المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا بعد الحج ؟!!


رحيل
01-01-2008, 08:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

==============

ماذا بعد الحج ؟!


مما لا ريب فيه أن كل إنسان مسلم يسعى لزيارة الأماكن المقدسة وأداء فريضة الحج التي فرضها الله تبارك وتعالى على هذه الأمة القادر من أفرادها؛ فهي أمنية القادر وغير القادر، الكل يتطلع ويأمل في زيارة تلك البقاع الطاهرة التي شهدت بدء تشكيل ونواة تكوين أمة عظيمة، اتسمت وتميَّزت عن غيرها من الأمم بسمات المثالية والواقعية والأصالة والنبل..

نبل الأخلاق، وأصالة المنهج، وواقعيته ومناسبته لكل زمان ومكان، ولكل أصناف البشر، تلك الأمة العظيمة التي ظلت تكافح ولا تزال تجاهد دفاعًا عن مبادئها السامية، وعن قيمها النبيلة تلك الأمة التي لم تتعرض مثلها أمة من الأمم لهجمات وحروب تترية وصليبية، شتى الحروب شنت عليها لكنها لا تزال بقيمها فقط ومبادئها فقط قويةً عزيزةً أبيةً على الضيم قوية على الانهزام تخرج هذه الأمة، أو من يمثلها من الحجيج إلى الأراضي المقدسة لتعلن وتجهر بتوحيدها لله إعلان عام للبشرية جمعاء بكل أطيافها وأجناسها وألوانها ومللها ونحلها ولتقيم الحجة على تلك الأمم فهذا الحج الذي يمثل منتدى إسلاميًّا لإعلان شهادة التوحيد ودعوة لتلك الأمم، فإن كان هذا بعضًا من الدلائل والإشارات والحكم التي تدل عليها مناسك الحج.

إلا أن المسلم الذي قدم لأداء فريضة الحج إنما رغب في تكفير ذنوبه وبدء صفحة جديدة مع الله خاصة، أولئك الذين اقترفوا من الذنوب صغيرةً كانت أو كبيرةً فهرعوا لتلبية نداء الرحمن لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، طامعين في مغفرة الله راجين عفوه، طامحين طامعين في مغفرته كما وعد بذلك النبي- صلى الله عليه وسلم- بقوله: "مَن حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"، رواه البخاري (1449)، ومسلم (1350) وليبدأ بذلك صفحةً جديدةً في حياته خاليةً من الآثام والذنوب. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَن حجَّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" رواه البخاري (1449) ومسلم (1350).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" (رواه البخاري (1683)، ومسلم (1349).

يظن البعض أن أداء فريضة الحج أو صيام رمضان إنما هو آخر المطاف فقد غفر له وعاد لأهله كما ولدته أمه بلا ذنوب ولا آثام هل يكتفي بذلك أم يداوم على الطاعة؟ ويبدأ صفحةً جديدةً طريقها طاعة الله والبعد عن معصيته وإن كان الله تبارك وتعالى قد منح هذه الأمة مناسبات ومناسك ومواسم أعطانا الله إياه حتى نتزود من الصالحات ونتخلص من الآثام والمعاصي فإن ذلك لا يعني اقتصار فعل الطاعات واجتناب المنهيات على تلك المناسبات والمواسم بل على المسلم أن يداوم على فعل الصالحات واجتناب الطالحات لتستقيم له الحياة ويجني رضا الله في دنياه وآخرته، فذلك هو الفوز العظيم الذي يسعى إليه كل عبد منقاد لمنهج الله، طائعًا راضيًا بهذا المنهج.

