اسم المنتدى منتدى الأحساء التعليمي المنطقة الأحساء سنة التأسيس 1424-2004 المؤسس خالد السعيد حساب تويتر kldsed@ بريد إلكتروني kld@kld.me جوال المنتدى 0506999229

 


إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 21-11-2008, 07:13 PM   #1
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي لبيك اللهم لبيك

[frame="3 98"]






تفرّد الله سبحانه وتعالى بالخلق والاختيار، قال تعالى: { وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون } ( القصص 68)، ومن رحمته بالعباد أن فاضل بين الأوقات والأزمنة، فاختار منها أوقاتاً خصّها بمزيد الفضل وزيادة الأجر؛ ليكون ذلك أدعى لشحذ الهمم، وتجديد العزائم، والمسابقة في الخيرات والتعرض للنفحات، ومن هذه الأزمنة الفاضلة أيام عشر ذي الحجة التي اختصت بعدد من الفضائل والخصائص .



فقد أقسم الله بها في كتابه تنويها بشرفها وعظم شأنها فقال سبحانه: { والفجر، وليال عشر، والشفع والوتر } ( الفجر 1- 3)، قال عدد من أهل العلم: إنها عشر ذي الحجة .

وشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها أعظم أيام الدنيا، و أن العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، حيث قال - صلى الله عليه وسلم-: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يارسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) رواه الترمذي ، وأصله في البخاري ، وفي حديث ابن عمر : ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) رواه أحمد




وفيها يوم عرفة الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عائشة رضي الله عنها: ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء ؟ ) رواه مسلم ، وهو يوم مغفرة الذنوب وصيامه يكفر سنتين






وفيها أيضاً يوم النحر الذي هو أعظم الأيام عند الله قال - صلى الله عليه وسلم -: ( أعظم الأيام عند الله تعالى، يوم النحر، ثم يوم القرّ ) رواه أبو داود .



وإنما حظيت عشر ذي الحجة بهذه المكانة والمنزلة لاجتماع أمهات العبادة فيها وهي: الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها .



وقد تكلم أهل العلم في المفاضلة بينها وبين العشر الأواخر من رمضان، ومن أحسن ما قيل في ذلك ما ذهب إليه بعض المحققين من أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان الأخيرة، وليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة جمعاً بين النصوص الدالة على فضل كل منها، لأن ليالي العشر من رمضان إنما فضلت باعتبار ليلة القدر وهي من الليالي، وعشر ذي الحجة إنما فضلت باعتبار الأيام، ففيها يوم النحر ويوم عرفة ويوم التروية




وهناك أعمال صالحة تتأكد في هذه العشر جاءت النصوص بالحث عليها، والترغيب فيها من أهمها:




التوبة النصوح والرجوع إلى الله، والتزام طاعته والبعد عن كل ما يخالف أمره ونهيه بشروط التوبة المعروفة عند أهل العلم، فقد أمر الله بها عباده المؤمنين فقال: { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } (النور 31) ولا غناء للمؤمن عنها في جميع الأوقات والأزمان .




ومن أعمال عشر ذي الحجة الحج إلى بيت الله الحرام، فمن المعلوم أن هذه الأيام توافق فريضة الحج، والحج من أعظم أعمال البر كما قال - صلى الله عليه وسلم - وقد سُئل أي العمل أفضل، قال: ( إيمان بالله ورسوله، قيل ثم ماذا ؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور ) متفق عليه، فينبغي للمسلم إن وجد سعة في ماله، وصحة في جسده أن يبادر بأداء هذه الفريضة العظيمة، لينال الأجر والثواب الجزيل، فهي خير ما يؤدّى في هذه الأيام المباركة .



ومن أعظم ما يتقرب به إلى الله في هذه الأيام العشر المحافظة على الواجبات وأدائها على الوجه المطلوب شرعاً، وذلك بإحسانها وإتقانها وإتمامها، ومراعاة سننها وآدابها، وهي أولى ما يشتغل به العبد، قبل الاستكثار من النوافل والسنن، ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة : ( وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه ....) رواه البخاري .



وبعد إتقان الفرائض والمحافظة على الواجبات ينبغي للعبد أن يستكثر من النوافل والمستحبات، ويغتنم شرف الزمان، فيزيد مما كان يعمله في غير العشر، ويعمل ما لم يتيسر له عمله في غيرها، ويحرص على عمارة وقته بطاعة الله تعالى من صلاة، و قراءة القرآن، ودعاء وصدقة، وبر بالوالدين وصلة للأرحام، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإحسان إلى الناس، وأداء للحقوق، وغير ذلك من طرق الخير وأبوابه التي لا تنحصر





ومن الأعمال التي ورد فيها النص على وجه الخصوص الإكثار من ذكر الله عموما ومن التكبير خصوصاً لقول الله تعالى: { ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } (الحج 28)، وجمهور العلماء على أن المقصود بالآية أيام العشر، وكما في حديث ابن عمر المتقدم ( فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد ) رواه أحمد .



ويسن إظهار التكبير المطلق من أول يوم من أيام ذي الحجة في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق وغيرها، يجهر به الرجال، وتسر به النساء، إعلاناً بتعظيم الله تعالى، ويستمر إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق، وهو من السنن المهجورة التي ينبغي إحياؤها في هذه الأيام، وقد ثبت أن ابن عمر و أبا هريرة كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما .



وأما التكبير الخاص المقيد بأدبار الصلوات المفروضة، فيبدأ من فجر يوم عرفة ويستمر حتى عصر آخر يوم من أيام التشريق لقوله تعالى: { واذكروا الله في أيام معدودات } (البقرة 203) . ولقوله عليه الصلاة والسلام: ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله ) رواه مسلم






ومن الأعمال التي تتأكد في هذه الأيام الصيام، وهو بالإضافة إلى أنه داخل في عموم العمل الصالح إلا أنه قد ورد فيه أدلة على جهة الخصوص فعن حفصة رضي الله عنها قالت: ( أربع لم يكن يدعهن النبي - صلى الله عليه وسلم -: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة ) رواه أبو داود وغيره، والمقصود صيام التسع، لأنه قد نُهِي عن صيام يوم العيد، قال الإمام النووي عن عشر ذي الحجة " صيامها مستحب استحباباً شديداً "، وآكدها صوم يوم عرفة لغير الحاج، فقد ثبت عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عرفة فقال: ( يكفّر السنة الماضية والباقية ) رواه مسلم .




ومن الأعمال أيضاً الأضحية وهي سنة مؤكدة في حق الموسر، بل إن من العلماء من قال بوجوبها وقد حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - .



فهذه أهم الأعمال الصالحة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها، ويبقى باب العمل الصالح أوسع مما ذُكِر، فأبواب الخير كثيرة لا تنحصر، ومفهوم العمل الصالح واسع شامل ينتظم كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، فينبغي لمن وفقه الله، أن يعرف لهذه الأيام فضلها، ويقدر لها قدرها، فيحرص على الاجتهاد فيها، ويحاول أن يتقلل فيها ما أمكن من أشغال الدنيا وصوارفها، فإنما هي ساعات ولحظات ما أسرع انقضاءها وتصرمها، والسعيد من وفق فيها لصالح القول والعمل .




[/frame]


ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك




غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 07:16 PM   #2
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[frame="4 98"]
خير أيام الدنيا ... ماذا يشرع فيها؟عبد الحكيم بن محمد بلال


تمهيد:من رحمة الله (تبارك وتعالى) أن فاضل بـيـن الأزمـنــة، فـاصـطـفـى واجتبى منها ما شاء بحـكـمـتــه، قــــال (عـــز وجل): ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ..)) [القصص: 68] وذلك التفـضـيــل مــن فـضـلـه وإحسانه؛ ليكون عوناً للمسلم على تجديد النشاط، وزيادة الأجر، والقرب من الله (تعالـى). ونـظــرة في واقع الكثير تنبئك عن جهل كبير بفضائل الأوقات، ومن أكبر الأدلة على ذلك: الغـفـلــة عن اغتنامها، مما يؤدي إلى الحرمان من الأجر.
والأمر الذي يحتاج إلى وقفة تأمل: التباين الكبير بين كـــون عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل فيما سواها، وبين واقع الناس وحالهم في تلك العشر، فالكثير لا يحرك ساكناً، والأكثر لم يقم الأمــر عنده ولم يقعد، ومن مظاهر ذلك مثلاً هجر سُنّة التكبير المطلق وهي من شعائر تلك الأيام.
وعلى الرغم من أن هذه الأيام أعظم من أيام رمضان، والعمل فيها أفضل، إلا أنه لا يحصل فيها ولو شيء مما يحصل في رمضان؛ من النشاط في عمل الآخــــرة، ولا غرو، فالفارق بين الزمنين واضح، فقد اختص رمضان بما لم تختص به العشر، ومن ذلك:
وقوع فريضة الصوم فيه، وهي (فريضة العام) على كل مسلم، مع ما يكون فيها من تربية للمسلم، وزيادة لإيمانه، بخلاف الحج فهو فريضة العمر.
ارتباط رمضان بنزول القرآن فيه مما جعله شهر القرآن، وذلك له أثر كبير في إقبال الناس فيه على كتاب الله الكريم.
الترغيب الخاص بقيام لياليه، وهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الـعـشـــــر، وتحري ليلة القدر.
وهذه الأمور الثلاثة جعلت لرمضان جوّاً خاصًّا متميزاً تنقلب حياة النّاس فيه، وتتغير أيًّا كان نوع ذلك التغير.
ما يحصل في رمضان من تصفيد الشياطين، وفتح أبواب الجنة، وإغلاق أبواب النيران، مما يكون له أعظم الأثر في انبعاث الناس للعبادة وحماسهم لها. فيكون ذلك حافزاً للعلماء والدعاة والأئمة والخطباء ليخاطبوا قلوب الناس، ما دامت مقبلة على الخير.
كل ذلك وغيره يجعل هذه العشر ابتلاءً وامتحاناً للناس، فلا يحصل فيها من المعونة على الخير كما يحصل في رمضان، والموفق من وفقه الله، فشمر وجد واجتهد.

فضل عشر ذي الحجة:
قد دل على فضلها أمور (1):
الأول: قال (تعالى): ((وَالْفَجْر وَلَيَالٍ عَشْرٍ)) [الفجر: 1، 2] قال غير واحد: إنها عشر ذي الحجة، وهو الصحيح(2). ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء في تعيينها.
الثاني: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد أنها أعظم أيام الدنيا، وجاء ذلك في أحاديث كثيرة منها: قوله (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يارسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)(3).
وقوله : (ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه من العمل فيهن، من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)(4)، والمراد في الحديثين: (أن كل يوم من أيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة، سواء أكان يوم الجمعة أم لا، ويوم الجمعة فيه أفضل من الجمعة في غيره؛ لاجتماع الفضلين فيه)(5).
الثالث: أنه حث على العمل الصالح فيها، وأمر بكثرة التهليل والتكبير.
الرابع: أن فيها يوم عرفة ويوم النحر.
الخامس: أنها مكان لاجتماع أمهات العبادة فيها، وهي: الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها(6).

أنواع العمل الصالح في أيام العشر:

وحيث ثبتت فضيلة الزمان ثبتت فضيلة العمل فيه، وأيضاً فقد جاء النص على محبة الله للعمل في العشر، فيكون أفضل، فتثبت فضيلة العمل من وجهين.
وأنواع العمل فيها ما يلي:
الأول: التوبة النصوح:
وهي الرجوع إلى الله (تعالى)، مما يكرهه ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً، ندماً على ما مضى، وتركاً في الحال، وعزماً على ألا يعود. وما يتاب منه يشمل: ترك الواجبات، وفعل المحرمات. وهي واجبة على المسلم حين يقع في معصية، في أي وقت كان؛ لأنه لا يدري في أي لحظة يموت، ثم إن السيئات يجر بعضها بعضاً، والمعاصي تكون غليظة ويزداد عقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان؛ قال (تعالى): ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً)) [التحريم: 8]، وقد ذكر ابن القيم (رحمه الله تعالـى): أن النّصْـح فـي التوبـة يتضمن ثلاثة أشياء:
استغراق جميع الذنوب، و إجماع العـزم والصدق، و تخليصها من الشوائب والعلل، وهي أكمل ما يكون من التوبة(7).

