أبوعبدالرحمن
25-11-2007, 12:35 AM
مقال رائع حبيت انقله لكم .........
الأحسائيون.. عِيسٌ ظامئة
أن يعيش الإنسان في وضع ثقافي لا يلائمه لأن أوضاعه الخاصة تلزمه بذلك فهذا أمر يسهل تفهمه كما يسهل التعامل معه بعد ذلك.
وأن يعيش الإنسان في وضع مادي لا يحقق متطلباته الأساسية لأنه لا يملك المال الذي يمكنه من تحقيق ذلك فهذا- أيضاً- وضع يسهل فهمه والتعاطي معه.
ولكن أن يضطر الإنسان إلى أن يعيش حياة ثقافية ومادية وحضارية- بكل أطيافها- وهو يملك كل المقومات لتجاوز هذه الحياة، إلى ما هو أفضل، فهذا أمر لا يمكن فهمه.
المتأمل في الأحساء وأهلها يتبادر فوراً إلى ذهنه قول الشاعر العربي:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
الذي يعرف منطقة الأحساء أو يقرأ تاريخها يدرك ببساطة ذلك التاريخ الثقافي الحافل الذي كانت تعيشه المنطقة على مدى مئات السنين؛ فهذه المنطقة كانت حاضرة وبقوة في المشهد الثقافي منذ بداية الإسلام وحتى العصور التالية له، كما أنها احتضنت عدداً من الدول التي قامت في المنطقة واحتضنت بطبيعة الحال- حضارات وثقافات تلك الدول ابتداء من عصر صدر الإسلام وحتى نهاية الدولة العثمانية، ومعروف أيضاً أن منطقة الأحساء كانت قبلة دول الخليج كلها، كما كانت محطة هامة لعدد من علماء نجد الذين حرصوا على الاستفادة من علمائها.
لقد حرص الشيخ "محمد بن عبدالوهاب" - رحمه الله- على زيارة الأحساء والاستفادة من علمائها حيث استفاد من شيوخ "آل عفالق" و "آل عبداللطيف"، كما أن عدداً من قضاة الشارقة والكويت والبحرين قضوا جزءاً من حياتهم في الأحساء يتعلمون فيها ويستفيدون من علمائها.
أقول هذا الكلام المختصر جداً عن تاريخ هذه المنطقة الثقافي لكي تتضح صورتها الحالية التي لا تدعو إلى الاطمئنان ولا تتفق كثيراً مع تاريخها الثقافي العريق.
من أعجب الأشياء إغلاق كل المنتديات الثقافية في الأحساء وبدون إبداء أي سبب لذلك حيث تم هذا الإغلاق لأشهر عديدة ثم سمح بعد ذلك لاثنين من هذه المنتديات مع استمرار الحظر على باقي المنتديات.
شخصياً أختلف مع بعض ما يطرح في بعضها، وشخصياً أعرف أن بعض القائمين عليها غير مؤهلين لذلك وإنما أرادوها وجاهة فأخطؤوا الطريق وأساؤوا للأدب وللثقافة.
ولكن هذا كله لا يبرر إغلاقها على الإطلاق، فهي منتديات خاصة لها حرية أن تفعل ما تشاء وعلى الآخرين أن يقرروا الذهاب إليها من عدمه، وليس من المصلحة محاربة الثقافة بهذه الصورة التي لا تليق بمكانة بلادنا ولا بمكانة الأحساء وعراقتها الثقافية.
ثم أليس من الغرابة أن تمتلئ مدن المملكة كلها بهذه المنتديات وتمنع الأحساء وحدها منها؟ هل هناك سبب مقنع لذلك؟ هل الأحسائيون أهل الثقافة لا يستحقون أن يعطوا فرصة لممارسة حريتهم الثقافية حتى في منازلهم؟
وبهذه المناسبة فإني أزجي الشكر لسمو الأمير سلطان الذي أعلن قبل بضعة أشهر عن تخصيص عشرة ملايين ريال لبناء مركز حضاري في الأحساء، ولعل هذا المركز - عند انتهاء العمل منه- يكون بداية انطلاقة حضارية للمنطقة وأبنائها، كما أرجو أن يكون وجود هذا المركز بداية لإعادة النظر في ذلك القرار الغريب المتعلق بمنع بعض الناس من إقامة منتديات في منازلهم، فلسنا بحاجة إلى قرارات تسيء لسمعتنا في الداخل والخارج فمحاصرة الثقافة ما عادت أمراً يمكن قبوله.