حقائق يجب أن لا نغفلها
في لحظات الغفلة والتيه في كهوف الدنيا المتعددة والتي تستشرف الإنسان بمفاتنها تغيب على الإنسان حقائق يجب أن تكون حاضرةً معه زمانًا ومكانًا منها:

* لماذا خلقنا ؟
فلنعلم جيدًا أن غرض الخلق هو عبادة الله أي أنه ما خلقنا إلا لعبادة الله تبارك وتعالى وليس ثمة غرض آخر سوى ذلك ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56)﴾ (الذاريات)، هذه هي غاية الخلق وهذه هي وظيفة الإنسان في هذه الدنيا التي هي مرحلة اختبار للبشرية، هل تطيع الله فتنجو؟ أم تحيد عن منهج الله فتهلك هلاكَ الدنيا والآخرة؟ إنها حقيقة يجب أن يضعها المسلم نصب عينيه في كل سكناته وحركاته ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)﴾ (الأنعام)، تلك هي مهمة المسلم المكلف بها في دنياه للوصول إلى آخرته بأمان.

* أن اجتناب المعصية فيها عصيان للشيطان وطاعة لله
فالإنسان بين طاعة الله وطاعة الشيطان، فإما أن يطيع الله تبارك وتعالى، وإما أن يطيع الشيطان، فطاعته للشيطان معصية لله وطاعته لله معصية للشيطان ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)﴾ (إبراهيم).

* حقيقة أن الموت يأتي غفلة وأن التوبة لها ضوابط ومواقيت
فمن الحتمي والضروري في حياة المسلم الطامع في مغفرة الله الراجي رحمته ورضوانه أن يكون حذرًا من الموت، وأبواب التوبة وإن كانت مفتوحةً ومتاحةً في زمن، إلا أن اقتراب الأجل وفجأة الموت قد لا تتيح للإنسان تحقيق التوبة والمغفرة إذا ما انقاد وانغمس في كهوف الغفلة فاستشرفته الدنيا فسار في دروبها لا يلوى على شيء سوى جمع المال أو التمتع بالشهوات ناسيًا متغافلاً حقيقة الموت التي تنهى حياته فجأة، فهلا داومنا على التوبة والاستغفار ودوامنا على فعل الطاعات وإن قلت؟.. ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)﴾ (النساء).. "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر".

* حقيقة أننا مأمورون بطاعة الله ليس لنا خيار سوى الطاعة أو المخالفة.
فليعلم كل مسلم أنه مطالب بإتباع أمر الله وإلا ﴿فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (النور: من الآية 63)، وهذه الأمة العظيمة قد منحها الله مواسم ونسكًا متعددةً، من صيام رمضان إلى حج بيت الله، فيها يستطيع المسلم أن يعلن عن توبته لله وأن يبدأ صفحةً جديدةً مع الله مهما ارتكب من ذنوب، فهَلاَّ اقتنصنا تلك الفرص وأحسنّا استغلالها للوصول إلى بر الأمان بعد أن كثرت الفتن وعم الفاسد كل الأماكن والأرجاء وتبدلت القيم أو استبدلت وانتشر التغريب في أوساط الأمة شبابها وشيوخها؟ وصدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء".

فضل المداومة على الطاعة
فلنعلم وليعلم كل حاج وكل من صام وتعبد في شهر ذي الحجة راغبًا راجيًا في عفو ربه؛ فليعلم أن أفضل سبيل هو المداومة على الطاعة فلذلك فضائل كثيرة نذكر منها:

* حسن الخاتمة من أهم فضائل المداومة على الطاعة وهي ما يصبو إليه كل عابد لله فهو الفوز المبين بل الفوز العظيم أن يتحقق للإنسان حسن الخاتمة "إنما الأعمال بالخواتيم".
قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)﴾ (آل عمران).

* سبب للنجاة من الشدائد، قال صلى الله عليه وسلم: "احفظ الله يحفظك" (الترمذي) وحفظ الله هنا يقتضي المداومة على طاعته بفعل الطاعات واجتناب المنهيات، فيحفظك الله في دنياك وآخرتك.

* من داوم على عمل صالح ثم انقطع عنه بسبب مرض أو عذر شرعي كتب له أجر ذلك العمل، أخرج البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا".

* أحب الأعمال إلى الله فليعلم كل مسلم وكل حاج أن أحب الأعمال إلى الله المداومة على الطاعة وإن كانت هذه الطاعة قليلة "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل".

* ومن فضائلها أنها سبب وطريق لنيل محبة الله وتحصيلها، إذ يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي "ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه".