الثاني: أداء الحج والعمرة:

وهما واقعان في العشر، باعتبار وقوع معظم مناسك الحج فيها، ولقد رغب النبي -صلى الله عليه وسلم- في هاتين العبادتين العظيمتين، وحث عليهما؛ لأن في ذلك تطهيراً للنفس من آثار الذنوب ودنس المعاصي، ليصبح أهلاً لكرامة الله (تعالى) في الآخرة.

الثالث: المحافظة على الواجبات:


والمقصود: أداؤها في أوقاتها وإحسانها بإتمامها على الصفة الشرعية الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ومراعاة سننها وآدابها. وهي أول ما ينشغل به العبد في حياته كلها؛ روى البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قال: من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت، وأنا أكره مساءته)(8).
قال الحافظ: (وفي الإتيان بالفرائض على الوجه المأمور به: امتثال الأمر، واحترام الآمر، وتعظيمه بالانقياد إليه، وإظهار عظمة الربوبية، وذل العبودية، فكان التقرب بذلك أعظم العمل)(9). والمحافظة على الواجبات صفة من الصفات التي امتدح الله بها عبـاده المؤمنين، قال (عز وجل): ((وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)) [المعارج: 34]، وتتأكد هذه المحافظة في هذه الأيام، لمحبة الله للعمل فيها، ومضاعفة الأجر.

الرابع: الإكثار من الأعمال الصالحة:

إن العمل الصالح محبوب لله (تعالى) في كل زمان ومكان، ويتأكد في هذه الأيام المباركة، وهذا يعني فضل العمل فيها، وعظم ثوابه، فمن لم يمكنه الحج فعليه أن يعمر وقته في هذه العشر بطاعة الله (تعالى)، من: الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والصدقة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وغير ذلك من طرق الخير، وهذا من أعظم الأسباب لجلب محبة الله (تعالى).

الخامس: الذكر:


وله مزية على غيره من الأعمال؛ للنص عليه في قوله (تعالى): ((وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)) [الحج: 28] قال ابن عباس: أيام العشر(10)، أي: يحمدونه ويشكرونه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، ويدخل فيه: التكبير والتسمية على الأضحية والهدي(11)، ولقوله: (فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد).

السادس: التكبير:

يسن إظهار التكبير في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق، وغيرها، يجهر به الرجال، وتسر به المرأة، إعلاناً بتعظيم الله (تعالى).
وأما صيغة التكبير فلم يثبت فيها شيء مرفوع، وأصح ما ورد فيه: قول سلمان: (كبروا الله: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً). وهناك صيغ وصفات أخرى واردة عن الصحابة والتابعين(12).
والتكبير صار عند بعض الناس من السنن المهجورة، وهي فرصة لكسب الأجر بإحياء هذه السنة، قال : (من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي، فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً)(13). وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريـرة كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما(14). والمراد: يتذكر الناس التكبير، فيكبرون بسبب تكبيرهما، والله أعلم.
والتكبير الجماعي بصوت واحد متوافق، أو تكبير شخص ترد خلفه مجموعة: من البدع التي ينبغي على المسلم الحريص على اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتنابها والبعد عنها، أما الجاهل بصفة التكبير فيجوز تلقينه حتى يتعلم، فإن قيل: إن التكبير الجماعي سبب لإحياء هذه السنة، فإنه يجاب عليه: بأن الجهر بالتكبير إحياء للسنة، دون أن يكون جماعيًّا، ومن أراد فعل السنة، فإنه لا ينتظر فعل الناس لها، بل يكون أول الناس مبادرة إليها، ليقتدي به غيره.

السابع: الصيام:

عن حفصة (رضي الله عنها) قالت: (أربع لم يكن يدعهن النبي -صلى الله عليه وسلم-: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة)(15). والمقصود: صيام التسع أو بعضها؛ لأن العيد لا يصام، وأما ما اشتهر عند العوام ولا سيما النساء من صيام ثلاث الحجة، يقصدون بها اليوم السابع والثامن والتاسع، فهذا التخصيص لا أصل له.

الثامن: الأضحية:

وهي سنة مؤكدة في حق الموسر، وقال بعضهم كابن تيمية بوجوبها(16)، وقد أمر الله بها نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)) [الكوثر: 2] فيدخل في الآية صلاة العيد، ونحر الأضاحي، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحافظ عليها، قال ابن عمر (رضي الله عنهما): أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة عشر سنين يضحي(17).

التاسع: صلاة العيد:


وهي متأكدة جدًّا، والقول بوجوبها قوي(18) فينبغي حضورها، وسماع الخطبة، وتدبر الحكمة من شرعية هذا العيد، وأنه يوم شكر وعمل صالح.

يوم عرفة:
وقد زاد هذا اليوم فضلاً ومزية على غيره، فاستحق أن يخص بحديث مستقل يكشف عن أوجه تفضيله وتشريفه، ومن تلك الأوجه ما يلي:

أولاً: أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة:


روى البخاري(19): قالت اليهود لعمر: إنكم تقرؤون آية، لو نزلت فينا لاتخذناها عيداً، فقال عمر: إني لأعلم حيث أنزلت، وأين أنزلت، وأين كان رسول الله حين أنزلت: يوم عرفة، إنا والله بعرفة، قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً)) [المائدة: 3]. وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل؛ لأن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام من قبل، فكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها، ولأن الله أعاد الحج على قواعد إبراهيم (عليه السلام)، ونفى الشرك وأهله، فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد. وأما إتمام النعمة فإنما حصل بالمغفرة، فلا تتم النعمة بدونها، كما قال الله لنبيه: ((لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ))[الفتح: 2](20).

ثانياً: أنه يوم عيد:

عن أبي أمامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب)(21).

ثالثاً: أن صيامه يكفر سنتين:

قال عن صيامه: (يكفر السنة الماضية والباقية)(22).

رابعاً: أنه يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النار:

عن عائشة (رضي الله عنها) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟)(23) قال ابن عبد البر: (وهو يدل على أنهم مغفور لهم؛ لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب، إلا بعد التوبـة والغفـران، والله أعلم)(24).

الأعمال المشروعة فيه:

أولاً: صيام ذلك اليوم:

ففي صحيح مسلم قال: (...صيام يوم عرفة أَحْتَسِبُ على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده...)(25). وصومه إنما شرع لغير الحاج، أما الحاج فلا يجوز له ذلك. ويتأكد حفظ الجوارح عن المحرمات في ذلك اليوم، كما في حديث ابن عباس، وفيه: (إن هذا اليوم من مَلَك فيه سمعه وبصره ولسانه: غُفر له)(26). ولا يخفى أن حفظ الجوارح فيه حفظ لصيام الصائم، وحج الحاج، فاجتمعت عدة أسباب معينة على الطاعة وترك المعصية.

ثانياً: الإكثار من الذكر والدعاء:

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)(27)، قال ابن عبد البر: (وفي الحديث دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب في الأغلب، وأن أفضل الذكـر: لا إله إلا الله)(28). قال الخطابي: (معناه: أكثر ما أفتتح به دعائي وأقدمه أمامه من ثنائي على الله (عز وجل)، وذلك أن الداعي يفتتح دعاءه بالثناء على الله (سبحانه وتعالى)، ويقدمه أمام مسألته، فسمي الثناء دعاء...)(29).

ثالثاً: التكبير:


سبق في بيان وظائـف العشر أن التكبير فيها مستحب كل وقت، في كل مكان يجوز فيه ذكر الله (تعالى). وكلام العلماء فيه يدل على أن التكبير نوعان:
الأول: التكبير المطلق: وهو المشروع في كل وقت من ليل أو نهار، ويبدأ بدخول شهر ذي الحجة، ويستمر إلى آخر أيام التشريق.
الثاني: التكبير المقيد: وهو الذي يكون عقب الصلوات، والمختار: أنه عقب كل صلاة، أيًّا كانت، وأنه يبدأ من صبح عرفة إلى آخر أيام التشريق(30).
وخلاصة القول: أن التكبير يوم عرفة والعيد، وأيام التشريق يشرع في كل وقت وهو المطلق، ويشرع عقب كل صلاة وهو المقيد.

يوم النحر:

لهذا اليوم فضائل عديدة: فهو يوم الحج الأكبر(31). وهو أفضل أيام العام؛ لحديث: (إن أعظم الأيام عند الله (تبارك وتعالى): يوم النحر، ثم يوم القرّ)(32) وهو بذلك أفضل من عيد الفطر، ولكونه يجتمع فيه الصلاة والنحر، وهما أفضل من الصلاة والصدقة(33).
وقد اعتبرت الأعياد في الشعوب والأمم أيام لذة وانطلاق، وتحلل وإسراف، ولكن الإسلام صبغ العيدين بصبغة العبادة والخشوع إلى جانب الفسحة واللهو المباح(34). وقد شرع في يوم النحر من الأعمال العظيمة كالصلاة، والتكبير، ونحر الهدي، والأضاحي، وبعض من مناسك الحج ما يجعله موسماً مباركاً للتقرب إلى الله (تعالى)، وطلب مرضاته، لا كما هو حال الكثير ممن جعله يوم لهو ولعب فحسب، إن لم يجعله يوم أشر وبطر، والعياذ بالله.

أيام التشريق:

وهي الأيام الثلاثة التالية ليوم النحر(35)، وهي التي عناها الله (تعالى) بقوله: ((وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ))[البقرة: 203]، كما جاء عن ابن عباس(36)، وذكر القرطبي أنه لا خلاف في كـونـهـــا أيام التشريق(37). وهي أيام عيد للمسلمين؛ لحديث: (يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام منى: عيدنا أهل الإسلام)(38). وقد نهي عن صيامها، وهي واقعة بعد العشر الفاضلة، فـتـشــرف بالمجاورة أيضاً، وتشترك معها بوقوع بعض أعمال الحج فيها، ويدخل فيها يوم النحـــــر، فيعظم شرفها وفضلها بذلك كله(39). كما أن ثانيها وهو يوم القر، وهو الحادي عشر أفـضـــل الأيـام بعــد يـوم النحـر، وهـذه الأيام الأربعة هي أيام نحر الهدي والأضاحـي على الـراجـح من أقوال أهل العلم؛ تعظيماً لله (تعالى)، وهذا مما يزيدها فضلاً، وهذه الأيام من أيام العبادة والذكر والفرح، قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- : (أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر لله)(40)، فهي أيام إظهار الفرح والسرور بنعم الله العظيمة، وفي الحديث إشارة إلى الاستعانة بالأكل والشرب على ذكر الله، وهذا من شكر النعم(41).
وذكر الله المأمور به في الحديث أنواع متعددة منها:
1- التكبير فيها: عقب الصلوات، وفي كل وقت، مطلقاً ومقيداً، كما هو ظاهر الآية، وبه يتحقق كونها أيام ذكر لله(42).
2- ذكر الله (تعالى) بالتسمية والتكبير عند نحر الهدي والأضاحي.
3- ذكره عند الأكل والشرب، وكذا أذكار الأحوال الأخرى.
4- التكبير عند رمي الجمار.
5- ذكر الله (تعالى) المطلق(43).
هذه ذكرى، أسأل الله أن ينفع بها، وأعوذ بالله من أن يكون أهل البدع أجلد في بدعهم، وأنشط في باطلهم، من أهل الحق في فعل الخير والاستقامة على السنة
.
[/frame]



غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 07:17 PM   #3
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[frame="4 98"]



قوله تعالى: { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين }(آل عمران:97).



بدأ سبحانه في هذه الآية والتي قبلها بالحديث عن محاسن البيت، وعظيم شأنه، ترغيبًا للنفوس إلى قصده، وشد الرحال إليه، فذكر سبحانه أنه أول بيت وُضِعَ للناس، وأنه مبارك، وأنه هدى للناس، وأن فيه آيات بينات كثيرة، كمقام إبراهيم عليه السلام، وأنه مكان آمن للناس.