الجانب الآخر من الثقافة الذي تعاني منه المنطقة وأبناؤها هو الجانب الرسمي الذي تمثله الجامعة وعدد من الكليات الأخرى التي ألحق بعضها بالجامعة وبقي البعض الآخر على حاله.
جامعة الملك فيصل هي الوحيدة في المنطقة وقد اقترب عمرها من الثلاثين عاماً ومع هذا فهي مازالت عاجزة عن تلبية حاجات أبناء المنطقة ومن المؤسف جداً أن عجزها الواضح يجعل أبناء وبنات المنطقة - القادرين فقط- يتجهون لبعض مدن المملكة والبعض الآخر لبعض دول الخليج أو الدول العربية.
من المؤسف جداً أن بعض شباب وشابات المنطقة يحصلون على معدلات عالية جداً ثم لا يقبلون في الجامعة بحجج واهية لا يمكن قبولها ترددها عمادة القبول والتسجيل وكأنها تعتقد أن الناس قد يصدقون ما يقال لهم، وكأن الأجدر بهذه العمادة أن تعمل بجد على استيعاب أبناء المنطقة بدلاً من محاولة إقناعهم أن هناك أسباباً معقولة لرفضهم من الجامعة.
ومن المؤسف أيضاً أن جامعة مضى عليها ثلاثون عاماً مازالت الدراسات العليا فيها تسير ببطء شديد لا مبرر له.
الكلية الوحيدة التي لا تتبع الجامعة هي كلية الشريعة التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهذه الكلية بحاجة إلى تطوير كبير يتفق مع أهدافها ومع المنطقة التي توجد فيها.
الكلية بحاجة ماسة إلى افتتاح تخصصات جديدة تتفق مع حاجات البلد لهذه التخصصات وتتفق أيضاً مع حاجة المنطقة لاستيعاب أعداد من أبناء المنطقة.
وأعتقد أن وزارة التعليم العالي لو اقتنعت بتحويل هذه الكلية إلى جامعة لحققت لأبناء المنطقة خدمة ثقافية هم في أمس الحاجة لها.
أقول إن وضع التعليم الجامعي في الأحساء بصورته الحالية لا يلبي طموحات أبناء المنطقة ولا يسد احتياجات أبنائهم، ولا يتفق مع مكانة المنطقة الثقافية التي كانت حتى وقت قريب قبلة الكثيرين داخل بلادنا وخارجها.
وأعتقد أيضاً أن المشكلة هنا لا علاقة لها بقلة المال، فبلادنا - والحمد لله- قادرة على فعل الكثير وهي حالياً في أحسن حالاتها المادية، ولكن الحاجة ملحة إلى من يعيش مع مشاكل أبناء المنطقة بصدق ويقدمها للمسؤولين بصدق أيضاً ليتم التعامل معها بما يحقق مصلحة أبناء المنطقة.
منطقة الأحساء هي بوابة مجموعة من دول الخليج البرية، وهي منطقة ذات كثافة سكانية ومع هذا فالذي يتجول في شوارعها وأحيائها وقراها قد لا يصدق عينيه مما يشاهده؟
أما الماء الذي يشربونه فهو مدفوع الثمن ومن البقالات، فهل هذا يليق بهم وبمكانتهم؟
بلدية الأحساء الحالية هي إضاءة جيدة لا يمكن إغفالها فقد قامت بأعمال تعتبر متميزة قياساً على من سبقها، فللمرة الأولى تجد نساء المنطقة مكاناً مناسباً يمارسن فيه رياضة المشي، هذه الرياضة التي حرمن منها طويلاً مع شدة الحاجة إليها، وللمرة الأولى بدأت نساء المنطقة يفاخرن بأن عندهن ما يماثل شارع "الحوامل" في الرياض.
