المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من جميل الذكريات ( أيام في الإشراف التربوي )


مسفر ناصر
14-09-2008, 10:42 PM
يقولون أن سعادة المرء أن يكون عمله هوايته

وأقول أن الإنسان إذا استطاع أن يحول عمله إلى هواية محببة إلى نفسه فقد تملك مهارة صناعة السعادة, وهي من وجهة نظري مهارة متقدمة جدا

ماأجمل أن نمتلك مهارة صنع السعادة في العمل والبيت والمسجد والطريق وفي أفئدة الناس وفي طيات عقولهم...

ومما لاشك فيه أن الإنسان منا تحيط به الكثير من الذكريات الجميلة سواء السعيدة أو غيرها فليس شرطا أن تكون الذكريات الجميلة تلك التي حقق فيها الفرد النجاحات المتميزة........لذا قد تجد من رجال الأعمال

من يذكر أن أجمل أيام عمره تلك التي حملت الكثير من الكفاح والتعب والجوع....

ولعل من فضل الله علي أن يسر لي عملا وافق هوى كبيرا في نفسي وتناسبا مع شخصيتي...وهو التدريس ثم الإشراف التربوي .....وقد كان سيدي الوالد بوركت أيامه ولياليه يرغبني بدخول شركة أرامكو التي يعمل فيها مع أخي الأكبر

ويذكر لي من مميزاتها الكثير.....إلا أن النفس لم تقبلها لأمر لا يعلمه الا الله.....وقدر الله لي أن أكون معلما وهو شرف عظيم أن أكون من جملة من يسهم في صناعة الحياة للأجيال المختلفة.

ثم كان لي أيام مع الإشراف التربوي ومواقف لا تخلو من فوائد وعبر ورأيت أن أكتب عن بعضها ولاأدعي في اجتهاداتي وآرائي الصواب والحكمة لكنه اجتهاد اللحظة وما أكثر ما أصبت الصواب وأكثر منه إصابة

الخطأ, والواحد لايخلو منهما...ويبقى ماأعرضه اجتهادا ووجهة نظر.....محاولا قدر الإمكان عرض مايمكن الاستفادة من الموقف المذكور من خلال عرض الجوانب التربوية والنفسية والأخلاقية والقيمية......حتى

لاتكون مواقف مجردة .

لكن في الوقت نفسه هي فرصة لاستنطاق المبدعين من رواد هذا المنتدى للتعليق على هذه المواقف موافقة أو مخالفة أو تصويبا أو تخطئة ......المهم أن يكون الموضوع مفيدا يستحق أن يقرأ.

مسفر ناصر
14-09-2008, 11:10 PM
سأذكر لكم موقفا مع معلم من المعلمين كتبته في منتدى المعلمين في موضوع ( لايمكن أن تكوني معلمة وأنت لا تعرفين هذه الطرق من طرائق التدريس )




وقبل ذلك أستأذن أختي الكريمة (غلا) مشرفة القسم في ذلك




في أحد الأيام اصطحبت معي أحد زملائي المشرفين من

مشرفي الصفوف الأولية لنقوم بتقويم جميع طلاب الصفوف الأولية في مدرسة ما

وفق معيار محكي دقيق قمت أنا وزميلي بتصميمه وهذا المعيار كاف في الحكم على

مخرجات العملية التعليمية داخل الفصل....طلبت من زميلي تقسيم الفصول بيننا وكان

من نصيبي ثلاثة فصول اثنان منهما للصف الأول........دخلت على معلم الصف الأول

وقمت وإياه بتوزع نماذج التقويم على الطلاب ثم طلبت من المعلم أن يبين للطلاب

المطلوب .......الأصل في التقويم أن المعلم عندما يتأكد أن الجميع فهم المطلوب

أن يترك الطلاب لحل التدريب.

بعد وقت طلبت من المعلم التأكد مرة ثانية من فهم الطلاب للتدريب عن طريق المرور

عليهم وبيان المطلوب ......من خلال مرور المعلم وتضجره وضيقه من إجابات طلابه

استطعت معرفة حجم الأمن الذي منحه المعلم لطلابه.........بدأ صوت المعلم يرتفع على

طلابه وقامت علامات التجهم تمر بوجهه كل ثانية والطلاب ينظرون اليه وقد تمكن

الخوف من قلوبهم ......حاولت تهدئة المعلم وقمت بملاطفته ببعض العبارات

لكنني فوجئت به وهو يمر بأحد الطلاب ويشاهد إجابته فإذا به يرسل له موجا من

الألفاظ التي يكفي عشرها في تبغيض المعلم والمدرسة بل والمعرفة في نفس الطالب

واليكم بعض الألفاظ مع كامل الاعتذار من تلويث أسماعكم بها لكن من باب الفائدة

( أنت ماتفهم ,أنت غبي ,كذا شرحنا ,الله يقطعك ,ثور,ياثور ,.............) وصاحب ذلك

عنف عن طريق استخدام يده في التلويح في وجه الطالب أو الضرب على كتفه أو

قرصه .....المهم ضاق علي الفصل وقلت في نفسي لو شاهد أحد الآباء هذا المعلم

ماذا يمكن أن تكون ردة فعله............لملمت أوراقي واستأذنت المعلم وفي قلبي

حسرة وجبال من الألم وقبل خروجي ودعت الصغار وكأني أقرأ في عيونهم رسالة

تقول أيها الزائر الغريب نرجوك أن ترفع عنا هذا العذاب

قمت بتصحيح الإجابات وكانت النتائج كما توقعت سيئة طلبت المعلم ودار بيني وبينه

حوار عاتبته بشدة قلت له لن أعاتبك على نتائج الطلاب أنا أعاتبك على مستوى

الحوار بينك وبين طلابك .......قلت ياأستاذ أتعرف انعكاسات كلمة (ثور ) على الطالب

وجدت أنني في واد والرجل في واد..............وللقصة بقية لاأحب أن أملكم بسردها

لكن يمكن أن أتناول خطورة هذه الكلمة والتي أجزم أن الكثير من المعلمين والمعلمات

قد يقولونها بحسن نية أو جهلا بآثارها





نعود لانعكاسات كلمة المعلم وآثارها النفسية والتربوية والقيمية على الطالب........أرجو ألا تكونوا نسيتم الكلمة التي قالها المعلم لبعض طلابه.....عموما الكلمة هي وصف المعلم للطالب بكلمة (ثور).




والأمر كذلك لدى بعض المعلمات فقد سمعت الأخ الكريم محمد الملحم مدير تعليم البنات يقول



أن بعض المعلمات قد تصف الطالبة بوصف (كلبة) أكرمكم الله في رده على سؤالي عن

أهمية تواجد القيم في نفوس المعلمات وقد أعجبني في رده الوضوح والصراحة.


نعود لبيان خطورة هذه الكلمات:



1- أخطر جانب من وجهة نظري أن الطالب في هذه المرحلة يتأمل ذاته ويتعرف على

قدراته ويعطي كل اهتمامه لكل كلمة تقال عنه ويظل حبيس لها فمثلا عندما نشعر

أبناءنا أنهم أذكياء وفطنون ومبدعون فان هذه المعاني تتغلغل في نفوسهم وتكون

معالم تدفعهم لاكتشاف مواطن الجمال في نفوسهم ويشعر الصغير بكينونته ويتعامل مع

ذاته بنوع من التقدير والاحترام...........أما العكس ففاجعة فكلمة المعلم كافية تماما

لنزع ثقة الطالب في نفسه.....فهو يقول في نفسه أكيد أن المعلم لم يقل ثور الا وهو

متأكد أنني لا أفهم ولايمكن أن أفهم ولذلك يبقى هذا الطالب حبيس لهذه الكلمة

ومثيلاتها( غبي ,لا تفهم ,مالك عقل ,اسكت.............) والله لو كان لي من الأمر

شيء لأبعدت عن التعليم من يتفوه بمثل هذه الكلمات حال ثبوتها عليه.

2- من خطورة مثل هذه الكلمات أنها تعطي رسالة للصغير الا يتعب نفسه في فهم أي

مسألة لكون النتيجة معروفة مسبقا .....فلن يفهم والا لما وصفه الأستاذ بهذا الوصف

وهذا الجانب هو مايتعلق بطرائق التدريس.

3- مثل هذه الكلمات تغيب الأمن عن الفصل وتجعله أشبه بثكنة عسكرية يتوقع الجندي

فيها الهجوم عليه في أي لحظة فهو خائف مترقب ووجل......والمحزن أن الفصل

تحول من محضن تربية ورعاية سلوك وبناء انسان الى مصدر ضيق وترقب وخوف

لا ينقطع............كم نظلم صغارنا عندما نضعهم بين يدي هؤلاء

4- يروج المعلم لسلوكيات خطيرة وهي سخرية الطلاب بالطالب الموصوف بأنه يشبه

الثور في عقله فيبدأ الطلاب يعايرونه يا..........في الفسحة والطابور........حتى تضيق

الأرض به

5- ستكون هذه الكلمة حاجزا كبيرا أمامه في المشاركة في الدرس بل وجميع الأنشطة

6- ساهم الأستاذ في توسيع مفردات الطلاب عن طريق اكسابهم العديد من العبارات لكن

المحزن أنها من الألفاظ الرخيصة المدمرة للمتعلم والمعلم.....فتجد أن الطالب عندما

يريد التعبير عن موقف ما يستعين بمخزونه اللغوي الذي استفاده من المعلم وعندها

لايجد الا ركاما هائلا من ألفاظ القبح والتنقص.

7- توجد نوع من التشويش والتناقض في ذهن الصغير.......فالأب يوصي ابنه أن

يجعل المعلم قدوة له في حركاته وسكناته.........ثم يرى هذا الصغير معلمه القدوة

يتساقط أمامه كل يوم بشكل لايقبل التأويل.

8- قد يظن بعض الطلاب أن مثل هذه الألفاظ مقبولة وغبر مستقبحة والدليل أن المعلم

يتفوه بها ولو كانت مرفوضة لكان أول من يتركها المعلم

9- مثل هذه السلوكيات تكشف أن مستوى القيم داخل الفصل منخفض ......والمحزن

أننا نرسل أبناءنا للمدارس ليرفع المعلم لديهم القيم .....لكن ماذا لو كان المعلم هو

نفسه فاقدا للقيم .......لطفك يارب

10- مثل هذه الألفاظ كفيلة بجعل المدرسة تتحول من عنصر جذب الى عنصر طرد

أجزم أن هناك الكثير ممن ترك العلم والمعرفة بسبب معلم ماهر في توزيع ألفاظ البشاعة

والقبح على طلابه.

أعتذر عن الإطالة وأتمنى أن أكون قد أوصلت ما أريد

تحياتي

khaled
15-09-2008, 12:44 AM
http://www.alahsaa.net/free/b.gif

موضوع شيق أستاذ مسفر ، طلاب المرحلة الابتدائية بحتاجون للملاطفة أثناء المناقشة، فهذه الألفاظ لا تفيد أبداً ، وأتوقع أنا المعلم الذي يتلفظ بهذه الألفاظ لا يلاحظ تقدم لدى طلابه ، بينما على العكس لو تمت الملاطفة والألفاظ الحسنة فسيتم التغيير المؤكد.
أيام الدراسة كنا نفرح عندما يكتب لنا المعلم بارك الله فيك أو ممتاز ، فهذه العبارات لها قيمة كيرة لدى الطلاب، وأنا ألاحظ بعد التصحيح فرح الطالب الذي أكتب له عبارات باللون الأحمر فيقوم بعرضها على زملائه هذا خلاف المنزل .

تجربتي :
مادة الرياضيات مادة صعبة في نظر الطلاب ،ولو كنت أستخدم الشدة غير المبررة فسيكرهني الطلاب وسيكرهون المادة حتى لو كانت المادة سهلة ، فكيف لو كانت رياضيات .
مهما كانت صعوبة الدرس كنت أذكر للطلاب بأنه سهل جداً ، وإن كان الدرس يحوي أفكاراً كثيرة أدخل الفصل وأقول للطلاب ليس عندنا درس هذا اليوم وسنستبدل الدرس بمسابقة بسيطة ولكن بعد أن أشرحها لكم ، فأقوم بشرحة الأهداف الرئيسية للدرس بالطريقة المناسبة ، وبهذا هذا أقول للطلاب انتهى الدرس ما رأيكم فيه ، فتكون معظم إجابات الطلاب بأنه سهل فأطلب منهم حل التمارين .

جزاك الله خير أخي الأستاذ مسفر .

البندر
15-09-2008, 12:49 AM
سلمت يداك اخي الاستاذ مسفر ...
فعلا هذه من الظواهر التي تأسف لوقعها من بعض المعلمين ولكن الذي ألحظه ولله الحمد انها خفت كثير عن تواجدها في السابق هي وظاهرة الضرب أعلم أنك سوف تفرد لنا موضوع الضرب في حلقه خاصه لن استبق الاحداث .
ولكن الذي ألحظه...
من بعض المشرفين عند تطبيق آليه معينه او برنامج في الميدان يتجاهل الكثير من القضايا التربويه وكأنه لايختص بهذه الأمور يريد أن ينهي ماجاء من اجله حتى لو رأي منظرغير تربوي حاول التغافل عنه حتى ينهي مهمته ولو استشرته قال ليس من مهامي كثير ما نواجه هذه الحقيقه أهم شي نهني البرنامج حتى لو أخطأنا في حق أنفسنا وطلابنا ومنهجنا !!!!

من خلال قرائتي للقصه أنك لم تستطع المكوث في الفصل لما شاهدته من جرائم تربويه في حق تلك البذور البشريه أن صح تعبيري ويا لها من مصيبه عندما تكون في مراحل الصفوف الأوليه !
احتراماتي لك

العنــsmileــود
15-09-2008, 04:56 AM
كلآمك صح يآ آستآذ مسفر 100%100

للآسف آن هذهـ آلطريقة وآلاسلوب في آلمعآملة منتشر جدآآ ...
وآذآ سآلتهم آو آتنقدتهم قآلوا لآزم يتآدبوآآآ و لآزم نشد عليهم و آللين مآ يجيب نفع ...
بآلله كيف يتأدبوآآ ؟!! والكلمة آللي آلقيتهآ عليهم و كأنهآآ اتهآآم هي بحد ذآتها كلمة غير مؤدبة
و غير محببة في آسلوب التعآمل مع الآخرين ؟!!
سوآآء في نطآق التعليم آو في نطآق المنزل والمجتمع .. جميعهم يدخلون في مفهوم آلتربية ..
و آلتربية تحتآج آلى وسط حنووون .. متفهم .. له روح التحمل .. مؤدب .. وليس وسط عدآآئي وغير عقلآني
وآلآمور لديه كلهآآ بآلعبآآرآآت المحبطة والمسيئة لشخصية آلآنسآن ...
التربية تحتآج آلى جو عطووف .. و عبآآرآآت محفزة قوووية تبشر بمستقبل وآآعد ...

آلكثير منآآآ يغفل عن آهمية آلكلمة آلوآآآحدة و آثرهآآآ في نفسية آلطفل أو حتى آلكبير ...
و قلت هنا الكلمة آلوآآحدة وليست عبآآرة كآآملة .. فعلآ لهآآ أثر كمآآ ذكرت أخي عن بعض الكلمآت ومنهآآ " ثور " ..
آذكر معلمة آلله يهديهآ عندمآ كنت في المرحلة المتوسطة عندمآ يضيق بهآآ آلحآآل من مستوى آلطآلبآت تقول : " أنتي علة , أنتم علل , أغبيآآء "
وهلم جرآآآ من هذه الكلمآآت ...
كلمة من هذه الكلمآت قد تهدم مستقبل وآآآآآآآآآآآآآآآعد للشخص .. قد تهدم شخصيتــه آلقويــة .. تهدم كيآآنه المستقل ..
تهدم عقليته المتزنه .. قد تهدم حيويته وحبه للحيآآة ..
و بآلعكس .. آذآ كآن الجميع يعي خطورة الكلمة المسيئة والمحبطة .. ويستبدلها بكلمآت محفزة وجميلة وحسنة ..
لخرجت مدآرسنآ و جآمعتنآ آلعظمآآء ..
و للحديث بقية فموضوع كهذاا له أهميته يطول به الحديث ...

عذرآآ على آطآلتي ...
و جزآآك آلله خير الجزآآآء يآ آخي ..
على طرحك لنآآ هذآآا الموضوع ..

وفقــــــــــــــــــت ...

مسفر ناصر
15-09-2008, 06:34 AM
أخي الكريم الأستاذ خالد لي مع كلامك وقفات :
الوقفة الأولى: أؤيدك تماما على أهمية التعزيز سواء المنطوق أو المكتوب أو ما يكون بلغة الجسد ,مع ملاحظة أن تفوه المعلم ببعض العبارات غير اللائقة مشكلة كبيرة تظهر في أن الطفل في بداية حياته لايدرك الا حقيقة واحدة وهي أن مايصفه المعلم به هو الحقيقة ولذلك ستكون تلك الكلمات هي التي تلوح أمامه عندما يريد أن يكون شيئا ....يقول المنظرون فيما يسمى بتطوير الذات أن الإنسان حبيس تصورات الناس عنه ,هذا مع الكبير العاقل الرشيد فما بالك بالطفل الصغير.
الوقفة الثانية : طريقتك التي ذكرت في عرض درسك وتبسيطه هي من أعلى المهارات التدريسية أقصد أن تقديم المادة بصورة سلسلة وسهلة بشكل واضح من غير تعقيد ولاتشويش .
أشكرك على ماتقدمه من فوائد ومداخلات

أما أنت أخي ( البندر)
فعلا الضرب يحتاج إلى موضوع مستقل حتى نستطيع إشباعه لكن وجهة نظري فيه أن الضرب جاء المنع به من ولي الأمر والوزارة من ولاة الأمر بناء على ما وقفت عليه من مواقف خطيرة تحكي تهور بعض المعلمين في ضرب الطلاب يصل إلى فقد حاسة من الحواس أو أشد....
أما تغاضي بعض المشرفين التربويين عن التأكيد على بعض ما يتعلق بمثل هذه الجوانب , فلاشك أنه خطأ كبير بل قد يرسخ هذه المفاهيم لدى بعض المعلمين
أو حتى مدير المدرسة ....وسأتناول واقع الإشراف التربوي قريبا حيث لي رأي يعرفه الكثير من الإخوة وهو أن ما يطبق الآن لا يمت للإشراف بصلة ولا أقصد الإشراف التربوي في الأحساء بل في المملكة كلها , ولايعني ذلك أن ليست جهود مبذولة من قبل المسئولين ...للأمانة الكثير من الإخوة يبذل ويحاول أن يقدم لكن الأمر أكبر من جهود عشرة أو عشرين أو مائة .....سأحاول أن أقدم من خلال هذا المنتدى رؤية شخصية لما يجب أن يكون عليه الإشراف التربوي ..بمعنى رسم ماهية للإشراف التربوي وقد أطلعت الأخ الأستاذ سالم الغامدي نائب مدير الإشراف التربوي في المملكة على جزء منها أثناء عقد لقاء مديري الإشراف في المملكة في الأحساء وقد طلب مني تقديمها لمديري الإشراف في نفس اليوم الذي حدثته فيه لكن كان لدي برنامج تدريبي لمديري المدارس في نفس اليوم فاعتذرت لكوني مرتبطا أدبيا مع مديري المدارس فقبل اعتذاري ووعدته بزيارته في مكتبه بعد حين الذي أريد أن أقوله أن الوزارة جادة في تطوير وتحسين الإشراف التربوي لكن تبقى الجهود فردية ونحن أحوج مانكون للعمل المؤسسي. شكرا على طرحك المبدع

الأخت العنود

ماطرحتيه من فكروأمثلة يؤكد على أهمية التعزيز لدى الإنسان في سائر حياته خاصة مرحلة الطفولة وما تكتنفه من خوف ورهاب وتطلعات وحاجات وميول
شكرا لتعليقك الإبداعي

جود
16-09-2008, 03:15 AM
جميل أن نرى مثل هذه الذكريات الرائعه

فهي كمرجع لنا نستفيد منها لنغرس البذور

فبورك طرحك مازلنا ننتظرإبداعاتك ....

احساس طفلة
16-09-2008, 05:25 AM
بالفعل اسلوب التعامل مهم جدا بالذات في هذه المرحلة

جزيت خيرا اخي الكريم

مسفر ناصر
17-09-2008, 06:16 AM
المعلم صاحب ال36 سنة خدمة



لعل هذا الموقف من المواقف التي تستحق أن تعرض لما فيه من الفوائد التربوية طلب مني أحد الإخوة المشرفين زيارة معلم حدثت بينه وبينه مشكلة حول الدرجة حيث رأى المشرف التربوي أن المعلم لايستحق درجة عالية لعدة أسباب من أهمها عدم إحضاره لدفتر إعداد الدروس (دفتر التحضير) وحدث بينهما خلاف ورأى المشرف صعوبة في التعامل مع هذا المعلم نظرا لكبر سنه حيث تجاوزت خدمته 36 سنة فقابلته في مركز الإشراف أي المشرف فقال :لي رغبة تزور هذا المعلم وتكون أنت مشرفه...وقال أشعر ما راح يقدر عليه إلا أنت ...فعلت كلماته في نفسي مفعول السحرفقد أشعرتني كلماته أنني فريد عصري... المهم أنه استطاع أن يمكر بي ويتخلص من ذلك المعلم ويجعلني مسئولا عنه بكلمات بسيطة ( ماراح يقدر عليه الا أنت ) وللأمانة فقد كان لذلك المشرف مكانة في نفسي وله خبرة كبيرة في الإشراف وهو يعرف أنني لن أرد طلبه + مفعول كلمة (ماراح يقدر عليه الا أنت) السحرية ..قلت له وبكل ثقة توكل على الله انس إنه كان عندك واشترطت عليه ألا يتدخل في أي إجراء أقدمه له أو يسألني عنه أي للمعلم فقال: افعل ما تشاء ...سألته عن مشكلة المعلم فأخبرني بمشكلته فلم ينته حتى شعرت أنني أدخلت نفسي في مشكلة وتذكرت قول والدي (ماأحد يعطيك من طيب حلاله) لكن لذة (ماراح يقدر عليه الا أنت) تمنعني من التراجع......جهزت نفسي في أحد الأيام لزيارة ذلك المعلم وتسلحت بما أحفظه من أذكار ودخلت على المدير فسلمت عليه وبدأ مستغربا من زيارتي فقلت أنا جئت لزيارة فلان بناء على طلب زميلي المشرف الذي رغب أن أزوره بدلا منه ...وطلبت من المدير استدعاءه فجاء فإذا بمعلم يكاد يبلغ الستين فقام وسلم علي بتودد كبير فعلمت أن المدير أخبره بالأمر ورحب بي ثم جلس بجانبي وبدأ يستعد لشن حملة على المشرف السابق بعد أن خدرني ببعض المديح فرجوته قبل أن يكمل جملته الأولى ألا يتحدث عما حدث بينه وبين المشرف ثم قلت له :هل تقبل أن أكون مشرفك ؟ فقال : أتشرف بذلك , فرددت التلطف بتلطف فقلت أنا الذي أتشرف.......قال ياأستاذ : متى ترغب في زيارتي قلت: في الوقت الذي تشاء ....لو أردت يوم آخر لابأس....قال : الخامسة ممكن قلت : اذا رغبت
فلما جاءت الخامسة قمت بزيارته وفوجئت عندما وجدته مرتبكا غاية الارتباك ...انشغلت عنه بالنظر إلى الجدار حتى استرد ارتياحه ثم طلب مني سؤال الطلاب قمت قبل أن أسأل الطلاب بالثناء البالغ عليه ورأيت مفعول كلماتي تسري على قسمات وجهه سعادة وحبورا ....سألت الطلاب أسئلة سهلة ...وعند نهاية الحصة طلبت من الطلاب تقديم التحية لمعلمهم واستأذنته بالخروج......لم أبتعد عن الفصل سوى خطوات حتى وجدته بجانبي يسألني : بشر يا أستاذ كيف وجدتني ؟ قلت : أولا ...أنا لا أقبل منك هذا السؤال.....نظر إلي مستغربا ....قلت: من يملك هذه الخبرة والمهارة والأداء الرائع والمستوى المتميز لا يسأل من هو أقل منه عن مستواه....أنا يا أستاذ أستفيد منك ....لقد كنت و ماتزال مبدعا أعجبني في أدائك العديد من الجوانب الرائعة وذكرتها له......أمطرني بعبارات الشكر ثم قال : يا أستاذ حتى أثبت لك أن المشرف قد ظلمني أتدري يا أستاذ ما فعل معي ...قاطعته قائلا : حقي عليك أن لانخوض في الماضي ....أرجوك أن تحترم رغبتي في عدم معرفة التفاصيل بينك وبين المشرف السابق......ذهبت إلى الإدارة وأنا أفكر في كيفية إقناعه بدفتر التحضير .....طلبت من المدير استدعائه وسؤالي عنه فلما جاء سألني المدير: بشر يا أستاذ وشلون مستوى الأستاذ ....قلت : أنا وأنت من يستحق أن يسأل عن أدائه وليس الأستاذ.......مثل الأستاذ لا يسأل عنه .....شكرني مؤكدا أنني أرجعت له كرامته ....قلت: وماذا لو علمت أن المشرف السابق يثني عليك خيرا ويصفك بأنك من المعلمين ذوي الأداء الجيد......نظر إلي باستغراب ...مازلت أفكر في مشكلة المشاكل ( دفتر التحضير) طلب الإذن بالخروج للذهاب في الفصل ...قلت : ياأستاذ سأكتب لك شكرا خاصا في التقرير على أدائك وتميزك ...وتكرما تعطيني دفتر التحضير لأتشرف بالتوقيع عليه .... قبل أن يرد قلت : والا تدري خله الزيارة الثانية .....خرج قال المدير : هل تدري أن ماعنده دفتر تحضير قلت : أدري وسيأتي به في المرة القادمة .....قال المدير : ياليت .... بعد أيام اتصل بي مدير المدرسة بصوت يفيض بالفرحة أبشرك ياأبا ناصر الرجال جاب دفتر تحضير لا ومحضر بالألوان أحمر وأخضر وأصفر قلت : بلغه أني سأزور المدرسة غدا......دخلت المدرسة وقابلته ومباشرة طلب مني مشاهدة دفتر تحضيره فشاهدته وكان كما قال المدير أشبه بقوس قزح ...كتبت عليه شكري وتقديري وقلت له يافلان أنا قلت لمدير المدرسة سيأتي به في المرة القادمة وقد فعلت فشكرا لك
الطريف أن مساعد مدير الإشراف زار المدرسة في نهاية السنة وإذا به يخبرني بزيارته للمدرسة وتميز أحد المعلمين في الصفوف الأولية في تحضير الدروس سألته عن اسمه فإذا به صاحبي........قابلته بعد التقاعد أي تقاعده هو فإذا به يقابلني بود منقطع النظير وعبارات تفيض بالامتنان والتقدير ....ودعته وأنا اردد في نفسي بل أنت صاحب الفضل ومستحق التقدير

أما الدروس المستفادة من هذا الموقف فكثيرة سأذكر بعضها غدا ان شاء الله وسأكون سعيدا لو شاركتموني في بيانها
تقبلوا تحياتي

جود
17-09-2008, 10:14 AM
في البداية يلزمني أن أشكرك على سرد القصة

وقد أستفدت منه عدد من الفوائد الجمة:

1) أن ابداع الشخص في مجال عمله كثيراً مايتوقف على ..
أخلاق وتعامل من حوله.

2) أستفدت أن التشجيع : من الطرق الهامة لــ تحقيق الهدف.

3) أستفدت ان من يسعى ويحدد له هدف سيجد هناك نقطة وصول تنتظره .

4) أستفدت أن التغافل مطلوب في بعض الأحيان وقديكون وسيله من الوسائل الناجحة في معالجة الأخطاء.
فائدة :يقول نابلوين:أفضل صفات القادة
برودة الأعصاب..