ثم بعد بيان منـزلة هذا البيت المبارك، أعقب سبحانه ذلك ببيان حكم هذه العبادة، فقال: { ولله على الناس حج البيت } بهذه الصيغة الدالة على الوجوب بأكثر من وجه، ذكرها المفسرون .

وقد أجمع العلماء على الاستدلال بهذه الآية على وجوب الحج، وأجمعوا كذلك على أن الحج واجب في العمر مرة على من ملك القدرة عليه، وإن اختلفوا في أن الوجوب هل هو على الفور أم على التراخي، كما سيتبين بعدُ ؟

روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (


أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم ) .

وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( تعجلوا بالحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ) وفي رواية أخرى له: ( من أراد الحج فليتعجل ).


ثم قال العلماء: والاستطاعة على نوعين: استطاعة بالنفس، وهي قدرة الإنسان على أداء فريضة الحج بنفسه، من غير أن يعهد بها إلى غيره. واستطاعة بالغير: وتكون عندما يعجز الإنسان عن أداء هذه الفريضة بنفسه، فيعهد بأدائها إلى غيره؛ يشهد لصحة هذا النوع، ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع، فقالت: إن فريضة الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفيُجزىء أن أحج عنه؟ قال:

( نعم، حجي عنه، أرأيت لو كان على أبيك دين أكنتِ قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فدين الله أحق أن يُقضى )

وقوله تعالى: { من استطاع إليه سبيلا } للعلماء أقوال في تفسير ( السبيل ) الوارد في الآية؛ فقال ابن عباس رضي الله عنه: السبيل مِلْك الزاد والراحلة، وعلى هذا فإذا كان المسلم اليوم مالكًا لما يوصله إلى أداء فريضة الحج، وكان مالكًا كذلك لما ينفقه على حاجاته، من طعام وشراب ومسكن زائدًا عن حاجة من يعولهم، فقد وجب الحج عليه، وإلا فهو غير مالك للسبيل .

وقال عكرمة : المقصود بالسبيل الصحة، فإذا كانت صحة الإنسان لا تمكِّنه من أداء فريضة الحج، فهو من الذين لا يملكون السبيل.

وقال مالك : السبيل القدرة، والناس على قدر طاقتهم وسيرهم وجَلَدِهِم.

قال أهل العلم: جاءت كلمة ( السبيل ) في الآية نكرة، لتفيد أن الحج واجب على المسلم، على أي سبيل تيسرت، من قوت ومال.

وحاصل تلك الأقوال، أن المقصود بـ ( السبيل ) أن يملك من يقصد الحج من الوسائل المادية والمعنوية ما يمكنه من أداء تلك الفريضة، من غير أن يفوِّت واجبًا عليه، كواجب النفقة على عياله، ونحو ذلك. وللعلماء تفصيل في هذه المسألة، ليس هذا مكانه.
ثم إن ظاهر الآية أنه إذا تحققت الاستطاعة، وجب الحج على الفور، دون تأخير، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم.

وقال الشافعي ، إن الحج واجب على التراخي، بمعنى أن الحج لا يجب وقت الاستطاعة، بل يمكن تأخيره لفترة، لكن يُكره التأخير لغير حاجة، لأن المسارعة إلى الطاعة أولى وأثوب.

وقوله تعالى: { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } بيَّن سبحانه في خاتمة هذه الآية أنه غنيٌ عن عبادة عباده، وأنه تعالى لا حاجة له إلى حج أحد، فهو الغني الحميد، لا تنفعه طاعة مطيع، ولا تضره معصية عاص. وفي الآية ما يُشعر بمقت الله ووعيده لكل من تنكَّب طريق الهداية والرشاد، وأعرض عن شرعه سبحانه. والله أعلم، وهو يهدي السبيل.



[/frame]



غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 07:18 PM   #4
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[frame="4 98"]


لا تخلو مناسبة الحج من منافع ومقاصد، ذات أبعاد عقائدية وشخصية ومجتمعية، وأخلاقية وتربوية.. ومن ذلك ما يلي:

1- تعميق الإيمان وترسيخ التقوى:
مما لا شك فيه أن أداء الحج على الوجه المشروع يقوي الإيمان، ويخلص النفس من أدرانها وأوضارها، ويهيج عواطفها الإسلامية نحو مزيد من استحضار عظمة الله تعالى واستشعار الخشوع له، حيث يعيش الحجاج على الطبيعة أياما معلومات مع عبق الوحي الإلهي وفي أماكن تنزل القرآن المجيد، فتتجه النفوس في روحانية غامرة نحو مزيد من التدين الحق المحسوس، والخضوع الكامل لله تعالى، والالتزام الصادق والتفاعل المثمر مع أوامره ونواهيه.

وقد أشار الله تعالى إلى هذا المقصد العظيم وما يتضمنه من معان إيجابية بناءة في سورة الحج 37 في قوله عن بعض مناسكه: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم}.


2- استشعار تضحيات المسلمين الأوائل:

إن معايشة أيام الحج تجعل المسلم يستحضر في خاطره بروحانية عالية أيام النبوة، ويستشعر على الطبيعة تضحيات الصحابة، ويتحسس جهود المسلمين الأوائل، الذين أرسوا قواعد هذا الدين والتزموا بتعاليمه ونشروا فضائله ومحاسنه، في غمرة ما لقوه من أعدائهم من مصابرة وعناء وبلاء، وبذل وتضحيات، قدموها من أنفسهم وأموالهم وأهليهم وأوقاتهم ومصالحهم.. ولأجل ذلك البلاء وتلك التضحيات حذر النبي صلى الله عليه وسلم من انتقاصهم أو الإساءة إليهم فقال: (الله، الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم..)، وفي رواية أخرى: إن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) متفق عليهم.

3 - الامتثال الكامل لله تعالى:

إن ممارسة الحجاج لمناسك الحج على تنوع صورها وأوقاتها وأماكنها، واختلاف مفرداتها وأعدادها ومضامينها، تغرس في نفوسهم قيمة الطاعة لله الواحد الأحد، والامتثال الكامل لأوامره وأحكامه وتوجيهاته، ولو لم تظهر لهم عاجلا حكمة ذلك ولا مردوده الحسي.

ومن المظاهر المشهودة الدالة على الخضوع الكامل لله تعالى الطواف بالكعبة المعظمة سبعة أشواط، وتقبيل الحجر الأسود، ورمي الجمرات بأوقات وأعداد معلومة محددة، والوقوف في صعيد عرفات، ثم الاتجاه ليلا إلى مزدلفة للمبيت فيه.

وهكذا تندمج نشاطات الإنسان البدنية والفكرية والروحية وتتفاعل في تعاظم وتسام، لتتعود على تنفيذ أوامر الله تعالى والتزام توجيهاته بصدق وإخلاص وخضوع وتذلل، دون تردد ولا تأخر، ولو لم تظهر الفوائد الحسية لذلك عاجل.

روى الشيخان عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه كان يقبل الحجر ويقول: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر، ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك).


4- تعضيد الإخاء والتضامن الإسلامي:

لا يستطيع أحد أن ينكر أن الحج أشبه بمؤتمر عالمي سنوي شعبي ورسمي، يحقق دون غيره من الشعائر والعبادات واقعا حيا مباشرا ومتألقا، من حيث القيم الأخلاقية البناءة على الصعيد الإنساني، وذلك من خلال التقاء جموع الحجاج الحاشدة في صورة متناسقة، ترمز وتعبر عن جميع المسلمين في شتى أنحاء العالم، في تعارفهم وتآلفهم وتبادل الرأي فيما بينهم وتدبير أمورهم، على اختلاف في ألوانهم وأوطانهم ولغاتهم ومستوياتهم وأسلوب حياتهم، متمثلين قوله تعالى: {وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} [المؤمنون: 52].

وإن هذا المشهد يسرب إلى النفس ذكريات الماضي، ويحمل على التأمل فيه ودراسته واستخلاص العبر منه، للانطلاق نحو مستقبل واعد، يحقق فيه المسلمون لأنفسهم ولبلادهم ولأجيالهم القادمة مزيدا من الأمن والكرامة والعزة، والنمو والازدهار.

هذا، ويعتبر موسم الحج فرصة سانحة لعموم المسلمين من أجل تحقيق مزيد من التعاون، والتعاضد، ليكونوا صفا واحدا ويدا واحدة في مواجهة التحديات المعاصرة، على اختلاف مظاهرها وأشكالها وأساليبه.


5- التعود على ضبط النفس والتزام النظام:

يمارس الحجاج ضبط النفس والتزام النظام، وذلك حين يتجردون حال إحرامهم من زينة الحياة الدنيا، ويمتنعون عن حلق الشعر وتقليم الأظافر واستعمال العطورات، ونحو ذلك مما هو معروف في محظورات الإحرام، كل ذلك من أجل الله تعالى وامتثالا لأوامره، وطمعا في تحصيل رضاه وثوابه والقرب منه، روى الطبراني في الكبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يباهي بأهل عرفات الملائكة، يقول: انظروا إلى عبادي، أقبلوا شعثا غبرا، يضربون من كل فج عميق، أشهدكم أني قد أجبت دعاءهم، وقبلت شفاعتهم، ووهبت مسيئهم لمحسنهم..).

6 - صور حقيقية من المساواة الإنسانية واستشعار الحشر:

تتجلى في الحج معاني ومظاهر المساواة الإنسانية بين جموع الناس، فهم محرمون في مكان واحد، يجتمعون في وقت واحد، وينتظرون تحركا جديدا، واحدا، الجميع سواسية كأسنان المشط، لا فرق بين غنيهم وفقيرهم، وكبيرهم وصغيرهم.. الجميع في لباس أبيض بسيط متشابه، يرمز إلى وحدة الخلق الإنساني، وأن الإسلام يساوي بين الأعراق والشعوب إذ الكل عند الله تعالي سواء. وهكذا من خلال هذه المشاهد تنبعث في النفس البشرية صور ترمز لليوم الآخر، يوم يحشر الناس لرب العالمين حفاة عراة، لا فضل لأحد علي غيره إلا بالتقوى والعمل الصالح





[/frame]



غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 07:19 PM   #5
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[frame="4 98"]


*أحوال السلف في الحج*

كانت أحوال الصادقين في الموقف بعرفة تتنوع ., فمنهم من كان يغلب عليه الخوف أو الحياء ,

وقف مطرف بن عبد الله وبكر المزني بعرفه فقال أحدهما اللهم لاترد أهل الموقف من أجلي وقال الآخر ماأشرفه من موقف وأرجاه لأهله لولا أني فيهم !

وقف الفضيل بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة قد حال البكاء بينه وبين الدعاء فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسة إلى السماء وقال: واسوءتاه منك وإن عفوت!

وقال الفضيل أيضاً لشعيب بن حرب بالموسم : إن كنت تظن أنه شهد الموقف أحد ٌٌ شراً مني ومنكَ فبئس ماظننت !!
دعا بعض العارفين بعرفة فقال: اللهم إن كنت لم تقبل حجي , وتعبي , ونصبي , فلا تحرمني أجر المصيبة على تركك القبول مني !
وقف بعض الخائفين بعرفة إلى أن قرب غروب الشمس فنادى الأمان الأمان قد دنا الانصراف فليت شعري ماصنعت في حاجة المساكين !


