره ذا ماعنده سالفة , رفع أحدهم صوته : أستاذ أستاذ أنا أتحداك تقنعه , رمقت المعلم بطرف عيني فرأيته مبتهجا بتحدي الطالب وكأن الفرصة قد حانت ليتعرف على قدراتي من عدمها , قبلت التحدي وبدأت نفسي تحدثني : اقبل ولا تخش من الفشل فماذا سيحدث لو فشلت في إقناعه خاصة أن نفسي لم تعد تضيق بالفشل بسبب الألفة وكثرة الزيارة بيننا , قلت في نفسي : سأبدا بالمناورة ومحاولة كسب الوقت , التفت إلى الطالب المتحدي بعينين تفيض ثقة بقدرتي على اقناعه : طيب أنا قبلت التحدي لكن أريد من أحدكم أن يحاوره للمرة الأخيرة , خرج أحدهم وبدأت أستفيد من الوقت في التفكير في طرق لاقناعه , لم يفلح صاحبنا الأخير في انقاذ صاحبنا من النار , التفت إليه وقلت : أعرف جيدا قيمة الإبل عند أهل البادية وأعلم جيدا حجم الألم الذي يعتصرك عندما لا تجد لها طعاما , أعلم جيدا أن منها من هو أقرب لنفسك من بعض إخوتك , قال : إي والله يا استاذ , قلت : لكنني فكرت في الموضوع من أكثر من جانب , هل سينتهي الألم الذي تشعر به بانتحارك ؟ هل عندما تموت ستستريح ؟ دعني أسأل شيخنا الكريم هل سيجد المنتحر راحة في قبره ؟ قال : لا بل سيجد عذابا !!! قلت : عندما تقوم الساعة أي حال سيكون عليه المنتحر ؟ قال الشيخ : يأتي يوم القيامة يقتل نفسه بالأداة التي قتل بها نفسه في الدنيا زيادة في التنكيل به ...قلت : إذا لم يكن الانتحار حلا جيدا لأنه يصعد بصاحبه إلى مراحل أشد ألما وأعظم بشاعة , صدقني لو كان من عقيدتنا أننا عندما نموت أننا لا نبعث ولا نسأل ولا نحاسب ولا نتفرق بين متلق كتابه بيمينه وآخر يتلقاه بشماله لنصحتك أن تنتحر لكن الأمر أكبر من أن تجعل حدا لحياتك , إن جسدك ليس ملكا لك إنه أداة وهبك الله إياها ليبتليك أتشكر أم تكفر , وهبك روحا وجسدا لتكون من خلالها عبدا ذليلا خاضعا لمولاه , ووعدك مقابل ذلك بما لا يخطر على بالك من النعيم المقيم الذي لا يعكره ألم ولا تفسده حاجة ,استغفر ربك واعلم أن مامن محنة إلا أعقب الله صاحبها بمنحة يتفضل بها على عباده التفت إلي قائلا : استغفر الله العظيم وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم تراجعت يا أستاذ ...خرجت مع المعلم قال لي : كان درسا رائعا استفدت منه , أستاذ ما الطرق التي استخدمتها في الدرس قلت : أكثر من طريقة , تمثيل الأدوار والطريقة السقراطية ومدخل الاحداث الجارية ,
أقول : إن التدريس يكون مميتا ومملا للمعلم والطالب عندما تكون الطريقة واحدة , التعدد في طرائق التدريس يجعل للتعليم معنى وأثرا وتأثيرا , أنا أتكلم عن فضل التعدد في طرائق التدريس وليس عن معنى آخر .



