المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( قراءة تأملية في مقالات الأستاذ مسفر القحطاني ))


عبدالرحيم سلطان
19-10-2009, 05:09 PM
قراءة تأملية في مقالات الأستاذ مسفر القحطاني



مشاعر متباينة رافقتني مع كتابة هذه القراءة , شعور عارم اعتراني , وإحساس ملح يدفع أصابعي لتضرب على لوحة المفاتيح , ومشاعر أخرى تجيش في الخاطر لإمساكها ومنعها من البوح لئلا يساء الظن بصاحبها ولو بعد حين , وفي النهاية طغت قناعتي الشخصية في أن يلقي المرء كلمته ويمضي وألا تشكّل ردود أفعال الآخرين مهما كانت مكانتهم " بوصلة" تحرك قلمك في هذا الاتجاه أو ذاك , لست من مقدسي الرموز والقادة ولكني كلما أبصرت معلماً متميزاً أو قائداً تربوياً موهوباً أو مصلحاً اجتماعيا مبدعاً عزّ علي ألا تُبرز مواهبهم ولا تُستدعى إلا عند الحاجة إليها , وألا يستلهم الناس ما فيها من تجارب حياتية , وإشراقات تربوية , ومنجزات وظيفية , ومكمن الخلل في تقديري أن الكثير من الناس يظنون أن إسباغ المدائح وعبارات الشكر والوفاء تشكل أقصى ما يمكن أن يقدموه لأولئك المبدعين والقادة , والحقيقة أن ترجمة أفكار ورؤى أولئك القادة في واقعنا وبيان أثرها في تشكيل أو تهذيب رؤيتنا وأدائنا تعد " أكليل الوفاء" الذي يملأ قلوبهم سعادة وسروراً .




لا زلت أستاذي " أبا ناصر" أحبو في ميدان فسيح جديد عليّ , وأشعر بضخامة المسؤولية , وبحماس مشوب بالقلق والتوتر , ولكني لست قلقاً بشكل مَرضي إذ أن القفزة النوعية التي اجتزتها بسبب لقياك والقراءة لك كانت كفيلة بتحريك مياه راكدة منذ سنوات , أحسب أنها لن تعود لركودها ما دام في العمر بقية مهما تكدرت منابع النهر أو أغُلقت بسدود الصوارف والأحداث , فاسمح لي في هذه القراءة لبعض مقالاتك أن أجليّ لزوار هذا المنتدى العامر شيئاً مما أظن فيه فائدة أو ذكرى لكافة مرتاديه من أهل التربية والتعليم , ولعلك تستدرك على صاحبها بما يفتح الله عليك.





تأملات في مقالة " الانتحار من غير ألم"



في مقالة " الانتحار من غير ألم" يشخص الأستاذ مسفر بعبارة رشيقة داءً مستحكماً لدى شريحة غير قليلة من المعلمين والموظفين , لعلي في يوم ما لم أكن بعيداً عنها , ذلك المعلم الذي يتعامل مع يومه بشكل تقليدي فلا تطوير ولا إبداع ولا عطاء , يظل في مدرسته كالعصفور في القفص تحدق عيناه في الساعة بانتظار ساعة الخروج , بغض النظر عن كل ما يمكن أن يقوله المعلم في تشخيص واقعه وهمومه والمصاعب التي قد تسبب له الإحباط أو الدعة والسكون وقد يكون محقاً في شيء منها إلا أن مقالة " الانتحار من غير ألم" تبعث رسالة مختصرة مفادها أنك أيها المعلم والمشرف والموظف مالم يكن ثمة مخطط في حياتك للتطوير والإبداع والتميز فما قيمة حياتك إذاً ؟




إذا أنفقت ثلث يومك وبعملية حسابية بسيطة تستطيع أن تقول " ثلث حياتك" بلا رسالة ولا هدف ولا إبداع ولا طموح ...بل قضيته متأففاً متبرماً متحفزاً كارهاً لهذه الفترة الزمنية الكبيرة من عمرك وحياتك , فأي قيمة للعيش ؟؟




في مقالة " الانتحار" رسالة مفادها أيها المعلم النابه والتربوي الحصيف لا تجعل " الظروف" أو " المدير" أو "الرئيس" سبباً في هدر ثلث عمرك بلا فائدة ولا أثر ولا انتاج , أنتَ... أنت من ينبغي أن يحرص على وقته وعمره ورسالته وأن يذلل أكبر الصعاب ويتكيف مع بعضها الآخر , فإذا رحلت عن مدرستك أو عن دنياك كلها , زار زائر مدرستك أو التقى بأحد طلابك أو شاهد أحد منجزاتك , قيل له بكل فخر واعتزاز " فلان مر من هنا" .