لك تحيتي..

khaled
17-09-2008, 03:55 PM
http://www.alahsaa.net/free/b.gif

ماشاءا الله تبارك الله ، بالفعل قصة رائعة يستفاد منها الكثير ، وأكبر فائدة هي أن لا نتوقف عن تشجيع الشخص مهما كبر سنه ومنصبه، فكلماتك الرائعة أثرت في هذا المعلم كبير السن ، رغم أني أرى صعوبة جداً في إقناع المعلم فوق الخمسين عام ليتنازل عن قناعاته ويوافق على التحديث والتغيير من واقع تجربة في مدرستي .
التشجيع مهم وهذا يتخلص في نقطة يجب أن أذكرها أستاذ مسفر.
لماذا لا نرى التشجيع الكافي من المشرف للمعلم المتميز، قدمت أوراق عمل وحقائب ولكن مع الأسف لم أحصل على التشجيع من القسم، فقد سلمت حقيبة جدول الضرب منذ ما يقرب الخمسة أعوام لأحد المشرفين، وكنت أنتظر رده عليها وإبداء الملاحظات، ولكن لم يحصل هذا إلا العام الدراسي الماضي ، ولو كنت أنتظر تشجيع لما عملت ، وسعيت لأداء الحصة بالطرق التقليدية، ولكني لا ألتفت لهذا ، فنجاحي في هذا كله هو مشاهدة البسة على وجوه تلاميذي تعبيراً لحبهم لي وللمادة ، ويكفيني فخراً بأن معظم التلاميذ يقولون بأن مادة الرياضيات من أسهل وأجمل المواد لديهم .

تحياتي لجهودك أستاذ مسفر .

مسفر ناصر
17-09-2008, 07:55 PM
الأخت الكريمة (وسم )
أشكر لك تفاعلك مع الموضوع , وذكرك للعديد من الدروس المستفادة من القصة والتي أعطت للموضوع قيمة علمية , تعليقاتك تكشف منهجيتك الإشرافية القائمة على احترام المقابل والسعي في نفعه والأخذ بيده نحو ما ينفعه بعيدا عن اخضاع الآخرين والسعي في احراجهم أو إذلالهم لكن دون تمييع للأهداف التي جئت من أجلها.......أرجو أن أكون مصيبا .
أن ابداع الشخص في مجال عمله كثيراً مايتوقف على ..
أخلاق وتعامل من حوله
صدقت ...عندما يكون المحيط مشجعا سواء في تعاملهم أو أخلاقهم فإن ذلك يلقي بظلاله على نفسية وأداء المشرف أو المعلم ....لكن في الوقت نفسه أنا أؤمن بالمحيط الداخلي الذي يصنعه الواحد منا لنفسه بمعنى حتى لا يستسلم الواحد منا للإحباط يجب أن يصنع من نفسه لنفسه مصنعا داخليا يبث التشجيع والحماس والتعزيز والتذكير بقيم الخير والحب والجمال والتسامح والعفو والسعي في تحقيق أعلى درجات الإبداع.
أستفدت ان من يسعى ويحدد له هدف سيجد هناك نقطة وصول تنتظره

كلام رائع ....يقول بعض أهل العلم أن السنن الكونية تسعى مع من يسعى في تحقيق أهدافه دون اعتبار لإيمانه أو كفره , صلاحه أو فساده.....وهذا مشاهد فما تقدم الغرب علينا الا لكونهم سعوا جادين في تحقيق أهدافهم فحققوها

أستفدت أن التغافل مطلوب في بعض الأحيان وقديكون وسيله من الوسائل الناجحة في معالجة الأخطاء

نعم التغافل من كمال العقل ....عده بعض العلماء تسعة أعشار العقل

يقول الشاعر
ليس الغبي سيدا في قومه لكن سيد قومه المتغابي

يريد أن الرجل لايمكن أن يكون سيدا في قومه إن لم يمتلك مهارة التغابي لكون الناس قد جبلوا على الخطأ والقصور.....والقائد هو من يغض الطرف عن بعض مايصدر منهم

شكرا لك أختي (وسم ) على هذه الفوائد الرائعة

مسفر ناصر
18-09-2008, 04:15 AM
الأخ الكريم ( الأستاذ خالد)
أحسنت في قولك أن التشجيع لا يعترف بالسن ويحتاجه الجميع مهما بلغ قدره ووصلت مكانته

أما ماقدمته من أعمال فلا تربط نفسك وإبداعك بشخص حاول أن تعرف أكبر قدر من الناس بإبداعاتك وحاول وحاول وستجد من يقدر جهدك .

الأهم من ذلك أن تكون هذا العام معلما للصفوف الأولية وتقدم لنا شيئا من إبداعاتك وأعمالك....وستجد بإذن الله من يقدر جهودك.......

وللفائدة أخي العزيز أنا أؤكد على جميع معلمي الصفوف الأولية في محافظة الأحساء أن من لديه إبداع أو برنامج تدريبي يريد تقديمه أو أي فكرة أو حتى تظلم أو اختلاف في وجهة نظر مع مدير أو مشرف فأتشرف

بمقابلته في قسم الصفوف الأولية في إدارة التعليم الدور الثالث المكتب رقم51........

بنت أبوي
20-09-2008, 06:38 AM
http://www.alahsaa.net/vb/imgcache/39125.imgcache.gif


(( المحطة الأولى ))

س1: ماعاصمة الدولة الأموية في الأندلس ؟

(( مكان المحطة الثانية ))
في موضوع مثبت بعنوان
توزيع منهج (الإجتماعيات) للصف - الثاني الثانوي - ( الفصل الأول ) 1430-1431 هـ (+_+)

في قسم : اجتماعيات << المرحلة الثانوية << الفصل الدراسي الأول

بومحمد9
21-12-2008, 07:34 PM
كم أعجبت بهذا التعامل الرائع وكسب ود وأحترام الأخرين وكيف تصل إلى قلوب الآخرين
وجزاك الله خيرا على هذاالتعامل اللطيف

مسفر ناصر
21-12-2008, 11:53 PM
أهلا عزيزي بومحمد9
شكرا لك هذا الذوق الرفيع
لكن لاتغتر بهذه المواقف الجميلة فالإنسان مجبول على إظهار الأشياء الجميلة دون الأخرى.....وما أكثرها .
سأذكر بعض هذه المواقف في المستقبل للفائدة والعبرة لكن بعد أن تنتهي مواقفي الإيجابية ........وماأسرع ماتنتهي
تحياتي لشخصكم الكريم

جاب الله007
16-03-2009, 04:55 PM
والله أنا سعيييييد جداً بالموضوع وبالردود حيث أني في بدايات عملي الإشرافي وأحمل هموم القناعات المستقرة في نفوس قدامى المعلمين والتي تعيق الكثير من مجهودات المشرف وقد تصيبهة أحياناً بالإحباط والأنغماس في الروتين بحجة أنه ((مافيش فايدة))
وربما تقابل بعض المعلمين مثل الأستاذ الفاضل ذو الستين عاماً تقريباً متفاهم وتستطيع الوصول إلى طريق تدخل إليه منه
لكن وبكل موضوعية هذه ليست القاعدة
ولذلك أرجو عرض مواقف من سابق خبراتكم الكبيرة والمحترمة يكون أطرافها من المعلمين أصحاب الطول في الجدال والكلام والدفاع عن الموروثات ورفض التطوير
أظن أن خبرات كهذه مع ما استفدناه مما ذكرتم سيكون دافعاً لمن هم مثلي في أولى خطواتهم الإشرافية
((أخيراً لكم جزيل الشكر والإمتنان))
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مسفر ناصر
16-03-2009, 10:16 PM
مرحبا اخي ( جاب الله )
أبشر ستجد ماتطلبه قريبا
تحياتي لشخصكم الكريم

مسفر ناصر
16-03-2009, 11:18 PM
المعلم المتجهم الغليظ


كنت في زيارة هجرة من الهجر بقصد تقويم معلمي الصفوف الأولية فيها ...استغرق الذهاب إلى هذه الهجرة ثلاث ساعات ...أدركت حجم المأساة التي يعاني منها معلمو هذه المدرسة يوميا خاصة وهم يقطعون هذه المسافة يوميا فأسفت لحالهم وأسفت أكثر لطلابهم .......فماذا سيقدم لهم معلم غادر بيته قبل الفجر بساعة ليصل إليهم ....كما أنه يستعد للعودة مرة أخرى.....وصلت إلى هناك فوجدتهم يعملون بجد غير عابئين بتعب السفر......سلمت على المدير وجاذبته أطراف الحديث ثم استأذنته لزيارة المعلمين ....زرت معلم الصف الأول وكان رائعا وكذا كان أخاه معلم الصف الثاني.....تقدمت لزيارة معلم الصف الثالت ...وفي الطريق إليه وجدته ينتظرني عند باب الصف من الخارج سلمت عليه رد علي السلام بطريقة غير مريحة.....دققت النظر فيه وجدته لا يخلو من ارتباك مع محاولة للتماسك ....قرأت في عينيه أنه بصدد اتخاذ قرار لا يخلو من جرأة.....قلت له : أستاذ تأذن لي بزيارتك....قال : لا....لا أسمح لك...ووضع يديه أمامي يسد بها دخولي للصف..قلت : عفوا يا أستاذ....نسيت أن أعرفك بنفسي......أنا مشرف من إدارة التربية والتعليم.....رد بنوع من اللا مبالاة : أعرف......قلت : لعلك تقصد أنك لست مهيأ للزيارة الآن .....رد بثقة أكبر : نعم....قلت : طيب متى ماكان الوقت مناسبا لزيارتك ارجوك أن تخبرني .....سأكون موجودا في الإدارة.......قال : رد في لهجة لا تخلو من ضيق .....أستاذ لن أسمح لك بزيارتي لا الآن ولا بعده......قلت : طيب لن أصر على زيارتك....لكن كيف استطيع تقويمك من غير زيارة.....قال : ماعندي مشكلة ضع أي درجة حتى لو صفرا.......أدركت أثناء حديثي معه أنه أحوج مايكون إلى المساعدة والفهم لا إلى القسوة......دفعت عيني لتنظر داخل الصف فوقعت على عبارات كتبت بخط جميل على السبورة.....قلت: استاذ انا أعد نفسي قد قمت بزيارتك لكن لدي سؤال ملح لن تعجز عن إجابته ...لماذا ترفض زيارتي ....قال : لأنك ستطلب أشياء وهي غير موجودة لدي : قلت : مثل ماذا .....قال : دفتر التحضير....نموذج التقويم ...وليست موجودة لدي .....ثم ستسجلها علي وتضع درجة منخفضة لي تمنع من نقلي لداخل المحافظة.....قلت : ومن قال لك أنني سأسألك عما ماذكرت......بدأت أرى الحدة تنخفض في حديثه.....أنزل يديه المعترضتين.....قال : طيب ماذا تريد أن تشاهد ......قلت : أريد أن أشاهد هذا الخط الجميل المتواري خلف ظهرك .....أريد أن أرى مستوى طلابك.....أريد أن أرى شيئا مما قدمته لطلابك .....انفرجت أساريره ....وسبقني إلى داخل الصف ورحب بي .....قال : أستاذ ممكن أتعرف عليك ....قلت : أخوك مسفر القحطاني قام يضاعف من الترحيب ....قال : على فكرة ترى أنتم خوالي .....ابتسمت وداعبته بقولي : لعل هذا السبب في قشارتك.....فهم الدعابة.....ابتسم ابتسامة عريضة .....قال : يا أستاذ أنا أعتذر عن سلوكي معك لكن ودي تعرف ما فعل بي مدير التعليم .......قاطعته قلت : ياعزيزي .... دعنا نستمتع بالحضور عندك الآن ثم أعدك بسماعك حتى النهاية بعد نهاية الحصة .....أطلعني على الكثير من إبداعاته وأعماله الجميلة ولعل من أبرزها مستوى طلابه في القراءة وكذا مدى اتقانهم للإملاء .......بعد نهاية الحصة.....حدثت المفاجأة


للحديث بقية

anood
12-05-2009, 05:20 PM
موضووووع جدا جميل ولكن للاسف هذا حال بعض المعلمين في بعض المدارس ضرب وشتم وتعذيب يومي
وفي قصص كثيره كثيره تحدث يقشعر لها البدن

مسفر ناصر
16-05-2009, 10:16 PM
صدقت ياعنود
أسعدتني مشاركتك

قصيدة معبرة
24-05-2009, 10:07 PM
يعطيك العافية دكتور مسفر

قصص في غاية الروعة والجمال....... تحمل في طياتها نموذج مشرف للاشراف التربوي

طرق فعالة لكسب المعلمين تتسم بالعلاقات الانسانية الرائعة

(عندما اتقمص الانسانية واتهدى في ثوب العقلانية وابتعد عن التسرع والانفعال , عندما انظر بمدى بعيد وارى جماليات من هم حولي

حتما ساكسب الجميع , وساحصل على ماحصلت عليه دكتورنا الكريم في قصصك الرائعة)

بارك الله فيك دكتور مسفر

نأمل باكمال باقي (الحتوته)

ونطمع في المزيد

دمت بود

مسفر ناصر
26-08-2009, 05:19 AM
شكرا أختي ( قصيدة معبرة) وكلي أمل أن يكون ما أطرحه مفيدا..... مذكرا بأنني أذكر أجمل ما لدي وإلا فإن هناك أخطاء وزلات صدرت مني وكان مطيتي فيها التسرع وقلة الخبرة وإثبات الذات وحظوظ النفس ولعل الفرصة تحين لذكر بعض منها ليستفيد من يرغب إن كان ثمة فائدة.
أعود للمعلم المتجهم الغليظ
عندما هممت بالجلوس شكى لي ذاك الظلم الذي وقع عليه من مدير التعليم وزبانيته كما يقول ( والزبانية كما في اللغة هم الأشداء الغلاظ ) المهم استخدمت معه سياسة الانحناء والتكوير وهي إشعار الطرف الآخر أنه مظلوم قلت له : أشعر أنك مظلوم ولذلك سأستمع لك جيدا عندما نجلس لوحدنا بعد الدرس ودعنا الآن نستمتع بالجلوس معك ومع طلابك ..قرأت في وجهه الارتياح والموافقة وبدأ يشرح درسه ويطلعني على بعض ابداعات طلابه ووجهه يشع حماسا وسعادة , شكرته وداعبت طلابه بأنني سأضطر لأخذ معلمهم عنهم ليدرس في الأحساء صرخوا بصوت واحد وبلهجة أهل الفطرة والبساطة ( تكفى ياستاد خله عندنا لا تلمسه مانبغى غيره ) نظرت إليه لأرى رد فعله فوجدته يحاول أن يخفي سيلا من البهجة تجتاح جسده كله ....جلست معه بعد الدرس فعاد إلى تجهمه وبدأ يذكر سلسلة من الحوادث التي تؤكد على جناية مدير التعليم وزبانيته كما يقول عليه , استمعت له حتى انتهى قلت له : أشاركك تعاطفا في كل حرف ذكرته لكنك أحوج ماتكون إلي كمستشار أكثر مني كمتعاطف أليس كذلك ؟ قال : بلى قلت : هل يعرفك مدير التعليم قال : لا قلت : لست هنا في مقام الدفاع عن مدير التعليم أو غيره لكنني لم أستوعب بعد كيف يمكن أن يحاربك وهو لا يعرفك ..قال : هو معترض على نقلي قلت : على شخصك أم كل من هو في صفتك قال : لا من هو في صفتي قلت : رائع ...إذا مدير التعليم ليس خصما لك لكونه ينفذ النظام وهو أن الأولوية في النقل حسب الأفضلية ...إذا خصمك ليس مدير التعليم لكنهم من وجهة نظري من أعطاك درجة منخفضة منعت من نقلك وهم المشرفون التربويون ..زفر زفرة الموجوع نعم هم من دمرني حسبي الله عليهم , قلت : لكن هناك سؤال لماذا أعطاك المشرفون درجة منخفضة ؟ قبل أن تجيب أرجو أن تكون صريحا معي ...هل كنت مقصرا في عملك أقصد دفتر التحضير ونموذج التقويم ووسائل الإيضاح وووو نظر إلي نظرة فيها الكثير من الصدق وقال : بصراحة نعم قلت : إذا لم يظلمك المشرفون ولو كنت مكانهم لفعلت مافعلوا صح قال : نعم قلت : طيب دعنا من هذا كله ودعنا أيضا نفتح صفحة جديدة ودعني أطرح ماقد يكون جيدا ومفيدا مارأيك لو عقدت معك ميثاقا تلتزم فيه بما يطلبه النظام وأنا ألتزم معك بإعطائك الدرجة كاملة ....لمحت في عينيه بارقا من أمل ...قال : أبشر وستجد مايسرك صافحته بحرارة وودعته وعيناه تنطق بشكر فائض ...أوصيت المدير به خيرا ...وتجري بي وبه الأيام وإذا بي وأنا متجه للصلاة في مسجد خادم الحرمين الشريفين وفقه الله يعترض طريقي ويسلم علي سلاما حارا.. تدافعت كلمات الشكر من فمه ..قلت له : ياعزيزي أنت من يستحق الشكر لكونك كنت صادقا في وعدك ... لو تعلمون حجم السعادة التي مازجت نفسي تجاه هذا الموقف ....ياسادة كم من الناس من يحمل بين جنبيه نفسا كالذهب لكن عركته الدنيا فغيبت ملامحه فغاب عنه معدنه لذا هو أحوج مايكون أن نعرفه بنفاسة معدنه وصفاء سريرته هو أحوج مايكون أن ندله على نفسه على أن نعيد تعريفه بنفسه ...هو أحوج مايكون إلى أن ننتشله من إحباطاته وانكساراته وخفضه لذاته .

مسفر ناصر
26-08-2009, 06:24 AM
التدين الكاذب
اشتكى لي بعض زملائي من مدرسة ما يصفون معلميها بالغطرسة والكبر والفوقية واللا مبالاة قررت في نفسي أن أخوض هذه التجربة وأقوم بالإشراف عليه لتكون لي إضافة في سجل الخبرات والقدرة على التعامل مع المواقف المختلفة خاصة وأنني أتبنى فهما مزعجا وهو التعامل مع أي مشكلة على أنها خبرة جديدة وفرصة للتعرف على جوانب القصور والنقص في شخصيتي أقصد جوانب العفو والتسامح وضبط النفس والتجاوز عن الغير والكثير من القيم العظيمة التي قد نظن أننا نملكها ونتصف بها فتكشف لنا المواقف أنها غائبة وغادرت نفوسنا منذ زمن
التقيت بالمعلمين قرأت في عيونهم عدم الترحيب بقدومي في حين كانت ألسنتهم تتحدث عن سعادتهم بي وبحضوري قام بعضهم يرسل إلي رسائل مبطنة أن معلمي هذه المدرسة مجموعة من العمالقة بل أكثرهم يحفظ كتاب الله عز وجل بل يعد بعضهم وجيها في مجتمعه ...فهمت الرسالة جيدا قلت لصاحبها : كم أشكرك على هذا التوضيح فقد اختصر علي كثيرا من الوقت لكوني أقضي وقتا طويلا في تذكير المعلمين بأهمية الأمانة والالتزام بأخلاق أهل الإسلام والالتزام بمتطلبات العمل وشروطه وهذا الأمر لا أحتاجه هنا لكون من أخاطبهم من أهل الفضل والمكانة والتي يأبى صاحبها أن يضع نفسه في موضع تقصير ولوم ...قمت أتأمل وجوههم فرأيت فيها تحفزا وترقب ...أنهيت الاجتماع ودعوت لهم بالتوفيق , طلبت من مدير المدرسة أن أطلع على أعمال المعلمين الكتابية فقام فأرسل إليهم فلم يجبه سوى معلمين من سبعة معلمين قام المدير يعتذر عن التقصير وأكد أن معلميه مجموعة من المشايخ والفضلاء وأنهم من أهل الفضل في المجتمع ومن ذوي المكانة والقدر...قلت له : لا مشكلة لعل المرة القادمة تكون الفرصة مهيأة أكثر لمشاهدة أعمال المعلمين , غادرت المدرسة وقد أدركت أنني أمام مشكلة كبيرة تكمن باختصار في ( القدسية ) التي ينتفع بها بعض الدخلاء على التدين الصادق والالتزام الرفيع ولذا بدأت أفكر في حيلة في نزع هذه القدسية عنهم خاصة من المحيطين بهم ...قمت بزيارة المدرسة في يوم آخر وكررت طلبي بالوقوف على أعمالهم فجاءت أعمال الاثنين السابقين وغابت أعمال الخمسة للمرة الثانية كرر المدير اعتذاره مرة أخرى عن هؤلاء المشايخ طلبت الاجتماع معهم حاول المدير تأجيل الاجتماع للزيارة القادمة لكني أكدت له أن اللقاء سيكون وديا لطيفا ...لم تستطع كلماتي أن ترفع القلق من نفس مدير المدرسة ....جاء المعلمون للاجتماع وكل خطوة من خطواتهم تحمل في طياتها أطنانا من الكبر والغطرسة المغلفة بالتدين الكاذب ...رحبت بهم ودار بيني وبينهم نقاش حول ما يمكن عمله تجاه هذه المشكلة ...لم أر منهم حماسا أو ميلا تجاه التغيير أو الاستقامة بل رأيت ثناء بعضهم على بعض وتسابق الواحد على أن يلبس الآخر بلباس الشيخ صاحب المكانة والمهابة...لم يزعزني مكرهم وتبادل ألقاب الخداع بينهم...بدأت في تنفيذ خطتي وذلك بنزع القدسية عنهم فقمت أناديهم بلقب أستاذ دون شيخ وبدأت أتعامل معهم بصيغة لا تخلو من تلطف ممزوج بحزم لكنني اكتشفت أن قوتهم في اجتماعهم وأنه لا سبيل لتصحيح مسارهم إلا بالتعامل معهم فردا فردا ... ومن هنا بدأت في رسم استراتيجية خاصة للتعامل معهم أقصد الخمسة لكون الاثنين الباقيين تسير أمورهم بصورة جيدة ...شاورت أحد المشرفين ممن يسكن بجوارهم فقال : مشكلة هؤلاء أن لهم تقديرا في المجتمع مع كثرة تفريطهم وتقصيرهم في عملهم وهذا الذي يجعل من يزورهم من المشرفين يقدم لهم التقدير الكبير والاحترام العظيم ...قال : وإنني متفائل بك في مساعدتهم على تغيير حالهم خاصة وأنك لا تعيش معهم ولست من بيئتهم ولن يصلك كلامهم عنك بعكسي أنا لو تعرضت لهم لشنعوا علي عند القريب والبعيد فهم لا يتورعون عن شيء...زاد تحمسي للموضوع وأيقنت أنني أمام تجربة عالية الخبرة لا بد من خوضها والاستفادة منها .
للحديث بقية

مسفر ناصر
30-08-2009, 04:51 AM
بدأت في تطبيق استراتيجية فك التكتل وقمت بزيارتهم في فصولهم فوجدت أنهم يفتقدون أبجديات التدريس إذ كل مايفعله الواحد منهم أن يقرأ الآيات الكريمة ثم يطلب من الطلاب القراءة الواحد تلو الآخر في جو يفيض بالرتابة والملل , تأملت وجوه الطلاب فرأيت تململا وضيقا , قلت في نفسي هل يدرك هذا المعلم كم يجني على كتاب الله العظيم عندما يقدم درس القرآن وقد غابت عنه الحيوية والنشاط والمتعة ؟ هل يمكن أن يمازج حب كتاب الله نفوس الصغار ودرسه يقدم خاليا من كل مبهج ومحفز ؟ هل استشعر المعلم أن طريقته في تقديم درس القرآن بهذه الصورة قد تصنع حاجزا كبيرا بين الطلاب وكتاب الله لا تحطمه السنوات ولا يؤثر فيه تعاقب الليل والنهار....جلست مع أحدهم بعد الحصة فشكرته ودار بيني وبينه حوار قلت له : أعلم ماتبذله من جهد كبير مع طلابك ولدي تساؤل كيف نجعل حصة القرآن الكريم من الحصص الممتعة لدى الطلاب ؟ قام يجمع شتاتا من العبارات التي تكشف غياب هذا المعنى لديه قلت طيب دعنا نتعاون معا لنرسم أنموذجا جميلا لدرس القرآن الكريم توصلت معه إلى بعض معالم التدريس الممتع لمادة القرآن الكريم ( المقدمة المثيرة , القصص الداعمة للآيات , بث روح التنافس بين الطلاب نحو قراءة أجود , المناقشة حول معاني الآيات , التحفيز والتعزيز , تقديم الجوائز , سيادة البهجة والنشاط في الدرس , تكليف الطلاب ببعض الواجبات التي تقوم على البحث مثلا من يستطيع معرفة اسم امرأة فرعون ؟ ونتركه يسأل أمه وأباه وإخوته ليتعلم مهارة البحث عن المعرفة والتي تبدأ بسؤال الوالدين وتنتهي بالقدرة على تحصيل المعرفة من مصادرها الخاصة سواء الكتب أو غيرها ) قلت له لو طبقنا هذه المعالم على حصتك كم سيكون المتوافر فيها ؟ وعدني خيرا كما وعدني زملاؤه عندما فعلت معهم مافعلت مع صاحبنا هذا...أكدت لهم قبل أن أغادر المدرسة أن معالم التدريس الممتع تحتاج إلى تحضير وإعداد وتهيئة ذهن.....عندما حضرت لزيارتهم في المرة الثالثة لم أجد منهم تفاعلا مع ما اتفقت معهم عليه ووجدت أنهم يسلكون طريقتهم السابقة ناقشتهم قلت : يبدو أنكم كنتم غير مقتنعين بما طرحته قالوا : لا ولكنه بصراحة يختاج لوقت وجهد قلت : ولكنكم تتقاضون أجورا عالية لأجل ذلك ...جلست مع مدير المدرسة فوجدته أقل حماسا منهم للتطوير وأكثر تهيبا من مواجهتهم ومتابعتهم طلبت منه زيارتي في مركز الإشراف لمناقشة الأمر مع مديره حضر لم يكن مرتاحا للحضور للمركز ورأى أن مجيئه يدل على تقصيره صارحته أمام المسئول بتقصيره سألته عن الدرجة التي وضعها للمعلمي المقصرين فوجدتها بين ممتاز مرتفع وممتاز قلت له : ألا تعتقد أنك تظلم نفسك بهذه الدرجات قبل أن تظلم المعلمين ...ألا ترى أن المقصر عندما يكافىء بالدرجات العالية أننا نعزز فيه التقصير وخفة الأمانة ...عندما غادر صارحني مدير المركز أن هذه المدرسة مسرطنة وفيها من التقصير الشيء الكثير قلت : يعني ذلك أنك تعلم عن حالها ...قال الجميع يدري قلت : ولكنك مؤتمن ومسئول عنها يوم القيامة قال : أخشى أن تستحوذ هذه المدرسة على جهدك وتحرم المدارس من جهودك قلت : لدي اقتراح أن تسند المدرسة لزميل آخر لعل الله أن يفتح على يديه قال : وكيف ستقومهم ؟ قلت : لا يستحق أحدا منهم الحوافز الممنوحة للمعلمين المجتهدين والمتميزين في تدريس الصفوف الأولية يجب أن يشعروا بتقصيرهم قال : ستحدث ضجة وستكون لهم ردود أفعال !! قلت : لتكن ...المستغرب أن هؤلاء المعلمين لم تبدر منهم ردة فعل , قابلت بعضهم بعد أكثر من سنة في بعض الدورات فلم أجد أن في نفوسهم علي شيئا ...قلت لهم أنني كنت حريصا على أن أقدم لهم شيئا لكن يبدو أن الأمر كان أصعب مما كنت أتصور .
أيها الأحبة : علمتني الحياة أن التقوى والخشية من الله سلوك وعمل وليس زيا يتزيا ..قابلت عددا ممن ليس لهم عند الناس قدرا ومكانة فوجدتهم أصدق الناس في أماناتهم وعملهم وحرصهم على طلابهم وتأثيرا فيهم كما قابلت أناسا ممن يصدر في المجالس وممن ينعت بأجمل النعوت فرأيتهم من أخون الناس للأمانة ومن أغلظهم أخلاقا وأسلطهم لسانا ....كما قابلت أناسا من أهل التدين والصلاح فرأيت فيهم الصدق والخير والحرص والأمانة رأيت فيهم مثالا للمؤمن الصادق في قوله وفعله رأيت فيهم سماحة الصالحين وتواضع المخبتين والسعي الدؤوب في نفع أنفسهم وطلابهم ...تحضر لديهم في الفصل فترى شفقتهم على طلابهم ورحمتهم بهم وحرصهم على ماينفعهم فبوركوا من معلمين ولا أدري لماذا يتحوطني حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي معناه أن الملائكة تستغفر لمعلم الناس الخير عندما أزور أمثال هؤلاء.