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 13-09-2009, 05:46 PM   #54
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

أتمنى أن أكون قد قدمت شيئا مفيدا من خلال هذه المواقف والتي ختمتها بموضوع الانتحار عياذا بالله منه , أعلم أن الكثير من هذه الموضوعات كان في حاجة إلى ذكر بعض الفوائد التربوية والقيمية والأخلاقية لكنني جاد إن شاء الله في إخراج هذه الموضوعات في صورة كتاب مذيلة بذكر أبرز مايمكن أن نستفيده من هذه المواقف , لقد حرصت قدر استطاعتي أن أنقل الموقف كما هو مع مدافعة لنفس لا ترغب إلا أن تظهر جميلة خالية من العيوب والأخطاء وهيهات , عذري أني بذلت جهدي ولو عاد بي الزمان لتعاملت مع بعض المواقف بشكل أجمل ونفس أكثر ثقة .
تقبلوا تحياتي



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 14-09-2009, 12:36 AM   #55
بنت أبوي
المراقبة العامة - إبداع لا ينتهي
 
الصورة الرمزية بنت أبوي
 
تاريخ التسجيل: 05-06-2007
الدولة: (+_+)
المشاركات: 26,006
معدل تقييم المستوى: 43
بنت أبوي will become famous soon enough
افتراضي رد: من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

ماشاء الله عليك يا أستاذ مسفر

رحلة مميزة وذكريات رائعة وهادفة في الوقت ذاته - وكنت أتابعها بصمت

استطعت وبأسلوبك الساحر ان تجعلنا نبحر معك فيها وكأننا الأبطال في كل موقف

شدني بعضها وأغضبني بعضها ,, وتمنيت أحيانا أن أقتحم الموقف لأرد على هذا وأتناقش مع ذاك

الجميل .. أن ردود أفعالك في المواقف لاتنحصر في ( الجانب الإشرافي التربوي فقط )

بل كانت صادرة من ( شخصية قيادية ) بإمكانها أن تتعامل مع أجناس الناس في مختلف تخصصاتهم

وهذا الذي جذبني نحو الموضوع بالعلم من أن مجالي بعيد كل البعد عن المجال الإشرافي التربوي

ومع ذلك كنت على ثقة بأنني سأستفيد من هذه المواقف في كل مجال يصادفني مستقبلا بإذن الله

بارك الله فيك وفي قلمك وسدد خطاك ووفقك لكل خير في الدارين

تحياتي وتقديري
بنت أبوي



__________________
بنت أبوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 14-09-2009, 07:41 PM   #56
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

ألأخت الكريمة ( بنت أبوي )
أشكرك كثيرا على عباراتك التي تفيض بالتعزيز وليس ذلك مستغربا منك فمن يتابع هذا المنتدى يعرف مدى حرصك على تعزيز المشاركين والمشاركات بقصد حثهم على تقديم عطاء متجدد ومجود فلك مني جزيل الشكر....
هذه المواقف اجتهاد اللحظة حاولت قدر الإمكان أن أكون صادقا في نقل المواقف كما هي , لذا كم سأكون سعيدا لو تم تناول هذه المواقف بالنقد سواء باظهار مواطن القوة فيها وكذا جوانب الضعف لتكون مجالا للنقاش نستفيد منه جميعا .
بارك الله لك في علمك وعملك ونفع بك .



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 17-09-2009, 05:21 AM   #57
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

هذه بعض الوقفات التي يمكن أن توصف بأنها تربوية مع قناعتي التامة أن مشاركة القراء في ذكر بعض الوقفات يمكن بل جزما سيسهم في إثراء الموضوع .

وقفات تربوية مع موضوع ( الضحية )
1- من المهم جدا أن ندرك معنى الفروق الفردية بين الطلاب وأنهم يتفاوتون في أفهامهم وقدراتهم فمنهم من يفهم من المرة الأولى , ومنهم من لايفهم إلا من المرة العشرين لذا من الظلم أن نطلب من صاحب المرة العشرين أن يفهم من المرة الأولى.
2- الطالب الذي يعاني من مشكلة في الفهم والاستيعاب هو أحوج ما يكون للتعزيز والدعم والتشجيع لا إلى السخرية والتهكم لكونهما أي السخرية والتهكم تدفعان الطالب إلى النظرة الدونية لذاته والدخول به إلى صندوق الفشل وبالتالي تتعقد المشكلة وتزداد عمقا .
3- قبل أن يوجه المعلم أصابع الاتهام للطالب في فهمه عليه أن يتأكد من أنه قد قدم مادته بصورة سهلة وميسرة بل وقدمها بأكثر من طريقة في جو يسوده الأمن والتشجيع والصبر والرحمة والدعابة والمرح.
4- لا يعني فشل الطالب أو رسوبه عند معلم ما أنه لا يمتلك فهما جيدا أو أنه خال من القدرات بل قد يكون ممن يمتلك الكثير لكن سوء حظه أوقعه مع من لم يستطع التعامل معه ولذا فإن المعلم المبدع لا يلتفت لنظرة الآخرين لذاك الطالب بل يقف بنفسه على مشكلته ويبذل جهده لمساعدته وبعث الحياة فيه من جديد .
5- الطالب لا يمكن أن ينسى ذاك المعلم اللطيف الذي لا تغادر الإبتسامة شفتيه ذاك الذي يفيض صبرا ولطفا وتشجيعا , كما لا ينسى أيضا ذاك المتجهم ضيق الصدر المؤذي بلفظه ولحظِه .