أي قيمة أيها الأستاذ العزيز لربع قرن أو أكثر نقضيها بين ردهات مدارسنا ثم نرحل بعدها بلا بصمة أو تأثير أو ذكرى عطرة نجلل بها هذه السنوات المضنية من العمل والكفاح في مسيرتنا العملية , لقد أوجز " أبو ناصر" بقوله:



" سنوات ويموت ذاك الجسد

ويبكي المحبون ذاك الجسد
فلا حراك
وما علموا أن الموت



طاف به من زمن بعيد"




هل فهمنا الرسالة ؟؟؟ أرجو ذلك



للحديث بقية إن كان في العمر بقية وأذن لنا صاحب المكان ...



عبدالرحيم

مسفر ناصر
19-10-2009, 10:02 PM
أخي الكريم ( عبدالرحيم)
ما أروع أن يكون بعض ماكتبت سببا في استنطاق المبدعين.
ما أجمل أن تقرأ لمن وهبه الله جمال الفكرة ورشاقة العبارة.
أرفع لك القبعة احتراما وتقديرا واعترافا بالفضل .
ياعزيزي
كيف لمثلي أن لا يأذن لمثلك
كيف لمثلي أن يمنع عن ضيوفه عطرا فواحا
كيف لمثلي أن لا يبتهج بعملاق يلبس كلماتي أجمل المعاني التي قد تقصر عنها طاقتي .
في انتظار مايسطره قلمك

عبدالرحيم سلطان
20-10-2009, 08:18 PM
قراءة تأملية في مقالة "ثقافة القطيع"



شوهد الفيلسوف اليوناني:ديوجينيس يوماً في وضح النهار يحمل بيده قنديلاً , ويحدق في وجوه المارة متفرساً , والناس يسألونه : عن ماذا تفتش ؟ قال : افتش عن إنسان !!


في " ثقافة القطيع" يبحر الأستاذ مسفر في فضاء "الحرية" ودوحة" الاستقلال " محذراً أن يتجرد الإنسان عن أكبر ميزة ميزها الله بها عن سائر المخلوقات وهي نعمة " العقل" , وبهذه الميزة الربانية استطاع هذا الإنسان أن يروض الوحوش الضارية , والحيوانات المفترسة , ويشق الجبال الصماء , ويمخر عباب الأمواج الهوجاء , وعندما افتقدت تلِِك الحيوانات مع ضخامة أجسامها وقوتها البدنية نعمة العقل , سُهل على هذا المخلوق الصغير أن يسخرها لخدمته وراحته , وهكذا في حياة البشر كلما كان الإنسان أكثر جهلاً , وأقل ثقافة وإطلاعاً , كلما زادت احتمالات سقوطه في أفخاخ من يفوقه فكراً وعلماً ولو كان شريراً مما يسهل جره وضمه إلى بقية " القطيع" الذين يجرون وراءه بلا وعي ولا إدارك ....



إنها لكمة خطافية من أستاذنا المربي تهشم أطناناً من " ثقافة الاستلاب " التي عشعشت في أدمغة الكثيرين فجعلتهم يقومون بأعمال لا يدققون في نتائجها , وينفقون أوقاتهم في مشاريع لا يدرون ما الحكمة من إنجازها ؟ , وينقادون لآراء الآخرين دون تمحيص أو وقفة تأمل في جدوى هذا العمل أو ذاك....



ثمة إشارة أخيرة أرغب في الإشارة إليها وهي التأكيد على ما ذكره أستاذنا / مسفر , في أن الجهل وضحالة الفكر أحد أكبر أسباب الانضمام لنادي " ثقافة القطيع" , إلا أن ثمة سبب آخر لا يقل أهمية وهو أشد فتكاً في المجتمع وهو " داء الهوى" وإن شئت فقل

" انحطاط القيّم" في السلوك والممارسة عند أشخاص ربما كانوا منظّرين ومتمكنين من بعض العلوم دينية أو إنسانية أو تجربيبة ولكنك تفاجأ أن هذه النخب المثقفة تنساق مع القطيع بكل حماس , وهذه الفئة لا يعود سبب انسياقها لجهل وضحالة فكر , ولكنه يعود بالدرجة الأولى لطغيان " اللذة" و" المتعة" و" الماديات " بشكل عام على مبادئها وقيّمها ورسالتها , وهذه الفئة لا تكتفي في مجتمعاتنا العربية بالانسياق خلف القطيع ولكنها تروج لثقافة القطيع عبر سلوكها حيناً, وعبر مواقفها الملتوية حيناً آخر...!!


عذراً أستاذي أبا ناصر لاسترسالي , ولكنك أذنت ليّ متفضلاً فتحمّل نزق تلميذ متحمس , سمح له أستاذه البارع بمساحة من البوح , ربما لن تسنح له مرة أخرى !!!