وللمرة الأولى استطاعت بلدية الأحساء أن تجعل النفق الوحيد في المنطقة مزاراً للكثيرين يتفاخرون بالذهاب لرؤيته والحديث عنه بشغف واضح.
ولأنني سمعت بأن البلدية تنوي عمل "كبري" ليخفف من الازدحام بسبب مرور القطار في منطقة تزدحم باستمرار فإني آمل أن تتريث البلدية في عمله حتى لا يصاب الأحسائيون بصدمة حضارية فوجود نفق وكبري في وقتين متقاربين أمر يصعب احتماله، ولا بد من حملة إعلامية لتهيئة النفوس لاستقبال هذا الحدث السعيد!
الطرقات التي تربط المنطقة بدول الخليج وكذلك الدمام والرياض بحاجة ملحة إلى سرعة إنجازها لكي تقل المجازر البشعة التي تطال السائرين على هذه الطرقات من المواطنين والزائرين.
كما أن تحسين الأماكن السياحية وتطويرها أمر ملح لأبناء المنطقة ولمن يزورهم من خارج المنطقة.
أعرف أن هيئة السياحة مهتمة بهذه المسألة، كما أنها مهتمة أيضاً بميناء العقير التاريخي ولكننا نريد أن نرى هذا الاهتمام على الواقع لكي يكون رافداً حضارياً لأبناء المنطقة ومن يأتيهم من خارجها.
أما المشكلة الأزلية التي يعاني منها الأحسائيون فهي المشكلة الصحية، فعلى كثرة المسؤولين الذين عملوا في هذا القطاع - في الرياض وفي الأحساء- فإنه لا يزال يحبو أحياناً ويتعثر أحياناً أخرى.
لك أن تتخيل أن في الأحساء مستشفى واحداً هو "مستشفى الملك فهد" أكل عليه الدهر وشرب ولا أحد يفكر في إعادة تأهيله مرة أخرى، وهذا المستشفى يخدم حوالي مليون ونصف يعيشون في المنطقة فكيف يستطيع مثله أن يفعل شيئاً من أجلهم.
وقبل أن يعترض البعض على هذا الكلام أقول إنني أعرف أن هناك بعض المراكز الصحية التي تبرع بها البعض مشكورين ونطالبهم بأن يفعلوا أشياء أخرى خدمة لأبناء منطقتهم وأعرف أيضاً أن هناك مركزاً للقلب تبرع به سمو الأمير سلطان - وفقه الله- وقد بدأ العمل به قريباً ونرجو أن يكون له دور فاعل في رعاية قلوب الأحسائيين المتميزة بالرقة والحنان.
أما مستشفى الولادة ومستشفى العيون فهما تبرع من بعض المحسنين بكامل تجهيزاتهما الطبية وليس للوزارة إلا إدارتهما وليتها تديرهما بصورة حسنة!
الشيء الذي أتمناه أن يقوم وزير الصحة بزيارة مفاجئة للمستشفى "الأم" ويتفقده، خاصة "الطوارئ" فيرى كيف يدور العمل هناك، وأتمنى أيضاً أن يسأل بعض من اضطرتهم ظروفهم لدخول المستشفى كيف كانوا يعاملون وكيف هي الخدمات المقدمة لهم؟
أضع جزءا من المشكلة على المسؤولين في الشؤون الصحية في الأحساء لكن المسؤولية الأكبر على وزير الصحة ومسؤوليه لأن الإمكانات المادية وتعيين الكفاءات الممتازة من مسؤولية وزارته، وهذا ما لم تقم الوزارة بفعله على مدى السنوات الطويلة الماضية وحتى الآن.
منطقة الأحساء غنية بفكرها وثرواتها ومن حقها أن تحصل على حقها من التنمية التي عمت بلادنا، ومن واجب أبناء المنطقة أن يتحركوا ويشرحوا احتياجاتهم للمسؤولين وأن يثابروا على ذلك، وكل السبل مهيأة لهم ليحصلوا على ما يريدون.