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 18-09-2009, 02:52 AM   #58
مسفر ناصر
 
تاريخ التسجيل: 23-11-2007
الدولة: الأحساء
المشاركات: 355
معدل تقييم المستوى: 17
مسفر ناصر is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

وقفات تربوية مع موضوع ( المعلم صاحب 36 سنة خدمة )

1- أهمية التعزيز وأثره الكبير في نفسية كل من يقوم بعمل دون اعتبار لسن أو مكانة اجتماعية أو وظيفة مرموقة فالنفس البشرية بطبيعتها تستلذ المدح والثناء لكونه يسهم في رفع تقدير الذات ويشعر بالإيجابية والتميز .

2- الكلمة الطيبة لها مفعول السحر في النفس ولذلك فكما نجد أن لها وقعا جميلا في نفوسنا عندما تقال لنا فلها ولا شك نفس الأثر في نفوس الآخرين عندما نقولها لهم .

3- من فنون الحوار القائم على التأثير البدء بنقاط الاتفاق مع الطرف الآخر لكونه يوفر جوا من الارتياح والقبول بمناقشة نقاط الاختلاف بعيدا عن التشنج والانفعال .

4- من حقوق الأخوة لزملائك ألا تعطي للآخرين مساحة لذمهم وتنقصهم والولوغ في أعراضهم بل إشغال المتكلم بما ينفعه من معرفة ومهارات وتنمية ميول وتغيير اتجاهات وتعزيز قيم .

5- المشرف التربوي يقابل في الميدان من قلبه طريق عقله لذا جاء التأكيد على الكلمة الطيبة والخلق الرفيع وتقدير الآخرين والاهتمام بهم لكونه الطريق الأسرع لقلب المعلم وبالتالي إلى عقله , والمتأمل في واقعنا يجد أن كثيرا من قناعاتنا تلقيناها بالعاطفة ( القلب ) ثم نبدأ بالدفاع عنها وعن صحتها وقيمتها بالعقل .



مسفر ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 18-09-2009, 05:20 AM   #59
بنت أبوي
المراقبة العامة - إبداع لا ينتهي
 
الصورة الرمزية بنت أبوي
 
تاريخ التسجيل: 05-06-2007
الدولة: (+_+)
المشاركات: 26,006
معدل تقييم المستوى: 43
بنت أبوي will become famous soon enough
افتراضي رد: رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسفر ناصر مشاهدة المشاركة
ألأخت الكريمة ( بنت أبوي )
أشكرك كثيرا على عباراتك التي تفيض بالتعزيز وليس ذلك مستغربا منك فمن يتابع هذا المنتدى يعرف مدى حرصك على تعزيز المشاركين والمشاركات بقصد حثهم على تقديم عطاء متجدد ومجود فلك مني جزيل الشكر....


هذه المواقف اجتهاد اللحظة حاولت قدر الإمكان أن أكون صادقا في نقل المواقف كما هي , لذا كم سأكون سعيدا لو تم تناول هذه المواقف بالنقد سواء باظهار مواطن القوة فيها وكذا جوانب الضعف لتكون مجالا للنقاش نستفيد منه جميعا .