وإني من خوفكم والرجاء
أرى الموت والعيش فيكم عياناً
فمنو على تائب خائفاً
أتاكم ينادي الأمان الأمانا


وقف بعض العرفين الخائفين بعرفه فمنعه فمنعه الحياء من الدعاء فقيل له :: لم لا تدعوا ؟؟ فقال :: ثمّ وحشة فقيل له : هذا يوم العفو عن الذنوب فبسط يديه ووقع ميتاً

حدى بها الحادي إلى نعمانِ
فستذكرت عهداً لها بالبانِ
فسالت الروح من الأجفانِ
تشوقاً إللى الزمان الفانِ


وقف بعض الخائفين بعرفات وقال إلهي ! الناس يتقربون إليكَ بالبدن وأنا أتقرب إليكَ بنفسي ثم خرّ ميتاً
للناس حج ولي حج إلى سكني
تٌــهدى الأضاحي وأهدي مهجتي ودمي
ما يرضى المحبون لمحبوبهم بإراقة دماء الهدايا وإنما يُهدون له الأرواح ..
كان أبو عبيدة الخواص , قد غلب عليه الشوق والقلق حتى يضرب على صدره في الطريق ويقول واشوقاه إلى من يراني ولاأراه وكان بعدما كبر يأخذ بلحيته ويقول:: يارب قد كبرت فأعتقني ورؤي بعرفة وقد ولع به الولـه وهو يقول ::


سبحان من لو سجدنا بالعيون له
على حمى الشوكِ والمُحمى من الإبرِ
لم نبلغ العشر من معشار نعمتهِ
ولا العشير ولا عشرا من العشرِ
هو الرفيع فلا الأبصار تدركه
سبحانه من مليكِ نافذ القدرِ
سبحان من هو أنسي إذ خلوت به
في جوف ليلي وفي الظلماءِ والسحر
أنت الحبيب وأنت الحِبُ ياأملي
من لي سواك ومن أرجوه ياذخري !






قال إبن المبارك جئتُ إلى سفيان الثوري عشية عرفه وهو جاثِ على ركبتيه وعيناه تهملان ِ فالتفت إلى فقلتُ له :: من أسوأ هذا الجمع حالاً قال:: الذي يظن أن الله لايغفر لهم .

وروي عن الفضيل أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشية عرفه فقال: ارأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجلٍ فسألوه دانقاً - أي سدس درهم- أكان يردهم؟؟ قالوا لا . قال :: والله للمغفرةُ عند الله أهون من إجابة رجلِ لهم بدانق .


وإني لأدعوا الله أسأل عفوهُ
وأعلمُ أن الله يعفو ويغفرُ
لئن أعظم الناس الذنوب فإنها
وإن عظمت في رحمة الله تصغرُ

[/frame]



غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 07:21 PM   #6
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[frame="4 98"]


الحمد لله الذي فضل بحكمته البيت الحرام ، وفرض حجه على من استطاع إليه السبيل من أهل الإيمان و الإسلام ، وغفر لمن حج واعتمر ما اكتسب من الذنوب والآثام ، أحمده حمداً كثيراً طيباً على مر الليالي والأيام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أفضل الخلق وصفوة الأنام .
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه الأخيار ، أما بعد …
::



:: تعريف الحج والعمرة لغة وشرعاً ::

الحج لغة :-
القصد

( النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 1/340 ) تقول العرب :
حج بنو فلان فلاناً إذا قصدوه وأكثروا التردد عليه ثم غلب في الاستعمال الشرعي والعرفي على حج بيت الله تعالى وإتيانه ، فلا يفهم عند الإطلاق إلا هذا النوع الخاص من القصد لأنه هو المشروع الموجود كثيراً (شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لشيخ الإسلام ابن تيمية 1/75 وانظر المصباح المنير 1/121 ).


الحج شرعاً :-

هو التعبد لله عز وجل بأعمال مخصوصة في أوقات مخصوصة ، في مكان مخصوص من شخص مخصوص على ما جاء في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم .

العمرة لغة :-

الزيارة

العمرة شرعاً :-

التعبد لله عز وجل بزيارة البيت العتيق على وجه مخصوص ، بإحرام وطواف وسعي وحلق أو تقصير ، ثم تحلل .

:: حكم الحج والعمرة ::


أولاً الحج :-

وهو واجب وفرض بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبإجماع المسلمين ( الإجماع لابن المنذر ص54 وشرح العمدة 15/87 ) . وهو أحد أركان الإسلام التي بني عليها . وهو واجب على من توافرت به الشروط في العمر مرة واحدة إلا أن ينذر فيجب عليه الوفاء بالنذر وما زاد فهو تطوع .

ودليل وجوب الحج هو قول الله تبارك وتعالى [ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ] سورة آل عمران آية 97 . وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ..] رواه مسلم 2/975 في الحج باب فرض الحج مرة في العمر .

ومن أنكر فرضية الحج فهو كافر مرتد عن الإسلام إلا أن يكون جاهلاً بذلك كأن يكون حديث عهد بإسلام أو ناشئ في بادية بعيدة لا يعرف من أحكام الإسلام شيئاً فهذا يعذر بجهله ويعرّف ، ويبين له الحكم ، فإن أصر على إنكاره حكم بردّته ، وأما من تركه متهاوناً مع اعترافه بفرضيته فهذا لا يكفر ولكنه على خطر عظيم لأن الراجح أن الحج واجب على الفور فيمن توافرت فيه شروط الحج ( التي سيتم ذكرها بعد قليل لأن الأصل في الأمر أن يكون على الفور ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية حين أمرهم بالإحلال وتباطؤوا ) أخرجه البخاري في الشروط (2731 ) ، (2732 ) . ولأن الإنسان لا يدري ما يعرض له فقد يكون الآن قادراً وفي المستقبل عاجزاً ولأن في ذلك إبراء للذمة قبل معاجلة الموت ولأن الله تعالى أمر بالاستباق إلى الخيرات فقال :-

[ فاستبقوا الخيرات ] سورة البقرة آية 148 . :

ثانياً : العمرة :-

فقد اختلف العلماء في حكم العمرة فمنهم من يرى أنها واجبة ومنهم من قال أنها سنة ومنهم من فرق بين المكي وغيره ، فقال هي واجبة على غير المكي أما أهل مكة فلا تجب عليهم . والراجح والله تعالى أعلم أنها واجبة على المكي وغيره في العمر مرة لكن وجوبها أدنى من وجوب الحج ، لأن وجوب الحج فرض مؤكداً ، وهو أحد أركان الإسلام بخلاف العمرة

يقول ابن عمر رضي الله عنهما [ ليس أحد إلا وعليه حج وعمرة ] البخاري مع الفتح 3/597 .

:: شروط وجوب الحج والعمرة ::

الشرط الأول :

[ الإسلام ]

لقوله تعالى [ إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ] سورة التوبة آية 28 . ولأنه لا يصح منهم ذلك ومحال أن يجب ما لا يصح لأن العبادات لا تجب إلا على المسلم لأن كل عبادة لا تصح من كافر لقوله تعالى [ وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ] سورة التوبة آية 54 .

الشرط الثاني :

[ العقل ]

فلا حج ولا عمرة على مجنون إلا أن يفيق لقوله صلى الله عليه وسلم [ رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبدأ ، وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم ] رواه الإمام أحمد وأهل السنن وصححه الألباني ص ج ص 2/35 .

الشرط الثالث :

[ البلوغ ]

فلا يجب الحج على الصبي حتى يبلغ ولكن لو حج صح حجه لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام . لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً فقالت : ألهذا حج ؟ قال : [ نعم ولك أجر ] رواه مسلم 2/974 .
ولقوله عليه الصلاة والسلام : [ أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى .. ] رواه الخطيب البغدادي وصححه الألباني في ص ج ص 2729 .


الشرط الرابع :

[ كمال الحرية ]

فلا يجب الحج على المملوك ولكنه لو حج فحجه صحيح لكن لا يجزئه عن حجة الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم : [ وأيما عبد حج ثم أعتق ، فعليه أن يحج حجة أخرى ] نفس المصدر السابق .


الشرط الخامس :

[ القدرة أو الاستطاعة بالمال والبدن ] :

* فإن كان الإنسان قادراً بماله دون بدنه فإنه ينيب من يحج عنه لفعل المرأة الخثعمية التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم ( فقالت يا رسول الله : إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال عليه الصلاة والسلام [ نعم ] وذلك في حجة الوداع ) شريطة أن يكون النائب قد حج عن نفسه .

* أما من كان قادراً ببدنه دون ماله ولا يستطيع الوصول إلى مكة فإن الحج لا يجب عليه .

* [ ومن القدرة ] أن تجد المرأة محرماً لها . فإن لم تجد محرماً فإن الحج لا يجب عليها لقوله عليه الصلاة والسلام [ لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا ومع ذي محرم ، فقال رجل : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال عليه الصلاة والسلام [ انطلق فحج مع امرأتك ] البخاري مع الفتح 6/143 ومسلم 3/978 .

* لكن لو حجت المرأة بغير محرم أجزأتها الحجة عن حجة الفرض مع معصيتها وعظيم الإثم عليها .[شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لابن تيمية 1/182] .



[/frame]



غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 07:22 PM   #7
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[frame="4 98"]
آيات الحج


قال تعالى: { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } (البقرة:196) هذه الجملة من الآية معطوفة على صدر الآية: { وأتموا الحج والعمرة لله } فبعد أن أمر سبحانه بإتمام الحج والعمرة، شرع في بيان حكم الموانع التي تحول دون إتمام النسك، فقال: { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } و"الإحصار" لغة: هو المنع مطلقًا، قال تعالى: { للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله } (البقرة:273) أي مَنَعَهُمُ الفقر من الخروج للجهاد في سبيل الله.

وقد اختلف أهل العلم في مسألة إحصار المحرم، هل يختص الحصر بالعدو فحسب، فلا يتحلل المحرم إلا إذا حصره العدو، أم أن الحصر يشمل كل مانع من عدو وغيره؛ وهم في ذلك على قولين:

الأول: يرى أن الحصر لا يكون إلا من العدو، فأما من أصابه مرض أو فقد نفقته، أو أضل طريقه...فلا يُعدُّ ذلك إحصارًا، وليس هو بمحصر، وهذا القول مروي عن ابن عباس و ابن عمر رضي الله عنهما، و الزهري وآخرين، رحمهم الله .

والثاني: يرى أن الحصر أعم من أن يكون بعدو، بل يكون الإحصار بكل مانع يمنع المحرم من إتمام ما شرع به من نسك؛ وقد أيَّد أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بما رواه أحمد في "مسنده" عن الحجاج بن عمرو الأنصاري ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من كُسر أو وُجع أو عَرج فقد حلَّ وعليه حجة أخرى، قال: فذكرت ذلك لابن عباس و أبي هريرة رضي الله عنهما، فقالا: صدق ) أخرجه أصحاب السنن. قال الثوري : الإحصار يكون من كل شيء آذاه، من عدو وغيره.

وقوله تعالى: { فما استيسر من الهدي } استيسر هنا بمعنى يسَّر، أي ما أمكن، والمراد به جميع وجوه التيسر. والمقصود بـ "الهدي" الإبل والبقر والمعز والضأن؛ والذي ذهب إليه جمهور أهل العلم، أن الواجب في حال الإحصار شاة على كل محصَر، ويمكن أن يشترك سبعة أشخاص في ناقة أو بقرة. وهو مذهب الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى.

ووجه ذلك، أن المقصود من تقديم الهدي حال الإحصار تحصيل بعض مصالح الحج بقدر الإمكان، فإذا فاتت مناسك الحج لمانع، فلا يفوت ما يُمنح لفقراء مكة ومن حولها .

وقوله تعالى: { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي } (البقرة:196) قوله: { ولا تحلقوا رؤوسكم } معطوف على قوله تعالى: { وأتموا الحج والعمرة } وليس معطوفًا على قوله: { فإن أحصرتم }.

و"المَحِلُّ" مكان الحلول أو زمانه، يقال: حلَّ بالمكان يَحِلُّ، بكسر الحاء: وهو مقام الشيء، والمراد هنا مبلغه. والمعنى: لا يحل لمن دخل في أعمال الحج أو العمرة وأحرم بهما أن يحلق إلى أن يفرغ من أفعال الحج والعمرة .

وقوله تعالى: { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه } (البقرة:196)المراد بالمرض في الآية، المرض الذي يستدعي حلق الرأس، سواء أكان المرض بالجسد أم بالرأس. وقوله سبحانه: { أو به أذى من رأسه } كناية عن الوسخ الشديد والقمل، الذي يؤذي الرأس. وفي البخاري من حديث كعب بن عُجْرة رضي الله عنه، قال: حُمِلْتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ( ما كنتُ أرى الجهد قد بلغ بك هذا، أما تجد شاة ؟ قلت: لا، قال: صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك ) فنـزلت هذه الآية فيَّ خاصة، وهي لكم عامة .