عبدالرحيم

منى عبداللطيف
21-10-2009, 12:52 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبدأ بالشكر للاستاذ مسفر لإبداعه بما يقدم

الأخ عبدالرحيم
أخذني فضولٌ بعد كلّ ما قرأت فجُبتُ أرجاءَ عباراتك
أبحثُ عن سِرّ تَحَلِّق الحروف
فخرجتُ بقناعَةٍ أنّك أديبٌ تبث الكلمة وترقَى
بقارئيك عن كلّ ما يؤذي ذائقتهم...وأرواحهم !
قرأت هنا أدباً استمدّ روعَته من رقي الفكر وعذوبة العبارة التي لا تنتظر إذناً
بالدّخولِ إلى قلبِ العابرإلى متصفحك
راجية أن لا ننحرم من رقي ذاك الفكر في كتابات خاصة

~ْ تقديري ~ْ
منى

عبدالرحيم سلطان
23-10-2009, 03:53 PM
شكراً أستاذي مسفر على إتاحة المجال , وأعانك الله على تطفلنا في دارك العامرة...

الأستاذة منى :


أشكر لك حسن عبارتك , وكريم مجاملتك , وما موضوعي اليتيم هذا إلا ثمرة من ثمار عطاء أستاذنا مسفر, أرجو ألا اضطر إلى المزيد من المديح لئلا يضجر منا أستاذنا , كما أني أعتقد أن تفاعلنا مع إبداعه في هذا المنتدى الخاص يعد أكبر دليل على استفادتنا وتفاعلنا , مجدداً أشكر لك أختي هذه المشاركة والثناء الذي لا استحقه, وإن وجدت ما أظن أن فيه فائدة فلن أتردد بإذن الله في المشاركة في هذا الصرح التعليمي الرائع....


غداً إن شاء الله " قراءتي التأملية " لمقالة ( دكتوراه بطعم الليمون)...

مودتي واحتراميِ

عبدالرحيم سلطان
24-10-2009, 03:43 PM
قراءة تأملية في مقالة" دكتوراه بطعم الليمون"


" الوجاهة الاجتماعية " مطلب يتكلف الكثير من الناس لتحصيله , وطرائق تحصيلها تتعدد ما بين ثراء فاحش يُحني الكثير من الجباه ذُلاً لصاحبه ولو لم يضع صاحب الثراء في جيوب الآخرين قرشاً واحداً , أو منصب اجتماعي عبر بوابة القبيلة والأسرة أو منصب وظيفي عبر بواباتها المتعددة في عالمنا العربي , وتعد فكرة الحصول على درجة العالمية " الدكتوراه " في أي علم من العلوم مدخلاً رئيساً لتحصيل مثل هذه الوجاهة المأمولة , ولا إشكال أو عيب أن يطمح الإنسان في الترقي والتميز في حدود الشرع والخُلق , ولكن مأساتنا التي طفت على سطح المجتمع مؤخراً وأشار إليها باقتدار أستاذنا مسفر في مقالة " دكتوراه بطعم الليمون " ...تلك المكاتب والفروع الوهمية لجامعات غربية التي افتتحت في بعض المدن التي تعطي شهادات الماجستير والدكتوراه ببضعة آلاف من الريالات بلا أدنى مجهود من صاحب الرسالة
" الأكذوبة".




إنها ظاهرة " النخب المزيفة" كما يسميها الأستاذ محمد بودي , أو ظاهرة " دكتوراه بالدعم الفني" كما يسميها الدكتور علي الموسى الكاتب في صحيفة الوطن , التي تجعل ذلك " الدكتور المزيف" يتبختر بكل صفاقة ليحمل لقباً علمياً لم يقرأ في سبيل تحقيقه كتاباً أو يريق في تسويده دواة حبر, إنها حالة مؤلمة من التردي العلمي والأخلاقي التي تكشف عن سقوط غير محسوب المسافة قد تفشل رادارات القيم والمبادئ عن رصده وتحديد مكانه فضلاً عن تقييمه ومحاسبته.



يلحظ المتابع أن الكثير من الألقاب العلمية , والمسميات الشريفة , تم امتهانها بسبب كثرة الدخلاء عليها ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله , لا بد من لأصحاب الرأي والفكر من أمثال أستاذنا الفاضل / أبو ناصر , أن يسارعوا في تنقية دوحة العلم وحدائقها الغنّاء مما يكدر صفوها ونقاءها , ونحن وإن كنا قد نعجز عن توفير ذلك النقاء بشكل كامل ولكننا سنفعل ما بوسعنا ليظل للعلم وأهله مكانتهم اللائقة , والتي تستلزم على أقل الأحوال تقدير ذلك الجهد الذي بذلوه في تحصيل هذه المرتبة العلمية المتقدمة.



يبقى أن أقول : كم أتطلع أستاذي أبا ناصر لمقال جديد بعنوان " دكتوراه بختم التحنيط" , فشريحة لا يستهان بها من حملة الدكتوراه المعتمدة يقف تحصيلها العلمي عند يوم مناقشة الرسالة , حتى أصبح بعضهم كالجثث المحنطة في متحف مصر الوطني بقاهرة المُعز, حيث ترى عن كثب تلك الجثث الفرعونية متكاملة الأعضاء , ولكنها بلا روح ولا إبداع ولا تأثير ولا إنجاز.