بارك الله لك في علمك وعملك ونفع بك .
الله يجزاك الجنة أ- مسفر ,
بل أنا التي سأكون أسعد بالفوائد التي سأستفيدها حين أضع نفسي تحت المجهر

وأعكس الواقع لأكون الطرف الناقد .. لـ ( شخصية أكبر من أن مثلي يتجرأ على انتقادها )
ولكن سأحاول أن أمثل دور ( المتذوقة ).. علني أخرج بمشاهد تتناسب
مع الكاتب .. وفكرته .. ومكانته
<< مجرد محاولة .. ومحاولتي لاتخرج عن أمرين
إما أن تكون ... ناجحة
وإما أن تكون ... غير ناجحة

؛؛ لم أقل ( فاشلة ) حتى لا يصيبني الإحباط ولكي تكون نظرتي ايجابية في الحالتين
<< كل هذا تمهيد ,, حتى مايكون علي حرج , ( الله يستر )

بسم الله ,, وسأبدأ بحادثة ( الوكيل المتعلك )
ياترى لماذا ؟

في الواقع شدني اسم الحادثة قبل قراءتها ,, وفضولي حول الاسم جعلني
أتابع الموضوع يوميا إلى حين عرضها .. إضافة إلى أن شوقي لأحداثها جعلني أقرأها
بتمعن وباستيعاب جيد

لذلك اخترتها لتكون بداية تذوقي على هذه الرحلة الإشرافية الممتعة ..
سألخص الدروس المستفادة منها ,, وسأتبع ذلك بتعليقي أخيرا ’’

1- الإلتزام والإنضباط ليسا حصيلة للحظة فهما طبيعتان متلازمتان ومرتبطتان
بذات الشخص ولا يمكن اكتسابهما إلا بالتكرار الدائم والتدريب الصارم

والإيمان التام بأهميتهما

2- النظــــام ( هويــة المدرسة ) فإذا انعدم فيها النظــــــــام اصبحت بلا هويــة

3- طالب الإذاعة في مدرسة يسودها الفوضى ( لنا الحق بأن نقف له احتراما )
لماذا ,, ؟؟ لأنه استطاع أن يفعل مالا يستطيع المدير أو الوكيل أن يفعله

حيث ساهم بدوره في استقرار الإصطفاف الصباحي - كما في الحادثة

4- العلكة ,, تعتبر ظاهرة غير حضارية في الحوار ,, بغض النظر عن ايطار
العادات الإجتماعية ..دعونا نحلل ذلك منطقيا ,,

فلو كنت تتحدث إلى شخص يمضغ علكة في فمه
ماشعورك ؟؟
أولا : ستشمئز وتستنكر حركات فمه الذي يدور ويصعد بشكل عشوائي في كل اتجاه
ثانيا : ستصمت وستنسى الكلام الذي شرعت بالحديث به
ثالثا : ستتشتت أفكارك وسيكون اتجاه العلكة مصدر انتباهك
رابعا : ستكتشف أن المتعلك تفكيره التام ليس معك بل نصفه مع العلكة
خامسا : ظاهرة تدل على الإستهتار بالطرف المقابل ,, ولا تليق بقائد

5- قد يكابر المرء بالرغم من أخطائه ولكن لايصل إلى درجة طمس الذات
فالكذب ,, أجود مزيل للإنسانية ,,

6- أخطاء الكبار ,, هدايا مجانية للصغار
لماذا لانهديهم أروع مالدينا ,,

(( في الختام راح أعلق على شيء واحد فقط ))

أعجبني ردك يا أخي على الوكيل في الرسالة
كان رد رائع ,, رائع ,, رائع

ومفحم إلى درجة كبيرة
اقتباس:

أعتذر له أي للوكيل أن أوقعته في هذا الموقف الذي دفعه ليطمس قيمة عظيمة من أعظم القيم وهي الصدق
فلو كنت أنا الوكيل وأقرأ كلماتك .. ( بسم الله علي )
أقسم أنها ستبكيني

وسأصغر في عين نفسي ,,
وسأتمنى لو أن الأرض تطويني بين طبقاتها ,,
وأن لا أقرب المكان الذي يتواجد فيه أ - مسفر
ولا أضع عيني في عينه ,, من الإحراج ,,