ومن لطائف القرآن الكريم، تَرْكُ التصريح بما هو غير لائق من الألفاظ، وذلك واضح في قوله تعالى: { أذًى } فهو كناية عما يصيب رأس المحرم من حشرات مؤذية، كالقمل ونحوه.

وقوله تعالى: { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } (البقرة:196) ذكر سبحانه في هذه الآية الجزاء المترتب على حلق المحرم شعره، قبل فراغه من أعمال الحج، وجَعَلَ الجزاء على سبيل الاختيار؛ لأن " أو" كما يقول أهل اللغة، تفيد التخيير بين أمرين أو أكثر. ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: إذا كان " أو" فأيَّهْ أخذتَ أجزأ عنك. وهذا الذي رُوي عن ابن عباس هو ما عليه جمهور أهل العلم، إذ قالوا: يُخيَّر المحرم في هذا المقام، إن شاء صام، وإن شاء ذبح شاة، وإن شاء أطعم، أيَّ ذلك فعل أجزأه.

ثم إن حديث كعب بن عُجرة رضي الله عنه المتقدم، قد بيَّن قدر الصيام والإطعام؛ فإما أن يصوم ثلاثة أيام، أو يُطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يذبح شاة، وهذه الفدية تُسمى عند الفقهاء فدية الأذى. والله ولي التوفيق والتيسير.


قوله تعالى: { وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق } (الحج:27).

التأذين رفع الصوت بالإعلام بشيء، ومنه سمي الأذان، لِمَا فيه من إعلام بدخول وقت الصلاة، و { الناس } يعم كل البشر.

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وغير واحد من السلف - كما ذكر الطبري - أن إبراهيم عليه السلام قام من مقامه، ونادى في الناس قائلاًَ: يا أيها الناس، إن ربكم قد اتخذ بيتًا فحجُّوه، فيقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة، لبيك اللهم لبيك .

و( الضامر ) قليل لحم البطن، والضمور من محاسن الخيل، لأنه يُعِينُها على السير والحركة؛ وهو في الآية اسم لكل ما يُرتحل عليه .

و( الفج ) لغة الشق بين جبلين، وهو الطريق؛ والمقصود به في الآية، أن الناس يقصدون هذا البيت من كل حَدَب وصوب. ووصف سبحانه الفج بأنه { عميق } أي بعيد؛ فليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يحن شوقًا إلى رؤية الكعبة والطواف حولها، فالناس يقصدونها من سائر جهات الأرض .

وقوله تعالى: { ليشهدوا منافع لهم }

معنى { ليشهدوا } أي: ليحضروا منافع الحج؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: منافع الدنيا والآخرة؛ أما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا فما يُصيبون من منافع البدن، والذبائح، والتجارات.

وقوله تعالى: { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات }

رُويَ عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: الأيام المعلومات: أيام العشر، وهذا هو مذهب الشافعي والمشهور من مذهب أحمد ، وفي المقصود بـ ( الأيام المعلومات ) أقوال أُخر تُنظر في كتب التفسير .

وقد ثبتت أحاديث عدة في فضل العمل في هذه الأيام، ذكرناها في مقالنا (فضل العشر) يمكن الرجوع إليها .

وقوله تعالى: { فكلوا منها }

الأمر بالأكل في الآية على سبيل الرخصة والاستحباب، كما ذهب إلى الأكثرون؛ وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نحر هديه، أمر من كل بدنة ببضعة فتطبخ، فأكل من لحمها، وحَسَا من مرقها. رواه مسلم .

ورُويَ عن بعض التابعين قوله: كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم، فرخص للمسلمين، فمن شاء أكل ومن لم يشأ لم يأكل .

و{ البائس } هو الذي أصابه البؤس والعَوَز - ضيق المال - وهو الفقير؛ وهذا قول جَمْع من المفسرين؛ وفرَّق بعضهم بين البائس والفقير.

قال بعض أهل العلم: ذكر سبحانه اسم { البائس } مع أن اسم { الفقير } مغن عنه، لترقيق أفئدة الناس على الفقير، بتذكيرهم أنه في حالة بؤس؛ ولأن اسم { الفقير } لشيوع استخدامه، لم يعد مشعرًا بمعنى الحاجة، فذكر الله سبحانه الوصفين من باب التأكيد، أو أن البائس أشد حاجة من الفقير .

وقوله تعالى: { ثم ليقضوا تفثهم }

( التفث ): المناسك، وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: هو أمر بوضع الإحرام، من حلق الرأس، ولبس الثياب، وقص الأظفار.

وقوله سبحانه: { وليوفوا نذورهم }

هذا خطاب لمن قصد البيت حاجًا، أن يؤدي ما لزم من أعمال الحج، وما ألزم به نفسه من عمل آخر، كنذر هدي، أو صدقة، أو نحو ذلك .

وقوله تعالى: { وليطوفوا بالبيت العتيق }

يعني الطواف الواجب يوم النحر، ويسمى طواف الإفاضة، أو طواف الصدر، أو طواف الزيارة، أو طواف الركن؛ لأنه ركن من أركان الحج، لهذه الآية، ولفعله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.




قوله تعالى: { واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله } (البقرة:203).

الأيام المعدودات هي أيام منى، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، يقيم الناس فيها بمنى، وتسمى أيام التشريق؛ والأيام المعلومات هي أيام عشر ذي الحجة، كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما .

وفي الحديث الصحيح: ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر ) رواه مسلم ، وفي الحديث الآخر: ( وأيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ) رواه أحمد وغيره، وعند أبي داود : ( إنما جُعل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل ) .

ودلت الآية على طلب ذكر الله في أيام رمي الجمار، وهو الذكر عند الرمي، وعند نحر الهدايا. وإنما أمروا بالذكر في هذه الأيام؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يشغلونها بالتفاخر بالآباء، ومغازلة النساء، فأمرهم الله سبحانه بذكره .

ثم إن حاصل القول في رمي الجمار: أن الجمرة الكبرى - وتسمى جمرة العقبة - تُرمى يوم النحر قبل الذبح، وتُرمى الجمار الثلاث في الأيام التالية ليوم النحر بعد الزوال؛ فيبدأ الحاج برمي الجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات، ثم يرمى الجمرة الوسطى، ويختم برمي الكبرى، كل جمرة بمثل ذلك، ويكبر مع كل حصاة. وأحكام الرمي يُرجع في تفصليها إلى مقالات فقه الحج والعمرة من محورنا هذا .

ودلت الآية الكريمة على أن المبيت في منى في الأيام المعدودات واجب؛ فليس للحاج أن يبيت في تلك الليالي إلا في منى؛ ومن لم يبت في منى فقد أخلَّ بواجب، فعليه هَدْيٌ، ولا يُرَخَّص في المبيت خارج منى إلا لأهل الأعمال التي تقتضي المغيب عن منى؛ وقد رخص صلى الله عليه وسلم لـ لعباس المبيت بمكة لأجل أنه كان على سقاية زمزم .

وقوله تعالى: { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه }

رخَّصت الآية الكريم لمن أراد العودة إلى أهله في ترك حضور بعض أيام منى، وهذا من رحمة الله بعباده، ومن باب التوسعة عليهم؛ فإن شاء الحاج أقام في منى أيام الرمي الثلاثة، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وإن شاء تعجل ورجع إلى أهله قبل تمامها، فيرمي في اليوم الأول والثاني، ثم يخرج من منى قبل مغيب شمس يوم الثاني عشر، كما بيَّن ذلك الحديث المتقدم: ( وأيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ) ولا خلاف بين أهل العلم أن التأخر إلى آخر أيام التشريق أفضل .

وحاصل المعنى: ليكن ذكركم الله ودعاؤكم في أيام إقامتكم في منى، فمن اختار التعجل والرجوع إلى أهله، فلا حرج عليه أن يعود قبل يوم من انتهاء أيام الرمي الثلاثة، ومن أراد أن يبقى ليرمي في اليوم الثالث فله ذلك .

وقوله تعالى: { لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّه }

لما كان الحاج على وشك الانتهاء من أعمال الحج، وتَرْك تلك الأماكن المباركة، والعودة إلى صخب الحياة وزخرفها، أعقب ذلك سبحانه ببيان أن لزوم المؤمن لتقوى الله ينبغي أن يكون على كل حال، وفي كل زمان، فليست تقوى الله مخصوصة بزمان محدد، ولا بمكان معين، وإنما هي مطلوبة في الحِلِّ والترحال، والعبادة والحياة، والشدة والرخاء، كما ثبت في الحديث: ( اتق الله حيثما كنت ) رواه الترمذي و أحمد ، في أي مكان كنت، وعلى أي حال أصبحت، لا كما يفعل بعض المسلمين اليوم، عند خروجهم من عبادة، كانتهاء رمضان، حيث يعودون إلى ما كانوا عليه من أعمال لا ترضي الله ورسوله.
[/frame]



غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 07:26 PM   #8
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[frame="4 98"]
أحاديث الحج



روى البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه ) وفي رواية له أيضًا: ( من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه ) وعند مسلم نحوه . شرح الحديث قال شراح الحديث: الأحاديث الواردة في هذا الباب مستفادة من قوله تعالى: { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } (البقرة:197) . قوله في رواية البخاري : ( من حج لله ) أي: ابتغاء وجه الله، وطلبًا لرضاه. والمراد الإخلاص في العمل، بأن لا يكون قصده في الأساس تجارة، أو سياحة، أو شبه ذلك . قالوا: و ( الرفث ): اسم للفحش من القول، وقيل: هو الجماع ؛ وبه فسروا قوله تعالى: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } (البقرة:187) وقيل: ( الرفث ): التصريح بذكر الجماع؛ وقال بعض أهل اللغة: (الرفث ) كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة؛ وكان عمر و ابن عباس رضي الله عنهما، يخصصانه بما خوطب به النساء. وإذا كان جمهور أهل العلم - كما قال ابن حجر - قد فسروا الرفث في الآية بأنه الجماع، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن اللفظ في الحديث أعم من ذلك ؛ وفي هذا يقول الحافظ ابن حجر في "الفتح": " والذي يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك، وإليه نحا القرطبي ، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في الصيام: ( فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ) متفق عليه " وعلى هذا، فالمقصود بـ ( الرفث ) في الحديث: الجماع، ومقدماته، وكل كلام فاحش . ومعنى ( كيوم ولدته أمه ) أي: بغير ذنب ؛ قال ابن حجر : وظاهر الحديث غفران الصغائر والكبائر والتبعات . وأما ( الفسوق ) فهو في الأصل الخروج ؛ يقال: انفسقت الرطبة، إذا خرجت، فسمي الخارج عن الطاعة فاسقًا؛ والمقصود به هنا فعل المعصية ؛ إذ هي خروج عن الطاعة. وقوله عليه الصلاة والسلام: ( ولم يفسق ) المراد به: العصيان، وترك أمر الله تعالى، والخروج عن طريق الحق. والمعنى: لم يخرج عن حد الاستقامة، بفعل معصية، أو جدال، أو مراء، أو ملاحاة رفيق أو صديق . وأفاد الحديث أن الحج المبرور طريق موصل إلى مرضات الله، وثمرة ذلك أن يكون العبد من أصحاب الجنة والرضوان، ويكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا .

حديث جابر رضي الله عنه الذي نقل لنا صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، حديث عظيم في بابه، وأصل عتيد في بيان أحكام الحج. وقد روى الحديث بطوله الإمام مسلم في "صحيحه" ولم يروه البخاري في "جامعه" فالحديث مما انفرد به الإمام مسلم . وفيما يأتي نص الحديث بكامله، كما رواه مسلم في "صحيحه" قال رحمه الله: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، و إسحاق بن إبراهيم ، جميعًا عن حاتم ، قال أبو بكر : حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله ، فسأل عن القوم، حتى انتهى إلي، فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين ، فأهوى بيده إلى رأسي، فنـزع زري الأعلى، ثم نزع زري الأسفل، ثم وضع كفه بين ثديي، وأنا يومئذ غلام شاب، فقال: مرحبًا بك يا ابن أخي، سل عما شئت، فسألته - وهو أعمى - وحضر وقت الصلاة، فقام في نساجة ملتحفًا بها، كلما وضعها على منكبه، رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب، فصلى بنا، فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بيده فعقد تسعًا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين، لم يحج، ثم أذَّن في الناس في العاشرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج، فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتمَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل مثل عمله. فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس ، محمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف أصنع ؟ قال: اغتسلي، واستثفري بثوب، وأحرمي. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء، نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكبٍ وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينـزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به. فأهلَّ بالتوحيد ؛ لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وأهلَّ الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئًا منه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته. قال جابر رضي الله عنه: لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة. حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } (البقرة:125) فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول: - ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعتين: { قل هو الله أحد } و{ قل يا أيها الكافرون } ثم رجع إلى الركن، فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ: { إن الصفا والمروة من شعائر الله } (البقرة:158) أبدأ بما بدأ الله به ؛ فبدأ بالصفا، فرقي عليه، حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحد الله، وكبره، وقال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا بين ذلك. قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي، سعى حتى إذا صعدتا، مشى حتى أتى المروة، ففعل على المروة، كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة، فقال: لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي، فليحل، وليجعلها عمرة. فقام سراقة بن مالك بن جعشم ، فقال: يا رسول الله ! ألعامنا هذا، أم لأبد ؟ فشبَّك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه، واحدة في الأخرى، وقال: دخلت العمرة في الحج ، مرتين، لا بل لأبد أبد. وقدم عليٌّ من اليمن ببُدُن النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حلَّ، ولبست ثيابًا صبيغًا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال، فكان عليٌّ يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشًا على فاطمة للذي صنعت، مستفتيًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: صدقت صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحج ؟ قال: قلت: اللهم إني أُهلُّ بما أهلَّ به رسولك، قال: فإن معي الهدي، فلا تحل . قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به عليٌّ من اليمن، والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة. قال: فحل الناس كلهم، وقصروا، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي. فلما كان يوم التروية، توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضُربت له بنمرة، فنـزل بها، حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء، فرحلت له. فأتى بطن الوادي، فخطب الناس، وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا ؛ دم ابن ربيعة بن الحارث - كان مسترضعًا في بني سعد، فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب ، فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله. وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون ؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد ، ثلاث مرات. ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص. وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقد شنق للقصواء الزمام - حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس ! السكينةَ السكينةَ ، كلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يُسَبِّح بينهما شيئًا. ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح. بأذان وإقامة ثم ركب القصواء، حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا، فدفع قبل أن تطلع الشمس. وأردف الفضل بن عباس ، وكان رجلاً حسن الشعر، أبيض وسيمًا، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل ، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل ، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر. حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلاً ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي. ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًا ، فنحر ما غبر، وأشركه في هديه. ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قِدْرٍ، فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر. فأتى بني عبد المطلب ، يسقون على زمزم، فقال: انزعوا بني عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنـزعت معكم ، فناولوه دلوًا فشرب منه . [align=center][/align]

روى ابن حبان في "صحيحه" و الحاكم في "مستدركه" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: ( استمتعوا من هذا البيت، فإنه هُدم مرتين، ويُرفع في الثالثة ) قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين . وفي "سنن ابن ماجه " عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ( من طاف بالبيت، وصلى ركعتين، كان كعتق رقبة ) قال الشيخ الألباني : حديث صحيح . وروى عبد الرزاق في "المصنف" من حديث علي رضي الله عنه قال: ( استكثروا من هذا الطواف بالبيت، قبل أن يحالَ بينكم وبينه، فإني به أصمع أصعل، يعلوها يهدمها بمسحاته ) . وعند أبي عبيد في "غريب الحديث" من حديث علي رضي الله عنه أيضًا، أنه قال: ( استكثروا من الطواف بهذا البيت، قبل أن يحال بينكم وبينه، فكأني برجل من الحبشة أصلع، أو قال: أصمع، حمش الساقين، قاعد عليها، وهي تُهدم ) . وقد دلَّ على مجمل هذه الآثار، ما ورد من أحاديث في هدم الكعبة وتخريبها على يد ذي السويقتين ؛ ففي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( يخرّب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ) وقد جاء في تخريب الكعبة أحاديث، ليس هذا مكان سوقها. وقد بوَّب البخاري في "صحيحه" بابًا بعنوان: باب هدم الكعبة . شرح مفردات الأحاديث قوله في حديث علي : أصلع، أو أصعل، أو أصمع ؛ الأصلع: من ذهب شعر مقدم رأسه ؛ والأصعل: الصغير الرأس ؛ والأصمع: الصغير الأذنين ؛ وقوله: حمش الساقين، أي: دقيق الساقين. والمسحاة: المجرفة التي يجرف فيها الطين والتراب ونحوهما . و ( السويقتان ) هما تصغير ساقي الإنسان لرقتهما . قال أهل العلم: يستحب لقاصد البيت الحرام الإكثار من الطواف ما استطاع ؛ ورأى بعضهم أن طواف النفل أفضل من صلاة النافلة في البيت الحرام . وقد قال ابن تيمية : والطواف أيضًا هو أكثر المناسك عملاً فى الحج ؛ فإنه يُشرع للقادم طواف القدوم، ويُشرع للحاج طواف الوداع، وذلك غير الطواف المفروض، طواف الإفاضة الذى يكون بعد وقوف عرفة. قال: ويُستحب أيضًا الطواف في أثناء المقام بمنى، ويُستحب في جميع الحول عمومًا . وقال في موضع آخر: وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي فى غير شيء . وعلى ضوء ما تقدم، يظهر أن الطواف بالبيت الحرام من أفضل الأعمال والقربات، وآكدها لقاصد البيت الحرام، سواء أكان القاصد حاجًا أم معتمرًا أم زائرًا ؛ لكن ينبغي أن يراعي الطائف المتنفل أن لا يجعل طوافه في الأوقات التي هي مظنة إزدحام الناس، كيوم النحر، وأيام التشريق، كي لا يزاحم إخوانه الطائفين لغير النفل، وهو في قصده ذلك مأجور إن شاء الله .
[/frame]



غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 07:28 PM   #9
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[frame="4 98"]
أركان الحج




للحج أركان أربعة عند جمهور أهل العلم وهي :

1- الإحرام وهو نية الدخول في النسك لقول الرسول- صلى الله عليه وسلَّم- : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى ) ، وله زمان محدد وهي أشهر الحج التي ورد ذكرها في قوله تعالى { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } (سورة البقرة الآية 197) ، ومكان محدد وهي المواقيت التي يحرم الحاج منها .

2- الوقوف بعرفة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : ( الحج عرفة ، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك ) رواه أبوداود وغيره ، ويبتدئ وقته من زوال شمس يوم التاسع من ذي الحجة ويمتد إلى طلوع فجر يوم النحر ، وقيل يبتدىء من طلوع فجر اليوم التاسع .

فمن حصل له في هذا الوقت وقوف بعرفة ولو لحظة واحدة فقد أدرك الوقوف، لحديث عروة بن مضرس رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المزدلفة حين خرج إلى الصلاة ، فقلت : يا رسول الله إني جئت من جبلي طيء ، أكللت راحلتي ، وأتعبت نفسي ، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( من شهد صلاتنا هذه ، ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه ، وقضى تفثه ) رواه أبو داود وغيره .

وفي أي مكان وقف من عرفة أجزأه لقول النبي - صلى الله عليه وسلّم- : ( وقفت ههنا وعرفة كلها موقف ) أخرجه مسلم .

3- طواف الإفاضة لقوله سبحانه :{ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق } (سورة الحج الآية 29) ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال - حين أُخبِرَ بأن صفية رضي الله عنها حاضت - ( أحابستنا هي ؟، فقالوا : يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة ، قال : فلتنفر إذاً ) متفق عليه ، مما يدل على أن هذا الطواف لا بد منه ، وأنه حابس لمن لم يأت به ، ووقته بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة ولا آخر لوقته عند الجمهور بل يبقى عليه ما دام حياً ، وإنما وقع الخلاف في وجوب الدم على من أخره عن أيام التشريق أو شهر ذي الحجة .

4- السعي بين الصفا والمروة لقوله- صلى الله عليه وسلم- : ( اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي ) رواه أحمد ولقول عائشة رضي الله عنها : " طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وطاف المسلمون- تعني بين الصفا والمروة - فكانت سنة ، فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة "رواه مسلم .

وهذا السعي هو سعي الحج ، ووقته بالنسبة للمتمتع بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة وطواف الإفاضة ، وأما القارن والمفرد فلهما السعي بعد طواف القدوم .

فهذه الأركان الأربعة : الإحرام ، والوقوف بعرفة ، وطواف الإفاضة ، والسعي بين الصفا والمروة لا يصح الحج بدونها ، ولا يجبر ترك شيء منها بدم ولا بغيره ، بل لا بد من فعله ، كما أن الترتيب في فعل هذه الأركان شرط لا بد منه لصحتها ؛ فيُشترط تقديم الإحرام عليها جميعاً ، وتقديم وقوف عرفة على طواف الإفاضة ، إضافة إلى الإتيان بالسعي بعد طواف صحيح عند جمهور أهل العلم
.
[/frame]



غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 07:28 PM   #10
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[frame="4 98"]
واجبات الحج

وأما واجبات الحج التي يصح بدونها فهي :

1- يكون الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً لقوله - صلى الله عليه وسلم- حين وقت المواقيت : ( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ) رواه البخاري .

2- الوقوف بعرفة إلى الغروب لمن وقف نهاراً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- وقف إلى الغروب وقال : ( لتأخذوا عني مناسككم ) .

3- المبيت بمزدلفة ليلة النحر واجب عند أكثر أهل العلم لأنه - صلى الله عليه وسلم- بات بها وقال : ( لتأخذ أمتي نسكها فإني لا أدري لعلي لا ألقاهم بعد عامي هذا ) رواه ابن ماجة وغيره ، ولأنه - صلى الله عليه وسلم- أذن للضعفة بعد منتصف الليل فدل ذلك على وجوب المبيت بمزدلفة ، وقد أمر الله بذكره عند المشعر الحرام .

ويجوز الدفع إلى منى في آخر الليل للضعفة من النساء والصبيان ممن يشق عليهم زحام الناس ، وذلك ليرموا الجمرة قبل وصول الناس ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : " كنت فيمن قدم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى " متفق عليه ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم أفاضت " رواه أبو داود .

4- المبيت بمنى ليالي أيام التشريق لأنه - صلى الله عليه وسلم- بات بها وقال: ( لتأخذوا عني مناسككم ) ، ولأنه أذن لعمه العباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ، ورخص أيضاً لرعاة الإبل في ترك المبيت مما دل على وجوب المبيت لغير عذر .

5- رمي الجمار: جمرة العقبة يوم العيد ، والجمرات الثلاث أيام التشريق، لأن هذا هو فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- ، ولأن الله تعالى قال : {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى } (سورة البقرة الآية 203) ، ورمي الجمار من ذكر الله ، لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إنما جُعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة ، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله )رواه أبوداود وغيره

6- الحلق والتقصير لأن النبي صلى الله عليه وسلم- أمر به فقال : ( وليقصر وليحلل ) متفق عليه ، ودعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة .

7- طواف الوداع لأمره - صلى الله عليه وسلم- بذلك في قوله : ( لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ) رواه مسلم ، وقول ابن عباس : " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض " .

وهذه الواجبات يصح الحج بترك شيء منها ويجبر المتروك بدم (شاة أو سُبْع بدنة أو سبع بقرة ) تُذبح في مكة وتوزع على فقراء الحرم لقول ابن عباس رضي الله عنهما : " من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دماً " .