مسفر ناصر
30-08-2009, 06:39 AM
سأتناول بإذن المولى عز وجل عددا من المواقف التي مررت بها ولعل من أبرزها :
1- البكم الاختياري
2- القيم الغائبة
3- الوكيل المتعلك
4- المدير المحرض
5- المعلم المتهور
6- المعلم ومسئول الاستخبارات
7- معلم الفنية
8- التميز المزور
9- المعلم الحاد
10- المعلم المؤجج
تقبلوا تحياتي

بنت أبوي
30-08-2009, 06:45 AM
3- الوكيل المتعلك ؟؟


المتعلك ؟؟ يعني ماذا !!!
تبادر إلى ذهني ( انه يأكل علك ) بس أكيد تخميني خطأ

تحمست أعرف قصته :1:

مسفر ناصر
30-08-2009, 04:12 PM
أهلا أختي الكريمة ( بنت أبوي )
أقصد به الوكيل العلاك بتشديد اللام , وهو من استوطن العلك فمه حتى أفقده معالم الرجولة .
وهو ماتوقعتيه أختي الفاضلة .
عموما سيأتي الدور عليه قريبا .

مسفر ناصر
31-08-2009, 05:06 AM
البكم الاختياري

هذا الموقف من أصعب المواقف التي مرت على في عملي الإشرافي حيث كنت أقوم بزيارة لإحدى المدارس لتقويم عمل أحد زملائي المشرفين في القسم والوقوف على أثره في المدرسة ومستوى الخبرات التي يقدمها للمعلمين , دار بيني وبين مدير المدرسة حديث عن واقع الصفوف الأولية في المدرسة وسبل التطوير الممكنة لها وفي أثناء ذلك دخل علي معلم سبق لي الإشراف عليه في إحدى مدارس الحرس الوطني وهو من المعلمين ذوي الأخلاق الرفيعة والراقية سلم علي بحرارة سألته عن مدى ارتياحه في المدرسة فذكر لي سعادته بها لقربها من سكنه من جهة وتعامل الطاقم الإداري الجيد مع المعلمين وحمد الله على هذه النعمة إلا أنه أنه أشاح بوجهه جانبا مخرجا زفرة ملتهبة من صدره قلت له : يبدو أن هناك مايضيق صدرك قال : نعم متعب ( اسم طالب) قلت : كيف قال: ياأستاذ لعلي أنتهز فرصة زيارتك للمدرسة لطلب مشورتك في أمر يزعجني قلت : سم أسعد بسماعك قال : عندي طالب في الصف الثاني الابتدائي مصاب بالبكم الاختياري , تصنعت أنني أعرف هذا البكم الاختياري قلت في نفسي دعني أبادره بالسؤال حتى لا يكتشف جهلي بهذا البكم الاختياري قلت : صف لي هذا البكم الاختياري قال : هو سكوت من الطالب في الفصل بالذات وعدم تحدثه أبدا مهما تعرض له من الترغيب والترهيب قلت : وفي خارج الفصل يتحدث بشكل طبيعي قال : نعم قلت : حاولت معه أكثر من مرة قلت : ما سلبيات هذا البكم على الطالب قال : بسببه أعاد السنة فقد رسب عند زميلي العام الماضي لكونه يرفض قراءة القرآن الكريم أو موضوعات القراءة أمام الطلاب مما يجعل المعلم يرى استحقاقه للرسوب قلت : وكيف قدراته ومامستوى استعداداته ؟ قال : رائعة لقد أخذ عندي في اختبار الإملاء درجة كاملة مما كشف لي أنه يملك العديد من القدرات لكنه للأسف يرفض أن ينطق حرفا واحدا داخل الصف مما جعلني أفكر في بقائه في فصله هذا العام أيضا وعدم انتقاله للصف الثالث, قلت : أشعر أن الأمر أسهل بكثير مما تتصوره قال : ياليت يا أستاذ...أستأذنته في أن يناديه جاء الصغير وهو يمشي مشية الواثق سألته عن اسمه قال: متعب قلت : رائع ثم بدأت في مداعبته والضحك معه وسؤاله عن أسرته وماذا يحب من الطعام وماذا يكره ؟ وهل لديه دراجة ؟ أدهشني تفاعله وجرأته في الحديث رغم متابعة معلمه للحديث ووجود مدير المدرسة في المكان يتابع الموقف عن بعد...شكرت الصغير وطلبت منه الانصراف وقلت لمعلمه : يبدو أن المشكلة أقل مما صورتها لي قال : بل أكبر وستعرف ذلك لو دخلت معي الفصل قاطعته : أوووه تذكرت أنت قلت لي أن بكمه الاختياري داخل الصف وليس خارجه لكنني أشعر أن الأمر سهل بإذن الله قال : وفي شفتيه ابتسامة تطاردها زفرات عسى إن شاء الله .
للحديث بقية

نحو المعالي
31-08-2009, 08:35 AM
في مدرسة مسفر القحطاني للإشراف التربوي
ننصت بكل شغف لقصيدة مغناة تطرب الآذان عذوبة وحلاوة
مطلعها :


(و كن رجلا إن أتوا بعده يقولون مر و هذا الأثر)

مسفر ناصر
31-08-2009, 09:24 PM
شكرا أيها السائر نحو المعالي
كل ما أخشاه أن تتغير النظرة ويتم سحب المدرسة مني خاصة عندما أبدأ في ذكر المواقف التي لم أوفق في التعامل معها بحكمة ...عموما سأحاول أن أواصل قدر طاقتي في سرد المواقف الإيجابية ( وما أسرع ماتنتهي ) حتى تشفع لي عندما أذكر المواقف التي لم تكن فيها الحكمة قريبة مني ذاك الوقت ( وما أكثرها ) .
عموما لن يحزنني أن أخرج كفافا ( ليس لي ولا علي ) .
تحياتي لشخصكم الكريم

مسفر ناصر
01-09-2009, 05:10 AM
أمسكت بيده وقلت هيا بنا للفصل حتى نقف على الأمر وفي الطريق أكد لي أن الجميع حاول انتشال الطالب من مشكلته فلم يستطيعوا ( يقصد بالجميع المدير والوكيل والمرشد الطلابي وبعض المعلمين ) قلت : كل هؤلاء فشلوا ! قال : نعم , هنا بدأت نشوة التحدي تمازجني وبدأ صوت المغامرة يهتف بي ...دخلت الفصل سلمت على الصغار قامت عيناي تبحث عنه وجدته في مقدمة الصف مازحته لم يجد مزاحي في نفسه قبولا , اختفت كل اللطافة التي كانت على محياه عندما كان معي في غرفة الإدارة تحول وجهه إلى كتلة من الترقب والتوتر , ساهم ذلك في توتري وبدأت أشعر أن المشكلة حقيقية , بدأت أسأل الطلاب بعض الأسئلة وكانوا يجيبون مبتهجين , وجهت لصاحبي سؤالا فساد الفصل موجة من السكون لم يجب سألته عن اسمه لم يجب قلت له بصوت عال يبدو أن متعبا لم يسمع سؤالي لذا لم يجب لذا سأعيد سؤالي عن اسمه لم تنفع حيلتي معه بدأت أطلب منه أن يرد على سؤالي لكن دون جدوى طلبت من المعلم أن يحاول حتى أفكر في حيلة أخرى أكثر جدوى حاول وحاول وسرعان ماعاد لي قائلا: وش رايك يا أستاذ ؟ قلت : أشعر أننا سننجح لكن لنتحلى بالصبر , خطرت لي فكرة وهي أن أستعين بزملائه قلت لهم : من يتحداني ويجعل متعبا يتحدث وله مني مكافأة مالية رفع بعضهم يده ورأيت من أحدهم إصرارا وتحد ناداني بصوت عال: أستاذ أنا أتحداك وسأجعله يتكلم قلت : تعال بجانبه وأمامك عشر دقائق ليتكلم ...للأمانة كان رائعا وهو يحاول معه , استعرض معه ذكريات , حاول إغراءه باللعب معه , ذكره ببعض كلامه خارج المدرسة لكن دون جدوى ...التفت إلى المعلم وأنا أردد يبدو أن المشكلة حقيقية رد علي : قلت لك يا أستاذ , بدأت أفكر في حيلة أخرى ..أخيرا وجدتها نعم نعم لم لا أحاول معه بفتنة من فتن الدنيا نعم المال أعتقد أنه سيضعف أمام المال وسأحفظ ماء وجهي أمام معلمه خاصة وأنني منظر كبير يدعو المعلمين في دوراته التدريبية إلى امتلاك مهارة حل المشكلات , وهاهو المنظر الكبير يقف عاجزا حائراأمام طفل لم يتجاوز التاسعة من عمره , قلت في نفسي إن للمال سحرا وأثرا وقد سجل التاريخ عددا ممن باع وطنه مقابل شيئا من المال , لذا فقد يضعف هذا المتعب أمام النقود خاصة وأن أغلب طلاب المدرسة من بيئة فقيرة , قلت للطلاب سأعطي متعبا خمسين ريالا لو ذكر اسمه صرخ الطلاب في زميلهم بلهجة أحسائية محببة ( يله عاد قول اسمك ) لم يلتفت إليهم قلت في نفسي يبدو أن الخمسين لم تكن كافية لتحريك شهوة المال لديه سأضاعف المبلغ , صحت في الطلاب قائلا : سأعطي متعبا مائة ريال لو ذكر اسمه زادت صرخات الطلاب تطالب الأخ الكريم بالنطق ولكن دون جدوى عندها بدأت نفسي تضيق , التفت للمعلم وأنا أشبك بين أصابعي قلت : يبدو أن المشكلة حقيقية قال : ذكرت لك ذلك , قلت : والحل , قال : لا أدري لكن ألا ترى أنه يستحق الرسوب قلت : لا لا يستحق الرسوب على صمته دعنا نحاول مرة أخرى مارأيك في استخدام العنف معه ؟ مارأيك لو صرخت في وجهه وطالبته بأن يتكلم قال: لم أجرب لكن لنحاول , تراجعت عن الفكرة سريعا قلت : أخشى لو قسوت عليه أن ينقطع عن الدراسة كما انقطع عن الكلام , عندها طرق الباب فإذا بزائر بادرني المعلم قائلا : هذا أبوه
للحديث بقية

مسفر ناصر
02-09-2009, 06:11 AM
قلت وأنا أصافح الأب : الله جابك وينك يارجل تعال ساعدنا على هالبطل , أقترب الأب من ابنه وبدأ يهمس في أذنه كلمات عندها أشاح الولد بوجهه , أدركت حيئذ أن الأب زاد الأمرصعوبة خاصة بعد أن قام الوالد يستجدي الصغير أن يتكلم , والولد يدحضه بنظرات حادة , بدأت أفكر في أمر آخر وهو أن استمرارنا على هذه الطريقة لن يجدي , قلت في نفسي لعل هذا الصغير يتهيب الكلام أمام زملائه أو لم يتعود ذلك , التفت للمعلم قائلا : سأحاول للمرة الأخيرة , طلبت من الطفل أن يخرج أمام السبورة مع مجموعة من الطلاب ثم قمت بارجاعهم لأماكنهم الواحد تلو الآخر حتى بقي لوحده عند السبورة مواجها زملائه طلبت منه أن يعطي الطلاب ظهره ويذكر اسمه بصوت ضعيف , خيل إلي أنني سمعته يذكر اسمه طلبت منه مرة أخرى أن يذكره بصوت أعلى , المذهل أنه نطق اسمه , شعرت أنني بدأت في تحديد المشكلة , طلبت منه أن يعطي وجهه لزملائه بشرط أن يضع يديه على عينيه مغمضتين ثم ينطق اسمه , استجاب لي ونطق اسمه بصوت لا يخلو من رجفة , قلت له : استمر في اغماض عينيك ولكن أنزل يديك عن عينيك وانطق اسمك ففعل , بدأت أقرأ في عيون المعلم والأب نظرة إعجاب وإكبار لصاحبكم قلت في نفسي ( وما أكثر ما أقول لنفسي وتقول لي ) الله يستر لا يفسد علي متعب هذه اللذة الكبيرة أقصد نظرات الإعجاب بشخصي الكريم , قلت له : افتح عين واحدة وانطق اسمك ففعل ثم قلت افتح عينيك وانطق اسمك ففعل طلبت من الطلاب والمعلم والأب أن نصفق له بحرارة ففعلوا فابتهج قلت له : أنت مستحق لما وعدتك به وقمت بإخراج مائة ريال وأعطيتها إياه تفاعل والده مع الموقف فأخرج خمسين ريال وأعطاه إياه , التفت إلي المعلم وهو يقول : تدري يا أستاذ أول مرة أسمع صوته في الفصل الله يفتح عليك , قلت له : بقي المرحلة الأهم وهي أن يتكلم كثيرا وبصوت عال ليطرد الرهبة التي عشعشت في نفسه طويلا , قلت للطلاب : سأعمل مسابقة أعلى صوت في الفصل , من يريد أن يشارك رفع أكثر الطلاب أيديهم قلت : سنبدأ بمتعب وطالب آخر والفائز منهما من ينطق اسمه بصوت أعلى , بدأ الطالب الآخر نطق اسمه ومن حسن الحظ لم يكن صوته عاليا , وطلبت من الطلاب تشجيع متعب على رفع صوته , فاز متعب وطلبت من طالب آخر أن يتحدى , وكنت أنا الحكم وفي كل مرة يفوز متعب ولا يخلو بعض فوزه من شبهة ضعف الأمانة من الحكم والميل الواضح لمتعب , قمت بعدها بتغيير المطلوب من الاسم إلى سورة من القرآن ....الرائع أن البطل كان صاحبي , رفعته على الطاولة وطلبت من الجميع أن يصفق له ويحيه , قرأت في عينيه سعادة متدفقة وشعورا بالفرح والبهجة ....عاد إلى كرسيه بدأت أسأل الطلاب عن بعض مادرسوه فوجدته يرفع يده يطلب المشاركة مع زملائه ....نظرت إلى معلمه وأبيه فوجدتهما لا يقلان عني فرحا ....استأذنت المعلم للخروج ودعني بحرارة وامتنان وهو لا يدري أنه صاحب الفضل علي فقد أكسبني خبرة جديدة وعرفني أن التنظير لا يجعل من صاحبه ماهرا في حل المشكلات مالم يكن ممارسا لها....خرجت من عنده وولي الأمر يرافقني شكرته على اهتمامه في متابعة ابنه , خرجت من المدرسة ويغالبني شعور بالحزن الشديد فأنا أضعف ما أكون في مثل هذه المواقف , أستشعرت طلابا في مدارسنا مثل حال متعب و ما أكثرهم قد ذهبوا ضحايا لمعلمين لايرون حلا لهم إلا الرسوب ...ما أبشع هذا الرسوب الذي أصبح حلا جاهزا لكل مشكلة!! ....ما أبشع أن نتقاذف الطالب المسكين كل منا يطعنه من جهة !!
ما ابشع أن نتهمه في نقص عقله وقلة فهمه عندما يصعب عليه فهم مسألة ولا نتهم أنفسنا بنقص المهنية وعدمية الاطلاع على كيفية التعامل مع هذه المشكلات .
وإن كان من شكر فهو لذلك المعلم الكريم الذي أرقه حال طالبه وأزعجه واقعه فسعى عند كل من يظن عنده حل أو علاج ناجع فله مني الشكر الجزيل وبارك الله له في نفسه وولده.

نحو المعالي
03-09-2009, 01:24 AM
أيها المبدع المتعب لله درك
مبدع بحجم ما سطرت فأبهرت ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله )
متعب في اثنتين :
- تشويقنا لمواقفكم التي سطرت بأحرف وضاءة ...
- أو أن نجاريكم في بحر إبداعكم لنسطر أحرفًا خجلى في حقكم ...
بارك الله لكم في علمكم وعملكم ...
وتقبل مني وافر الشكر والتقدير لهذا الإبداع المتألق ........

مسفر ناصر
03-09-2009, 05:08 AM
القيم الغائبة

قابلني بابتسامة لا تخلو من توتر رحبت به وجاذبته من أطراف الحديث مايكفي لزوال توتره , أعجبني هدوئه , طلب مني زيارته في الفصل للوقوف على طلابه , زرته فوجدت طلابه على مستوى عال من التمكن بل قد لا أكون مبالغا لو قلت إنه من أفضل مارأيت من طلاب تمكنا من مهارات القراءة والفهم شكرته أمام طلابه فقرأت في عينيه الفرح والشعور بالتفوق والتميز وقمت أتأمله وهو يسترق النظرات إلى طلابه ليرى أثر ثنائي عليه في نفوسهم , خرجت معه وكررت شكري له أمام مدير المدرسة فوجدته لا يستطيع أن يكتم السعادة التي تعلوه , انفردت به وتناقشنا سويا رغبة في مزيد من التميز , سألته عن تخصصه لا أدري لماذا اضطرب قال لي : لست متخصصا وذكر لي تخصصه البعيد عن التربية عموما والتدريس على وجه الخصوص , قلت : كم أنت من رائع !!هذا التميز ولست متخصصا كيف لو كنت متخصصا ؟ ثم ذكرت له أنه يفوق الكثير الكثير بل المئات من المتخصصين, قمت بزيارة المدرسة وكنت أقلب دفاتر التحضير دخل علي في الإدارة وسلم علي بحرارة وجلس بجانبي وبدأ معي حديثا عن طلابه وكيف استطاع أن يصل بهم إلى هذا المستوى , كنت أستمع إليه مشجعا له مواصلة الحديث إلا أنني لا حظت أنه ينظر بين حين وآخر إلى دفاتر التحضير أحسست أن ثمة شيء يخفيه , قمت أراقب لغة جسده فوجدت أنها تحكي لي شيئا آخر غير الذي ينطق به فمه , كان متوترا مترددا , أخيرا قرر البدء فيما كان يريد تنفيذه ..قام فسحب أحد الدفاتر وقام يقلب صفحاته كأنه يبحث عن شيء ..قال : انظر يا أستاذ كيف يخادعك فلان في دفتر تحضيره يحضر يوما ويترك يومين قلت : فلان زميلك قال : نعم قلت : أرجوك أرني أكثر , قام يبحث عن أخطاء أخرى لزميله وهو يرقب باب الإدارة خشية أن يراه أحد , قلت : لو كنت مكاني ماذا تفعل ؟ سكت قلت : خطرت لي فكرة أن أفضح هذا المعلم أمام الجميع في طابور الصباح غدا كما أنني لن أنسى تقديم الشكر لك أمام الجميع على مساهمتك الخيرة في كشف هذا المخادع , حملق في قائلا : أرجوك يا أستاذ لو فعلت ذلك ستحدث فتنة كبيرة, قلت : لكن ألا ترى أن هذا المعلم الذي منحته كامل ثقتي يستحق أكثر من ذلك ؟ قلت له : اترك الأمر لي , قال : أرجوك يا أستاذ لا تفسد بيننا , قلت : أقوم باستدعائه الآن لتوبيخه قال: يا أستاذ جعلتني أندم على فعلتي , قلت : قم اخرج الآن ولي معك حديث بعد الحصة الخامسة , رجع لي وفي وجهه من الضيق والتوجس والتوتر قلت له : هل وجدت حلا ؟ قال : نعم يا أستاذ اعتبر أن الموضوع لم يحدث , قلت بشرط أن تذكر لي لماذا فعلت هذا الموقف مع زميلك , وقبل ذلك أريد أن أسألك عن مستوى علاقتك بزميلك , قال : أروع مماتتصور إنه من أعز زملائي قلت : وهل تعتقد أنك حفظت له حق الزمالة والأخوة ؟ دعني أعود لسؤالي لماذا فعلت ذلك مع زميلك , طأطأ رأسه قلت : كيف ستنظر لزميلك لو كان هو الفاعل ؟ كيف تجرؤ أن تفتح دفتره وليس لك حق في ذلك ؟ أين قيمك وأنت تبحث عن سقطاته وعثراته لتكشفها للآخرين ؟ أين حق الصحبة والزمالة ؟ ماذا لو فعل ذلك طالب من طلابك مع زميله كيف ستنظر إليه ؟ ماذا تسمي هذا الفعل
القبيح في حق نفسك أولا قبل أن يكون في حق زميلك ؟ والأهم من ذلك كله لماذا أسأت الظن في بأنني يمكن أن أقبل هذا السلوك الشائن ؟ لماذا تصورت أنني يمكن أن أقبل أن تكون شوكة أطعن بها خاصرة زملائك ؟ كم يحز في نفسي أن هذا التميز في التدريس لديك يصاحبه غياب في قيم الفضيلة ومكارم الأخلاق وحقوق الأخوة !!! أرجوك أن تستغفر الله وتسعى في تطهير نفسك من الرغبة في الإيذاء والسعي في سقوط الآخرين وكشف عوارهم , شعرت أنه فهم الرسالة جيدا قبل أن أغادر قال : هل ستقول له يا أستاذ , قلت : لا لا الموضوع مخجل حقه أن يطوى .
هذا من المواقف التي تحزن وذلك عندما تجد أن من نضع أطفالنا لديه لينهلوا من قيمه ومبادئه وجمال السلوك لديه هو في نفسه في خلو من هذه القيم وبعد عنها , عندها كيف نلوم صغارنا وقد تعلمو الكثير من معلم متورم بالقبح والبشاعة .

مسفر ناصر
03-09-2009, 01:30 PM
الوكيل المتعلك

مع إشراقة شمس جديدة كنت في طريقي لإحدى المدارس الكبيرة في المحافظة دخلت المدرسة فوجدت أن السكون يلف المكان لم يقطع ذلك إلا ترحيب المدير بي قمت بالتوقيع في دفتر الحضور فوجدت من حضر من المعلمين لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة في حين يفوق عدد معلمي المدرسة الثلاثين , قطع هذا السكون ترحيب مدير المدرسة بي بادلته التحية وسألته عن مدى التزام المعلمين بالحضور المبكر للمدرسة أكد لي أن معلميه على درجة كبيرة من الانضباط والالتزام بالنظام , قلت : وهل تعتقد أن الدقيقتين الباقيتين كافيتان لحضور المعلمين وقيام كل فرد منهم بمهامه سواء مايتعلق بالاذاعة أو ترتيب طلابه ومراقبة سلوكياتهم في المواقف المختلفة قال : ستراهم إن شاء الله في الاصطفاف الصباحي قلت : خير إن شاء الله لنتجه له إذا ...مرت السبع دقائق الأولى ولم يكن في طابور الصباح سوى عدد قليل من المعلمين لم يستطيعوا ضبط العدد الكبير من الطلاب والذي يتجاوز الستمائة طالب , كان الاصطفاف الصباحي مثال معبر عن الفوضى التي تعيشها المدرسة , أكمل هذا العبث لملمة بعض الطلاب ليقدموا إذاعة لم يخطط لها فكان الطالب الصغير يتساءل عن المهمة التي سيقوم بها قراءة قرآن أم حديث شريف , وسط هذه الفوضى دخل المكان شاب بدأ يتجول بين المعلمين الذين تزايد عددهم مع قرب نهاية الاصطفاف لم أتبين ملامحه لكن تبينت أنه يتحرك في أنحاء المكان مبتهجا يلاطف هذا ويمازح ذاك , جاء للسلام على مجموعة من المعلمين قريبا مني فرأيته يمضغ شيئا في فمه ظننته يجتر من بقايا إفطاره لكن تأكد لي أن الأمر ليس كنت أظن فقد كان يضع علكة في فمه يعالجها بفكية بطريقة مقززة أمام الجميع , أثناء عودتي مع مدير المدرسة سألته عن المعلم الذي سلم علي , قال : أي واحد قلت : الذي كان يتعلك أمام الطلاب والمعلمين قال : إنه ليس معلما هذا وكيل المدرسة قلت : ما رأيك في فعله ؟ قال : الله يهديه يا أستاذ تعرف شباب اليوم , قلت : ألا ترى أنه أحوج مايكون إلى نصيحتك , ألا ترى أن هذا السلوك لا يليق بقائد تربوي سيكون يوما من الأيام مديرا لمدرسة , ألا ترى وأنتم في بيئة أغلب سكانها ممن ينظرون إلى المتعلك في مجامع الناس نظرة تحقيروازدراء بل يصفونه بأوصاف لا أستطيع ذكرها , ألا ترى أن المدير والوكيل في المقام الأول يجب أن يكونا منارتين من منارات القيم والفضيلة , تعلم جيدا أيها المدير الفاضل أن الناس أرسلوا لنا أبناءهم لنكسبهم من الخلق رفيعه ومن الفضائل أعلاها , قال : والله إنك صادق فعلا تصرف مايليق إن شاء الله أنبهه على ذلك , قلت : أشكرك على تجاوبك وحرصت , بعدها بدأت في إكمال برنامج الزيارة فقمت بزيارة المعلمين في فصولهم وفوجئت بهذا الوكيل يدخل علي في أحد الفصول يسأل عن أحد الطلاب والطريف أنه يتكلم مع معلم الصف وهو يتعلك بصورة لا تليق بسوقة الناس فضلا عن كونه مربيا وقائدا , لم أعلق وعاد أدراجه بعد أن سأل عن ماجاء من أجله ...قررت مواجهته بخطئه بعد انتهاء زيارتي للمعلمين وتسجيل ملاحظاتي على المدرسة نصحا له , انتهيت من مهمتي ولم يبق علي سوى مناقشة المدير في الملحوظات التي شاهدته خلال الزيارة , جلست مع مدير المدرسة في مكتبه وبدأت في نقاش الملحوظات وقدمت له بعض الاقتراحات التي جربت في مدارس أخرى ونجحت مثل معالجة تأخر المعلمين , عندها دخل علينا الوكيل وجلس قبالتي , قلت : رائع أن يكون الأستاذ الوكيل موجودا لكونكما شريكين في قيادة المدرسة , واصلت كلامي وذهلت أنه ما يزال يحمل العلك في فمه قلت في نفسي لن أترك هذه الفرصة تفوت لا بد من مواجهته ومناقشته حول هذا السلوك الشائن لكن عندما يمتد الحوار قليلا , واصلت حديثي مع مدير المدرسة حول فرص التحسين الممكنة فوجئت بالوكيل يقول أفهم من كلامك يا أستاذ أن شغلنا خطأ وأن المدير ليس بكفء في إدارة المدرسة تعرف يأا أستاذ بأنك أول واحد يتهمنا بالتقصير قلت : سأسأل المدير هل وجدت في كلامي ما يتنقص كفاءتك ؟ هل تناولت شخصك بشيء , ثم التفت إلى الوكيل فقلت له : يا أستاذ أنا أعتذر عن الحديث معك حتى تزيل مافي فمك ؟ ارتبك فلم يكن يتوقع أن أبادله الهجوم بقوة , قال لي وهو يحاول أن يجمع شتاته : العلك مافيه شيء قلت : أن تتعلك منذ الصباح على مشاهدة من الجميع , هل تعرف أيها الحبيب كيف ينظر أولياء الطلاب بل الطلاب إلى من يفعل ذلك أمام الرجال , إذا أردت اذهب لطالب من طلاب الصف الأول واسأله من يأكل العلكة أمام الرجال وش هو ؟ صدقني ستجد الجواب مرا , قال يا أستاذ إذا مجتمعك يرى أن هذا عيب فنحن لا نرى فيه عيبا قلت : أسرتك وقرابتك لايرون ذلك معيبا : قال نعم قلت : كم تظلم قرابتك بهذا الافتراء والله أنني أعرف الكثير من قرابتك من أهل الفضل والمكانة ممن لا يقبلون مثل هذه السلوكيات في المجامع العامة , قال : أنا لا أراه خطأ قلت : لك رأيك لكنني لن أسمح بمزاولتك هذا السلوك أمام أبنائي وسأطلب استدعاءك للحضور لإدارة التعليم ليقوم بعض المختصين بمناقشتك ونصحك , ثم أسألك بالله لو حضر الطلاب غدا وكل يحمل علكته في فمه م الذي ستفعل : قال سأمنعهم قلت : لماذا تمنعهم ؟ قال : لأننا في مدرسة , قلت : ماذا لو احتجوا بأنهم يفعلون كما يفعل الوكيل ولو كان عيبا مافعله , قال : أنا مصر أنني لم أخطىء وبصراحة يا أستاذ أنت اتهمت مديرنا بعدم الكفاءة وضعف الخبرة , قلت : تعتقد أنك بهذا الأسلوب تتقرب من مديرك , هو نفسه لا يرى أنني قمت بانتقاصه كنت أتوقع أنك حضرت إلينا لتقدم بعض مايسهم في معالجة الأخطاء التي تعاني منه المدرسة وبما أنك تقدم دورا آخر غير الدور المتوقع منك كقائد فأنا أطلب أن يكون لقائي مع مدير المدرسة فقط , ارتبك أكثر وقال يعني أفهم يا أستاذ أن أخرج برا , قلت أرغب في اجتماع خاص مع مدير المدرسة لكوني أرى أن وجودك يؤخر المعالجة وسأكون مضطرا لمخاطبة المسئولين بشأنك لاعتقادي أنك تمارس بعض السلوكيات بشيء من الاستهتار قال : أنا لم أخطىء , واستأذن وخرج ...بعد أيام رفعت خطابا للتحقيق مع المعلم في سلوكه المذكور فحقق معه المحقق وسأله عن العلك فأنكر تماما أنه قد تعلك أو أنه حاول استثارة مدير المدرسة واستعدائه , أطلعني المحقق على ردوده المكتوبه وقال لي أشعر أنه يكذب وطلب مني كتابة رأيي فيما أنكره قمت وسطرت كلاما أذكر منه أنني أعتذر له أي للوكيل أن أوقعته في هذا الموقف الذي دفعه ليطمس قيمة عظيمة من أعظم القيم وهي الصدق قلت للمحقق متسائلا : هل يمكن أن تصل البشاعة والقبح هذا الحد ( الانكار للموقف كله ) قلت له : أرجوك أن يقرأ كلماتي التي كتبتها واعتذاري له أن كنت سببا في خروجه من إنسانيته ....وتمر الأيام وأزور المدرسة وأفاجأ أن يقابلني بترحيب كريم وسلوك راق ونظرات خجلى صافحته بحرارة ولم أناقشه فيما مضى .
أريد أن أقول أننا قد نخرج البعض من آدميتهم عندما نقسو عليهم لكن ما الحيلة إذا كانت القسوة في بعض الأحيان هي الطريق الوحيد لإصلاح حالهم , ما الحيلة إذا كان الضرر متعديا صاحبه ليتناول صغارا هم أحوج مايكونون للرعاية والعناية والحفظ .