ماشاء الله تبارك الرحمن
ويلومونني بالدرر التي أصطادها في محيط موضوعاتك

سأسرق منك ردة فعلك ( لأطبقها في مواقف مشابهة )
فهل ستسمح لي بهذه السرقة ؟؟ << أم أنها نوع من طمس الذات

بارك الله فيك يا أخي وأكثر الله من أمثالك
خالص تحياتي وتقديري لشخصكم الكريم



__________________

التعديل الأخير تم بواسطة بنت أبوي ; 18-09-2009 الساعة 05:33 AM
بنت أبوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-09-2009, 08:32 AM   #60
جود
رئيسة الأقسام التعليمية
 
الصورة الرمزية جود
 
تاريخ التسجيل: 14-09-2007
الدولة: الرياض
المشاركات: 1,476
معدل تقييم المستوى: 18
جود is on a distinguished road
افتراضي رد : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )

خجلت من نفسي وانا أقرأ متصفحك أخي أ / مسفرناصر
كيف يكون موضوع مرجع للمعلمين والمعلمات والمشرفين
والمشرفات وأنالم أتصفحه بشكل متواصل لذا أنصح جميع من
ينتمى لسلك التربيةوالتعليم أن يستفيد من هذه التجارب الواقعية من الميدان ....
اسمح لي أخي إذا قلت أن ماذكر نستطيع أن نسميهم : (معلمون أومعلمات
تحت المجهر) وليس هم فقط بل كذلك المشرفون والمشرفات تحت المجهر
والحقيقة أن لدي موضوع بهذا العنوان بإذن الله سأتناوله قريباً في منتدى :
الإشراف التربوي والإدارة المدرسية وهو عبارة: عن سلسله من الحلقات
وضعها أحد الأخوة في صفحات متعدده لتتم الإستفاده منها وتضمن ذلك
الكثير من النصائح للمعلمات من خلال سرد رائع لواقع نعيشه مع البعض
مثل :
* ملق معلمة .
* الكل يشعر بالفقد .
* حزم أخرق .
* عاجل الخير .
* أنتِ تملين هم يملون منك .
وغير ذلك كثير ..

كما لفت إنتباهي لوحة الشرف لماذا دائماً تخصص للمتفوقات
وقدأدركت ذلك عندما حضرت لإحدى المعلمات الداعيات
المخلصات نحسبها كذلك ولانزكي ع الله أحد عندما
جلست في حوار مع الطالبات وتناقشهن عن لوحة الشرف
لما لمِ تكتب أسماءالطالبات المتفوقات فقالت لها طالبة ألا
تعرفين من هن يامعلمة فلا داعي لوضع الأسماء فقالت المعلمة
لمِ لاتضعون أسماء أخرى مع المتفوقات فقلن مثل ماذا
قالت مثل :
* الطالبة الوفيه .
* الطالبة الصادقة .
وتحمسن الطالبات تقول : قالت : إحدى الطالبات أستاذة إذاً نضع من
ضمنهن حلوة الحديث تقول أستغربت مالمقصود من ذلك فذكرت لها الطالبات المقصود ,وسأذكرقصدهم في ذلك في
موضوع سيتم طرحه الآن في منتدى الإدارة المدرسية

والإشراف تقول المعلمة بدأ الطالبات بذكر صفات أوالقاب أخرى مثل : الطالبةالشقرديه .. وغيرها ..
بهذه الطريقة أصبحت لوحة الشرف لاتخصص للمتفوقات
فقط بل تعدد المسميات ...
فنكون من خلال ذلك وضعنا أسماء متعدده تشجيع وتعزيز لهن
ومنها يكون تعزيز لبعض القيم .. هذا ماأستطعت أن أضيفه في الموضوع ولي عودة بإذن الله ..
وأعتذر عن الإطاله كما أشكرك أخي أ : مسفرناصر مشرف الصفوف الأولية ..
للجميع أرق التحايا ..



__________________
جود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

 


الساعة الآن 07:34 PM.


CopyRight © 2009 , TranZ By Almuhajir
هذا المنتدى برعاية مؤسسة عالم ابدأ للحاسب الآلي - الأحساء - الهفوف - الشهابية - شارع الستين- هاتف 035883818- 0506999229
اختصار الروابط