سنن الحج

وما عدا هذه الأركان والواجبات من أعمال الحج فسنن ومستحبات ، كالمبيت بمنى في اليوم الثامن ، وطواف القدوم ، والرمل في الثلاثة الأشواط الأولى ، والاضطباع فيه ، والاغتسال للإحرام ، ولبس إزار ورداء أبيضين نظيفين ، والتلبية من حين الإحرام بالحج إلى أن يرمي جمرة العقبة ، واستلام الحجر وتقبيله ، والإتيان بالأذكار والأدعية المأثورة ، وغير ذلك من السنن التي يستحب للحاج أن يفعلها ، وأن لا يفرط فيها اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم – وإن كان لا يلزمه شيء بتركها .

أحكام العمرة

وأما العمرة، فلها أركان ثلاثة عند جمهور أهل العلم : الإحرام ، والطواف ، والسعي .

وواجباتها : الإحرام من الميقات ، والحلق أو التقصير وطواف الوداع عند من قال بوجوبه ، وما عدا ذلك سنن ، فمن ترك ركناً لم تتم عمرته إلا به ومن ترك واجباً جبره بدم .
[/frame]



غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 07:36 PM   #11
غلا**
 
الصورة الرمزية غلا**
 
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى: 20
غلا** is on a distinguished road
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[frame="4 98"]
[align=center]
صفة الحج
[/align]






راجعها فضيلة الشيخ العلامة
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين ( حفظه الله )




احصل على نسخة من الشرح على هيئة ( الباور بوينت )


* حج بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام لقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا }1 . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا )2. فالحج واجب على كل مسلم مستطيع مرة واحدة في العمر .
* الاستطاعة هي أن يكون المسلم صحيح البدن ، يملك من المواصلات ما يصل به إلى مكة حسب حاله ، ويملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً زائداً على نفقات من تلزمه نفقته . ويشترط للمرأة خاصة أن يكون معها محرم .
* المسلم مخير بين أن يحج مفرداً أو قارناً أو متمتعاً . والإفراد هو أن يحرم بالحج وحده بلا عمرة .
والقران هو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً . والتمتع هو أن يحرم بالعمرة خلال أشهر الحج ( وهي شوال و ذو القعدة وذو الحجة ) ثم يحل منها ثم يحرم بالحج في نفس العام .
ونحن في هذه المطوية سنبين صفة التمتع لأنه أفضل الأنساك الثلاثة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه .
إذا وصل المسلم إلى الميقات ( والمواقيت خمسة كما في صورة 1 ) يستحب له أن يغتسل ويُطيب بدنه ، لأنه صلى الله عليه وسلم اغتسل عند إحرامه 3 ، ولقول عائشة رضي الله عنها : ( كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم )4. ويستحب له أيضاً تقليم أظافره وحلق عانته وإبطيه .






* المواقيت :
1- ذو الحليفة ، وتبعد عن مكة 428كم . .
2- الجحفة ، قرية بينها وبين البحر الأحمر 10كم ، وهي الآن خراب ، ويحرم الناس من رابغ التي تبعد عن مكة 186كم .
3- يلملم ، وادي على طريق اليمن يبعد 120كم عن مكة ، ويحرم الناس الآن من قرية السعدية .
4- قرن المنازل : واسمه الآن السيل الكبير يبعد حوالي 75كم عن مكة .
5- ذات عرق : ويسمى الضَريبة يبعد 100كم عن مكة ، وهو مهجور الآن لا يمر عليه طريق .
تنبيه : هذه المواقيت لمن مر عليها من أهلها أو من غيرهم .
ـ من لم يكن على طريقه ميقات أحرم عند محاذاته لأقرب ميقات .
ـ من كان داخل حدود المواقيت كأهل جدة ومكة فإنه يحرم من مكانه .


* ثم يلبس الذكر لباس الإحرام ( وهو إزار ورداء ) ويستحب أن يلبس نعلين [ أنظر صورة 2 ] ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين )5 .






* أما المرأة فتحرم في ما شاءت من اللباس الساتر الذي ليس فيه تبرج أو تشبه بالرجال ، دون أن تتقيد بلون محدد . ولكن تجتنب في إحرامها لبس النقاب والقفازين لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ) 6، ولكنها تستر وجهها عن الرجال الأجانب بغير النقاب ، لقول أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها : ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال في الإحرام ) 7.
ثم بعد ذلك ينوي المسلم بقلبه الدخول في العمرة ، ويشرع له أن يتلفظ بما نوى ، فيقول : ( لبيك عمرة ) أو ( اللهم لبيك عمرة ) . والأفضل أن يكون التلفظ بذلك بعد استوائه على مركوبه ، كالسيارة ونحوها .

* ليس للإحرام صلاة ركعتين تختصان به ، ولكن لو أحرم المسلم بعد صلاة فريضة فهذا أفضل ، لفعله صلى الله عليه وسلم 8.
*من كان مسافراً بالطائرة فإنه يحرم إذا حاذى الميقات .
* للمسلم أن يشترط في إحرامه إذا كان يخشى أن يعيقه أي ظرف طارئ عن إتمام عمرته وحجه . كالمرض أو الخوف أو غير ذلك ، فيقول بعد إحرامه : ( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) وفائدة هذا الاشتراط أنه لو عاقه شيء فإنه يحل من عمرته بلا فدية .
* ثم بعد الإحرام يسن للمسلم أن يكثر من التلبية ، وهي قول : ( لبيك اللهم لبيك ن لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ) يرفع بها الرجال أصواتهم ، أما النساء فيخفضن أصواتهن .

* ثم إذا وصل الكعبة قطع التلبية واضطبع بإحرامه 9 [كما في صورة 3 ] ، ثم استلم الحجر الأسود بيمينه ( أي مسح عليه ) وقبله قائلاً : ( الله اكبر ) 10 ، فإن لم يتمكن من تقبيله بسبب الزحام فإنه يستلمه بيده ويقبل يده 11. فإن لم يستطع استلمه بشيء معه ( كالعصا ) وما شابهها وقبّل ذلك الشيء ، فإن لم يتمكن من استلامه استقبله بجسده وأشار إليه بيمينه – دون أن يُقبلها – قائلاً : ( الله أكبر ) 12 ، [ كما في صورة 4 ]، ثم يطوف على الكعبة 7 أشواط يبتدئ كل شوط بالحجر الأسود وينتهي به ، ويُقَبله ويستلمه مع التكبير كلما مر عليه ، فإن لم يتمكن أشار إليه بلا تقبيل مع التكبير – كما سبق – ، ويفعل هذا أيضا في نهاية الشوط السابع .






أما الركن اليماني فإنه كلما مر عليه استلمه بيمينه دون تكبير 13،[ كما في صورة 4 ]، فإن لم يتمكن من استلامه بسبب الزحام فإنه لا يشير إليه ولا يكبر ، بل يواصل طوافه .

ويستحب له أن يقول في المسافة التي بين الركن اليماني والحجر الأسود ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) 14 [ كما في صورة 4 ].






* ليس للطواف ذكر خاص به فلو قرأ المسلم القرآن أو ردد بعض الأدعية المأثورة أو ذكر الله فلا حرج .
* يسن للرجل أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طوافه . والرَمَل هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطوات ، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك في طوافه 15.
* ينبغي للمسلم أن يكون على طهارة عند طوافه ، لأنه صلى الله عليه وسلم توضأ قبل أن يطوف 16 .
* إذا شك المسلم في عدد الأشواط التي طافها فإنه يبني على اليقين ، أي يرجح الأقل ، فإذا شك هل طاف 3 أشواط أم 4 فإنه يجعلها 3 احتياطاً ويكمل الباقي .
* ثم إذا فرغ المسلم من طوافه اتجه إلى مقام إبراهيم عليه السلام وهو يتلو قوله تعالى { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } 17، ثم صلى خلفه ركعتين بعد أن يزيل الاضطباع ويجعل رداءه على كتفيه [ كما في صورة 4 ].
* ويسن أن يقرأ في الركعة الأولى سورة { قل يا أيها الكافرون } وفي الركعة الثانية سورة { قل هو الله أحد }18.
* إذا لم يتمكن المسلم من الصلاة خلف المقام بسبب الزحام فإنه يصلي في أي مكان من المسجد ، ثم بعد صلاته عند المقام يستحب له أن يشرب من ماء زمزم ، ثم يتجه إلى الحجر الأسود ليستلمه بيمينه ، 19. فإذا لم يتمكن من ذلك فلا حرج عليه .






* ثم يتجه المسلم إلى الصفا ، ويستحب له أن يقرأ إذا قرب منه قوله تعالى : { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } 20.
ويقول ( نبدأ بما بدأ الله به ) ثم يستحب له أن يرقى على الصفا فيستقبل القبلة ويرفع يديه [ كما في صورة 5 ] ، ويقول – جهراً - : ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) ثم يدعو – سراً – بما شاء ، ثم يعيد الذكر السابق ، ثم يدعو ثانية ثم يعيد الذكر السابق مرة ثالثة ولا يدعو بعده 21.
* ثم ينزل ويمشي إلى المروة ، ويسن له أن يسرع في مشيه فيما بين العلمين الأخضرين في المسعى ، فإذا وصل المروة استحب له أن يرقاها ويفعل كما فعل على الصفا من استقبال القبلة ورفع اليدين والذكر والدعاء السابق . وهكذا يفعل في كل شوط .
أما في نهاية الشوط السابع من السعي فإنه لا يفعل ما سبق .
* ليس للسعي ذكر خاص به . ولكن يشرع للمسلم أن يذكر الله ويدعوه بما شاء ، وإن قرأ القرآن فلا حرج .
* يستحب أن يكون المسلم متطهراً أثناء سعيه .
* إذا أقيمت الصلاة وهو يسعى فإنه يصلي مع الجماعة ثم يكمل سعيه .
* ثم إذا فرغ المسلم من سعيه فإنه يحلق شعر رأسه أو يقصره ، والتقصير هنا أفضل من الحلق ، لكي يحلق شعر رأسه في الحج .
* لابد أن يستوعب التقصير جميع أنحاء الرأس ، فلا يكفي أن يقصر شعر رأسه من جهة واحدة .
* المرأة ليس عليها حلق ، وإنما تقصر شعر رأسها بقدر الأصبع من كل ظفيرة أو من كل جانب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير )22 .
* ثم بعد الحلق أو التقصير تنتهي أعمال العمرة ، فيحل المسلم إحرامه إلى أن يحرم بالحج في يوم ( 8 ذي الحجة ) .
إذا كان يوم ( 8 ذي الحجة ) وهو المسمى يوم التروية أحرم المسلم بالحج من مكانه الذي هو فيه وفعل عند إحرامه بالحج كما فعل عند إحرامه بالعمرة من الاغتسال والتطيب و .... الخ ، ثم انطلق إلى منى فأقام بها وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، يصلي كل صلاة في وقتها مع قصر الرباعية منها ( أي يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ) .

* فإذا طلعت شمس يوم ( 9 ذي الحجة وهو يوم عرفة ) توجه إلى عرفة ، ويسن له أن ينزل بنمرة ( وهي ملاصقة لعرفة ) [ كما في صورة 6 ]، ويبقى فيها إلى الزوال ثم يخطب الإمام أو من ينوب عنه الناسَ بخطبة تناسب حالهم يبين لهم فيها ما يشرع للحجاج في هذا اليوم وما بعده من أعمال ، ثم يصلي الحجاج الظهر والعصر قصراً وجمعاً في وقت الظهر ، ثم يقف الناس بعرفة ، وكلها يجوز الوقوف بها إلا بطن عُرَنة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عُرَنة )23 ، ولكن يستحب للحاج الوقوف خلف جبل عرفة مستقبلاً القبلة [ كما في صورة 7 ]، لأنه موقف النبي صلى الله عليه وسلم 24، إن تيسر ذلك . ويجتهد في الذكر والدعاء المناسب ، ومن ذلك ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم :
( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ) 25.





االتروية : سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ، لأن منى لم يكن بها ماء ذلك الوقت
بطن عُرَنة : وهو وادي بين عرفة ومزدلفة [ كما في صورة 6 ]
جبل عرفة : ويسمى خطأ ( جبل الرحمة ) وليست له أي ميزة على غيره من أرض عرفة ، فينبغي عدم قصد صعوده أو التبرك بأحجاره كما يفعل الجهال .