مسفر ناصر
04-09-2009, 06:13 AM
ابنتي هي السبب

كنت أقدم محاضرة عن مهارات التدريس المتقدمة لبعض المعلمين في إحدى مدارس أرامكو الكبيرة , كان التفاعل من المعلمين عاليا يسوده المرح ولا يخلو من تعليقات لطيفة من المعلمين , ألقى هذا النشاط المتقد من المعلمين ظلاله علي فغدوت مبتهجا سعيدا وتحولت المحاضرة إلى حلقة نقاش حول الموضوع المطروح حاول كل معلم فيها أن يخرج أجمل مالديه من أفكار وتجارب ونشاطات , ونحن نعيش هذا الجو دخل أحد المعلمين القاعة وتناول كرسيا وجلس عليه يبدو من أثر السنين في وجهه وتقوس أطرافه أنه قاب قوسين أو أدنى من التقاعد, رحبت بقدومه وسألته عن اسمه ومدرسته أجاب جوابا مختصرا يشعر بعدم رغبته في الاجابة عن أسئلة أخرى , عدت إلى موضوعي أواصل النقاش حوله فعاد المعلمون إلى تفاعلهم وكنت أرقب بين حين وآخر هذا الزائر الأخير فأجد في وجهه نفورا وعدم إقبال لست أدري مني أو من موضوع المحاضرة أو منهما معا , قررت أن أتجاهله تماما حتى لا يفسد محاضرتي إنشغال ذهني به , لم أصبر صوبت نظري إليه فوجدته يحدق بي ومازالت نظراته تبعث رسائل تفيض بالكراهية والبغض , تجاهلت تحديقه والتفت لمناقشة المعلمين حول أبرز عناصر المحاضرة , سألتهم إن كان لدى أحدهم استفسارا أو سؤالا , بادر سريعا برفع يده وهو يخرج كلمات يدفعها دفعا : أنا عندي ثلاثة أسئلة , خمنت أنه لن يتحدث بخير وسيسعى للإساءة ما استطاع سبيلا , شعرت أنه يطرح تحديا سافرا , فقررت أن أقبل التحدي ليخرج كل مافي نفسه ,أراد أن يتكلم فقاطعته مستأذنا إياه أن أنبه الحضور على جانب مهم , قلت لهم : أيها الأحبة قبل أن يسأل الأستاذ الكريم أسئلته أريد منكم أن تركزوا في أسئلته لتستفيدوا من خبرته في طرح الأسئلة ,دققوا في انتقائه لألفاظه ومعانيه , دققوا كيف يقدم قيمه وأخلاقه في صورة أسئلة ؟ دققوا في الأدب الجم الذي يصوغ به سؤاله , استفيدوا من خبراته ...قلت في نفسي لعله يفهم هذه الرسالة المبطنة لكن ماكان له أن يتراجع , قلت : هات أسئلتك قال: يا أستاذ نحن نعاني من مدير المدرسة الذي يمنعنا من تصوير الأنشطة التي نقدمهل للطلاب ولذا أقترح وأنتم في طريقكم للمدارس أن تحملوا معكم كراتين أوراق تصوير , قلت : رائع هذا السؤال الأول , هات الثاني , قال : المشرفون التربويون الكثير منهم لا يمتلك كفاءة ولا يوجد بينهم تجانس , وذكر سؤالا ثالثا يتعلق بالتقويم المستمر لا أذكره ...التفت إلى المعلمين قائلا لهم : ألم أقل لكم أنكم ستستفيدون من أسئلة الأستاذ , نظرت إليه بعد طرح أسئلته فوجدته يترقب مني الإجابة , تأملت الحاضرين فأدركت أنهم فهموا الموضوع وكلهم ينتظرون مني الرد قلت لهم : دعوني ألخص لكم أسئلة الأستاذ الثلاثة , السؤال الأول هل توزيع الأوراق على المدارس من أعمال المشرف التربوي, السؤال الثاني لماذا الضعف عند بعض المشرفين , والثالث عن التقويم المستمر

مسفر ناصر
04-09-2009, 02:26 PM
قلت له : لعلك ذكرت في سؤالك أنك معلم للصف الأول والذي أجزم أنه يبذل جهدا كبيرا في تدريسه وهذا ما أظن جزما أنك تقوم به بل أجزم تماما أنك تلتزم بواجبك بتوصيل كل طلابك لبيوتهم كل يوم إيابا وذهابا , قاطعني بصوت يفيض بالاعتراض : يا أستاذ ليس من عملي أن أقوم بتوصيل الطلاب إلى بيوتهم أنا مهمتي تبدأ من حضورهم للمدرسة , قلت : مارأيك لو جعلت الحضور حكما بيني وبينك , قام المعلمون يبدون رأيهم واحدا تلو الآخر وقد أجمعوا على أن توصيل الطلاب ليس من مهمة المعلم , قلت : بما أن الجميع قد خالفني فإني أتراجع عن رأيي وأعود إلى رأيك ...وجدت في عينيه بريق الانتصار , قلت : دعونا نعطي رأينا في المسألة الثانية وهي هل من مهام المشرف التربوي أن يقوم بتوزيع الكراتين الخاصة بورق التصويرعلى المدارس , طلبت من الجميع إبداء رأيه فأجمعوا على أنه ليس من مهامه , طلبت رأيه قام يتمتم وكلماته تنطق بالتراجع عن رأيه , قلت له عموما أنا أعدك متى زرت مدرستكم أن أحضر معي كرتونا أو كرتونين من الورق قابل كلامي بابتسامة لا تخلو من لطف ,ثم جاء الكلام عن المشرفين التربويين , قلت له إنهم يتفاوتون في قدراتهم وفهومهم ومهاراتهم فمنهم المتمكن ومنهم المتوسط ومنهم الضعيف وليس من شروط الترشيح أن يكون معصوما من الخطأ أو عالما في فنه بل يجتهد القائمون على التعليم في اختيار الافضل من المعلمين فيصيبون تارات ويخطئون مرات ولعل من تشكو منه ممن لم يوفق المسئولون في اختياره , قاطعني قائلا : لا أنا الذي يزورني من المشرفين من أهل الكفاءة , قلت : يبدو أنك تتكلم عمن يزور غيرك قال : نعم قلت : قد يكون مقصرا وأنت لا تدري ....شعرت أن الحدة بدأت تنفك عن وجهه وظهرت على محياه ابتسامة جميلة , شكرته على أسئلته وشكرت بقية زملائه وودعتهم , استوقفني في الممر قال : يا أستاذ أريد أن أعتذر عن سلوكي معك , لم أكن لطيفا معك لقد أجبرني المدير على حضور المحاضرة مع كثرة مشاغلي وهمومي وقرب تقاعدي حاولت معه أن يرشح غيري فرفض , جئت إلى هنا منفعلا أسعى بكل وسيلة أن أفتعل مشكلة مع أي أحد قلت له : شعرت بذلك منذ الثانية الأولى من دخولك شعرت بعدائيتك مبكرا أرسلت لك رسالة أرجوك فيها أن تكف عما تنوي فعله لكنك كنت مصرا قال : فهمت الرسالة لكنني كنت في حال من لايقبل التراجع ...أعجبني ردك خاصة أن لم تتناول شخصي بشيء مع أنني حاولت الإساءة إليك عن طريق ذم المشرفين , قلت : لكن لدي عتب عليك وهو اختيارك لهذا التصرف مع أن لديك بدائل أكثر فاعلية , قال : مثل ماذا ؟ قلت : أن تحضر الخمس الدقائق الأولى ثم تعتذر من المحاضر بوجود ظرف لديك وتخرج , أو أن تذهب إلى بيتك وتنام قال : يصلح ذلك قلت : نعم عندما لا يكون أمامك إلا خيارين الذهاب للبيت أو أن أفتعل مشكلة فأنا أرجح الذهاب للبيت مهما كانت النتائج ...قال : يا أستاذ أنا أمر بظروف قاهرة فابنتي الكبرى مصابة بمرض السرطان مما يجعلني متوترا وقلقا ومضطربا قلت : أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشمل أبنتك بعظيم لطفه ويمن عليها بالشفاء العاجل ...كرر اعتذاره مرة أخرى قلت له : كم هو رائع هذا الموقف أكسبني صديق كريما وودعته مكررا دعائي لابنته ....بعد سنة أو أكثر زرت مدرسته بشأن أمر ما فوجئت بدخوله الإدارة تعلو وجهه ابتسامة محب متودد سلم علي بحرارة سألته عن ابنته قال : تحت رحمة الله , دار بيني وبينه حديث ممتع , قلت له مداعبا : أوه نسيت كراتين الورق ,ضحك وفي عينيه شيئا من بقايا اعتذار , ودعته مذكرا إياه أن يلح بدعاء ربه سائلا إياه شفاء بنيته .

مسفر ناصر
04-09-2009, 05:25 PM
المعلم ومسئول الاستخبارات
نظرت في خطة الزيارات فوجدتها تشير إلى إحدى المدارس الأهلية , التقيت بمديرها فوجدته كثير الشكاية من كثرة الأعباء التي يتطلبها العمل في المدارس الأهلية , حرصت أن يطول الحديث بيننا بقصد أن أتعرف على مايملكه من كفايات ومهارات وقدرات لتكون منطلقا للتعامل معه بل لترسم لي رؤية واضحة لما يجب أن نحققه من أهداف ...لم أحتج إلى وقت طويل لكشف ذلك فطريقة كلامه ومنهجيته في عرض أفكاره وطريقته في التعامل مع من يأتيه من المعلمين لا ستشارته تكشف لي أنني أمام عامي يتلبس بشهادة ...وجدت أن من الخطأ أن أطلعه على ما أرغب في تحقيقه لكونه لن يدرك كيرا مما أقول , سألته عن المعلمين فقال : ممتازين إلا واحدا , سألته عن تخلف هذا المعلم عن الركب فقال : هذا المعلم ضعيف الشخصية لا يستطيع ضبط الصف , سألته ولماذا لا يستطيع ضبط الصف ؟ قال : معلم ضعيف, قلت : أعلم أنه ضعيف لكن لماذا لايضبط الصف ؟ هل لا يعرف قواعد ضبط الصف , أم لا يمتلك مهارة الامتاع في عرض درسه مما يصيب الطلاب بالملل فيلجؤون للعبث ؟ أم أن بيئة الصف لا تساعد على ضبط الصف لوجود المشتتات من صور ومجسمات وضوضاء ؟ أم وجود عدد كبير من الطلاب المشاغبين ممن كان حقهم التفريق ...قال : ما أدري لكن ستشاهده يا أستاذ وسترى ضعفه وعلى فكرة يا أستاذ هو أقل معلم في الدرجات لذا نحن نفكر في إلغاء عقده وأن نأتي بغيره قلت : مارأيك نؤجل الحكم عليه حتى تتم زيارته أكثر من مرة قال : لا بأس ....اجتمعت مع المعلمين وكان ذاك المعلم بينهم , سألتهم حول مايواجههم من مشكلات وذكروا مشكلات بسيطة لا تستحق الذكر, شكرتهم وقاموا لاعمالهم طلبت من صاحبي أقصد المعلم الذي لا يضبط فصله أن ينتظر سألته عن صفه وطلابه ومدى ارتياحه في التدريس وهل ثمة مشكلات تواجهه أو تعيق عمله , قال : الحمد لله يا أستاذ الأمور على أحسن حال , أدركت صعوبة أن يصارحني , قررت أن أكون واضحا معه قلت له : تعرف كم تقديرك العام الماضي ؟ قال : لا, قلت : كم تتوقع ؟ قال : لا أدري , قلت : ماذا لو علمت أن درجتك 76 وهي أضعف درجة على مستوى المدرسة بل وجميع المدارس الأهلية , قال : لا أدري السبب يا أستاذ , قلت : أستاذ أرجوك ركز معي هل من المعقول ألا تكون أدركت مشكلتك !! ألم يجلس معك المدير ويوضح مشكلتك ؟ قال : هو يقول أنني ضعيف في ضبط الصف ؟ قلت : رائع لكن لماذا أنت ضعيف ؟ قال: لا أدري هو يقول ذلك ....أدركت أن الحديث معه غير مجد , طلبت منه أن أقوم بزيارته في الصف ...ذهبت لزيارته فوجدت عدد طلابه مناسبا كما وجدت أن الصف لا يوجد فيه مايدعو
لانشغال الطلاب من مشتتات , بدأ يشرح درسه كان واضحا عليه الارتباك الشديد وكان يصوب نظره إلى جهة أحد الطلاب بين حين وآخر , أدركت أن هناك سرا خلف هذا الطالب , لم يطل تفكيري كثيرا في سر هذا الطالب فقد بدأ هذا الطالب بالعبث والمشاغبة مع من يجاوره , العجيب أنه يشاغب باحترافية وبشكل يستفز به المعلم , أصبح المعلم مشتتا بين هذا المحترف وبين درس يرغب في تقديمه , قام يرفع المعلم صوته ليعلو على صوت المشاغب الصغير لكن هذا المحترف قام ينوع في مشاغباته ويتفنن خاصة وقد استحوذ على أنظار زملائه وبقي المعلم يستجدي أنظار من في قلبه رغبة في علم أو حياء من معلم , قررت أن أتدخل خاصة وأن المعلم يزداد حرجا , طلبت من المعلم أن يتوقف , وطلبت من الصغير أن ينتبه للدرس , بادلني نظرات لا تخلو من تحد , بدأ المعلم يعود لدرسه لكن سرعان ماعاد للحديث والعبث قمت من مكاني وجلست بجانبه فعاود صرخت في وجهه وحذرته من الحركة والعبث , شعرت أن ارتباكا وخوفا بدأ يتسلل إلى نفسه , نظرت إليه والشرريتطاير من عيني , جلس هادئا وبدأ المعلم يعيد درسه مرة أخرى ساد الصف هدوء شديد سوى من صوت المعلم والذي بدأ يشرح درسه بطريقة رائعة , اكتشفت أنني أمام معلم متميز...عندما انتهى شكرته , خرجت معه في الممر , قلت : له كم أنا عاتب عليك , سألتك أكثر من مرة هل تواجه مشكلات ؟ وفي كل مرة تؤكد لي أن ليس ثمة مشكلة وأجد أنك تواجه مشكلة حقيقة مع هذا المشاغب الصغير , قال : والله يا أستاذ أنني خجل منك , كنت أخشى أن أظهر أمامك بمظهر المعلم الضعيف الفاشل , لقد كنت الوحيد الذي لا أريد أن يراني ضعيفا في مواجهة هذا الموقف , قلت : لكن يا أستاذ أنا جئت لمساعدتك ..نجاحك نجاح لي وفشلك فشل لي , على كل حال لا يضيق صدرك , قال : مارأيك في تدريسي ؟ قلت : أخشى أن أصارحك فتصاب بالإحباط وتهيم على وجهك في القفار , ابتسم ابتسامة قلقلة , قلت : باختصار لن أخرج اليوم من المدرسة إلا وقد وضع لك المدير تقديرا عاليا ...يا أستاذ أنت من أفضل المعلمين في المدرسة وتملك قدرات رائعة واستعدادات أكثر روعة ..قال : الله يسعدك يا أستاذ اللي أنصفتني لقد كنت محطما بسبب هذا الولد المشاغب ...تدري يا أستاذ أنه من بداية السنة وهو يشوش علي جميع دروسي وقد اشتكيت لمدير المدرسة ولكن دون جدوى للأسف يقتلهم الخوف , قلت : أي خوف , قال : من والده , قال : يا أستاذ الطفل المشاغب الذي صرخت في وجهه فخاف منك وسكت لأول مرة يتعرض لتوبيخ من أحد ...هذا الصغير يعبث بالمدرسة دون أن يتعرض لمحاسبة لا لشيء إلا لأن أباه مسئول في الاستخبارات العامة , قلت : هذا الذي صرخت في وجهه أبوه مسئول كبير في الاستخبارات , قال : نعم , قلت : ولماذا تركتني أصرخ في وجهه ؟ ثم من قال لك أنني كنت أصرخ عليه ,ألا يحتمل أن يكون الصراخ على الطالب الساكن الذي بجانبه ..ضحك ضحكة جميلة أزالت كل مافي نفسه من قلق وتوتر ...قلت : ياعزيزي إننا في دولة تحكم شريعة الله دولة تكفل حق الأمن لكل أحد...إنني متأكد أن هذا المسئول لو علم بالموضوع لساءه ذلك لعلمه أن تخويف الناس بوظيفة ما يجعله عرضة للعقوبة والتوبيخ من ولاة الأمر...إن المباحث والاستخبارات والشرطة إما جاءت لحفظ أموال الناس وأعراضهم ودماءهم إنما جاءت لننعم في بيوتنا بالأمن ...إنهم حماة لنا بعد الله من المخدرات والارهاب والانحراف العقدي والفكري والفساد الأخلاقي ...إن من هؤلاء من ذهب شهيدا في سبيل استقرار أمننا , إن الاستخبارات لم توجد لتخيف أحدا بل جاءت لتبث في النفوس الأمن ...ذهبت لمدير المدرسة فقال : بشر, قلت : معلم رائع ظلمه الخوف من والد المشاغب الصغير أرجوك أن تخاطبه ليحضر للمدرسة لمناقشة وضع ابنه وإطلاعه على واقعه ...كما أتمنى منك أن تبث في نفوس معلميك أن طلاب المدرسة يجب أن يتمتعوا بمعاملة واحدة وأن من يصدر منه سلوك غير مقبول فيجب على كل معلم أن يطلع مدير المدرسة على ذلك ...قبل أن أغادر طلبت من مدير المدرسة أن يغير درجة المعلم وأن يسعى في مساعدته لا سترداد ثقته بنفسه .

مسفر ناصر
04-09-2009, 11:19 PM
المعلم المبدع
حذرني مدير المدرسة أن أثني على ذلك المعلم لكونه لايحب المدح ويراه ضارا للممدوح بل والمادح بل قال : في كل مرة أرغب في تكريمه يرفض رفضا تاما بل ويهدد بالخروج من المدرسة لو أعلن اسمه من المكرمين , عرفت أنه متخرج من الجامعة بتقديرممتاز مع مرتبة الشرف وكان مرشحا ليكون معيدا في الجامعة , سألت مدير المدرسة عن أخلاقه فأثنى عليه خيرا ووصفه بأوصاف كريمة , استأذنت مدير المدرسة لزيارته وجدته منهمكا مع طلابه رحب بي أطلعني على بعض إنجازاته مع طلابه , للأمانة كان معلما مبدعا عظيم الشفقة بطلابه يمارس التعليم رسالة ودعوة لم أشعر بالوقت وأنا أسمع قراءة طلابه , كان حريصا على أن يقدم لطلابه كل ماهو نافع ومفيد , شكرته ودعوت له أن يبارك له في نفسه وولده , اجتمعت به بعد الدرس قلت له : كم أنا سعيد بأدائه وحرصه وأمانته قاطعني قائلا : أرجوك يا أستاذ أريد أن أعرف السلبيات التي لدي لا أريد أن أسمع مدحا قلت : ومن قال لك أنني أمدحك ماذكرته لك إنما هو استهلال أقوله للجميع أقوله للمعلم المتميز وللمعلم الضعيف بمعني أنها ( كليشة) من ضرورات العمل , لا حظت انقباضه قال : طيب يا أستاذ ماهي سلبياتي , قلت : كثيرة لكن قبل أن أقوم بذكرها هل تريدني أذكر إيجابياتك وسلبياتك قال : لا أريد فقط السلبيات , قلت : والايجابيات قال : لا أريدها قلت : طيب سجل عندك أول السلبيات لديك لايوجد عندك إيجابيات ولا مواطن قوة وتميز قال : كيف يا أستاذ , قلت : بصراحة لا أجد لديك موطن قوة واحد ..إذا كنت تعرف جانب قوة لديك اذكره , اتسعت حدقتا عينيه وقام يحملق في السقف , قلت : وجدت شيئا , لم يجب , أخيرا قال : ولا موطن قوة , قلت : ولا موطن قوة وهذا أنت تقف عاجزا أن تذكر موطن قوة واحدا , أتعرف أيها الحبيب لماذا تقف عاجزا عن أن تأتي بنقطة قوة لديك ؟ أتعلم أن جهل الإنسان بمواطن قوته أشبه بمن يملك سيارة تمتلك الكثير من المواصفات الخاصة لكن للأسف لا يعرف صاحبها عنها شيئا فأصبحت مثل غيرها من السيارات التي تفتقد جميع المواصفات الخاصة , قال : أستاذ أشعر أنك تريد أن توصل لي رسالة , قلت : نعم أريد أن أقول لك هناك فرق بين المدح الرخيص وبين التغذية الراجعة التي يمكن من خلالها أن تتعرف على جوانب القوة والضعف لديك , نعم لك الحق أن تعترض لو وصفتك بأنك ممن لو أقسم على الله لأبره أو أن بينك وبين الجنة أن تموت أو أن الله يحبك , أما لو كان الأمر محاولة جادة للتعرف على مستوى الجهود التي نقدمها حتى نعزز الجميل منه ليتكرر ونتخفف من الأخطاء عن طريق السعي في عدم تكررها ...قال : طيب يا أستاذ من غير أن تجاملني ماجوانب القوة والضعف لدي , قلت : لن أجاملك لديك بعض الجوانب الرائعة وكذا لديك بعض مايستحق التحسين لكن ماذا تريد أن نبدأ به , قال : بمواطن القوة طبعا , قلت : تعجبني قال: ممكن أسألك يا أستاذ كيف تتعامل مع النقد ؟ قلت : أحرص على الايجابيات كحرصي على السلبيات هما بالنسبة لي جناحا طائر ...قال : كم أناسعيد بك يا أستاذ وأتمنى أن أحضر لديك بعض اللقاءات , قلت : والله أنني أكثر سعادة بك لعلمي أنك ممن ينفع الله به العباد والبلاد ولا أزكي على الله أحدا , قابلته في عدد من اللقاءت فكان عطرها ومسكها تفاعلا وحضورا وتأثيرا , طلبته ليكون مشرفا تربويا فاعتذر بأنه يجد نفسه في التعليم أكثر ووعدني خيرا في المستقبل.