* المداومة على الطاعة تدخل العبد في ظل الله تبارك وتعالى يوم لا ظل إلا ظله ففي الحديث: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظله إلا ظله- وذكر منها-: وشاب نشأ في عبادة الله".
* من صفات المؤمنين فالمداومة على الطاعة هي من صفات المؤمنين ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ (المعارج: من الآية 23).

فليس في حياة هذه الأمة ولا في منهجها الذي هو الإسلام مواسم للطاعات ومواسم للمعاصي وإنما هذه المواسم والنسك هي منح ربانية منحها الله لأبناء هذه الأمة للتزود بالطاعات وفرص للعودة إلى الله بالتوبة فليست الطاعة مرهونة بقدوم أو حلول رمضان، ومنقضية بانقضائه، وليست الطاعة مرهونة بالحج ومنقضية بانتهائه، فإن حياة هذه الأمة أفرادًا وجماعاتٍ هي حياة طاعة لا حياة معصية؛ لأن هذا الدين ما هو إلا منهج حياة وليس مجموعة من المناسك والشعائر يتعبد بها في المساجد/ فإذا انتهى المسلم من أدائها انتهت مهمته وإنما أينما سار المسلم أو ارتحل أو حل نام أو استيقظ أكل أو شرب إنما ذلك كله ينبغي أن يكون في إطار ما حدده هذا الدين بقيمه ومبادئه التي تشكل منظومة حياة متكاملة لا تغادر صغيرةً ولا كبيرةً في حياة المسلم إلا وقد وضعت لها الأطر وبينت السبل فالإسلام منهج حياة وسبيل نجاه للفرد والمجتمع.

فمن كان يعبد الحج فإن الحج قد انتهى، أما الله فهو باقٍ غير منتهٍ جل في علاه الذي أمر بالطاعة في الحج، كما أنه تبارك وتعالى أمر بالطاعة في غير الحج فلا تنقضي الطاعة بانقضاء الحج ولا تنتهي الطاعة بانتهاء رمضان وغيره من مواسم الطاعات ولنعلم أن الله تبارك وتعالى قد وصى رسوله- صلى الله عليه وسلم- فقال ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)﴾ (الحجر)، هذا الآية تقتضي أن يداوم العبد على طاعة الله حتى يبلغه اليقين


منقول للتذكير

ودمتم في حفظ الله ورعايته

دموع السحاب

أبوعبدالرحمن
01-01-2008, 11:27 PM
الاخت دموع السحاب

بارك الله بك على هالاختيار الرائع

ويعطيك الصحة والعافية

amr1001
01-01-2008, 11:36 PM
جزاك الله كل خير على التذكير

رحيل
03-01-2008, 10:51 AM
هلا ومرحبا اخي ابو عبد الرحمن

انرت موضوعي بحضورك بارك الله فيك وردك الطيب

الله يسعدك ويعطيك العافية ويجزاك الفردوس

احتراامي لشخصك الكريم

® رحــــال ®
03-01-2008, 03:44 PM
بارك الله فيك أختي دموع السحاب

رحيل
03-01-2008, 05:38 PM
اخي amr1001

اشكرك على تشريف موضوعي بطيب ردك

بارك الله فيك وجزاك الفردوس ان شاء الله

لك احتراامي اخي الكريم

همسة قمر
03-01-2008, 06:07 PM
جزاكِ الله خيرا

رحيل
04-01-2008, 10:42 AM
اخي الكريم رحال


اشكرك على تشريف موضوعي بطيب ردك

بارك الله فيك وجزاك الفردوس ان شاء الله

لك احتراامي اخي الفاضل

رحيل
04-01-2008, 10:52 AM
اختي الكريمة بنت ثاني اول

الله يعطيك العافية ويجزاك الجنة على طيب المرور

ووفقك الله وبارك فيك يا الغلا

تقديري وودي لك

البندر
04-01-2008, 01:10 PM
http://www.twaqe3.com/data/media/7/1723.gif

رحيل
12-01-2008, 12:08 AM
اخي البندر


اشكرك على مرورك الطيب

ربي يسعدك ويجزاك الجنة

تقديري واحترامي لك