الكاتب محمد علي الهرفي الثلاثاء 10 ذو القعدة 1428هـ صحيفة الوطن
الأحسائيون.. عِيسٌ ظامئة
أن يعيش الإنسان في وضع ثقافي لا يلائمه لأن أوضاعه الخاصة تلزمه بذلك فهذا أمر يسهل تفهمه كما يسهل التعامل معه بعد ذلك.
وأن يعيش الإنسان في وضع مادي لا يحقق متطلباته الأساسية لأنه لا يملك المال الذي يمكنه من تحقيق ذلك فهذا- أيضاً- وضع يسهل فهمه والتعاطي معه.
ولكن أن يضطر الإنسان إلى أن يعيش حياة ثقافية ومادية وحضارية- بكل أطيافها- وهو يملك كل المقومات لتجاوز هذه الحياة، إلى ما هو أفضل، فهذا أمر لا يمكن فهمه.
المتأمل في الأحساء وأهلها يتبادر فوراً إلى ذهنه قول الشاعر العربي:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
الذي يعرف منطقة الأحساء أو يقرأ تاريخها يدرك ببساطة ذلك التاريخ الثقافي الحافل الذي كانت تعيشه المنطقة على مدى مئات السنين؛ فهذه المنطقة كانت حاضرة وبقوة في المشهد الثقافي منذ بداية الإسلام وحتى العصور التالية له، كما أنها احتضنت عدداً من الدول التي قامت في المنطقة واحتضنت بطبيعة الحال- حضارات وثقافات تلك الدول ابتداء من عصر صدر الإسلام وحتى نهاية الدولة العثمانية، ومعروف أيضاً أن منطقة الأحساء كانت قبلة دول الخليج كلها، كما كانت محطة هامة لعدد من علماء نجد الذين حرصوا على الاستفادة من علمائها.
لقد حرص الشيخ "محمد بن عبدالوهاب" - رحمه الله- على زيارة الأحساء والاستفادة من علمائها حيث استفاد من شيوخ "آل عفالق" و "آل عبداللطيف"، كما أن عدداً من قضاة الشارقة والكويت والبحرين قضوا جزءاً من حياتهم في الأحساء يتعلمون فيها ويستفيدون من علمائها.
أقول هذا الكلام المختصر جداً عن تاريخ هذه المنطقة الثقافي لكي تتضح صورتها الحالية التي لا تدعو إلى الاطمئنان ولا تتفق كثيراً مع تاريخها الثقافي العريق.
من أعجب الأشياء إغلاق كل المنتديات الثقافية في الأحساء وبدون إبداء أي سبب لذلك حيث تم هذا الإغلاق لأشهر عديدة ثم سمح بعد ذلك لاثنين من هذه المنتديات مع استمرار الحظر على باقي المنتديات.
شخصياً أختلف مع بعض ما يطرح في بعضها، وشخصياً أعرف أن بعض القائمين عليها غير مؤهلين لذلك وإنما أرادوها وجاهة فأخطؤوا الطريق وأساؤوا للأدب وللثقافة.
ولكن هذا كله لا يبرر إغلاقها على الإطلاق، فهي منتديات خاصة لها حرية أن تفعل ما تشاء وعلى الآخرين أن يقرروا الذهاب إليها من عدمه، وليس من المصلحة محاربة الثقافة بهذه الصورة التي لا تليق بمكانة بلادنا ولا بمكانة الأحساء وعراقتها الثقافية.
ثم أليس من الغرابة أن تمتلئ مدن المملكة كلها بهذه المنتديات وتمنع الأحساء وحدها منها؟ هل هناك سبب مقنع لذلك؟ هل الأحسائيون أهل الثقافة لا يستحقون أن يعطوا فرصة لممارسة حريتهم الثقافية حتى في منازلهم؟
وبهذه المناسبة فإني أزجي الشكر لسمو الأمير سلطان الذي أعلن قبل بضعة أشهر عن تخصيص عشرة ملايين ريال لبناء مركز حضاري في الأحساء، ولعل هذا المركز - عند انتهاء العمل منه- يكون بداية انطلاقة حضارية للمنطقة وأبنائها، كما أرجو أن يكون وجود هذا المركز بداية لإعادة النظر في ذلك القرار الغريب المتعلق بمنع بعض الناس من إقامة منتديات في منازلهم، فلسنا بحاجة إلى قرارات تسيء لسمعتنا في الداخل والخارج فمحاصرة الثقافة ما عادت أمراً يمكن قبوله.