لو سألت ذلك الدكتور الذي حاز على شهادته منذ عقد أو ربع قرن حتى ظن بعض شانئيه أنه من فصيلة الديناصورات , لو سألته : كم كتاباً ألفت بعد الدكتوراه ؟ كم مشروعاً علمياً قدمت ؟ كم ورقة بحثية كتبتها لإنماء مجتمعك وتطويره ؟ بل لو سألته عن بعض تفاصيل تخصصه العلمي لحار الجواب في فمه , فالعهد بكتب العلم بعيد ؟ وصروف الحياة قذفته على شاطئ التآكل والتحلل الذاتي !! .

لقد أصبح اليوم " كُنتياً" من ألفه إلى يائه يحدّث من حوله عن أمجاده الغابرة وعصوره البائدة , حتى سأم الناس اسطوانته المشروخة , وضجرت مسامعهم من أخبار انجازاته العلمية التي لم يروا آثارها ولم يقفوا ساعة على أطلالها .



عبد الرحيم

بنت أبوي
24-10-2009, 06:55 PM
سلمت يمينك أيها الأستاذ الفاضل " عبدالرحيم "

لست هنا كي أمدح ,, لأنني لن أجد عبارت أجمل وأرقى من التي سطرها شخصكم الكريم
لقد لفت انتباهي تذوقك في تحليل الكلمة ,, ومنطقيتك في التأمل وقدرتك على شد الإنتباه
وفجأة وجدت نفسي أتأمل ( تأملاتك )
وأعجبت كثيرا ببعض الألفاظ والمصطلحات التي انتقيتها بكل دقة واحتراف

والشكر موصول للقائد " أبا ناصر " الذي استطاعت كلماته أن تجذب أمثالك

يسرني أخيرا
أن أرحب بك يا أخي في منتدانا الرحب
حياك الرحمن
بانتظار ابداعاتك

تحياتي وتقديري
أختكم / بنت أبوي

مسفر ناصر
25-10-2009, 05:37 AM
القلم الجميل أخي ( عبدالرحيم )
لأسطرك متعة في نفسي
ولفكرك الحر أثر وتأثير
كلي متابعة لما تكتبه
لكن حذار أن تفتن معجبي بك
خاصة وقد بدأت أراهم ينصرفون عني إليك
وحق لهم
ففي العبارة جمال
وفي الطرح جدة وأصالة
وصاحب القلم كريم النبتة طيب الأنفاس
ما أصعب أن يجتمع الناس عليك
ثم ينصرفون لمن هو خير منك
لا يغرنك مني تلبس المتواضعين
وآهات المسبحين
ودعوات لا تخلو من أنين
لكنها الحياة
تتوق للأقوياء

دمت قلما جميلا ....ثم كيف ألوم من كان تعجبه بعض أسطري حين انصرف إليك وقد لحقني ما أصابهم فلست أقل منهم اعجابا بما تكتب ....
واصل ...أوصلك الله طريق الجنان ...ولا يغرنك بكائي على ما كنت أظنه مجدا
تحياتي لك بقدر روعتك

منى عبداللطيف
25-10-2009, 04:14 PM
هذا المتصفح يتنفس ويهب من يأتيه أنساما مغايرة ..

استاذ مسفر
أضحك الله سنك
يبدو أننا سنواجه إبداعًا من نوعٍ مختلف ..
هُناكَ حديثٌ يستجلب منَّا أحاديث ..
و هناكَ حديثٌ يستجلب الصمت !!
حاولت أن أصف فرحتي بمثل هذا المتصفح
و لن أقول عجزت حروفي .. فحروف اللغة لا أخالها تعجز عن التعبير ..
بل عجزت أنا عن تنسيقها لكم ..
دام عزكم .. أيها المبدع
فكم هو جميل أن يحتويك الآخرين . . .
يكنون لك المحبة والإحترام . . .
تكون محط إهتمامهم وكذلك ثقتهم . . .
يتفننون في إرضاءك وإسعادك . . .
فما زال في القلب الامتنان لأجل كل حرف أسعدتنا وابدعتنا به
نحن ؟ لا نتقِنُ شيئًا في ابداعاتك سوَى أن نظلّ منتظِرين بكلّ ما أوتينا من قلب !

شكراً ولا تفي،،
فلك بكل الحروف تحية
وتقديري
منـــى

عبدالرحيم سلطان
25-10-2009, 10:10 PM
الأخت الكريمة بنت أبوي :

سرني أن تجدي في متصفحي ما يستحق القراءةوالاستفادة , أشكر لك هذا الإطراء والثناء والترحيب , فمشاركاتي رجع لتألق هذاالصرح التعليمي الرائع , الغني بمادته الدسمه وبأعضائه المميزين من أمثالكم , شكراًجزيلاً.