مسفر ناصر
05-09-2009, 05:41 AM
المعلم العنيد
زرت إحدى مدارس الهجر فوجدت معلم الصف الأول وهو من الأقارب غائبا قمت بسؤال طلابه فوجدتهم دون المستوى ,طلبت من مدير المدرسة أن يخبر معلم الصف بضرورة زيارتي في الإدارة لرغبتي في مناقشته حول بعض الجوانب المتعلقة بمستوى الطلاب , لم يمر يومان أو أكثر حتى دخل علي في المكتب وقد ملأ الضيق نفسه لكونه يرى أن طلبي له بالحضور للإدارة إهانة له , وضحت له خطأ فهمه وأفهمته أن مجيئه والنقاش معه لا يعني أنه معلم ضعيف بل يقصد منه الوقوف على فرص التحسين الممكنة رغبة في تجويد العمل , شعرت أن كلامي لم يلامس شيئا في نفسه فمازال الرجل يرى أن حضوره للإدارة أمرا محرجا له , قلت له : دعنا نتجاوز هذا الفهم إلى مناقشة مادعوتك لأجله وهو مستوى الطلاب , قال : وماذا عن مستوى الطلاب ؟ قلت : لم يكن بالصورة المأمولة , قال : أبد غير صحيح مستوى طلابي من أفضل المستويات , قلت : لك الحق أن تصفه بما تشاء لكن ما المعايير التي قمت من خلالها بتقييم طلابك , ثم إنني حكم محايد لكوني أقوم بزيارة جميع مدارس المحافظة وتستوي جميع المدارس لدي وليس من مصلحتي ولا مصلحة القسم أن يكون أحد فصول الصفوف الأولية ضعيفا , قال : مازلت مصرا على أن مستوى طلابي متميز , قلت له : ولكني طبقت عليهم أحد المقاييس المعتمدة علميا فجاءت النتائج دون المطلوب , ثم دعني أسالك هل اطلعت على الجديد من طرائق تدريس الصف الأول ؟ قال : لا , قلت : هل وقفت على أبرز الأساليب الحديثة في تقويم الطلاب ؟ قال : لا , قلت : هل وقفت على أهم الدراسات المتعلقة بجوانب النمو المختلفة لدى طالب الصف الأول ؟ قال : لا , قلت : هل تعرفت على أنماط متعددة من أساليب التعزيز والتحفيز المختلفة ؟ هل وقفت على الكيفية التي يبنى من خلالها البرنامج العلاجي للطلاب الضعاف ؟ قال : لا....قلت : متى حضرت آخر دورة تدريبية ؟ قال : لم أحضر ولا دورة , قلت : لماذا ؟ قال : يقولون مافيها فائدة , قلت : ومن هم الذين يقولون , وكيف تبني قناعتك تجاه أمر ما على ( يقولون ) ...عموما سأكون سعيدا لو سجلت في أحد الدورات التي يقيمها القسم , قال : ليس لي رغبة وأشعر أنها لن تضيف لي شيئا , قلت : أمامك الكثير من الدورات انتق منها مايناسب وقتك سواء هذا الشهر أو الذي يليه المهم أن تحضر وتستفيد , قال : أعتذر لا أرغب ...قلت : القسم يؤكد على معلم الصفوف الأولية الذي يسعى في تطوير نفسه , قال: وما الذي سيحدث عندما أرفض حضور الدورات , قلت : سنبحث عمن يتطور , قال : أرجو ألا تتعب نفسك لن أحضر دورات , قلت : عموما تعلم جيدا ان تخصصك لايصلح لتدريس الصف الأول وأن مكانك الصحيح هو التدريس في المرحلة الثانوية لكونك صاحب تخصص دقيق , قال : ولكني لا أرغب في تدريس الثانوي , قلت : والقسم عندنا لا يرغب في المعلم الذي لا يتغير ولا يتطور في زمن أبرز معالمه التطور , قال : أعتذر عن حضور الدورات كما أرغب في الاستئذان , قلت : صدقني لو خرجت من هذا المكان وأنت مصر على قرارك أن أرفع خطابا بعدم حاجة القسم لك وأطلب الاستفادة منك في تدريس تخصصك صدقني , قال : أنا مكاني تدريس الصف الأول ولن يبعدني أحد , قلت : سيبعدك عنه عنادك ورفضك تطوير نفسك , قال : طيب يا أستاذ سأحضر دورة واحدة فقط , قلت : هذا ماكنت أطلبه منك في البداية , قال : طيب متى أقرب دورة قلت : الأسبوع القادم وسأكون أنا المدرب وكم سأكون سعيدا بحضورك ... خرج من عندي وأنا أعلم أن نفسه تحدثه بالعودة إلي وإعلان رفضه حضور الدورة لعلمي بما في نفسه من المكابرة ومحاولة إثبات الذات , بعد أسبوع دخلت قاعة التدريب بحثت عنه بين المتدربين وجدته قد اختار مكانا في صدارة الحضور غير أن عبوسه وتقطيب وجهه كان مرتفعا , رحبت بالحضور وبدأت البرنامج , لا حظت أنه يرمقني بعينيه حال نظري لغيره فإذا توجهت بنظري إليه صد متشاغلا , كنت متأكدا أنه منزعج من حضوره , بدأت في مناقشة المتدربين فتفاعلوا سواه , استمر على هذا الحال يومين , عندما كان اليوم الثالث بدأت في الثناء على بعض المتميزين في التدريس في مدارس الهجر وذكرت بعض الأسماء وكان من جملة من ذكرت اسمه , عرفت أثر ثنائي عليه في وجهه ونظرته السريعة لمشاهدة وجوه الآخرين حال ثنائي عليه , بدأ يرفع يده يطلب المشاركة في النقاش , فتحت له المجال كما منحته تعزيزا عاليا , كان اليوم الرابع لهذا العنيد غاية في التوهج والتميز بل كان رجل اليوم الرابع والأخير من البرنامج , استوقفني حال خروجي من قاعة التدريب وهو يبدي شكره على ما استفاده من البرنامج , وكان مما قاله أن هذا البرنامج غاية في الروعة والفائدة , قلت : هذا يعني أننا سنراك في البرامج القادمة , قال : لن أحضر إلا عندك , قلت : رائع بالنسبة لي أن أحوز على ثقتك , لكن صدقني أنك لو حضرت عند فلان وفلان ستغير نظرتك ولن أكون مدربك الوحيد , يافلان كما أنه قد يكون لدي ما يفيد فإن لدى زملائي في القسم ماهو أكثر نفعا وعمقا وخبرة , أرجوك أن تتجاوز هذا الرفض وتستبدله بالسعي في تحصيل الفائدة , قلت له : كم دفعت لتحضر هذا البرنامج ؟ قال : لم أدفع شيئا , قلت : أحسنت لم تدفع لكون الوزارة هي التي تدفع أجور المدربين لهذه البرامج المسائية , هل تعلم أيها الحبيب أنني قد سافرت خارج المملكة لحضور برنامج تدريبي تبلغ رسومه 12150 ريال غير الإقامة والتنقل وغيرها , أتعلم لماذا ؟ لأجل أن أعيش حياتي سعيدا , أن أعيش حياة واعية , أن أسابق الزمن بحثا عن نسختي الأجمل معرفة وتفكيرا وسلوكا وفهما للحياة , ياعزيزي لا تفتر عن طلب العلم والمعرفة ولا ترض منها بالقليل , ياعزيزي أتعب جسدك في شبابك فما أسرع مايخونك ويكلك إلى عقلك , قلت : يافلان أنت تحمل بين جنبيك نفسا جميلة فطيبها بالإيمان والعلم , وإنني أجزم أنك ستكون مبدعا في مجالك وتذكر كلماتي هذه جيدا , وتمضي بي وبه الأيام فيتصل بي زميلي مساعد مدير مركز الإشراف أبو حمد ليخبرني بزيارته لإحدى مدارس الهجر وأنه يرغب في تكريم هذا المعلم عن طريق مركز الإشراف , سألته عن اسمه , قال : فلان يقصد صاحبي , قلت : ماشاء الله تبارك الله , قال : الرائع أنه نسب هذا التميز لتوجيهاتك له , قلت : أخشى أنه كان يمكن أن يكونأكثر روعة وإبداعا لو سلمه الله من توجيهاتي , ضحك ضحكته التي تميز بها , قلت : استعن بالله فهو يستحق التكريم وأكثر , قابلت المعلم يوما ما , ذكرته بكلامي السابق وأنني كنت متأكدا أنه سيكون مبدعا , قلت : أتذكر عندما هددتك برفع خطاب للمسئولين أطلب فيها نقلك للمرحلة الثانوية , لقد كنت أدرك أن معدن الذهب قد يحتاج في بعض الأحيان إلى شيء من القسوة ليكون أكثر لمعانا , كنت متأكدا أنك ستدرك يوما من الأيام أنني مافعلت ذلك معك إلا رغبة في نفعك , لقد أحاطني معك أكثر من واجب , الدين والأمانة والمواطنة الصالحة وأخيرا اللحمة والسدى ( بضم اللام الثانية وضم السين في الكلمة الثانية ) والمقصود قرابة الرجل وخاصته .

مسفر ناصر
05-09-2009, 05:56 PM
سقراط كان حاضرا

كانت خطتي في الزيارة هذا اليوم من نصيب إحدى المدارس الأهلية التي يجمعني بمديرها مودة كبيرة واحتراما عاليا فهو من مديري المدارس الجادين ومن ذوي الخلق الرفيع والأداء المتميز , استأذنته في عقد اجتماع مع معلمي الصفوف الأولية , رحبت بهم وعرفتهم بنفسي وطلبت التعرف عليهم وعلى خبراتهم , شاركنا في حضور الاجتماع وكيل المدرسة وهو من نفس جنسية المعلمين , ذكرت لهم أن هدف الاجتماع تحديد الأهداف التي نرغب في تحقيقها سويا هذا العام , بدأنا في مناقشة هذه الأهداف وسبل تحقيقها , عندها قام معلم وهو يتكلم بصوت مرتفع : يا أستاذ كل ماستقوله نحن نقوم بعمله , لم أرتح لطريقته في رفع الصوت ولا لأنفاس الكبر والفوقية التي نطقت بها كلماته , وأنا أفكر في الرد عليه بأن يجعل هذا الحكم في آخر الاجتماع بادرني يحمل بين يديه مذكرة كبيرة تضم أنشطة وتدريبات يقدمها لطلابه ويفتح هذه المذكرة أمامي يتصفح ويشرح مافيه من أنشطة , قلت له : شأشاهد كل ما لديك بعد الاجتماع لم يلتفت إلي وواصل شرحه لما تحويه المذكرة من أنشطة , جاملته وبدأت أقلب معه بعض الصفحات طلبت منه بعدها أن يجلس ووعدته بمشاهدة كل ما لديه بعد الاجتماع , قال : أريد أن أريك شيئا مهما وواصل تقليب الصفحات , بدأت نفسي تضيق من تصرفه أمسكت المذكرة وأغلقتها وقلت : أرجوك يا أستاذ لا نريد أن نتأخر في الاجتماع أو أن نخرج منه دون أن نتفق على ماجئت من أجله , رجع لمكانه وهو يتمتم ويقول : حتى تعرف يا أستاذ أن كل ماستقوله نحن نقوم بعمله , قلت : ياعزيزي قد يكون بعض ما أقوله جديدا عليك فلا تعجل , رجعت لمناقشة موضوع الاجتماع فذكرت لهم بعض الآليات التي سنطبقها , شعرت أن سلوك الاعتراض كان سائدا لدى أكثر المجموعة , أدركت تماما أني أخوض تجربة جديدة لم تصادفني من قبل خاصة في المدارس الأهلية التي يغلب على معلميها المسالمة والملاينة , قلت لهم : سنطبق بإذن الله تبادل زيارات بين معلمي المدارس الأهلية في المحافظة حيث سنقوم بزيارة مدرسة أخرى للوقوف على ماعند معلميها من خبرات , رفع المعلم صاحب المذكرة يده قائلا : أما أنا فلن أزور أحدا , قلت : لماذا ؟ قال : لن يضيفوا لي شيئا , قلت : لم لا تترك الحكم حتى نهاية الزيارة , بدأ البعض يشاركه في الرأي لكنهم لا يتصفون بحدية وجلافة صاحب المذكرة , كان الوكيل يراقب الموقف ويحاول أن يلطف من حدية كلام المعلم صاحب المذكرة ويحاول بين حين وآخر أن يعتذر بلطف , ذكرت لهم أننا سنستقبل معلمين من مدارس أخرى لنطلعهم على ما لدينا من خبرات , تكلم صاحب المذكرة قائلا : أنا لن أستقبل أحدا منهم في فصلي , لم أرد ساد السكون الرهيب المكان نظرت إلى الوكيل وجدته منزعجا ومضطربا , أغلقت حقيبتي وقلت : السلام عليكم وقمت وخرجت متجها للإدارة ونفسي تغلي من هذا المعلم وسلوكياته , دخلت الإدارة استقبلني المدير مبتسما قلت له : أرجوك كوبا من الماء , حاول المعلمون الدخول إلى الإدارة , قلت له : أبا فلان تكرما لا تدخل أحدا منهم , قال : عسى ما شر قلت : لا أبد يبدو أنني متعب , حاول المعلمون سوى صاحب المذكرة الدخول فخرج عليهم المدير وطلب من كل واحد منهم أن يذهب إلى حصته , وعاد إلي , حينها دخل الوكيل وهمس في أذن المدير ذاكرا له الموقف , التفت إلي المدير وقال : شف يا أستاذ أولا أنا أعتذر عن الموقف الذي فعله هذا المعلم , والله لوتطلب أن يلغى عقده هذا اليوم لفعلت وقام يطيب نفسي بكلمات طيبة , قمت قلت له : أنا أستأذنك في الخروج من المدرسة وأرجوك ألا تتخذ شيئا تجاه المعلم فقد أكون أنا المخطىء وسأعود إليك بعد أسبوع لمناقشة الموضوع .

مسفر ناصر
05-09-2009, 07:52 PM
عدت إلى المدرسة بعد أسبوع , حال أن رآني المدير حتى بدأ في اعتذار طويل من تصرفات معلميه خاصة المعلم صاحب المذكرة , كان مما ذكره أن الوكيل قد ذكر له كل شيء , وصفني بالحلم والأناة ( شككت أنه يقصدني ) ثم ذكر استعداده لاتخاذ أي عقوبة ترضيني تجاه المعلم , شكرته على شعوره وأكدت له أنني سأتعامل مع الموقف بطريقة مختلفة هي أشد من إلغاء العقد , ذكرت له أنني سأستخدم معهم الطريقة السقراطية , وأنني أريد منه متابعة الموقف وتقييمه , طلبت منه أن يستدعي كل معلم لوحده ....جلست مع الأول وطلبت منه أن يحضر دفتر تحضيره وبدأت في نقاشه في أمور دقيقة في الأهداف السلوكية واشتقاقاتها ومصادرها ومستوياتها ثم انتقلت إلى طرائق التدريس والفلسفات التي تنطلق منها وكل ذلك على شكل أسئلة والمعلم يعلن عجزه عن الإجابة , ثم ألتفت للمدير وأقول له كيف تمكنون الأستاذ من تدريس الطلاب وهو لا يدرك من هذه الأمور شيئا , ساهمت نظرات المدير وحثه المعلم على الإجابة في زيادة توتر المعلم , طلبت منه أن يخرج ويستدعي زميل آخر له ممن يرى نفسه أفضل المعلمين , قبل أن يقوم قال : والله يا أستاذ أنا أعتذر عني وعن زملائي وصراحة أن تسأل عن أشياء أكبر من مستوانا ونريد نستفيد منك فيها , قلت له : لم يترككم الغرور والكبر أن تتعرفوا على ما لدى , عموما سأنظر أنا ومدير المدرسة في مدى صلاحيتك للتدريس لكونك لا تعرف شيئا عن الكثير من الأمور التربوية والنعليمية , قال : المهم ألا يكون في نفسك علينا شيئا , خرج وجاء زميل آخر له فعلت معه مافعلت مع زميله وكانت ردة فعله شبيهه لسابقه , خرج قال لي المدير : بصراحة يا أستاذ ودي أعرف هذه الطريقة , قلت : بعد ما أنتهي من مناقشة المعلم صاحب المذكرة سأخبرك بكل شيء , طلبت المعلم صاحب القضية , دخل علينا متوترا سلم رددت عليه السلام , أراد أن يبرر تصرفه , قال له المدير : لا نريد مناقشة الماضي بناء على رأي المشرف , قلت : لا نريد تضييع الوقت فيما لا ينفع , أنا أرغب في مناقشتك حول بعض القضايا المتعلقة بدفتر التحضير في حضور مدير المدرسة , قال : لا بأس قلت : المعلمون لدي ثلاثة ممتاز ومتوسط وضعيف ولكل واحد منهم مناقشة وحوار مختلف فأين تضع نفسك من هؤلاء ؟؟ قال : أرى نفسي من النوع الأول , لكن أنت يا أستاذ أين تراني ؟ قلت : لست أدري لكن إجاباتك على التساؤلات التي سأطرحها عليك ستكشف من أي نوع أنت , ولعل مديرك هو الذي سيحدد من أي نوع أنت , قال : اسأل مابدا لك , فتحت دفتر التحضير وبادرته قائلا , أستاذ جزما أنك كل درس تصوغ له أهدافا سلوكية , قال : نعم , قلت : مامصادر الأهداف السلوكية التي تأتي بها؟ لم يعرف الإجابة قلت : طيب , لم أشاهدك قد وضعت هدفا وجدانيا في دروسك السابقة , قال : بل وضعت الكثير , قلت : أخرجها لي , قام وأتي بهدف معرفي , مانوع هذا الهدف ؟ قال : وجداني , قلت : أو معرفي , قال : يا أستاذ المهم أن الولد يقرأ ويكتب , قلت : أفهم أنك لا تعرفها , قال : بل أعرفها , قلت : رائع سأقتنع بكلامك عندما تذكر لي مستويات الهدف الوجداني , قال : طيب يا أستاذ ننتقل لنقطة أخرى , قلت : لن ننتقل حتى تقول لي أنها غير واضحة لديك , قال : بصراحة غير واضحة , قلت : ممتاز اتفقنا أن الأهداف السلوكية غير واضحة لديك , قال : نعم , قلت : إذا ننتقل إلى نقطة أخرى , كم طريقة تدريس تستخدم في تدريسك ؟ قال : الكثير الكثير مثل المناقشة والحوار والتعلم التعاوني , قلت : لقد نظرت في دفتر تحضيرك فلم أجد فيه شيئا من هذه الطرق , قال : أنا أستخدمها في الفصل ولا أكتبها : قلت : يعني أنك تكتب خلاف ما تعمل داخل الفصل , هنا تدخل المدير وقال : كيف يا أستاذ يعني الموجود في الدفتر يختلف عن مايطرح في الدرس , قال : ليس مائة في المائة , قلت : لكن دفترك يدل على أنك لا تعرف سوى طريقة واحدة , قال : لا يا أستاذ أنا أعرف الكثير , قلت : رائع تعرف التعليم المدمج , قال : لا , قلت : تعرف الإثارة العشوائية قال : لا , قلت : تعرف مدخل الأحداث الجارية , قال :لا , قلت : تعرف الفرق بين الطرق التالية الحوارية والمناقشة والاستجوابية والأسئلة والأجوبة !! تكلم عن الفرق , قلت : لم يذكر كلامك أحد من المتخصصين , قلت : تعرف الفلسفة التي تنطلق منها الطريقة الإلقائية ؟ قال : لا , قلت : مارأيك لو ذهبنا إلى التقويم , هل تعرف البورتفليو ؟ قلت تعرف أدوات التقويم البديل ؟ قال :لا , قلت : هل تعرف مفهوم الإتقان للمهارة ؟ قال : بصراحة لا , قلت : مارأيك ننتقل لخصائص النمو للصف الذي تقوم بتدريسه , أو نتحدث عن كيف تبنى الأنشطة التي تقدم للطلاب , أو نتكلم عن المعايير المحكية والمرجعية , أو نتكلم عن كيفية بناء البرنامج العلاجي للطلاب الضعاف , قلت : والآن سيحكم مدير المدرسة من أي أنواع المعلمين أنت ؟ قال المدير : بصراحة يا أستاذ فلان أنا مصدوم فيك وأرى أنك لا تستحق حتى أن تكون معلما ضعيفا لم تجب على سؤال واحد, ثم التفت إلي قائلا : شف يا أستاذ لو طلبت مني ابعاده عن تدريس الصفوف الأولية سأنفذ طلبك الآن , قلت : أرغب في سماع رأيه , التفت إلي وفي عينيه انكسار إذا ترى يا أستاذ أني ما أدرس الصفوف الأولية لك ذلك , قلت : بصراحة لا أراك تصلح , التفت إلي قائلا : أستاذ ممكن أذهب للراحة خمس دقائق وأعود , قلت : لا بأس , ذهب ليستريح قال لي مدير المدرسة : أستاذ أشعر أنك تريد تلقينه درسا لا ينساه , قلت : نعم أريد أن يعرف أن الكبر والغطرسة والفوقية سلوك بغيض , أريد منه أن يعرف أنه مهما بلغ من علم فإن مايجهله كثير كثير , أريد أن يعرف أن بركة العلم تظهر في سلوك صاحبه , مرت دقائق دخل علينا المعلم وقد بلغ به من التأثر مابلغ قال لي : والله يا أستاذ إنني سعيد بك فقد كشفت لي الكثير من الأمور وأقدم لك اعتذاري عما بدر مني تجاهك , كما أعتذر لمديري لما سببته له من حرج , أما صلاحيتي للتدريس فهذا شأنكما إن كنتما تريان عدم صلاحيتي للتدريس فالقرار لكما , قال المدير : بصراحة يا أستاذ مواقفك كثيرة وتحرجنا كثير مع الآخرين , قلت للمعلم : لست سعيدا بفوقيتك ولا بانكسارك , ياعزيزي أنت معلم جيد
لكن تفسد تميزك بغطرستك وكبرك , ولولاهما لكنت معلما ذا شأن , أمسكت يده وقلت : حتى لو فرط فيك المدير لن أفرط فيك فمثلك أتعلم على يديه الحلم , ضحك وأعاد اعتذاره , قلت له : والله ماتمنيت أن يكون هذا الموقف بداية لقائي بك وبزملائك , صافحته وأنا أقول لي معك لقاء في الصف عندها لن أرحمك , ضحك وقال : يا أستاذ اللي شفته اليوم يكفي عن سنة ....جلست مع المدير وقلت له : إن سقراط كان حاضرا فهذه منهجيته في الحوار, لقد كان هذا المعلم يفيض كبرا وتيها وكان أحوج مايكون أن يعرفه أحد بقدره حتى تتحطم تماثيل الغرور التي نصبها في صدره فحرصت أن أسأله أسئلة تكشف ضعفه ونقصه , زرت المدرسة مرة أخرى واجتمعت مع المعلمين وكل ما اقترحت شيئا ردوا علي بالموافقة إجماعا , ضحكت من قلبي , قلت لهم : والله أن موقفكم السابق أحب إلي من هذه الموافقة البغيضة , قال أحدهم : والله احترنا إن اعترضنا مش نافعين وإن وافقناك برضه مش نافعين , قلت : يعني مافيش حل وسط , ضحك الجميع وكانت سنة جميلة معهم بل كان أجملهم على الإطلاق ذاك المعلم صاحب المذكرة , قلت لهم في نهاية السنة : لقد كشفت الأيام طيب معدنكم وأصالة أخلاقكم فشكرا لكم .

مسفر ناصر
06-09-2009, 06:18 AM
الضحية
دخلت على معلم من معلمي الصفوف الأولية يدرس الصف الأول في إحدى المدارس الكبرى فوجدت طلابا كالورود ينطق وجه كل واحد منهم بمستقبل مشرق لهذه البلاد المباركة , ما أجمل أن تمتع عينيك بعالم الطفولة الذي لم تدنسه بعد شهوات الجسد والروح . لفت نظري أحد الطلاب الكبار يجلس في الصف الأخير , يبدو أنه من طلاب الصف السادس قررت الإدارة معاقبته لسلوك بدر منه بأن يدرس مع الصف الأول يريدون تقريعه وتوبيخه ولن تكون مخطئا لو قلت يمسخون إنسانيته هكذا كانوا يفعلون مع بعض زملاء دراستي المقصرين أبان دراستي في المرحلة الابتدائية , قطعت توقعاتي بسؤال المعلم عن الطالب , يبدو أنه لم يحل الواجب قال : لا , قلت : إذا دخل في شجار مع زملائه من طلاب الصف السادس , قال : لا يا أستاذ هذا طالب عندي هنا , لم أستوعب ماقاله , قلت : أيش , قال : من طلاب الصف الأول , قلت : الأول الأول , قال :نعم , قلت : دعنا نخرج من الصف حتى لا يسمع حديثنا , خرج معي , قلت : دخل للمدرسة متأخرا , قال : لا , رسب في الصف الأول خمس مرات وهذه المرة السادسة , قلت : كلها قد رسبها عندك , قال : لا نحن أربعة فصول يدرسها أربعة معلمين رسب عندهم جميعا ثم عاد ورسب عند أحدهم مرة ثانية وهاهو يعود لي مرة ثانية , قلت : وكيف هو ؟ قال : مسالم بدرجة كبيرة لايبدر منه أي إزعاج لكنه لا يفهم شيئا قدراته العقلية ضعيفة , قلت : ولماذا بقي حتى الآن , لماذا لم يحول إلى مسارآخر ؟ قال : لا أملك جوابا....فهمت فيما بعد أن والده يستجدي الإدارة كل سنة أن تبقيه في المدرسة لوجود إخوته ولكون المدرسة أحفظ له من الشارع , قلت للمعلم : ماذا قدمت له ؟ قال : قدمت له الكثير , قلت : مثل ماذا ؟ قال : قمنا باستدعاء والده أكثر من مرة , قلت : أقصد ماذا قدمت له من برامج علاجية , قال : شرحت له كثيرا لكن لا أمل معه هذا يا أستاذ متخلف عقليا ,لديه صعوبات في التعلم , قلت : أنت متخصص في التخلف العقلي أو صعوبات التعلم حتى تحكم بذلك , قال : لا لكن واضح هذه المرة السادسة في الصف الأول , قلت : يعرف الحروف , قال : بعض الحروف , قلت : مثل , قال : لا أذكر , قلت : لديك كشف يوضح الحروف التي يعرفها والحروف التي لا يعرفها , قال : لا , قلت : طيب كيف تقدم له برنامجا علاجيا وأنت لم تحدد مشكلته بالضبط , سكت , قلت : له هل تأذن لي أن أقدم له برنامجا علاجيا لمدة حصتين بعد أن أحدد مشكلته بالضبط , قال : يسعدني ذلك وهي فرصة لأستفيد , عدنا للفصل , قمت اتأمل الطلاب الصغار ثم توجهت بنظري للمكان الذي يجلس فيه , دققت النظر فيه رأيت انه يسترق النظر إلي , لم أقو مواصلة النظر إليه رأيت بؤس الدنيا كلها يرتسم في عينيه , كان شكله بين الصغار يبكي صاحب القلب الحجر بدأت في سؤال الطلاب بحثا عنه , كنت أريده , كنت أحاول أن أقترب منه أثناء المناقشة , كنت أدرك أنه كان خائفا مني , قررت سؤاله , اقتربت منه خيل إلي أنني أسمع صوت دقات قلبه من خوفه وتوتره , سألته عن اسمه وبدأت في مداعبته , مازال متوترا , طلبت منه أن يخرج معي على السبورة بمجرد أن كشف فمه عن ابتسامة جميلة , رجع له التوتر عندما قرب من السبورة , كتبت له حرف الطاء وسألته عنه فعرفه , وضعت عليه كسرة فلم يعرف وكذا ضمة فلم يعرف , أدركت أنه لا يعرف الحروف بالحركات , بدأت برنامجي العلاجي كتبت الطاء مرة أخرى وتحتها كسرة قلت له : هذه طي وقمت ومسحتها وكتبت الطي مرة أخرى وطلبت منه أن يقرأها ومازلت على هذا الحال عشرين دقيقة من غير ملل وبعد أن أتقنها انتقلت إلى الطو ومازلت معه حصتين حتى أتقن حرف الطا بجميع الحركات بل وعدد كبير من الحروف , كنت بين فترة وأخرى أطلب من زملائه التصفيق له بحرارة , خرجت من شفتيه ابتسامة تفيض بالفرح والبهجة , بدأ صوته يظهر , زملاؤه كانوا سعيدين بنجاحه ...شكرت المعلم على صبره معي , قلت له وأنا أسير معه في الممر : أسألك بالله مارأيك ؟ قال : والله يا أستاذ لست مصدقا تفاعل الطالب معك بل وفهمه معك , قلت له : ياعزيزي هذا الطالب ليس متخلفا عقليا ولا عنده صعوبات في التعلم بل يحتاج إلى جهود مضاعفة فإذا كان غيره يفهم من مرة واحدة فهو يفهم في المرة العاشرة لذا ليس مطالبا أن يفهم من المرة الأولى , لقد كنت أنت وزملاؤك تقفون عند المرة الثالثة أو الرابعة ثم تلهبون نفسه بسياط التقريع والتوبيخ ولو أنكم أكملتم معه حتى العاشرة لكان الآن بين طلاب الصف السادس إنه باختصار ضحية نسعى في كل يوم أن نجدد ذبحها , والله إني أخشى علي وعليك أن يتعلق برقابنا أمثال هؤلاء يوم القيامة , أو يكونوا سببا في أن يحبط الله أعمالنا بسبب تقصيرنا معهم , خرجت من المدرسة ذلك اليوم وأنا مثقل بحزن شديد هزني الموقف كثيرا جلست في السيارة مهموما لم أتمالك نفسي من البكاء ...للأمانة كان موقفا مؤثرا ..لم تغب ملامحه عن عيني كثيرا ...كلما أتذكره وأتذكر جلوسه بين الصغار ونظرات الرعب والخوف في عينيه وصبره على الجلوس خمس ساعات يوميا محطما لا ينتظر أملا ولا نظرة من محب .

نحو المعالي
06-09-2009, 06:47 AM
أيها القائد التربوي المبدع


اسمح لي أن أقدم لك التحية الإشرافية

إجلالاً لجميل الذكريات

مسفر ناصر
06-09-2009, 10:56 PM
الله يرضى عليك
يسعدني أن تجد هذه الذكريات صدى طيبا في نفسك و نفوس من يقرؤها .
رفع الله قدرك وأنالك من المعالي أعلاها .