الجانب الآخر من الثقافة الذي تعاني منه المنطقة وأبناؤها هو الجانب الرسمي الذي تمثله الجامعة وعدد من الكليات الأخرى التي ألحق بعضها بالجامعة وبقي البعض الآخر على حاله.
جامعة الملك فيصل هي الوحيدة في المنطقة وقد اقترب عمرها من الثلاثين عاماً ومع هذا فهي مازالت عاجزة عن تلبية حاجات أبناء المنطقة ومن المؤسف جداً أن عجزها الواضح يجعل أبناء وبنات المنطقة - القادرين فقط- يتجهون لبعض مدن المملكة والبعض الآخر لبعض دول الخليج أو الدول العربية.
من المؤسف جداً أن بعض شباب وشابات المنطقة يحصلون على معدلات عالية جداً ثم لا يقبلون في الجامعة بحجج واهية لا يمكن قبولها ترددها عمادة القبول والتسجيل وكأنها تعتقد أن الناس قد يصدقون ما يقال لهم، وكأن الأجدر بهذه العمادة أن تعمل بجد على استيعاب أبناء المنطقة بدلاً من محاولة إقناعهم أن هناك أسباباً معقولة لرفضهم من الجامعة.
ومن المؤسف أيضاً أن جامعة مضى عليها ثلاثون عاماً مازالت الدراسات العليا فيها تسير ببطء شديد لا مبرر له.
الكلية الوحيدة التي لا تتبع الجامعة هي كلية الشريعة التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهذه الكلية بحاجة إلى تطوير كبير يتفق مع أهدافها ومع المنطقة التي توجد فيها.
الكلية بحاجة ماسة إلى افتتاح تخصصات جديدة تتفق مع حاجات البلد لهذه التخصصات وتتفق أيضاً مع حاجة المنطقة لاستيعاب أعداد من أبناء المنطقة.
وأعتقد أن وزارة التعليم العالي لو اقتنعت بتحويل هذه الكلية إلى جامعة لحققت لأبناء المنطقة خدمة ثقافية هم في أمس الحاجة لها.
أقول إن وضع التعليم الجامعي في الأحساء بصورته الحالية لا يلبي طموحات أبناء المنطقة ولا يسد احتياجات أبنائهم، ولا يتفق مع مكانة المنطقة الثقافية التي كانت حتى وقت قريب قبلة الكثيرين داخل بلادنا وخارجها.
وأعتقد أيضاً أن المشكلة هنا لا علاقة لها بقلة المال، فبلادنا - والحمد لله- قادرة على فعل الكثير وهي حالياً في أحسن حالاتها المادية، ولكن الحاجة ملحة إلى من يعيش مع مشاكل أبناء المنطقة بصدق ويقدمها للمسؤولين بصدق أيضاً ليتم التعامل معها بما يحقق مصلحة أبناء المنطقة.
منطقة الأحساء هي بوابة مجموعة من دول الخليج البرية، وهي منطقة ذات كثافة سكانية ومع هذا فالذي يتجول في شوارعها وأحيائها وقراها قد لا يصدق عينيه مما يشاهده؟
أما الماء الذي يشربونه فهو مدفوع الثمن ومن البقالات، فهل هذا يليق بهم وبمكانتهم؟
بلدية الأحساء الحالية هي إضاءة جيدة لا يمكن إغفالها فقد قامت بأعمال تعتبر متميزة قياساً على من سبقها، فللمرة الأولى تجد نساء المنطقة مكاناً مناسباً يمارسن فيه رياضة المشي، هذه الرياضة التي حرمن منها طويلاً مع شدة الحاجة إليها، وللمرة الأولى بدأت نساء المنطقة يفاخرن بأن عندهن ما يماثل شارع "الحوامل" في الرياض.