الأستاذ المبدع "مسفر القحطاني" :

وهل لورقة خفيفة الوزن تسُفها الريح يمنة ويسرة أن تحجب الرؤية عن شجرة سامقة غذّتها بماء الحياة , ورفعتها عن هوام الأرض , وأبرزتها مورقة مخضرة للناظرين , إيه...أيها المبدع إنها حصافة العمالقة , وتحفيز الأساتذة الذي أُسر به وأسعد فالعين لا تعلو على الحاجب كمايقال , وهل " لمعرف شبحي مجهول" أن يسامي أو يداني واحة تربوية غدت " معلَمَاً" تتدفق عطاء وإبداعاً يأوي إليها التائهون في صحراء مقفرة , وتقصدها قوافل المتعلمين للتزود من مائهاوثمارها لتستأنف مسيرتها نحو النجاح والإنجاز .

يكفيني أبا ناصر أنك وجدت وقتاً في جدولك المزدحم لقراءة خربشاتي على هامش لوحة إبداعك , تحية ملؤها التقدير والإجلال والاحترام من قلب " نُقش" في أعماقه اسمك بمنزلة سامية , وإني من قوم يحفظون الفضل لأهل الفضل ولو تطاولت السنون , وتبدلت الأحوال , وتغيرت الصور , شكراً أستاذي لدعواتك المباركة جمعنا الله وإياكم في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في دار كرامته.


الأخت الكريمة منى :

إطلالتك على متصفحي بهذه التعقيبات الزاخرة , تزيدني بهجة وسروراً , وتستجلب المزيد من نثار إبداعكم , وقريحة أستاذنا المبدع , شكري وامتناني على تواصلك وتفاعلك مع قراءتي التأملية المتواضعة....

استأذنك في العودة إلى صومعتي التأملية...جالساً على دكتي الخشبية المتآكلة....أحدق متأملاً في لوحة أستاذنا
( صديقي العزيز ..." الفشل" )...وفي يدي ريشة قلم مرتعش ...ولكني أقهر ترددها وارتعاشها بأن أغمسها في دواة حبر فؤادي مدوناً لما أظن أنه سيبقى عندما تزول أشياء كثيرة من حولنا...

عبدالرحيم

مسفر ناصر
26-10-2009, 05:43 AM
أختي الكريمة ( منى)
أولا : الحمد لله على السلامة ...ألبسك الله لباس العافية والصحة
ثانيا : بوركت من كاتبة مبدعة فرضت نفسها بقوة الطرح والفكرة والوصول إلى المعنى المراد بسهولة من غير تكلف .
تحياتي لشخصكم الكريم

عبدالرحيم سلطان
26-10-2009, 09:15 PM
قراءة تأملية في مقالة " صديقي العزيز...الفشل"


عندما دعانا الأستاذ / مسفر لاتخاذ " الفشل" صديقاً عزيزاً في مقالته الماتعة لم يرد بذلك أن نتخذ " الفشل" صديقاً ملازماً طوال حياتنا , ولكنه أراد ببصيرته النافذة أن نتقبل الفشل كخطوة على الطريق , وعقبة لا يكاد يسلم منها أحد في طريق النجاح , وعندما تتكسر مجاديف قارب الهمة والعزيمة لدى الناس عند أول تجربة فاشلة فإن هذا يتسبب في تسرب المياه إلى قارب العزيمة مؤذناً بغرق صاحبه , ومن ثم تغلغل الخوف من تكرار التجربة لئلا يذوق طعم الفشل مرة أخرى , فأراد " أبو ناصر" أن يؤكد أنك إن أردت النجاح والإنجاز فلا بد أن تتقبل حدوث الفشل مرة أو أكثر كمحطة مر من خلالها الكثيرون من العباقرة والمبدعين , فلا تتوقف عندها بل تقبلها كحدث طبعي , وحاول تحليل أسباب هذا الفشل لتلافي أسبابه في المرة القادمة.



ثمة فائدة شرعية تعد محركاً فاعلاً , ومصلاً وقائياً, ضد الإحباط واليأس بعد أي إخفاق أو فشل , والتي تتمثل باستبطان الأجر الأخروي لدى أي محاولة أو عمل في طريق النجاح ,ومدخل ذلك عبر توسيع مفهوم العبادة وألا نقصرها عند أداء بعض الشعائر العظيمة كالصلاة والصيام والحج , وهذه من المفاهيم الخاطئة لدى قطاع من الناس ,والذين يعانون حالة من " الشيزوفرانيا" أو الانفصام بين الالتزام الوظيفي والإنجاز الإنساني والعلمي من جهة, وبين مفهوم العبادة من جهة أخرى التي اختزلوها في عدد من الشعائر العظيمة والتي تشكل أحد دعائم الإسلام ولكن مفهوم العبادة كما هو واضح من دلائل الكتاب والسنة يدفع لإطار أشمل , وفضاء أوسع , وأفق أكثر اتساعاً , ولنتأمل هذا الحديث على سبيل المثال :


عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا : (( يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله )) ؟


يلاحظ هنا أن الصحابة رضوان الله عليهم أرادوا أن يتم توظيف هذه الطاقة الجسدية في ذروة سنام الإسلام أو غيرها من الشعائر التعبدية المعروفة لدى الناس, فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً أن بوابة العبودية " في سبيل الله " تشمل كذلك أعمال أخرى قد لا تخطر لهم على بال , ولا تقتصر على بعض الشعائر الظاهرة كالصلاة والجهاد والحج....


فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهوفي سبيل الله وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله )) والحديث رواه الطبراني وصححه الألباني.


وهنا عندما يحتسب الموظف أو المعلم أو التربوي كل قطرة حبر يريقها أو ضربة أصبع على لوحة المفاتيح أو مشروع يقدمه أو نشرة يكتبها أو درس يلقيه أو قيمة يعلّمها , فستنقلب معايير الفشل الدنيوية إلى ربح دائم , ونجاح متواصل , وينتقل من مرحلة
" ضرب الأكف" عقب تجربة فاشلة إلى همة عالية نحو تحقيق المزاوجة المأمولة بين الاحتساب الشرعي والنجاح المهني , إنني أدرك أن كلامي هذا ربما اعتبره بعض من يقرأه كلاماً نظرياً أو مشروعاً حالماً , ولكن اتساع الهوة بين التنظير والواقع ينبغي أن يدفعنا لإحداث نوع من المقاربة , وتقليص الهوة وليس إلى تكييف القيّم والمعايير العلمية وفق واقعنا البائس.




لقد شكلت مقالة " صديقي العزيز...الفشل" كاسحة ألغام أبطلت الكثير من الألغام والقنابل المدفونة في أعماقنا , والتي ربما انفجرت عند أول تجربة فاشلة وتسببت " بتشظي" آمالنا وتمزقها على أعتابها , فاستحق الأستاذ " مسفر" وساماً تربوياً وإنسانياً من منظمات حقوق الإنسان لبناء الذات تقديراً لجهوده الرائعة في إبطال ألغام اليأس والإحباط التي زرعتها نظرتنا التشاؤمية على الحدود المتاخمة لمشاريعنا وآمالنا التي نترقب إنجازها وتحقيقها.


عبدالرحيم

منى عبداللطيف
26-10-2009, 11:41 PM
استاذ مسفر
اشكراهتمامك وتعليقك
دمت بخير
الأخ عبدالرحيم
ماشاء الله
لوحة فنية ( تشكيـ لية ) !
لا أضيف جديدا حين أقرّ أني أمرّ بحرف كهذا وأعود كل مرة لاتذوق نكهة جديدة..
لامتزاج الأصالة بالتجديد هنا قلم مميز ..
أما التأملات .. فلوحة أخرى!


سبحان الله خلق العباد وجعل أحوالهم جارية على سنن قدّرها وقضاها .
فمن سنن الله تعالى ( وتلك الأيام نداولها بين الناس )
الفاشل قد ينجح ..
والناجح قد يفشل . .
ولذلك ليس الفاشل من يقع في الفشل . . فتلك سنة !
إنما الفاشل من يقع فيه ثم هو يرتضيه ..
قال تعالى ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيما وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا )



أخي أستاذ الحرف
طبت ودمت ..
تقديري،،

عبدالرحيم سلطان
27-10-2009, 01:38 PM
الأخت الكريمة منى:

أحسنتِ فيما تفضلت به , ليس ثمة شخص يولد فاشلاً , ويظل فاشلاً طول عمره , واستدلالك بالآية الكريمة في غاية الروعة , فالأيام والأمجاد والنجاحات لا تقف عند شخص أو بلد أو أمة , أشكر لك هذا التحفيز والثناء , وسيظل لقلمك المتوثب وللأخت الكريمة " بنت أبوي" سابقة التفاعل والتميز والإبداع مع أستاذنا الفاضل , كما أشكر لك دعوتك الكريمة للمشاركة في مواضيع المنتدى فإن هذا من دوافع فخري واعتزازي ولكني في الوقت الحالي مشغول بالعديد من المشاغل التي تمنعني من ذلك , ولكني أعدك بإذن الله أن أعود بعد زوال بعض تلك المشاغل للاستفادة من أعضاء هذا الصرح التعليمي عبر الكتابة والمشاركة , مجدداً أشكر لك أختي الكريمة هذا الترحيب والثناء والذي لا يستغرب من مشرفي هذا المنتدى ورواده الكرام .


هذه الليلة بإذن الله اختتم تأملاتي بقراءة لمقالته الرائعة " سيرة ينقصها الكفاح" , وكلمة وداع لأستاذنا الفاضل , الذي استضافنا وأحسن ضيافتنا في منتداه العامر بأطايب الفكر والعلم.