* يستحب للحاج أن يكون وقوفه بعرفة على دابته ، لأنه صلى الله عليه وسلم وقف على بعيره 26، وفي زماننا هذا حلت السيارات محل الدواب ، فيكون راكباً في سيارته ، إلا إذا كان نزوله منها أخشع لقلبه .
* لا يجوز للحاج مغادرة عرفة إلى مزدلفة قبل غروب الشمس .
* فإذا غربت الشمس سار الحجاج إلى مزدلفة بسكينة وهدوء وأكثروا من التلبية في طريقهم ، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا بها المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين جمعاً ، بأذان واحد ويقيمون لكل صلاة ، وذلك عند وصولهم مباشرة دون تأخير ( وإذا لم يتمكنوا من وصول مزدلفة قبل منتصف الليل فإنهم يصلون المغرب والعشاء في طريقهم خشية خروج الوقت ) .
ثم يبيت الحجاج في مزدلفة حتى يصلوا بها الفجر ، ثم يسن لهم بعد الصلاة أن يقفوا عند المشعر الحرام مستقبلين القبلة ، مكثرين من ذكر الله والدعاء مع رفع اليدين ، إلى أن يسفروا – أي إلى أن ينتشر النور – [ أنظر صورة 6 ] لفعله صلى الله عليه وسلم 27.
* يجوز لمن كان معه نساء أو ضَعَفة أن يغادر مزدلفة إلى منى إذا مضى ثلثا الليل تقريباً ، لقول ابن عباس رضي الله عنهما : ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضَعَفة من جمع بليل ) 28 .
* مزدلفة كلها موقف ، ولكن السنة أن يقف بالمشعر الحرام كما سبق ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وقفت هاهنا ومزدلفة كلها موقف ) 29 .
ثم ينصرف الحجاج إلى منى مكثرين من التلبية في طريقهم ، ويسرعون في المشي إذا وصلوا وادي مُحَسِّر ، ثم يتجهون إلى الجمرة الكبرى ( وهي جمرة العقبة ) ويرمونها بسبع حصيات ( يأخذونها من مزدلفة أو منى حسبما تيسر ) كل حصاة بحجم الحمص تقريباً [ كما في صورة 8 ]






المشعر الحرام : وهو الآن المسجد الموجود بمزدلفة ( كما في صورة 6 )
جمع : جمع هي مزدلفة ، سميت بذلك لأن الحجاج يجمعون فيها صلاتي المغرب والعشاء .
وادي مُحَسِّر : وهو وادي بين منى ومزدلفة ( كما في صورة 6 ) وسمي بذلك لأن فيل أبرهة حَسَرَ فيه ، أي وقف ، فهو موضع عذاب يسن الإسراع فيه .
يرفع الحاج يده عند رمي كل حصاة قائلاً : ( الله أكبر ) ، ويستحب أن يرميها من بطن الوادي ويجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه [ كما في صورة 9] ، لفعله صلى الله عليه وسلم 30. ولا بد من وقوع الحصى في بطن الحوض – ولا حرج لو خرجت من الحوض بعد وقوعها فيه – أما إذا ضربت الشاخص المنصوب ولم تقع في الحوض لم يجزئ ذلك .






* ثم بعد الرمي ينحر الحاج ( الذي من خارج الحرم ) هديه ، ويستحب له أن يأكل منه ويهدي ويتصدق . ويمتد وقت الذبح إلى غروب الشمس يوم ( 13 ذي الحجة ) مع جواز الذبح ليلاً ، ولكن الأفضل المبادرة بذبحه بعد رمي جمرة العقبة يوم العيد ، لفعله صلى الله عليه وسلم . ( وإذا لم يجد الحاج الهدي صام 3 أيام في الحج ويستحب أن تكون يوم 11 و 12 و 13 و 7 أيام إذا رجع إلى بلده ) .
ثم بعد ذبح الهدي يحلق الحاج رأسه أو يقصر منه ، والحلق أفضل من التقصير ، لأنه صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالمغفرة 3 مرات وللمقصرين مرة واحدة 31.
* بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يباح للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام إلا النساء ، ويسمى هذا التحلل ( التحلل الأول ) ، ثم يتجه الحاج – بعد أن يتطيب – إلى مكة ليطوف بالكعبة طواف الإفاضة المذكور في قوله تعالى : { ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليَطوّفوا بالبيت العتيق } 32. لقول عائشة رضي الله عنها : ( كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف بالبيت ) 33 ، ثم يسعى بعد هذا الطواف سعي الحج .
وبعد هذا الطواف يحل للحاج كل شيء حرم عليه بسبب الإحرام حتى النساء ، ويسمى هذا التحلل ( التحلل التام ) .
* الأفضل للحاج أن يرتب فعل هذه الأمور كما سبق ( الرمي ثم الحلق أو التقصير ثم الذبح ثم طواف الإفاضة ) ، لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج .
* ثم يرجع الحاج إلى منى ليقيم بها يوم ( 11 و 12 ذي الحجة بلياليهن ) إذا أراد التعجل ( بشرط أن يغادر منى قبل الغروب ) ، أو يوم ( 11 و 12 و 13 ذي الحجة بلياليهن ) إذا أراد التأخر ، وهو أفضل من التعجل ، لقوله تعالى { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى }34. ويرمي في كل يوم من هذه الأيام الجمرات الثلاث بعد الزوال 35 مبتدئاً بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ، بسبع حصيات لكل جمرة ، مع التكبير عند رمي كل حصاة .
ويسن له بعد أن يرمي الجمرة الصغرى أن يتقدم عليها في مكان لا يصيبه فيه الرمي ثم يستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه [ كما في صورة 10 ] ، ويسن أيضاً بعد أن يرمي الجمرة الوسطى أن يتقدم عليها ويجعلها عن يمينه ويستقبل القبلة ويدعو دعاء طويلاً رافعاً يديه [ كما في صورة 10] أما الجمرة الكبرى ( جمرة العقبة ) فإنه يرميها ولا يقف يدعو ، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك 36.






*بعد فراغ الحاج من حجه وعزمه على الرجوع إلى أهله فإنه يجب عليه أن يطوف ( طواف الوداع ) ثم يغادر مكة بعده مباشرة ، لقول ابن عباس رضي الله عنهما : ( أمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خُفف عن المرأة الحائض ) 37 ، فالحائض ليس عليها طواف وداع .

* مسائل متفرقة :
* يصح حج الصغير الذي لم يبلغ ، لأن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً فقالت : يا رسول الله ألهذا حج ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ( نعم ، ولك أجر ) 38، ولكن لا تجزئه هذه الحجة عن حجة الإسلام ، لأنه غير مكلف ، ويجب عليه أن يحج فرضه بعد البلوغ .
* يفعل ولي الصغير ما يعجز عنه الصغير من أفعال الحج ، كالرمي ونحوه .
* الحائض تأتي بجميع أعمال الحج غير أنها لا تطوف بالبيت إلا إذا انقطع حيضها و اغتسلت ، ومثلها النفساء .
* يجوز للمرأة أن تأكل حبوب منع العادة لكي لا يأتيها الحيض أثناء الحج .
* يجوز رمي الجمرات عن كبير السن وعن النساء إذا كان يشق عليهن ، ويبدأ الوكيل برمي الجمرة عن نفسه ثم عن موُكله . وهكذا يفعل في بقية الجمرات .
* من مات ولم يحج وقد كان مستطيعاً للحج عند موته حُج عنه من تركته ، وإن تطوع أحد أقاربه بالحج عنه فلا حرج .
* يجوز لكبير السن والمريض بمرض لا يرجى شفاؤه أن ينيب من يحج عنه ، بشرط أن يكون هذا النائب قد حج عن نفسه .

* محظورات الإحرام :
لا يجوز للمحرم أن يفعل هذه الأشياء :
1- أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظافره .
2- أن يتطيب في ثوبه أو بدنه .
3- أن يغطي رأسه بملاصق ، كالطاقية والغترة ونحوها .
4- أن يتزوج أو يُزَوج غيره ، أو يخطب .
5- أن يجامع .
6- أن يباشر ( أي يفعل مقدمات الجماع من اللمس والتقبيل ) بشهوة .
7- أن يلبس الذكر مخيطاً ، وهو ما فُصّل على مقدار البدن أو العضو ، كالثوب أو الفنيلة أو السروال ونحوه ، وهذا المحظور خاص بالرجال – كما سبق - .
8- أن يقتل صيداً برياً ، كالغزال والأرنب والجربوع ، ونحو ذلك .

* من فعل شيئاً من هذه المحظورات جاهلاً أو ناسياً أو مُكرهاً فلا إثم عليه ولا فدية .
* أما من فعلها متعمداً – والعياذ بالله – أو محتاجاً لفعلها : فعليه أن يسأل العلماء ليبينوا له ما يلزمه من الفدية .


* تنبيه : من ترك شيئاً من أعمال الحج الواردة في هذه المطوية فعليه أن يسأل العلماء
ليبينوا له ما يترتب على ذلك .




والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
[/frame]



غلا** غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 21-11-2008, 10:21 PM   #12
محبة الخير2008
 
الصورة الرمزية محبة الخير2008
 
تاريخ التسجيل: 07-11-2007
الدولة: في قلب من أحب
المشاركات: 1,239
معدل تقييم المستوى: 18
محبة الخير2008 is on a distinguished road
افتراضي رد : لبيك اللهم لبيك

رااااااااااااائع
جزاك الله خير غاليتي
جعلنا الله من الفائزين في يوم ذي الحجة



__________________


لو يموووت الشوق بقلوب البشر
مايموت بخافقي شوقي عليك
خذ مسافة يوم اسبوع وشهر
وين أفني طول عمر مشتريك
بيننا الأيام وأحكام الدهر
راح تعرف وش كثر قلبي يبيك
محبة الخير2008 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 22-11-2008, 05:50 PM   #13
® رحــــال ®
 
تاريخ التسجيل: 05-09-2004
المشاركات: 27,520
معدل تقييم المستوى: 52
® رحــــال ® is a glorious beacon of light ® رحــــال ® is a glorious beacon of light ® رحــــال ® is a glorious beacon of light ® رحــــال ® is a glorious beacon of light ® رحــــال ® is a glorious beacon of light ® رحــــال ® is a glorious beacon of light
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[align=center]ما شاء الله تبارك الله

جهد اكثر من راااااااااااااااااااائع

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...

لك مني أجمل تحية .
[/align]




التعديل الأخير تم بواسطة ® رحــــال ® ; 22-11-2008 الساعة 06:09 PM
® رحــــال ® غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 23-11-2008, 05:21 PM   #14
بنت أبوي
المراقبة العامة - إبداع لا ينتهي
 
الصورة الرمزية بنت أبوي
 
تاريخ التسجيل: 05-06-2007
الدولة: (+_+)
المشاركات: 26,006
معدل تقييم المستوى: 43
بنت أبوي will become famous soon enough
افتراضي رد: لبيك اللهم لبيك

[align=center]
ماشاء الله تبارك الرحمن
الله يجزاك الجنة يالغالية
بجد ماقصرتي وأسأل الله أن يجعل ماقدمتي في ميزان حسناتك

(((( جهد رااااائع ومتميز ))))
[/align]



__________________
بنت أبوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

قديم 23-11-2008, 11:36 PM   #15
جود
رئيسة الأقسام التعليمية
 
الصورة الرمزية جود
 
تاريخ التسجيل: 14-09-2007
الدولة: الرياض
المشاركات: 1,476
معدل تقييم المستوى: 18
جود is on a distinguished road
افتراضي رد : لبيك اللهم لبيك

الله يجعلها في ميزان حسناتكم لكم أرق التحايا..



__________________
جود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس

 

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
انتقلت الى رحمة الله الطالبة .... hope..! الثانوية الأولى للبنات بالهفوف 25 05-11-2010 11:43 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

 


الساعة الآن 08:38 AM.


CopyRight © 2009 , TranZ By Almuhajir
هذا المنتدى برعاية مؤسسة عالم ابدأ للحاسب الآلي - الأحساء - الهفوف - الشهابية - شارع الستين- هاتف 035883818- 0506999229
اختصار الروابط