مسفر ناصر
07-09-2009, 01:02 AM
الطالب البائس
كنت في حديث مع مدير المدرسة حول جهود معلميه في تدريس الصفوف الأولية , أثنى المدير على معلميه خيرا , سألته عن مستوى الأمن النفسي الذي يمنحه المعلمون لطلابهم , أكد انه مرتفع وأن الحس الإنساني لدى معلميه عال وقام يدلل على بعض المواقف التي لا تخلو من سلوك كريم , استأذنته في الاجتماع بالمعلمين , قابلتهم وكان الحوار عن الأمن الذي يجب أن نمنحه لطلابنا , كنت أردد عليهم قوله تعالى ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) كنت أقول لهم : يا أحبتي قبل أن تشير بأصبعك نحو طالب تصفه فيها امام زملائه بأنه ضعيف ونقص في الفهم تأكد أنك تهدمه وتمسخ كل جمال في نفسه , تأكد أنك تتفنن في طمس كل معاني الإنسانية في ذاته , قلت لهم : إن دورنا أن نبعث الحياة من جديد في نفوس طلابنا , أن نساعدهم ليتعرفوا على قدراتهم وطاقاتهم , أن نأخذ بأيديهم مرات ومرات , إننا لم نأت لنثبت فشلهم ونسعى لنعرف الآخرين به مديرا ووكيلا ومعلمين وولي أمر , بل أن نقول له : ياصغيري لا تقلق ما لا تعرفه اليوم سأساعدك لتعرفه غدا ....سألتهم بالله أن يعاملوا طلابهم كما يحبون أن يعامل أبناؤهم ...وعدتهم بزيارتهم في فصولهم المرة القادمة , يسر الله لي زيارة المدرسة مرة أخرى فدخلت على أحدهم فوجدته أبا لطلابه رحيما بهم مشفقا عليهم , لين العريكة طيب اللفظ واللحظ , شكرته بعد الزيارة داعيا الله أن يكثر من أمثاله , انتقلت لجاره طرقت الباب , أذن المعلم لي فسلمت عليه وطلابه وتوسطت الاصف أبحث عن مكان أجلس فيه بادرني بشكوى وضيق , قال لي: مع كل ما أبذله مع بعض الطلاب إلا أن البيت لا يؤدي دوره بشكل جيد , دعني يا أستاذ أريك بعض الطلاب الذين قدمت لهم الكثير لكن للأسف لا أجد تجاوبا من البيت , قاطعته قائلا : طيب دعنا نقف على بعض الجوانب المشرقة والكثيرة لديك أنت وطلابك , وسنتناقش في فرص التحسين خارج الصف , جعل بعض الطلاب يقرؤون , ثم يأتي لي هامسا : هذا الطالب تعبت معه , للمرة الثالثة يعيد , قلت : أستاذ الله يحفظك أريد أن أرى بعض الأشياء الجميلة أولا , رجع يكرر الشكوى , أدركت أنني أنفخ في رماد , قلت : أستأذنك في مناقشة الطلاب والحديث معهم , سألت طلابه فوجدت فيهم من تأسف على أن كان قدره أن يكون هذا معلمه , أخرجت الطلاب فوجدت منهم المتميز والمتوسط والضعيف , كنت أحثهم على المشاركة والتفاعل وكنت أتجاهل نداءات المعلم لي بإخراج أحد الطلاب الكبار حتى أتعرف على تقصيره وضعف متابعة المنزل , التقت عيناي بعيني الطالب الكبير يبدو أنه في الثانية عشرة من عمره ومازال في الصف الثالث الابتدائي , أكثر من إلحاحه أن أخرجه , طلبت منه أن يعطيني فرصة لمناقشة الطلاب , قال لي : يا أستاذ أرغب أن ترى مستواه !! أخرجته مضطرا بعد أن أخذت على المعلم عهدا ألا يقوم من كرسيه وأن يتركني أناقش الطلاب , مازحت الطالب الكبير , قال المعلم : هذا يا أستاذ حاولت معه بكل الطرق لكن لا فائدة , قلت للمعلم : أرجوك يا أستاذ دعني وصاحبي ...طلبت منه أن يكتب كلمة ( من ) قام الطالب يفكر , قلت له : مكونة من حرفين ميم ونون ...شعرت من نظرات الطالب أنه مدمر الهوية مزعزع الثقة لا يستطيع أن يكتب اسمه , قام يفكر ويحاول ساعدته حتى كتبها طلبت من المعلم والطلاب أن نصفق له جميعا , قام يبتسم ابتسامة الخائف , يبدو أنه التعزيز الأول الذي يتعرض له هذا الطالب , لم يصبر المعلم قام من كرسيه يطلب مني أن أعطيه كلمة صعبة أو كما يقول كلمة فيها همزة , طلبت منه أن يخرج معي خارج الصف , هناك رجوته أن يدعني مع الطالب ويكتفي بالمراقبة والملاحظة , عدنا للصف , قمت أنتقي بعض الكلمات السهلة وأطلب من الطالب كتابتها ومع كل كلمة يكتبها تزداد ثقته بنفسه , عاد المعلم يجدد طلبه بأن أعطيه بعض الكلمات التي ستكشف حقيقته , جددت رجائي للمعلم أن يدعني مع الطالب ويجلس في مكانه , كان مصرا على أن يثبت عجز الطالب وفشله , والمحزن أن الطالب يفهم رسالته ويفهم تحطيمه , العجيب أن لغة جسد الطالب وتعابير وجهه كانت أقدر على التعبير عما في نفسه , شعرت بتعب شديد وضيق من هذا المعلم البشع , قلت له : أما أن تتركني أواصل ما أريد أو أن أخرج , قال : يا أستاذ أردت أن أعرفك بمستوى هذا الطالب الضعيف المقصر والمهمل , صددت عنه وودعت الصغار واستأذنته في الخروج , لحقني بعد خروجي مباشرة وهو يسأل عن رؤيتي لجهوده , قلت له : أقول لك رأيي من غير أن تزعل , قال : أبدا يا أستاذ لن أزعل : قلت تعدني , قال : نعم , قلت : أنت أسوأ معلم مر علي , والله أنك تظلم نفسك وطلابك أن رضيت أن تكون معلما !! يا أخي اتق الله أحاول انتشال الطالب من فشله الذي أشك أن يكون هو المتسبب فيه وأنت مصر على اثبات عجزه وتقصيره !! قال : كنت أريد أن أعرفك بأنه طالب ضعيف , قلت : وجسمه الكبير بين الصغار ألا يكشف ضعفه !! تردده وعجزه عن كتابة بعض الكلمات السهلة ألا يكشف ضعفه !! تأكيدك البغيض لي منذ اللحظة الأولى عن واقعه ألا يكشف لي ضعفه , أقسم بالله أن مكوثه في بيته نائما عاطلا خير له من عذاب يتجرعه كل يوم وليته يجد مقابل عذابه ماينفعه !! ليت لي أن أكشف صدره لأريك بغضه لك ولكل كلمة ونظرة تسحقه بها ....تركته وذهبت للإدارة , لحقني يريد توضيح الصورة , قلت : له أرجوك لا أستطيع الحديث معك قبل الحصة الخامسة , أكملت زياراتي للمعلمين وكانوا على حال مرض , بعد الخامسة جاءني وجلس بجانبي قائلا : يا أستاذ أنا لا أريد تدريس الصف الثالث وسأطلب من المدير أن يكلفني بتدريس الصفوف العليا , قلت : لماذا ؟ قال : يا أستاذ أنت حطمتني وجعلتني معلما فاشلا ولا أصلح للتدريس , قلت : أسألك بالله كيف كانت نفسيتك خلال الساعتين السابقتين , قال : في الحضيض , قلت : بكل صراحة حشيت فيني في غرفة المعلمين , قال : بصراحة نعم , قلت : انظر تطلب ترك التدريس في الصفوف الأولية ولم تتورع عن غيبتي وكل ذلك لأجل كلمات صدرت مني وقت انفعال ومرة واحدة فقط , مارأيك ياعزيزي فيما تفعله بطلابك كل يوم وخاصة هذا الطالب البائس ألم تستشعر مدى الآلام التي تملأ نفسه بها , ألم تستشعر قسوة نظرات زملائه له وكلماتهم في الفسحة وغيرها بأنه غبي بليد !! ياعزيزي ضاقت نفسك من كأس تجرعت منه قطرات وتدفعه في حلق هذا الصبي دفعا , قال : قبل أن أترك تدريس الصفوف الأولية ما رأيك في تدريسي ؟ قلت : تمتلك مهارات جيدة في بعض الجوانب لا يمتلكها الكثير من المعلمين وقد ظهر ذلك في بعض قراءة طلابك , قال : كيف نجمع بين كوني أسوأ معلم وأن لدي جوانب رائعة ؟ قلت : لا تعارض ...تعاملك اللانساني لايلغي تميزك في بعض الجوانب لكن ياعزيزي تذكر أن بناء الطالب علميا على حساب كرامته وهدم إنسانيته لا قيمة له , كم ستكون رائعا لو تحديت مع نفسك في أن تقدم كل ما لديك لهذا الطالب من غير أن تجرحه وتؤذيه , أعد له الشرح مرات ومرات من غير يأس أو تضجر , قلت : عموما أنا أعتذر لك عما بدر مني تجاهك لكن أردت أن تعيش نفس الحال الذي يعيشه طالبك كل يوم , قال : والله يا أستاذ أنني خجل من نفسي وأشعر بذنب عظيم تجاه هذا الطالب , قلت : هو بين يديك رمم جراحه , ابعث فيه الحياة من جديد , تذكر تلك الآية العظيمة وكل كلام الله عظيم ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) ودعته وطلب مني أن أزوره مرة أخرى ليريني مايسعدني .

مسفر ناصر
07-09-2009, 06:00 AM
التميز المزور
عند توزيع المدارس على المشرفين وجدت أن أكثر المشرفين بل كلهم لا يرغب في مدرسة معينة , سألتهم فلم أنل منهم إجابة شافية سوى أن المدير غير متعاون , لم أجد أن هذا السبب كان كافيا لعدم الرغبة فيها , قررت أن تكون هذه المدرسة من نصيبي , زرت المدرسة وجدت ترحيبا منقطع النظير من مديرها , دار بيني وبينه حوار وجدته على درجة كبيرة من الثقافة والوعي , قلت في نفسي أستغرب من زملائي أن يفرطوا في مثل هذا المكسب الكبير مما لا شك أن وقعت على كنز ثمين ...أطلعني المدير على شهادات الشكر والتقدير التي نالتها المدرسة بشكل عام , وماحصل عليه المدير بشكل خاص , أطلعني على عبارات الشكر التي دجلها ,عفوا أقصد دبجها الزائرون في حقه وحق مدرسته , قلت له : يكفي مارأيته هذا اليوم وسأنقل للمسئولين واقع هذه المدرسة المشرف , استأذنته وغادرت المدرسة مبتهجا سعيدا بها وبمديرها ....قمت بالثناء عليها عند زملائي لكن لفت نظري أن كلامي عنها وعن مديرها لم يقع في نفوسهم موقعا حسنا مما زاد استغرابي وحيرتي , أدركت أنني أمام لغز يحتاج قبل التفكير في حله إلى تفكيكه وتفتيته ....تاقت نفسي لزيارة المدرسة سريعا رغبة في اكتشاف أسرارهذه المدرسة خاصة السر الأكبر وهو إحجام المشرفين عنها , وصلت إلى المدرسة مبكرا , وجدت المدير في مكتبه سلمت عليه بحرارة بادلني الحرارة نفسها , استأذنته في حضور الطابور حاول أن أستريح قليلا استجبت لطلبه , كررت له رغبتي في حضور الطابور من بدايته , خرجنا للطابور , دققت النظر فيه وجدته شبه مضطرب , وصلنا للطابور ( يسمونه الآن الاصطفاف الصباحي ) لم أجد سوى عدد قليل من المعلمين وعدد كبير من الطلاب ملأ المكان فوضى وصخبا , عرفت الآن سر ارتباك المدير , سألته عن معلم الرياضة قال إنه سيأتي , المهم كان الطابور مثالا معبرا عن التسيب والاستهتار والفوضى , بعد نهاية الطابور ونحن في الممر قام يطلعني على بعض صور الإنجازات التي حققتها المدرسة , لم تجد تلك الانجازات قبولا في نفسي كما وجدت في اللقاء السابق , عدنا للإدارة طلبت منه أن يأتي لي بدفتر الحضور وجدت أن المعلمين الذين قد وصلوا للمدرسة يقارب النصف , سألته عن النصف الآخر قال : حالا سيأتون , قلت : له هل تشكو أستاذ من تأخر المعلمين ؟ رد سريعا : أبدا معلمو المدرسة من أفضل معلمي المدارس انتظاما في الحضور , قلت : إذا تأخرهم اليوم عارض وليس بشكل متكرر , قال بسرعة : نعم نعم ....طلبت منه أن يتكرم بارسال من يجمع دفاتر التحضير , طلب من الوكيل أن يجمع الدفاتر , بعد نصف ساعة جاء الوكيل يحمل بين يديه دفترين , قلت للوكيل : أنا طلبت دفاتر جميع معلمي الصفوف الأولية في المدرسة وعددهم اثنا عشر معلما , قال : والله يا أستاذ هذا الموجود , التفت إلي المدير قائلا : ستأتي جميع الدفاتر بعد قليل , ثم التفت للوكيل يحثه على إحضار باقي الدفاتر , خرج الوكيل , قلت للمدير : هل تعاني من تكاسل معلمي الصفوف الأولية في الالتزام بالتحضير للدروس رد بسرعة كرده السابق : أبد يا أستاذ معلمونا من أحسن المعلمين التزاما في ذلك ,شعرت أننا أدخلت نفسي في نفق مظلم مع هذه المدرسة وأنها ستأخذ من اهتمامي ووقتي الكثير خاصة أن الأمر يزداد صعوبة في أن قائد المدرسة لا يعترف بوجود مشكلة وهذا في حد ذاته مشكلة المشاكل , لكن حب التجربة واستعمار التحدي لنفسي جعلني أصرف التفكير إلى المواصلة حتى النهاية , نظرت في الدفترين اللذين حضرا فوجدتهما مجرد أوراق متلاصقة وكتابات متناثرة تكشف بؤسا قادما , قلت : أستاذ جزما لديك سجل يكشف مدى انتظام المعلمين في التحضير , قال : أكيد , وأخرج لي سجل فوجدت جميع المعلمين قد وضع لهم علامات تدل على انتظامهم من غير أن يتخلف أحد , قلت : له طيب يا أستاذ ماذا تفسر تخلف عشر معلمين عن التحضير هذا اليوم , قال : حتى أنا مستغرب , قلت : طيب أنا أستأذنك سأضطر لتغيير خطة زيارتي وأذهب لمدرسة أخرى , وسأضطر آسفا لكتابة سبب تغيير خطة زيارتي لمدير مركز الإشراف , قال : على راحتك ....عدت للمدرسة بعد أسبوع لم تكن حرارة السلام من مدير المدرسة حاضرة , تجاذبنا بعض الأحاديث الجانبية , كررت الطلب البغيض دفاتر التحضير , قام بنفسه يجمعها جاء بثلاثة , قلت : أستاذي العزيز تأكد لي الآن أن ثمة مشكلة , رد بلهجة تتنفس ضيقا : أبدا يا أستاذ ليس لدينا مشاكل ولله الحمد , قلت : أستاذ هل وجود المشكلات في مؤسسة ما دليل على الفشل ,قال : لا , قلت : طيب ألا ترى أن غياب دفاتر التحضير للمرة الثالثة يدل على أن هناك مشكلة , قام يتمتم بكلمات يذكر لي فيها من أثنوا عليه خيرا ابتداء من مدير التعليم وغيره من القيادات , قلت : طيب يا أستاذ أنا مضطر للمرة الأخيرة في مغادرة المدرسة وتغيير خطتي وسأطلب من مشرف الإدارة المدرسية المشرف على المدرسة أن يكون حاضرا ليكون لنا عونا في حل هذه المشكلة , لكن قبل أن أغادر أرجو أن تقترح علي يوما تكون فيه الدفاتر جاهزة , قال : لو تبغاها الآن هي جاهزة , قلت : أرجوك يا أستاذ كما أحفظ لك التقدير والاحترام أن تبادلني السلوك نفسه بل أهم من ذلك أن تحترم عقلي , إذا كنت تقول أنها جاهزة فأنا ذا في انتظارها , لكن الأفضل أن تختار يوما ولو بعد شهر المهم أن تكون جميع الدفاتر حاضرة أو أن تقول أن المعلمين مقصرون في ذلك , ونبدأ أنا وإياك نبحث عن علاج لتلك المشكلة : فكر قليلا ثم قال : يوم الاثنين القادم إن شاء الله . قلت : على بركة الله .....جاء الاثنين المبارك , وجدت تأخر المعلمين كما هو والطابور يئن من الفوضى , بمجرد ماعدت من الطابور معه حتى قال : أستاذ أرغب في مصارحتك ونصحك , قلت : تفضل , قال : أشعر أنك تشك في المعلمين !!! قلت : أي معلمين أخشى أن تكون تقصد معلمي المدرسة الذين لم أشاهدهم بعد , قال : يا أستاذ أعلم أنك مشرف متحمس ونشيط لكن صدقني يا أستاذ ستنفر منك المدارس لو استمريت على هذا النشاط , قلت : أسألك أولا هل تم ما اتفقنا عليه , قال : هذا أمر سهل , قلت : أستاذ أشكر لك نصيحتك ولا حرمك الله أجرها , لكن أطلب منك استشارة لو كنت مكاني بعد هذه الزيارات ما الذي تفعل , دعني أعترف لك بفشلي في العمل معك , يبدو أن نقص خبرتي لم يسعفني في تحقيق شيئا لهذه المدرسة , كما أعلنت التحدي في الإشراف على المدرسة أعلن أيضا فشلي , أعدك يا أستاذ أن تكون هذه هي الزيارة الأخيرة , لكنني أستأذنك في كتابة تقرير عنك لن أتكلم فيه عن تأخر المعلمين ولا عن الطابور الهزيل ولا عن دفاتر التحضير الغائبة ولا عن الفوضى التي تسود المدرسة ولا عن السجلات التي تنطق بخلاف الواقع , سأتكلم عنك وعنك فقط سأقول إنك تحتاج إلى من يقنعك أن الأخطاء توجد في كل مدرسة وأن العيب ليس في الاعتراف بها لكن العيب وكل العيب أن نغطيها بل ونوهم الآخرين بعدم وجودها ....ياعزيزي إن عشر دقائق يمكثها الزائر في المدرسة يستطيع أن يعرف مدى صدق شهادات التكريم من عدمه ....ياعزيزي تذكر أن تقود مدرسة كبيرة كلهم خصوم لك يوم القيامة لو منعت عنهم من قد ينفعهم , ياعزيزي سيأتيك زميل آخر لكن أرجوك اجلس معه وحاول أن تعالج معه كل القصور , قدمت تقريري للمسئولين , قلت لهم لا أستطيع العمل معه لكونه سيكون جزءا في كل مشكلة لا جزءا في حلها . قابلته بعد سنوات عاتبني لعدم زيارته , قلت : لا أريد خسارتك ,قال : يا أستاذ حقي عليك زيارتي حتى تثبت لي صفاء قلبك تجاهي , زرته و تعانقنا , وزال مافي نفسي ونفسه .

مسفر ناصر
07-09-2009, 10:38 PM
الإضراب العام
القيادة مهارة عالية تضم تحت طياتها الكثير من المهارات المتنوعة لذا كان من أبرز الصفات التي يجب أن تتوافر فيمن سيقود مدرسة أن يمتلك حظا كبيرا من القدرة على القيادة والتأثير والكاريزما , دخلت المدرسة قابلني مديرها , أدركت منذ الدقائق الأولى أن القيادة تغرد في غير هذا المكان , صوت ضعيف هزيل , نظرات خجلى , أوراق مبعثرة , مكتبه حمى مستباحة , وكيل منهك يشكو الحال إليه بين حين وآخر , داخلني شعور أن هذا المدير يقود المدرسة للهاوية , سألته عن أعمال معلميه , قام من كرسيه يبحث عن الوكيل ليجيب , للأمانة كان وكيله أقدر على القيادة منه وأولى بتولي الأمور, لم أجد عند معلميه من الأعمال شيئا يذكر خاصة لدى اثنين منهم سألتهما عن دفتر التحضير فاعتذرا بأنهما قد نسياه , سألتهما عن نموذج التقويم فاعتذرا بأن الإدارة لم تسلمهما النماذج لتعبئتهما , دخلت عليهما الفصل فلم تكن لديهما وسيلة واحدة , طلبت من المدير متابعة أمرهما , عاودت الزيارة للمدرسة بعد حين سألت صاحبي عن الجوانب السابقة لم يحركا ساكنا , عقدت اجتماعا معهما في حضور مدير المدرسة لم يخل كلامي من قسوة , قلت لهم : إن عدم التزامهما بالتحضير للدروس وعدم وجود نماذج للتقويم وخلو الفصل من الوسائل المساعدة لطلاب هم أحوج مايكونون إليها في هذا السن إلى هذا الوقت استهتاروتفريط كبير , كان المدير صامتا يعتذر عن تقصيرهم وتقصيره , سألته عن متابعته لهم في الأيام السابقة فوعد خيرا , قلت لهم : أرجو أن أجد في المرة القادمة شيئا مختلفا , زرت المدرسة للمرة الثالثة ووجدت صاحبي على حالهما , طلبت من مدير المدرسة استمارة تقويم وضعت لأحدهما 52 والآخر 54 وطلبت من المدير التوقيع عليها فوقع , استدعيتهما وكانا يتوقعان مني عتبا ونصحا بترك التفريط , قابلتهما بابتسامة , قلت : ليقرأ كل واحد منكم استمارته وينظر في درجة تقويمه , كنت قد اتفقت مع مدير المدرسة على أن يتدخل للشفاعة عندما يرى منهما صدقا في التغيير , نظرا استمارة التقويم فبهتا , قال أحدهما : يعني ذلك حرماننا من الزيادة السنوية , قلت : ليس ذلك فقط بل سأكتب خطابا هذا اليوم لنقلكما للهجر البعيدة والتحقيق معكما , اعتذرا عن خطئهما , قلت لهما : كان يجب أن أفعل ذلك منذ اللقاء الأول لكنني تعاملت معكما تعاملا راقيا ظننتما أنه ضعفا , لقد أخذت وعدكما السابق وصدقته ثقة فيكما وحسن ظن , قمت ألملم أوراقي استعدادا للخروج حاولا معي أن أجلس لمواصلة النقاش وكلماتهم تنطق بالاعتراف بالخطأ وتدعو لمنحهما آخر فرصة , التفت لمدير المدرسة ففهم مني أن وقته حان للتدخل , قام من كرسيه وتكلم لأول مرة كلاما جيدا كان مما قاله : أن المعلمين مخطئان وأنه شريك في الخطأ معهما لكونه لم يتابعهما متابعة جادة وأنه يرجو أن أقدر شعرات الشيب التي تعلو وجهه بأن امنحهما الفرصة الأخيرة , قلت له : صدقني لن يلتزما , قال : أرجوك امنحهما الفرصة الأخيرة , قلت له : حق الفرصة لا أملكه لكوني لست صاحب الحق فلا أعدو عن كوني مؤتمنا على متابعة الأمر , اتفقنا الأربعة أن الزيارة القادمة ستكون الفرصة الأخيرة لهما لتصحيح مسارهما , خرجا من غرفة الإدارة , قلت للمدير : أرجوك أيها الكريم أن تستشعر أن كل تقصير من المعلم يلقي بظلاله سوءا على مستوى الطلاب خاصة في هذه المرحلة مرحلة التأسيس.
في اليوم التالي لهذه الزيارة كانت خطة الزيارات لدي تشير لإحدى مدارس أرامكو الكبرى , سلمت على المدير الجديد تجاذبت معه أطراف الحديث لأعرف منطلقات التفكير لديه وكذا التعرف على مستوى المهارات القيادية لديه , وجدته ليس بعيدا عن صاحبي السابق إلا أنه يفوقه في الحرص غير أنه يتفق معه في عدم القدرة على المواجهة ...الطريف أنني أسمع مقولة من كثير من مديري المدارس هي لديهم من الأقوال المأثورة وهي ( لا تكن رأسا فإن الرأس كثير الأذى ) وكثيرا ما أقول لهم : بل الأذى في الذنب ....المهم طلبت منه أن يجمع دفاتر التحضير لأتعرف على منهجية كل معلم وطريقته في التدريس ومدى قدرته على اختيار طرائق التدريس المناسبة لكل درس , طلب من وكيله أن يجمع دفاتر التحضير , عاد بعد حين وهمس في أذني المدير بكلام تقوست بسببه عينا المدير قام من كرسيه مستأذنا , عاد وهو أكثر اضطرابا , قلت : عسى ماشر يا أستاذ , قال : لا أبد كل شيء زين بس , وسكت , قلت : بس ماذا , قال : أحد المعلمين ممتنع عن تسليم دفتر التحضير واحد أو اثنين , قلت : أو كلهم , قال : بصراحة كلهم , قلت : كم عددهم , قال : اثناعشر معلما ( عادة المدارس الكبيرة يكون عدد معلمي الصفوف الأولية اثني عشرا معلما ) قلت : طيب وما المشكلة ؟ قال : يا أستاذ عادي عندك , قلت : ليس عاديا لكني لا أقضي وقتا طويلا في مناقشة المشكلة أنا أعطي الوقت الأكبر في التفكير لحلها , قام وصب لي كوبا من الشاي , قلت له : مادام فيها شاي اعتبر المشكلة انتهت , قال : توقعتك ستغضب , قلت : ولماذا أغضب أنا أحوج للهدوء والتركيز منه للغضب والضيق , عموما , ما رأيك يا أستاذ نحول هذه المشكلة إلى خبرة نستفيد منها من خلال تحليل المشكلة والتعرف على أسبابها ونفترض الفروض الممكنة لحل المشكلة ونجرب الفروض وهكذا بدلا من أن نتصرف تصرفات متعجلة قد نندم عليها , ما رأيك لو غادرت الآن حتى أعطيك فرصة للوقوف على الأمر, ومن خلفه؟ وما مطالب المضربين ؟ طلبت من مدير المدرسة أسماء أهل الإضراب فوجدتني لا أعرف أكثرهم فزاد استغرابي , همس إلي المدير راجيا ألا يصل الموضوع للمسئولين , قلت له : أنا تركت الموضوع لك لتقف عليه وتسعى في معالجته ولن أخطو خطوة إلا بعد مشاورتك لكونك ستكون عنصرا رئيسيا في حلها , لكن أرجوك ترفق بهم واسمع منهم فقد يكون لهم عذر في فعلهم أو لعلهم توهموا أمرا ما , ودعته وأوصيته أن يتعامل مع الموقف كخبرة جديدة وليست مشكلة مؤرقة , لم أصل مركز الإشراف إلا وقد سبقني , رحبت به , بادرني بكلمات الإعتذار عن تصرف معلميه وأن تصرفهم يدل على جهلهم وعدم معرفتهم بما قد يؤول إليه الأمر , قلت : إذا دع الأمر لي سأتصرف , عاد يكرر اعتذاره , أدركت أنه سيكون عاجزا عن معالجة الموقف , قلت له : صدقني يا أستاذ سينتهي الموقف بصورة ترضيك , قبل أن يغادر قال : تمنيت يا أستاذ أنهم فشلونا في أحد غيرك , قلت : يارجل اذهب للغداء وانس الموضوع , في اليوم الثاني اتصلت برئيس القسم لا ستشارته في الموضوع , للفائدة رئيس القسم هذا من أروع من رأيت في القيادة , قائد بالفطرة يجمع بين قوة النجديين في الحق وبين سهولة وطيبة أهل الأحساء , تشرفت بالعمل معه سنوات فتعرفت من خلاله على القيادة بالنبل , يذكرني بالفرسان النبلاء الذين كنت أقرأ عنهم في القصص وأنا صغير , أخبرته بالموضوع انزعج وقرر أن يزور المدرسة في الغد , ذهب إلى هناك اجتمع معهم في حضور مدير المدرسة , دار بينهم نقاش طويل , تنصل أكثرهم من الموقف , قال لهم : إن فعلكم مشين وخطأ كبير وقد يتسبب في نقلكم جميعا من المدرسة , ذكر لهم أنه جاء ليسمعهم , سألهم هل سبق لكم رؤيته ؟ ذكر أكثرهم أنه لم يرني أبدا لكنه يسمع عني , ذكر أحدهم أن الدافع لهذا التصرف أن الأستاذ زار مدرسة قبل مدرستنا وأعطى المعلمين درجات سيئة دون الستين فقلنا سيفعل بنا مافعل بهم فاتفقنا أن نمتنع عن تسليم دفتر التحضير لعله يترك المدرسة , قال لهم رئيس القسم : موقف مخجل ومؤسف , وماعلاقتكم بغيركم فقد يكون لديهم نقص كبير , طلبوا منه الشفاعة عندي , لم يعدهم بشيء وأرجع الأمر إلي , وقال لهم : المشرف هو صاحب الحق أن يقبل عذركم أو يصعد الأمر...اتصل بي رئيس القسم يطلب رأيي في الموضوع , قلت : أيها القائدالرائع غفر الله لي ولهم , هم لم يخطئوا في حقي بل في حق أنفسهم , وشكرا لك على اهتمامك وحرصك بابنك الصغير ( للفائدة الأستاذ حمد يكبرني بسنة قمرية فقط ) , توالت علي اتصالات معلمي المدرسة يقسم بعضهم جهد أيمانه أنه لم يمتنع مع من امتنع ,حتى ذكر بعضهم أنه عند جمع دفاتر التحضير كان في بيت الراحة فلم يسمع صوت المنادي ...واصلت زياراتي للمدرسة بعد الموقف وللأمانة كانوا على درجة كبيرة من الانتظام والعمل الجاد ...صارحني المدير أن هذا الموقف كان خيرا للطلاب والمدرسة حيث حرص الجميع في الظهور بأجمل صورة , قاربت السنة على الانتهاء , قال المدير : من سيأخذ حوافز الصفوف الأولية من معلمي الصفوف الأولية ؟ قلت : الجميع , صارحني أنه كان يتوقع أن أنتقم منهم وأقوم بحرمانهم من الإجازة المبكرة التي يتحصل عليها المتميزون من معلمي الصفوف الأولية , قبل أن أغادر طلبت الاجتماع معهم , قلت لهم : شكرا لكم على هذا المجهود الرائع , سألني أحدهم عن الحوافز , قلت : منحت للجميع , قاموا يكررون اعتذارهم الصادق هذه المرة بل صرح أحدهم بأننا أخطأنا في حق أنفسنا قبل أن نخطىء في حقك , قلت لهم : يا أحبتي لم يكذب من وصفني بالقسوة مع بعض المعلمين لكونه لا يعلم سر القسوة فهل علم ذاك أن من المعلمين من دفن أمانته مبكرا وصلى عليها أربعا , هل علم ذاك أن من المعلمين من يسعى كل يوم في ارهاب طلابه وتخويفهم ليس لشيء إلا لأنهم لم يفهموا درسه من المرة الأولى , هل علم ذاك أن من المعلمين من جعل فصله صالة لتداول الأسهم يبيع ويشتري وإذا سألته عن ضعف طلابه وجه سهامه لوالدي الصغير يتهمهما بنقص المتابعة , فهل هؤلاء لا يستحقون القسوة عندما يعطون الفرصة مرات ومرات ولا يستجيبون ....نسيت أن أقول أن صاحبي الدرجات المنخفضة لما زرتهم وجدت الحال كأجمل مايكون , شكرتهم وطلبت من المديرأن يمنحهم درجة طيبة , ذكرتهم أن مراقبة الله أعظم وأجل من متابعة مخلوق ضعيف , ذكرتهم بقول أحد السلف الصالح أن من أكل الحلال أطاع الله شاء أم أبى وأن من أكل الحرام عصى الله شاء أم أبى.