" ملحوظة : يشدد علينا الأستاذ / مسفر , أن نختم مواضيعنا ودروسنا " بخاتمة مثيرة" وها أنذا أحاول تنفيذ التوجيهات ولا أدري هل أصبت الهدف أم أبعدت النجعة كما يقال :1:؟

بنت أبوي
27-10-2009, 02:53 PM
(( هذه الليلة بإذن الله أختتم تأملاتي :7: ))

أخي الفاضل ( صاحب القلم المميز ) : أ- عبدالرحيم :

قد تظن بأني أبالغ حينما أقول بأن أناملي اعتادت بأن تفتح موضوعك الرائع بمجرد دخولي لصفحة المنتدى الرئيسية ,, فانطلاقتي بالتصفح أصبحت مرتبطة بهذه الصفحة ( الثمينة ) التي كدت أن أشبهها بواحة ماؤها عذب زلال .. ونخلها أجود ظلال .. فقلمك لفت انتباهي بما يحويه من مزايا القوة والعطاء والجمال.

فمتابعتي لعباراتك ( مستمرة ) حتى وإن كان الصمت رفيقي في أغلب الأحيان .. فيبدو أن انبهاري بما تكتب ربط على لساني وأحجم فكري .. حتى أسمح لذاتي بأن أغتنم الفرصة وأستقطع جزءا من وقتي للتمعن في حرفتك الأدبية واللغوية المميزة التي صدرت من عقلية فذة ,, استطاعت أن تعكس شخصها الرائع بقلم أروع

فأكثر مايهمني حينما أقرأ هو القلم المميز .. لأنه يفرض علي أن أقف أمامه تقديرا واحتراما

بارك الله فيك وزادك الله من فضله ,, وختاما :: ننتظر منك وعدا بمواصلة هذه الإبداعات

تحياتي : أختكم في الله
بنت أبوي

عبدالرحيم سلطان
27-10-2009, 11:06 PM
قراءة تأملية في مقالة" سيرة ينقصها الكفاح"



عندما قرأت مقالة أستاذنا / مسفر القحطاني هذه قفز إلى ذهني , صورة مشهد تمثيلي شاهدته في سنين الصبا , يحكي عن رجل كان يعمل شرطياً برتبة جندي ينظّم حركة السير في الطريق , فبينما أحد كبار الوزراء يمر بسيارته قام الجندي بإيقاف كل السيارات القادمة من الجهة المقابلة وسمح لسيارة الوزير بالمرور والإشارة حمراء تقديراً لمكانته , حفظ الوزير اسم هذا الجندي " المطيع" , وبعد فترة قام الوزير بتدبير انقلاب في تلك البلاد واستلم سُدة الحكم , فقام بتعيين ذلك الجندي وزيراً للأمن أو الدفاع تقديراً لسجله الزاخر في الإنجاز , المشهد الذي لم يفارق ذهني منظر ذلك الجندي الوضيع وقد لبس أفخم الألبسة وقد وضع رِجلاً على أخرى وهو يقول لسكرتيره باللهجة المصرية : يا مدحت...أنا عاوز اكتب مذكراتي , لازم الجيل الجديد يقرؤوا سيرتي ويشوفوا إزاي كافحت وتعبت حتى وصلت لهذا المنصب !!!




" كتابة السيرة الذاتية" تقليعة جديدة للطبقة المخملية أستاذي العزيز , فالنفس البشرية عندما تشبع حاجاتها من المال والثراء والنفوذ تتطلع " لمجد اجتماعي جديد" , ولكن التاريخ لن يُدخل في سجل الشرف إلا المبدعين والمكافحين والمتميزين , وامتعاضك أستاذي من خلو سيرة أحد الكتّاب من أي ملمح كفاحي في سيرته ذكّرني بمقولة صديق قديم كان يقول لي : الشاعر الذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب لا يمكن أن أصدقه أو أتفاعل مع قصائده المليئة بأبيات العذاب والحرمان والبؤس ؟ لأني أدرك أنها صورة خيالية وغير واقعية .



فكنت أخالف صديقي وأقول إن مشاعر البؤس والحزن والألم تتجاوز كل مظاهر الرفاه والترف الجسدي إلى دواخل الأرواح والنفوس , ولهذا قد نرى ذلك المترف معذَباً حتى يقدم على الانتحار , وقد نرى ذلك المتواضع أو الذي بالكاد يجد قوت يومه في سعادة وحبور وقناعة , وقديماً قال ابن تيمية " جنتي في صدري".