وللمرة الأولى استطاعت بلدية الأحساء أن تجعل النفق الوحيد في المنطقة مزاراً للكثيرين يتفاخرون بالذهاب لرؤيته والحديث عنه بشغف واضح.
ولأنني سمعت بأن البلدية تنوي عمل "كبري" ليخفف من الازدحام بسبب مرور القطار في منطقة تزدحم باستمرار فإني آمل أن تتريث البلدية في عمله حتى لا يصاب الأحسائيون بصدمة حضارية فوجود نفق وكبري في وقتين متقاربين أمر يصعب احتماله، ولا بد من حملة إعلامية لتهيئة النفوس لاستقبال هذا الحدث السعيد!
الطرقات التي تربط المنطقة بدول الخليج وكذلك الدمام والرياض بحاجة ملحة إلى سرعة إنجازها لكي تقل المجازر البشعة التي تطال السائرين على هذه الطرقات من المواطنين والزائرين.
كما أن تحسين الأماكن السياحية وتطويرها أمر ملح لأبناء المنطقة ولمن يزورهم من خارج المنطقة.
أعرف أن هيئة السياحة مهتمة بهذه المسألة، كما أنها مهتمة أيضاً بميناء العقير التاريخي ولكننا نريد أن نرى هذا الاهتمام على الواقع لكي يكون رافداً حضارياً لأبناء المنطقة ومن يأتيهم من خارجها.
أما المشكلة الأزلية التي يعاني منها الأحسائيون فهي المشكلة الصحية، فعلى كثرة المسؤولين الذين عملوا في هذا القطاع - في الرياض وفي الأحساء- فإنه لا يزال يحبو أحياناً ويتعثر أحياناً أخرى.
لك أن تتخيل أن في الأحساء مستشفى واحداً هو "مستشفى الملك فهد" أكل عليه الدهر وشرب ولا أحد يفكر في إعادة تأهيله مرة أخرى، وهذا المستشفى يخدم حوالي مليون ونصف يعيشون في المنطقة فكيف يستطيع مثله أن يفعل شيئاً من أجلهم.
وقبل أن يعترض البعض على هذا الكلام أقول إنني أعرف أن هناك بعض المراكز الصحية التي تبرع بها البعض مشكورين ونطالبهم بأن يفعلوا أشياء أخرى خدمة لأبناء منطقتهم وأعرف أيضاً أن هناك مركزاً للقلب تبرع به سمو الأمير سلطان - وفقه الله- وقد بدأ العمل به قريباً ونرجو أن يكون له دور فاعل في رعاية قلوب الأحسائيين المتميزة بالرقة والحنان.
أما مستشفى الولادة ومستشفى العيون فهما تبرع من بعض المحسنين بكامل تجهيزاتهما الطبية وليس للوزارة إلا إدارتهما وليتها تديرهما بصورة حسنة!
الشيء الذي أتمناه أن يقوم وزير الصحة بزيارة مفاجئة للمستشفى "الأم" ويتفقده، خاصة "الطوارئ" فيرى كيف يدور العمل هناك، وأتمنى أيضاً أن يسأل بعض من اضطرتهم ظروفهم لدخول المستشفى كيف كانوا يعاملون وكيف هي الخدمات المقدمة لهم؟
أضع جزءا من المشكلة على المسؤولين في الشؤون الصحية في الأحساء لكن المسؤولية الأكبر على وزير الصحة ومسؤوليه لأن الإمكانات المادية وتعيين الكفاءات الممتازة من مسؤولية وزارته، وهذا ما لم تقم الوزارة بفعله على مدى السنوات الطويلة الماضية وحتى الآن.
منطقة الأحساء غنية بفكرها وثرواتها ومن حقها أن تحصل على حقها من التنمية التي عمت بلادنا، ومن واجب أبناء المنطقة أن يتحركوا ويشرحوا احتياجاتهم للمسؤولين وأن يثابروا على ذلك، وكل السبل مهيأة لهم ليحصلوا على ما يريدون.
الكاتب محمد علي الهرفي الثلاثاء 10 ذو القعدة 1428هـ صحيفة الوطن