مسفر ناصر
08-09-2009, 10:59 PM
الخطيئة
كنت في زيارة إحدى المدارس التي تتميز بالنشاط والحيوية , جرني مدير المدرسة في حديث طويل يذكر شيئا مما يسعى في تحقيقه لهذه المدرسة , قال لي : لدي مفاجأة لك متأكد أنك ستكون سعيدا برؤيتها , طلب مني مرافقته لزيارة الصف الرابع , دخلنا الفصل , المعلم يجلس في الصف الأخير, رحب بنا ثم عاد إلى كرسيه , جلست ومدير المدرسة في الصف الأخير , أعطى المعلم إشارة البدء لأحد الطلاب , قام الطالب ليشرح درسه , بدأ بمقدمة مثيرة أعقبه باستهلال أكثر إثارة , بعدها قام يعرض درسه بأسلوب أخاذ , أشرك من حوله من الطلاب مراعيا أن تعم المشاركة جميع الطلاب , أبهرني صوته الذي يفيض ثقة وقوة , فهمه للموضوع الذي يطرحه كان موطن إعجاب مني ومن مدير المدرسه , الطريف أنه بعد أن انتهى من درسه بدأ يشجع الطلاب على الأسئلة حول ماشرحه , أخذ في استقبال الأسئلة والرد عليها , وكان رده مقنعا في كثير منها , الذي زادني انبهارا هو تفصيله الممتع في الرد على الأسئلة وكذا لغة جسده المعبرة والتي تنطق بها عيناه , لم أترك الفرصة عرضت على مدير المدرسة أن نستفيد منه معلما للصفوف الأولية , تبسم المدير , سألت الصغير عن عمره , قال إنه في العاشرة ,ارتجلت كلمة شكرت فيها الطالب المبدع وثنيت بالشكر لمعلمه الذي كان خلف هذا الإبداع , وثلثت بشكر مدير المدرسة الذي يسعى دائما في إبراز مواهب الطلاب وصقل مهاراتهم , خرجنا من الفصل , قال لي المدير: تعرف ياأستاذ أن هذا الطالب من أكبر المشاغبين في المدرسة , لقد كان شغلي الشاغل أنا و وكيل المدرسة , لا يمر يوم إلا ولنا معه قصة , مرة يضرب هذا ومرة يصفع ذاك ومرة ينسى أدواته ...حتى فكرت في أمر , وهو لم لا نستفيد من طاقته الكبيرة والتي يستخدمها للإيذاء والتخريب , فكرت أن أسند إليه بعض الأدوار القيادية في المدرسة , طلبت من المعلمين أن يكلفوه بأعمال تتصف بالقيادة مثل أن يكون عريفا للفصل , أن يكون مسئولا عن النظام في الفسحة , مازال المدير يواصل حديثه قال : تحول هذا الطالب المشاغب إلى طالب مسالم لا أبالغ لو قلت لك أنه يقوم بأدوار إيجابية في المدرسة تفوق بعض الأدوار التي يقوم بها بعض المعلمين , قلت : وكيف أصبح مستواه الدراسي ؟ قال : تحول من طالب ضعيف إلى طالب ينافس على المركز الأول على الصف , قلت : كيف كان أثر تغيره على والديه ؟ تلكأ وتردد ثم قال : ليس له والدان معروفان , قلت : كيف ؟ قال : لا نعرف له أما ولا أبا , قلت : يتيم , قال : أشد بؤسا من اليتم , قلت : نتاج خطيئة , قال : نعم , استرجعت كل الأحداث القريبة ... ملامحه , صوته , ثقته بنفسه , فرحته بالقيادة , تفوقه وتميزه , ابتهاجه بثنائي عليه , لاح أمام ناظري وجهه الذي يفيض عذوبة وبراءة , عاودتني نبرة صوته الطفولي , تدافعت لذاكرتي أسئلته وتساؤلاته , ودعت المدير سريعا فأنا أضعف ما أكون في مثل هذه المواقف , ركبت سيارتي , وفي الطريق تملكتني مشاعر وأحاسيس تزلزل الصخر الأصم , كأني به يرى لكل زملائه أب وأم وليس له , كأني به يرى في عيون الناس شيئا يعجز عن فهمه , كأني به يفجع يوما من الأيام بما يزلزل نفسه وكيانه , كأني بطفولته عاجزة عن تفسير الألغاز التي تحيط به ,
ما أبشع تلك النزوة التي ذهبت سريعا لكنها تركت حطاما في صورة إنسان !!
ما أبشع تلك الشهوة التي دمرت إنسانا كتب عليه أن يعيش بائسا
ما أبشع الحياة عندما يكون الإنسان ثمرة لعلاقة آثمة
ما أبشع الحياة عندما يفر الإنسان من نفسه
بقي هذا الموقف في ذاكرتي طويلا كلما سعيت في دفعه ونسيانه تجدد لي كأنه البارحة حتى صرفتني الحياة ومشاغلها عنه حتى جاء ذلك اليوم الذي أتصفح فيه صحيفة من الصحف فإذا هو لقاء مع بعضهم , هزني فيه كلام أحدهم عندما قال : لن أعفو عن حقي , ولن أصفح , سأقف بين يدي الله عزوجل أطلب خصومتي من ذلك الرجل وتلك المرأة لا سامحهما الله , لو يعلمان ماذا فعلا بي !!! , عاد بي شريط الذكريات مع ذلك المعلم الصغير فعاودني الحزن وكساني وأنا أردد في نفسي , هل سيسامح من كان سببا في بؤسه وشقائه ؟؟؟

مسفر ناصر
10-09-2009, 06:33 AM
الكلية الفاشلة

رحب بي المعلم واختار لي مكانا في زاوية الفصل لأجلس فيه , استأذن أن يبدأ درسه , بدأه بمناقشة طلابه ( الصف الثاني) حول موضوع سابق , طلب من صغاره أن يفتحوا كتبهم على موضوع القراءة الجديد , شرع في القراءة لم يتجاوز السطر الأول إلا وانبرى له أحد الطلاب يصحح له قراءته , قلت في نفسي لعل المعلم يتعمد الخطأ في القراءة ليتعرف على من يتابعه ممن يذهب بعيدا عن الدرس , لم يعزز المعلم تصويب الطالب واستمر في قراءته , عاود الطالب الصغيرتصحيحه لقراءة المعلم بصوت مرتفع , لم يلتفت المعلم للطالب واستمر في قراءته , قمت بمحاولة قراءة أثر الموقف في وجوه الطلاب فلم أر شيئا مما قد يدل أن هذا الموقف ليس جديدا عليهم , بل زاد استغرابي أن الموقف أن المعلم لم يهتز للموقف ولم يظهر عليه ارتباك مما أوقعني في حيرة كبيرة حاولت أن أستدعي فيها خبرات العمر لتسعفني في تحليل الموقف وتفسيره لكن كالعادة خذلتني تلك الخبرات التي يبدو أنها تحتاج إلى إعادة النظر في كونها خبرات أصلا ....واصل المعلم القراءة ومازال المصحح الصغير يلاحقه بالتصحيح , داخلني الاضطراب , الطريف أنني كنت المضطرب الوحيد في الفصل شفقة على المعلم وخشية أن يداخله الحرج من تخطئة الصغير له , انتهت الحصة شكرت المعلم أمام طلابه وخرجت معه , بادرني : بشر يا أستاذ كيف وجدتني ؟ قلت : رائع الله يفتح عليك , قال : كله يا أستاذ بركات توجيهاتك , قلت في نفسي أبرأ إلى الله من هذه التوجيهات وبركاتها ( الطريف أن هذه الزيارة هي الأولى ولم تسبق لي معه توجيهات ولا بركات لكن يبدو أنها لازمة على ألسنة بعض المعلمين يقولها من غير تركيز ) أدركت أن المعلم يحتاج إلى المساعدة أكثر من غيره , يكفي أنه لا يدري أن لديه مشكلة وهذه في حد ذاتها قاصمة الظهر ... قال لي : يعني يا أستاذ مافيه أي ملحوظات , قلت : فيه ملحوظة صغيرة جدا أرغب في مناقشتك فيها إذا رغبت , لذا ما رأيك جلسنا في المكتبة بعيدا عن مكتب المدير حيث يكثر الداخل والخارج , قلت : أرغب منك أن تخبر زملاءك في رغبتي في حضورهم لدي في المكتبة واحدا تلو الواحد لمناقشة كل واحد منهم في خطة عمله وتكون أنت آخر من يحضر , جاء المعلمون فجلست مع كل واحد منهم دقائق معدودة في لقاء فردي حتى جاء دور صاحبنا , قلت له : قبل أن نتناقش في الملحوظة الصغيرة أريد أن أستشيرك في أمر , اعتدل في جلسته وتلبس بلباس المستشار , قلت : لو كان لك صديق عزيز أو أخ كريم وهذا الأخ الحبيب يعاني من مشكلة لكنه لا يدري أنه يعاني وتريد أن تشعره بالمشكلة وحجمها من غير أن تجرحه أو تؤذي نفسيته خاصة وأنت تظن في نفسك أنك قد تملك مايمكن أن يساعده على تجاوز مشكلته , هل تنصحني بالجلوس معه أو أن أتركه حفاظا على المودة معه , وما الأسلوب الذي تراه مناسبا ليكون كلامي مقبولا لديه , قال بحماس : لا والله يا أستاذ لو كنت مكانك لجلست معه بشرط أن يكون على انفراد مع اختيار ألفاظ لطيفة لأجل ألا ينفر , قلت : أخشى أن أفعل ذلك وينفر !!! قال : ولماذا ينفر وأنت تريد مصلحته ؟ قلت : يعني أستعين بالله وأكاشفه : قال : نعم , ماذا لو علمت أن صاحبي الذي أتكلم عنه هو أنت , أرجع ظهره إلى الخلف قليلا , قال : لعلك تقصد الطالب الذي كان يرد علي , قلت : نعم , قال : هذا الطالب حذرته أكثر من مرة من مقاطعتي أو مقاطعة زملائه لكنه لا يرتدع , مشكلة الطلاب عندنا يا أستاذ مدللون ولو عاقبت واحدا منهم , قاطعته : السؤال الأهم وأنا أثق في كل كلمة تقولها : هل قرأت الدرس قبل أن تقرأه أمام الطلاب , قال : نعم أكثر من مرة , قلت : بصدق , قال : بصراحة لا لا لم أقرأه , قلت : كنت أتوقع ذلك !! قال يا أستاذ : ما مشكلتي ؟؟ قلت: عندك عدم تركيز في الانتباه لضبط أواخر الكلمات بالشكل , طلب الاستئذان لاحضار الكتاب للوقوف على المشكلة , وطلب أن يقرأ الدرس أمامي , بدأ في القراءة وأنا أتابع معه استوقفته عند الكثير من الكلمات التي قرأها بطريقة خطأ ...باختصار لو كان طالبا لما استحق أن ينجح من الصف الثاني ابتدائي , قلت له : ياعزيزي يعجبني فيك حرصك على نفع نفسك ورغبتك في الوقوف على حل لهذه المشكلة وهذا دليل أنك رجل يستحق أن أرفع لك قبعة التقدير والاحترام , والآن ياعزيزي استطعنا أن نحل ثلاثة أرباع المشكلة , استطعنا أن نشعر بالمشكلة ثم استطعنا تحديدها وهي عدم اتقان قراءة الكلمة عندما تكون مشكلة والآن جاء دور الجزء الأسهل وهو العلاج فما الذي تقترحه , قال : يا أستاذ بصراحة لما قمت ترد على أثناء القراءة علمت أن مستواي في القراءة ضعيف , قلت : لا نريد أن نعود لمناقشة المشكلة فنحن قد أعطيناها من النقاش مايكفي ...على فكرة نسيت أن أقول لك : يقول بعض العلماء المبدعون يقضون 10% في مناقشة أسباب المشكلة و90% في البحث عن حل لها , أما الجهلة والبسطاء فالعكس يقضون 90% في مناقشة المشكلة و10% في البحث عن حله , قال : طيب يا أستاذ لدي فكرة أنا عندي أخت متميزة في اللغة العربية وهي كذلك معلمة فما رأيك ان أستفيد منها في تحسين قراءتي , قلت : لله درك كونك تبحث عن العلاج دليل على أن المشكلة ستنتهي قريبا , ثم تناقشت معه فيما يمكن أن يساعده في ذلك , قبل أن أغادر قلت له : على فكرة وش تخصصك , قال : للأسف لغة عربية , قلت : لماذا تتأسف هذا في حد ذاته رائع وسيساعدنا على العلاج , قال : أقولك يا أستاذ ما سبب مشكلتي ؟ قلت : أوه أوه أرجوك لا تعود بنا لمناقشة المشكلة تذكر 90% , قال : فقط كلمة صغيرة , مشكلتي يا أستاذ انني خريج كلية .........وهذه الكلية فاشلة جدا كانوا يدرسوننا الأدب الأموي والفاطمي درسنا أشياء سخيفة , قلت : أعدك سيكون لنا موقف مع هذه الكلية بعد أن ننتهي من مشكلتنا ......زرته بعد فترة ,قلت : ما رأيك نجلس في المكتبة , قال : لا أرجوك تزورني في الفصل الآن ؟ قلت : ابشر , بدأ يقرأ درسه الجديد وعيناي تبحث عن المصحح , وجدته متحفزا بعينين صغيرتين للرد وكأن سعادته في تعقب معلمه , قلت في نفسي الحمد لله المعلم تجاوز السطرين الأولين من غير خطأ , أرجوك كن حذرا فالمصحح الصغير لن يرقب فيك إلا ولا ذمة , ياللروعة انتهى من قراءة الموضوع من غير خطأ واحد , شعرت بسعادة غامرة صافحته بعد خروج طلابه للفسحة , شكرته بحرارة , قلت له : لأول مرة أشعر أنني مشرف تربوي , حدثني مافعل الله بك , ماهذه الروعة !! قال : بكل صراحة يا أستاذ بذلت معي أختي جهدا جبارا فلها فضل علي ما أنساه , داعبته قائلا : ياليت كل معلم عندي عنده أخت مثل أختك وأعطيها نصف الراتب وتقوم كل أخت بأخيها , قلت : مارأيك لو راسلت عميد الكلية الفاشلة ليضعون مقررا خاصا بتدريس الضمة والفتحة والتنوين , فهم قصدي فضحك , قلت : إذا ياعزيزي لم تكن تلك الكلية فاشلة لأنها تدرس علوما متقدمة وذلك لكونها غير معنية بتدريس الأبجديات إنما يجب أن نلوم أنفسنا أن قصرنا العلم والمعرفة بل ومعرفة الحياة على ما تقدمه لنا الكليات أو غيرها , ياعزيزي إن المعلم الذي لا يتجدد ويسعى في الوقوف على كل نافع ومفيد مصيره التخشب والجفاف , أيها الرائع لقد تعلمت منك أن الإنسان يستطيع أن يتجاوز الأزمات والمشكلات عندما يسعى صادقا في حلها .

مسفر ناصر
10-09-2009, 01:00 PM
المعلم اللغز
سألت مدير المدرسة عن معلميه , أسهب في الثناء على أحدهم واصفا إياه بأن تميزه تجاوز المدرسة فهو ليس متميزا فيها فقط بل على مستوى المحافظة , شاقني حديثه عنه مما جعل نفسي تهفو إلى التبكير بزيارته , طلبت من المدير لقاء أوليا بالمعلمين , حضروا فتعرفت عليهم وكان من بينهم , تأملته أثناء الاجتماع فوجدته لم يقدم نفسه بشكل يتناسب مع وصف المدير له بالتميز, بل كانت نظراته التي يرمق بها زملاءه حين يتحدث أحدهم تشعر بأنه يرى لنفسه مكانا عليهم , انتهى الاجتماع , بعد هذه الزيارة بأيام عدت للمدرسة وكان ممن زرتهم ذلك اليوم ذاك المعلم , حضرت درسه فوجدت أنه لا يتميز عن زملائه بشيء شكرته وصرحت بسعادتي بحديث مدير المدرسة عنه , لم يستثره ثناء المدير عليه , أكملت زياراتي للمعلمين , ثم جلست للنظر في دفاتر إعداد الدروس فوجدت صاحبنا يحضر يوما ويترك يومين , سألت مدير المدرسة عن مدى علمه بذلك , استغرب وعاد يثني عليه , سألته عن درجة تقويمه العام الماضي فقال : منذ عشر سنوات تقريبا ودرجته 100 , قلت : عموما لا تقلق سأعالج الأمر بطريقتي الخاصة , استدعيت المعلم وتناقشت معه حول أدائه داخل الصف , أثنيت على جهوده وأبرزت له جوانب القوة لديه ثم ناقشته عن بعض الجوانب التي تستحق أن يوليها شيئا من العناية , خرج عن هدوئه منذ النقطة الأولى , أكدت له أن مناقشة بعض النواحي لا تعني ضعفه وقصوره فيها بل تعني بحثا عن زيادة في التميز , اكدت له أكثر من مرة أن وجهة نظري ليس شرطا أن تكون صوابا , صعقني عندما قال لي : أستاذ أنت تبحث عن أخطاء علي , رددت عليه سريعا : لماذا ؟ قال : لست أدري , قلت : ما أقوم به معك الآن فعلته مع بعض زملائك ولم يقل أنني أبحث عن أخطائه , قال : يا أستاذ كل من في المدرسة يعرف جهودي, قلت : صدقني سأكون أسعد الناس بالوقوف على جهودك , انتقلت معه للنقاش حول دفتر التحضير وكانت الدفاتر أمامي وقد جعلت دفتره في الأسفل , قلت : لمحت دفترا لا أدري هو لك أو لزميل لك يحضر يوما ويترك يومين , قال بثقة : ليس لي , قمت بسحب دفتره وفتحته فأريته ماذكرت قلت : يبدو يا أستاذ أن الأيام التي لم تقم بتحضيرها كنت في إجازة مرضية أو اضطرارية ( ذكرت له ذلك حتى أمنحه فرصة لينسحب ويحفظ ماء وجهه ) قال لي : يا أستاذ هل رأيت أحدا في المدارس يقوم بتحضير دروسه , قلت : نعم , الأصل هو التحضير وهذا ما أراه عند الكثير من المعلمين لكن لا يعني ذلك ترك المقصرين من المتابعة , الأهم من ذلك أنت تريد أن تضع نفسك مع أي الفريقين ؟؟ قال : يا أستاذ أشعرأنك تنتقص عملي , قلت : مافي دفتر التحضير كمال أم نقص , ياعزيزي دعنا من ذلك كله لنتفق على تحريك فرص التحسين , قال : على فكرة يا أستاذ أنت أول واحد ينتقص عملي كل من سبقك من المشرفين يثنون عليه خيرا , قلت : مارأيك لو جعلت المدير حكما بيني وبينك , قال : لا أرضى بالمدير حكما , قلت : كيف لا ترضى به حكما وهو الذي جعل لك الصدارة بين زملائك , سكت بامتعاض, عرضت الأمر على المدير ذكرت له هل يعد المعلم الذي يترك يومين أو ثلاثة في تحضير الدروس من المتميزين أم ممن يستحق المتابعة والعناية , قام المدير يثني على المعلم وأن هذه الأمور ستعالج بإذن الله , شكرت المعلم , عاد إلى فصله , سألني المدير كم يستحق يا أستاذ من درجة , قلت : كم ترى أنت ؟ قال : هو كل سنة يعطى مائة , قلت : مع ماعنده من التقصير , المهم اتفقت معه على 95 على أن يعالج وضعه , ودعت المدير وخرجت إلى الإدارة , بعد الظهر قابلت مدير الإشراف التربوي في الممر قال لي : أريدك في موضوع , ذهبنا إلى مكتبه , قال : للتو خرج من عندي معلم جاء يشتكي منك , عرفت أنه صاحبي , ذكرت له الموضوع , قال : لو كنت مكانك لكتبت فيه خطابا للإدارة هذا ليس متميزا هذا معلم مفرط في أمانته أقترح عليك أن تغير درجته إلى 75 فقط حتى يعرف حجم تقصيره , قلت : يا أباعمر هلا تركت لي صاحبي أعالجه بطريقتي , لا أرى النجاح في إغراقه في أخطائه بل في أن أمد يدي له لأساعده على تجاوز تقصيره , أرجوك دعني وصاحبي , عدت بعد فترة لزيارة المدرسة بشرني المدير أن المعلم عالج أخطاءه وانتظم في تحضيرهكما قدم لي اعتذاره عن شكوى المعلم علي , قلت : ليس لأحد أن يمنع أحدا من طلب حقه , وهذا المعلم سلك الطريق المشروع ولم يتجاوز , أخبرته بوجهة نظر مدير الإشراف التربوي عما يجب أن يستحقه من الدرجات , بهت , قال : تعرف يا أستاذ ماذا يعني ذلك ؟ يعني أنه سيكون المعلم الأقل ؟ قلت : لا تنزعج طلبت منه أن يترك الأمر لي ولك , عموما يا أستاذ أرغب في زيارة المعلم في فصله لعلي أجد له مزيدا من جوانب القوة , كنت قد زرته في القراءة سابقا , وأحببت أن أزوره في درس القرآن الكريم , ذهبت إليه وقد عزمت على تعزيزه وتشجيعه , لكنني وجدت أنه في القراءة خير منه في القرآن فقد كان يقرأ القرآن من غير تجويد أو معرفة بأحكامه , أشبه بقراءة عوام الناس , خرجت من عنده بعد أن شكرته , سألته في الممر عن إن كان سبق له أن أخذ دورة في التجويد
قال لي : لو أردت يا أستاذ أن أعلمك التجويد علمتك ؟ لم أرد عليه وواصلت سيري للإدارة !! عاد لي بعد عشر دقائق متوترا وهو يقول : يا أستاذ يبدو أنك غضبت من كلامي لكن تذكر أن ما ذكرته ردة فعل لكلامك الذي ذكرت فيه أنني جاهل في التجويد ؟ قلت له : اتق الله فلم يمرعلى كلامي أكثر من عشر دقائق , لقد سألتك هل سبق لك أن التحقت بدورة تجويد ؟ ثم هناك أمر آخر وهو دعني أستفد منك في التجويد كما ذكرت لي , ما أحرف الإدغام بغير غنة ؟ لم يجب , قلت : يا أستاذ ابسط لي ماعندك من العلم والذي خلقك لأكونن عندك نعم التلميذ فلا يكبرعلى, قام يتمتم باعتذار خافت كأنه يخشى أن يراه أحد , قابلته في مكان عام صدفة سلم علي بحرارة وكرر اعتذاره صريحا , دعاني لزيارة بيته , اعتذرت له لارتباطي بموعد , واصلت زياراتي للمدرسة للوقوف على المعلمين الآخرين وجدت أنه يتعمد الالتقاء بي في الممر بشكل يظهر أن غير مقصود ويجرني في حديث ويقذف بكلمة جريئة , فعلها أكثر من مرة وأنا أقابل إساءته بابتسامة لكوني منشغلا بمعرفة الدافع لذلك أكثر من الإساءة , قلت له في المرة الأخيرة ألا تستغرب أنني لا أرد عليك الإساءة , قال : نعم , قلت : لسبب واحد أخشى أن يزعجك !! قال : أرغب في معرفته , قلت : مادمت مصرا يا عزيزي فاسمع أنا أعاملك بأخلاقي لا بأخلاقك , لقد صبرت عليك ليس ضعفا أو عجزا أو قلة بيان بل ترفقا بك من جانب وسيرا على أخلاق الكرام وأخذا بالعفو وإعراضا عنك ...أما اليوم فستسمع وترى مني ماتكره سأحصي عليك جميع تصرفاتك وسأسعى أن تكون عبرة لغيرك , للأسف زادك حلمي عليك جرأة وقبحا , أعدك أن أضعك في مكانك الذي يليق بك ....لم ينبس ببنت شفة , تركته ودخلت الإدارة , بدأت أفكر في اللغز المحير , خطرت علي فكرة سألت المدير عن أحب معلم لديه , ذكر لي أحدهم , قلت له : أعلم أن هذا المعلم قريبا من نفسك وسأصارحك أشعر أن في الأمر لغزا أو حلقة ناقصة وقد قررت رفع شأنه للمسئولين وسأسعى في معاقبته إلى أقصى حد , قلت : أرجوك ساعده , قال لي : سأكون معك صادقا , هذا المعلم بعد أن أعطيته درجة أقل من مائة قام المعلمون يتهكمون به حتى وصل الأمر بهم أنه إذا رأوه في الممرات صرخ أحدهم قائلا : جاك المشرف الفلاني جاك ياويلك يقصدونك , فأصبح في كل زيارة لك للمدرسة يتعمد أن يلقي كلمة عليك ثم يأتي إلى غرفة المعلمين فيذكرها لهم وكانوا يستغربون منك عدم الرد , وكانوا يزيدون في تحديهم أن يلقى كلمة أكثر حدة فيفعل ويعود إليهم إلا هذه المرة فلم يقل شيئا , استدعيت المعلم عاتبته على أن رضي أن يكون ألعوبة في أيدي الآخرين , رأيت في عينيه اعتذارا صادقا ...قلت له : عفا الله عما سلف وغفر الله لي ولك , أصبح بعد ذلك من أروع المعلمين تعاملا ولطفا ونشاطا , قلت له : هذا هو معدنك الحقيقي فلا تفرط فيه .

مسفر ناصر
13-09-2009, 05:16 AM
الانتحار
كلفت سنة من السنوات بالعمل مشرفا منسقا على إحدى الثانويات التي تقع في إحدى الهجر التي سكانها كان يسميهم بعض المؤرخين بألمان العرب نظرا لقوة بأسهم وشدة بطشهم , أدركت أنني قادم على تجربة رائعة وفريدة , اجتمعت مع المعلمين , دار بيني وبينهم حوار طويل كشف لي أنهم يجهلون القيم التي ينطلق منها ابن البادية في التعامل مع الآخرين , كان أكثرهم يشتكي من الطلاب وصعوبة التعامل معهم , أكدت لهم أهمية أن يتعرفوا على القيم السائدة في الهجرة التي توجد فيها هذه المدرسة ليستطيعوا تفسير تصرفات الطلاب وسلوكياتهم , بدأت في زيارة المعلمين في فصولهم استوقفني معلم التربية الإسلامية بسمته الجميل ومحياه المشرق وابتسامته التي لا تغيب,ولكم حزنت عندما علمت أنه في أيامه الأخيره في التدريس حيث تم اختياره ليكون قاضيا في وزارة العدل , دخلت الفصل فرحب وبدأ يشرح درسه وكان بعنوان ( الانتحار ) وهو من موضوعات الفقه التي تدرس في هذه المرحلة, تناول الأستاذ تعريف الانتحار وصوره وحكمه , كان تفاعل الطلاب واضحا معه لجمال أسلوبه ولكون الموضوع مثيرا , بعد انتهائه من درسه التفت إلي متسائلا عن مدى رغبتي في سؤال الطلاب , قلت : تفاعل الطلاب معك يغني عن السؤال لكن لدي فكرة لو رغبت أن نطبقها سأكون سعيدا !! قال : وماهي ؟ قلت : قد قدمت درسك بصورة جيدة مستخدما طريقة الإلقاء , مارأيك لو جربنا طريقة أخرىمن طرائق التدريس أو طريقتين لنرى مستوى التفاعل معها وسأقوم بتطبيقها أمامك وقم أنت بدور المشرف التربوي في تقديم التغذية الراجعة لي بعد نهاية الدرس , بدأت في نقاش الطلاب عن بعض صور الانتحار , ثم سألتهم قائلا : بصراحة ياشباب من منكم فكر في الانتحار أي في أن ينتحر , رفع اثنان أيديهما , دفعت ببصري للمعلم فوجدته مشدوها من الموقف, قلت لهما : رائع وأشكركما على ثقتكما القوية بالنفس لكن دعوني أسأل أحدكما عن سبب تفكيره في هذا الأمر الخطير , انبرى أحدهما يتكلم عن سبب تفكيره في ذلك فذكر أن عدم وجود طعام للإبل دعاه للتفكير في ذلك , قلت له : هل ترى أن هذا السبب كاف لا تخاذ قرار الانتحار ؟ قال بثقة : نعم , التفت إلى زملائه قائلا : من يوافق أخاكم على تفكيره في هذا الأمر ؟ لم يرفع أحد يده سوى ذاك الذي شاركه في فكرة الانتحار, رجعت لصاحبي صاحب الابل , قلت : مارأيك لو خرجت عند السبورة لنقدم حوارا حول هذا الموضوع معي أو مع أحد زملائك , بعد خروجه , قلت : أعلم جيدا أنكم تمتلكون مهارات عالية في التأثير والإقناع والذكاء المتقد فمن منكم يستطيع أن يقنعه بخطأ تفكيره في هذا الأمر وخطورته مستفيدا من ماذكره الأستاذ من أدله وتوجيهات , قام أحدهم يحاور صاحب الانتحار , سألته بعد حواره معه : هل استطاع اقناعك بترك الانتحار ؟ قال : لا , رفع آخرون أيديهم طلبا في محاورته واقناعه , جاء آخر ثم آخر , لم يستطيعوا ثنيه عن فكرته , من الطرف ماذكره أحدهم عندما قال له : تبغى تنتحر ..الباب مفتوح لن نتأثر بغيابك , التفت إلي قائلا : أستاذ دور غيره ذا ماعنده سالفة , رفع أحدهم صوته : أستاذ أستاذ أنا أتحداك تقنعه , رمقت المعلم بطرف عيني فرأيته مبتهجا بتحدي الطالب وكأن الفرصة قد حانت ليتعرف على قدراتي من عدمها , قبلت التحدي وبدأت نفسي تحدثني : اقبل ولا تخش من الفشل فماذا سيحدث لو فشلت في إقناعه خاصة أن نفسي لم تعد تضيق بالفشل بسبب الألفة وكثرة الزيارة بيننا , قلت في نفسي : سأبدا بالمناورة ومحاولة كسب الوقت , التفت إلى الطالب المتحدي بعينين تفيض ثقة بقدرتي على اقناعه : طيب أنا قبلت التحدي لكن أريد من أحدكم أن يحاوره للمرة الأخيرة , خرج أحدهم وبدأت أستفيد من الوقت في التفكير في طرق لاقناعه , لم يفلح صاحبنا الأخير في انقاذ صاحبنا من النار , التفت إليه وقلت : أعرف جيدا قيمة الإبل عند أهل البادية وأعلم جيدا حجم الألم الذي يعتصرك عندما لا تجد لها طعاما , أعلم جيدا أن منها من هو أقرب لنفسك من بعض إخوتك , قال : إي والله يا استاذ , قلت : لكنني فكرت في الموضوع من أكثر من جانب , هل سينتهي الألم الذي تشعر به بانتحارك ؟ هل عندما تموت ستستريح ؟ دعني أسأل شيخنا الكريم هل سيجد المنتحر راحة في قبره ؟ قال : لا بل سيجد عذابا !!! قلت : عندما تقوم الساعة أي حال سيكون عليه المنتحر ؟ قال الشيخ : يأتي يوم القيامة يقتل نفسه بالأداة التي قتل بها نفسه في الدنيا زيادة في التنكيل به ...قلت : إذا لم يكن الانتحار حلا جيدا لأنه يصعد بصاحبه إلى مراحل أشد ألما وأعظم بشاعة , صدقني لو كان من عقيدتنا أننا عندما نموت أننا لا نبعث ولا نسأل ولا نحاسب ولا نتفرق بين متلق كتابه بيمينه وآخر يتلقاه بشماله لنصحتك أن تنتحر لكن الأمر أكبر من أن تجعل حدا لحياتك , إن جسدك ليس ملكا لك إنه أداة وهبك الله إياها ليبتليك أتشكر أم تكفر , وهبك روحا وجسدا لتكون من خلالها عبدا ذليلا خاضعا لمولاه , ووعدك مقابل ذلك بما لا يخطر على بالك من النعيم المقيم الذي لا يعكره ألم ولا تفسده حاجة ,استغفر ربك واعلم أن مامن محنة إلا أعقب الله صاحبها بمنحة يتفضل بها على عباده التفت إلي قائلا : استغفر الله العظيم وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم تراجعت يا أستاذ ...خرجت مع المعلم قال لي : كان درسا رائعا استفدت منه , أستاذ ما الطرق التي استخدمتها في الدرس قلت : أكثر من طريقة , تمثيل الأدوار والطريقة السقراطية ومدخل الاحداث الجارية ,
أقول : إن التدريس يكون مميتا ومملا للمعلم والطالب عندما تكون الطريقة واحدة , التعدد في طرائق التدريس يجعل للتعليم معنى وأثرا وتأثيرا , أنا أتكلم عن فضل التعدد في طرائق التدريس وليس عن معنى آخر .

مسفر ناصر
13-09-2009, 05:46 PM
أتمنى أن أكون قد قدمت شيئا مفيدا من خلال هذه المواقف والتي ختمتها بموضوع الانتحار عياذا بالله منه , أعلم أن الكثير من هذه الموضوعات كان في حاجة إلى ذكر بعض الفوائد التربوية والقيمية والأخلاقية لكنني جاد إن شاء الله في إخراج هذه الموضوعات في صورة كتاب مذيلة بذكر أبرز مايمكن أن نستفيده من هذه المواقف , لقد حرصت قدر استطاعتي أن أنقل الموقف كما هو مع مدافعة لنفس لا ترغب إلا أن تظهر جميلة خالية من العيوب والأخطاء وهيهات , عذري أني بذلت جهدي ولو عاد بي الزمان لتعاملت مع بعض المواقف بشكل أجمل ونفس أكثر ثقة .
تقبلوا تحياتي

بنت أبوي
14-09-2009, 12:36 AM
ماشاء الله عليك يا أستاذ مسفر
:1:
رحلة مميزة وذكريات رائعة وهادفة في الوقت ذاته - وكنت أتابعها بصمت

استطعت وبأسلوبك الساحر ان تجعلنا نبحر معك فيها وكأننا الأبطال في كل موقف

شدني بعضها وأغضبني بعضها ,, وتمنيت أحيانا أن أقتحم الموقف لأرد على هذا وأتناقش مع ذاك


الجميل .. أن ردود أفعالك في المواقف لاتنحصر في ( الجانب الإشرافي التربوي فقط )


بل كانت صادرة من ( شخصية قيادية ) بإمكانها أن تتعامل مع أجناس الناس في مختلف تخصصاتهم

وهذا الذي جذبني نحو الموضوع بالعلم من أن مجالي بعيد كل البعد عن المجال الإشرافي التربوي

ومع ذلك كنت على ثقة بأنني سأستفيد من هذه المواقف في كل مجال يصادفني مستقبلا بإذن الله


بارك الله فيك وفي قلمك وسدد خطاك ووفقك لكل خير في الدارين

تحياتي وتقديري
بنت أبوي

مسفر ناصر
14-09-2009, 07:41 PM
ألأخت الكريمة ( بنت أبوي )
أشكرك كثيرا على عباراتك التي تفيض بالتعزيز وليس ذلك مستغربا منك فمن يتابع هذا المنتدى يعرف مدى حرصك على تعزيز المشاركين والمشاركات بقصد حثهم على تقديم عطاء متجدد ومجود فلك مني جزيل الشكر....
هذه المواقف اجتهاد اللحظة حاولت قدر الإمكان أن أكون صادقا في نقل المواقف كما هي , لذا كم سأكون سعيدا لو تم تناول هذه المواقف بالنقد سواء باظهار مواطن القوة فيها وكذا جوانب الضعف لتكون مجالا للنقاش نستفيد منه جميعا .
بارك الله لك في علمك وعملك ونفع بك .

مسفر ناصر
17-09-2009, 05:21 AM
هذه بعض الوقفات التي يمكن أن توصف بأنها تربوية مع قناعتي التامة أن مشاركة القراء في ذكر بعض الوقفات يمكن بل جزما سيسهم في إثراء الموضوع .

وقفات تربوية مع موضوع ( الضحية )
1- من المهم جدا أن ندرك معنى الفروق الفردية بين الطلاب وأنهم يتفاوتون في أفهامهم وقدراتهم فمنهم من يفهم من المرة الأولى , ومنهم من لايفهم إلا من المرة العشرين لذا من الظلم أن نطلب من صاحب المرة العشرين أن يفهم من المرة الأولى.
2- الطالب الذي يعاني من مشكلة في الفهم والاستيعاب هو أحوج ما يكون للتعزيز والدعم والتشجيع لا إلى السخرية والتهكم لكونهما أي السخرية والتهكم تدفعان الطالب إلى النظرة الدونية لذاته والدخول به إلى صندوق الفشل وبالتالي تتعقد المشكلة وتزداد عمقا .
3- قبل أن يوجه المعلم أصابع الاتهام للطالب في فهمه عليه أن يتأكد من أنه قد قدم مادته بصورة سهلة وميسرة بل وقدمها بأكثر من طريقة في جو يسوده الأمن والتشجيع والصبر والرحمة والدعابة والمرح.
4- لا يعني فشل الطالب أو رسوبه عند معلم ما أنه لا يمتلك فهما جيدا أو أنه خال من القدرات بل قد يكون ممن يمتلك الكثير لكن سوء حظه أوقعه مع من لم يستطع التعامل معه ولذا فإن المعلم المبدع لا يلتفت لنظرة الآخرين لذاك الطالب بل يقف بنفسه على مشكلته ويبذل جهده لمساعدته وبعث الحياة فيه من جديد .
5- الطالب لا يمكن أن ينسى ذاك المعلم اللطيف الذي لا تغادر الإبتسامة شفتيه ذاك الذي يفيض صبرا ولطفا وتشجيعا , كما لا ينسى أيضا ذاك المتجهم ضيق الصدر المؤذي بلفظه ولحظِه .

مسفر ناصر
18-09-2009, 02:52 AM
وقفات تربوية مع موضوع ( المعلم صاحب 36 سنة خدمة )

1- أهمية التعزيز وأثره الكبير في نفسية كل من يقوم بعمل دون اعتبار لسن أو مكانة اجتماعية أو وظيفة مرموقة فالنفس البشرية بطبيعتها تستلذ المدح والثناء لكونه يسهم في رفع تقدير الذات ويشعر بالإيجابية والتميز .

2- الكلمة الطيبة لها مفعول السحر في النفس ولذلك فكما نجد أن لها وقعا جميلا في نفوسنا عندما تقال لنا فلها ولا شك نفس الأثر في نفوس الآخرين عندما نقولها لهم .

3- من فنون الحوار القائم على التأثير البدء بنقاط الاتفاق مع الطرف الآخر لكونه يوفر جوا من الارتياح والقبول بمناقشة نقاط الاختلاف بعيدا عن التشنج والانفعال .

4- من حقوق الأخوة لزملائك ألا تعطي للآخرين مساحة لذمهم وتنقصهم والولوغ في أعراضهم بل إشغال المتكلم بما ينفعه من معرفة ومهارات وتنمية ميول وتغيير اتجاهات وتعزيز قيم .

5- المشرف التربوي يقابل في الميدان من قلبه طريق عقله لذا جاء التأكيد على الكلمة الطيبة والخلق الرفيع وتقدير الآخرين والاهتمام بهم لكونه الطريق الأسرع لقلب المعلم وبالتالي إلى عقله , والمتأمل في واقعنا يجد أن كثيرا من قناعاتنا تلقيناها بالعاطفة ( القلب ) ثم نبدأ بالدفاع عنها وعن صحتها وقيمتها بالعقل .

بنت أبوي
18-09-2009, 05:20 AM
ألأخت الكريمة ( بنت أبوي )
أشكرك كثيرا على عباراتك التي تفيض بالتعزيز وليس ذلك مستغربا منك فمن يتابع هذا المنتدى يعرف مدى حرصك على تعزيز المشاركين والمشاركات بقصد حثهم على تقديم عطاء متجدد ومجود فلك مني جزيل الشكر....


هذه المواقف اجتهاد اللحظة حاولت قدر الإمكان أن أكون صادقا في نقل المواقف كما هي , لذا كم سأكون سعيدا لو تم تناول هذه المواقف بالنقد سواء باظهار مواطن القوة فيها وكذا جوانب الضعف لتكون مجالا للنقاش نستفيد منه جميعا .

بارك الله لك في علمك وعملك ونفع بك .



الله يجزاك الجنة أ- مسفر ,
بل أنا التي سأكون أسعد بالفوائد التي سأستفيدها حين أضع نفسي تحت المجهر

وأعكس الواقع لأكون الطرف الناقد .. لـ ( شخصية أكبر من أن مثلي يتجرأ على انتقادها )
ولكن سأحاول أن أمثل دور ( المتذوقة ).. علني أخرج بمشاهد تتناسب
مع الكاتب .. وفكرته .. ومكانته
<< مجرد محاولة .. ومحاولتي لاتخرج عن أمرين
إما أن تكون ... ناجحة
وإما أن تكون ... غير ناجحة :6:


؛؛ لم أقل ( فاشلة ) حتى لا يصيبني الإحباط ولكي تكون نظرتي ايجابية في الحالتين
<< كل هذا تمهيد ,, حتى مايكون علي حرج , ( الله يستر )

بسم الله ,, وسأبدأ بحادثة ( الوكيل المتعلك )
ياترى لماذا ؟

في الواقع شدني اسم الحادثة قبل قراءتها ,, وفضولي حول الاسم جعلني
أتابع الموضوع يوميا إلى حين عرضها .. إضافة إلى أن شوقي لأحداثها جعلني أقرأها
بتمعن وباستيعاب جيد


لذلك اخترتها لتكون بداية تذوقي على هذه الرحلة الإشرافية الممتعة ..
سألخص الدروس المستفادة منها ,, وسأتبع ذلك بتعليقي أخيرا ’’

1- الإلتزام والإنضباط ليسا حصيلة للحظة فهما طبيعتان متلازمتان ومرتبطتان
بذات الشخص ولا يمكن اكتسابهما إلا بالتكرار الدائم والتدريب الصارم

والإيمان التام بأهميتهما

2- النظــــام ( هويــة المدرسة ) فإذا انعدم فيها النظــــــــام اصبحت بلا هويــة

3- طالب الإذاعة في مدرسة يسودها الفوضى ( لنا الحق بأن نقف له احتراما )
لماذا ,, ؟؟ لأنه استطاع أن يفعل مالا يستطيع المدير أو الوكيل أن يفعله

حيث ساهم بدوره في استقرار الإصطفاف الصباحي - كما في الحادثة

4- العلكة ,, تعتبر ظاهرة غير حضارية في الحوار ,, بغض النظر عن ايطار
العادات الإجتماعية ..دعونا نحلل ذلك منطقيا ,,

فلو كنت تتحدث إلى شخص يمضغ علكة في فمه
ماشعورك ؟؟
أولا : ستشمئز وتستنكر حركات فمه الذي يدور ويصعد بشكل عشوائي في كل اتجاه
ثانيا : ستصمت وستنسى الكلام الذي شرعت بالحديث به
ثالثا : ستتشتت أفكارك وسيكون اتجاه العلكة مصدر انتباهك
رابعا : ستكتشف أن المتعلك تفكيره التام ليس معك بل نصفه مع العلكة
خامسا : ظاهرة تدل على الإستهتار بالطرف المقابل ,, ولا تليق بقائد


5- قد يكابر المرء بالرغم من أخطائه ولكن لايصل إلى درجة طمس الذات
فالكذب ,, أجود مزيل للإنسانية ,,

6- أخطاء الكبار ,, هدايا مجانية للصغار
لماذا لانهديهم أروع مالدينا ,,

(( في الختام راح أعلق على شيء واحد فقط ))

أعجبني ردك يا أخي على الوكيل في الرسالة
كان رد رائع ,, رائع ,, رائع

ومفحم إلى درجة كبيرة


أعتذر له أي للوكيل أن أوقعته في هذا الموقف الذي دفعه ليطمس قيمة عظيمة من أعظم القيم وهي الصدق


فلو كنت أنا الوكيل وأقرأ كلماتك .. ( بسم الله علي ) :14:
أقسم أنها ستبكيني

وسأصغر في عين نفسي ,,
وسأتمنى لو أن الأرض تطويني بين طبقاتها ,,
وأن لا أقرب المكان الذي يتواجد فيه أ - مسفر
ولا أضع عيني في عينه ,, من الإحراج ,,


ماشاء الله تبارك الرحمن
ويلومونني بالدرر التي أصطادها في محيط موضوعاتك

سأسرق منك ردة فعلك ( لأطبقها في مواقف مشابهة )
فهل ستسمح لي بهذه السرقة ؟؟ :7: << أم أنها نوع من طمس الذات :14:


بارك الله فيك يا أخي وأكثر الله من أمثالك
خالص تحياتي وتقديري لشخصكم الكريم

جود
21-09-2009, 08:32 AM
خجلت من نفسي وانا أقرأ متصفحك أخي أ / مسفرناصر
كيف يكون موضوع مرجع للمعلمين والمعلمات والمشرفين
والمشرفات وأنالم أتصفحه بشكل متواصل لذا أنصح جميع من
ينتمى لسلك التربيةوالتعليم أن يستفيد من هذه التجارب الواقعية من الميدان ....
اسمح لي أخي إذا قلت أن ماذكر نستطيع أن نسميهم : (معلمون أومعلمات
تحت المجهر) وليس هم فقط بل كذلك المشرفون والمشرفات تحت المجهر
والحقيقة أن لدي موضوع بهذا العنوان بإذن الله سأتناوله قريباً في منتدى :
الإشراف التربوي والإدارة المدرسية وهو عبارة: عن سلسله من الحلقات
وضعها أحد الأخوة في صفحات متعدده لتتم الإستفاده منها وتضمن ذلك
الكثير من النصائح للمعلمات من خلال سرد رائع لواقع نعيشه مع البعض
مثل :
* ملق معلمة .
* الكل يشعر بالفقد .
* حزم أخرق .
* عاجل الخير .
* أنتِ تملين هم يملون منك .
وغير ذلك كثير ..

كما لفت إنتباهي لوحة الشرف لماذا دائماً تخصص للمتفوقات
وقدأدركت ذلك عندما حضرت لإحدى المعلمات الداعيات
المخلصات نحسبها كذلك ولانزكي ع الله أحد عندما
جلست في حوار مع الطالبات وتناقشهن عن لوحة الشرف
لما لمِ تكتب أسماءالطالبات المتفوقات فقالت لها طالبة ألا
تعرفين من هن يامعلمة فلا داعي لوضع الأسماء فقالت المعلمة
لمِ لاتضعون أسماء أخرى مع المتفوقات فقلن مثل ماذا
قالت مثل :
* الطالبة الوفيه .
* الطالبة الصادقة .
وتحمسن الطالبات تقول : قالت : إحدى الطالبات أستاذة إذاً نضع من
ضمنهن حلوة الحديث تقول أستغربت مالمقصود من ذلك فذكرت لها الطالبات المقصود ,وسأذكرقصدهم في ذلك في
موضوع سيتم طرحه الآن في منتدى الإدارة المدرسية

والإشراف تقول المعلمة بدأ الطالبات بذكر صفات أوالقاب أخرى مثل : الطالبةالشقرديه .. وغيرها ..
بهذه الطريقة أصبحت لوحة الشرف لاتخصص للمتفوقات
فقط بل تعدد المسميات ...
فنكون من خلال ذلك وضعنا أسماء متعدده تشجيع وتعزيز لهن
ومنها يكون تعزيز لبعض القيم .. هذا ماأستطعت أن أضيفه في الموضوع ولي عودة بإذن الله ..
وأعتذر عن الإطاله كما أشكرك أخي أ : مسفرناصر مشرف الصفوف الأولية ..
للجميع أرق التحايا ..

مسفر ناصر
21-09-2009, 04:12 PM
- الإلتزام والإنضباط ليسا حصيلة للحظة فهما طبيعتان متلازمتان ومرتبطتان بذات الشخص ولا يمكن اكتسابهما إلا بالتكرار الدائم والتدريب الصارم , والإيمان التام بأهميتهما
كلام رائع جدا يكشف أن سلوكياتنا التي نتحرك بها سواء التي نشعر بها أو لا نشعر بها إنما هي نتاج تكرار وتدريب دائمين فمن يكرر الكلمة الطيبة تصبح مع الوقت جزءا من شخصيته حتى لو غضب يوما وأراد أن يتفوه في حق الآخرين بما يؤذي لم يجد في مخزونه القيمي واللغوي وملفات التخزين لديه أشد وأنكى من ( الله يهديه ) ولو بالغ في الفحش لم يجد أشد من عبارة (يا أخي تعوذ من أبليس ) ....نعم العلم بالتعلم والحلم بالتحلم والطيب بلزومه وتكراره والأنس به.
فتح الله عليك

عبدالرحيم سلطان
29-09-2009, 12:29 PM
أستاذ مسفر.....

أنا متابع لكل حرف كتبته في هذه الواحة التربوية الورافة التي تجاوزت فيها دوحة" التنظير" إلى أرض "التطبيق"....

هذه تأملات كتبتها على عجل حول هذه الذكريات الجميلة......

أولاً : لا حظت ردة فعلك الإيجابية والمتميزة لمواقف ميدانية مفاجئة فعلى سبيل المثال : المعلم الذي أراد الوشاية بزميله , بدلاً من أن تقدم له النصيحة المباشرة سارعت لضرب مشهد مستقبلي يصل فيها المعلم نفسه إلى فداحة ما فعله وهو عرضك عليه أن تشكره في الطابور الصباحي أو مكان عام , وقريباً منه موقف المعلم الذي رفض دخولك فصله ثم نجحت بسرعة بديهتك إلى اختراق قسوة طباعه وصدوده , ولا أدري هل هذه المهارة اكتسبتها من كثرة الممارسة أم أن هذه المهارة سبقتها دراسة نظرية ؟؟

ثانياً : قدرتك في موضوع الاضراب العام على التجرد من كافة النوازع البشرية الطبعية في رد الإساءة بنوع من العقوبة فبمجرد شعور المعلمين بخطئهم , واصلاح الخلل سارعت بإعطائهم كافة الحوافز , ولو أردت أن تلتمس لنفسك المغضبة بعض المسوغات لحرمانهم لوجدت من ذلك الكثير , ألا ترى أستاذي الفاضل أن هذا يحتاج لاستعداد فكري وأخلاقي لا يستهان به , لا سيما وأن النفس قد تلومك بعد ذلك وتتهمك بالعجز أو الجبن والخور .

ثالثاً : في موضوع الطفل الضحية أبصرت الجانب الانساني , وقدرة المشرف على طرح أنموذج عملي عندم عكفت طوال حصتين لتعليم ذلك الطفل بعض الحروف , متجاوزاً تلك الصورة النمطية للمشرف التربوي الذي لا يجيد سوى إلقاء التوجيهات النظرية ؟

رابعاً : في موضوع التدين الكاذب مع تحفظي على العنوان ولكن تجنبا للخوض في موضوع فلسفي عن حقيقة التدين أقول اختصاراً : أن المشرف المتميز قد يعجز عن حل مشكلة إذا كانت حلقات العملية التعليمية من مدير أو رئيس لا تتعاون معه في إصلاح الخلل , وهذه ليست دعوة لليأس والاحباط ولكنه فيه إلماحة للواقعية البعيدة عن تطبيع الخطأ التي ينبغي أن يتحلى بها المشرف التربوي والقائد الميداني......

أستاذنا أبا ناصر , عذراً للإطالة ولكن روعة ما سطرته أناملك تجبر محبيك على مساحة من البوح...

أخوك المحب
"عبدالرحيم"

مسفر ناصر
29-09-2009, 10:40 PM
أخي الكريم ( عبدالرحيم )
ما أروع قلمك الذي يفيض فهما وفكرا ويكشف عن عقلية وقادة حرة !!!
إن كان للموضوع جمال فلكونك وأمثالك من يزينه ويجمله بتعليقات واستدراكات قد تكون أنفع لقارئها من الموضوع نفسه .
أما عن تساؤلك عن تلك المهارة هل هي فطرية أم مكتسبة ؟
لا أظن أنها فطرة قد جبلت عليها لكن قد أجزم أنها نتاج عدد هائل من الأخطاء التي وقعت وأقع فيها والتي أحاول من خلال كل خطأ أن أتعرف على أسباب الوقوع فيه والسعي في عدم تكراره بنفس الحجم ...أذكر قولا جميلا قرأته لأحد الغربيين يقول : كم أتمنى أن أعيش مرتين مرة أقع فيها في الخطأ والمرة الثانية أتعرف على سبب وقوعي في الخطأ حتى لا أقع فيه مرة أخرى ....من مكاسب الإشراف التربوي أنه يكشف لصاحبه مستوى أخلاقه ومنسوب القيم لديه , يكشف له ضعفه وتهافته للتقدير من الآخرين , يطلع من خلاله على مافي نفسه من قبح تكشفه إساءة عابرة أو قول لا يخلو من رغبة في الإيذاء .
لكن تذكر ياعزيزي أنني سردت من مواقفي أجملها ....هاتفني محب لي عزيز يقول : لم أرك تذكر مواقف النقص واكتفيت بمواقف لا تخلو من تلميع وتمجيد وتضخيم للذات قلت : صدقت لكنها الحقيقة فقد كانت مواقف النبل والفضل لدي أكثر لا لصلاح قلب وتقوى بل لكون وظيفتي تلزمني بالتخلق بالفضائل وتجنب القبيح من القول والفعل تلزمني أن أكون هينا لطيفا صبورا .... ولا يعني ذلك أنني أجرد نفسي من كل خير فكلنا مفطورون على الكثير من الفضائل نصيب منها تارة ونحرم منها تارات.
تحياتي لشخصكم الكريم

عبدالرحيم سلطان
06-10-2009, 12:56 PM
إجابة شافية أستاذي العزيز...

دمت متألقاً مبدعاً...

متعب القبيسي
30-10-2009, 09:55 PM
مواقف تستحق أن نقف أمامها كثيراً
وكم هو جميل أن نتعلم ونستفيد
من تجارب الاخرين ومما يكتبون
أثابك الله و جزاك الله خيراً أستاذنا القائد
مسفر بن ناصر القحطاني

مـحـرر
01-11-2009, 12:37 AM
ذكريات رائعة تكتب بماء الذهب

مسفر ناصر
02-11-2009, 08:44 PM
لكل من خط بقلمه شيئا حول هذا الموضوع أسمى آيات الشكر والتقدير