لا شك أن كتابة السيرة الذاتية لا تحقق أهدافها إلا إذا حوت دروساً وقيّماً ومواقف يمكن استلهامها , والاستفادة منها , فدورة الحياة البشرية واحدة , وهياكلها الخارجية مهما اختلفت غنى وفقراً , حضارة وبداوة , رقياً وتخلفاً , فإن دواخلها متشابهة بما تحتويه من قيم ومبادئ ومغريات وملذات وأخيار وأشرار , إن السير الذاتية تتفاوت قيمتها بحسب مكانة الكاتب أو أسلوبه , ومما يميز كُتب السير عن كتب التاريخ أنها تسبر أغوار النفس البشرية لا سيما إن حرص الكاتب على نقل مشاعره ومواقفه بمعدل مرتفع في المصداقية , ومن أعجب ما قرأت في كتب السير الذاتية ما كتبه الشيخ الأستاذ علي الطنطاوي في ( ذكريات) لا سيما الأجزاء الأربعة الأولى , فقد ظهرت قوة تلك الذكريات الذي جمع فيها الشيخ بين جزالة العبارة وسهولتها , في نقل أحاسيسه الشخصية حيال مواقف متعددة مع المرأة والسلطة والتعليم والقضاء والغربة بلا رتوش أو تنميق أو إسفاف , حتى أن أحد الباحثين ألف رسالة دكتوراه عن منهجية الطنطاوي الفريدة في الذكريات بعنوان ( علي الطنطاوي ...كان يوم كُنتُ) , وحق له ذلك فقد كان الطنطاوي يضحكني حتى يسمع أهل داري قهقهتي , وكانت الدموع تضطرب في مقلتي وهو يصف شوقه لابنته المغدورة " بنان" أو رحيل أمه أو شوقه الذي كان يضطرم في صدره لدمشق وغوطتها ومآذنها وضواحيها , في الشأن المحلي يأتي مثلاً.كتاب د. غازي القصيبي ( حياة في الإدارة ) مفعماً بالدروس الحياتية في مجال العمل الإداري.




إن كتب السير الذاتية من الناحية التاريخية التوثيقية لا تعد مصدراً قوياً للمعرفة لأن الإنسان عادة لا يحب أن يبرز للناس إلا في أبهى صورة , ولكن أستاذنا " مسفر" أراد أن يقول إن القارئ لأي سيرة ذاتية يحتاج لاستلهام قدرة الكاتب على تجاوز العقبات والصعوبات في حياته المديدة, وأزيد على ذلك أن من فوائد كُتب السير الذاتية أنها تشكل نافذة للاطلاع على الحالة الاجتماعية أو الثقافية لبلد ما...خذ على سبيل المثال ما ذكره القصيبي في كتابه " حياة في الإدارة" من أن الموظف في الغرب عندما يعاقبه رئيسه بالخصم أو الإعفاء ,فإن الخصومة تقتصر على علاقة ذلك الشخص بالرئيس , وأما لدينا في البلاد العربية فالخصومة تتجاوز الموظف الُمقال أو المُعاقب إلى أسرته أو قبيلته أو أقاربه أو إقليمه , وهذه لفتة مهمة تبين كيفية تحقيق القائد لمقاربة معقولة بين الأطروحات النظرية وبين تركيبة مجتمعه الخاصة , وهي مقاربة في غاية الصعوبة , وقلة من يستطيعون تجاوزها , كما أن المرء لا يمكن أن يستوعب تداخلاتها وأبعادها لو اكتفى بقراءة الكتب العلمية المتخصصة في علوم الإدارة والاجتماع.




أستاذي أبا ناصر :



هذا أوان كسر ريشة قلمي التأملية , بعدما أرهقت عيونكم , وشغلت أوقاتكم وصدعت رؤوسكم بمتابعتها , وعلم الله أن هذه الخواطر والتأملات جاءت من عفو الخاطر بلا تحضير ولا استعداد ولا نية مسبقة , ولعل هذا أحد أسباب تقبلكم وتقبل القراء لها مع تواضعها , حان الوقت أيها القائد المبدع , والمُلهم التربوي الأول , لأعود أدراجي إلى مكاني الطبيعي في المدرجات وبين جمهورك المحب , اقتنص فوائدكم , وأدون فرائدكم , وأقوّم الخطأ من ترياق نقدكم .



لست أدري أبا ناصر...عما جال وسيجول في خاطرك منذ تقحمي دارك بهذه التأملات ولكن الحياة علمتني أنها كثيراً ما تنصف الصادقين والمتخففين من أوضار الأغراض الشخصية , وسفاسف الأهواء المادية , ولست أدّعي لنفسي المقصرة العصمة والقدسية , ولكني جالستها وصارحتها وكاشفتها قبيل كتابة تأملاتي وبعدها , فما ظهر لي منها من غرض سوى المحبة الصادقة لشخصكم الكريم , والشعور الغامر بالعرفان والجميل , والدَين الثقيل , فظنت أنها ستسدد قدراً يسيراً من حقكم عليها بهذه القراءة التلقائية , والوقفة التأملية , أغادرك مودعاً وشفاهي تتمتم بدعوة صادقة أن يوفقك ويسددك , وأن يجعلك ممن طال عمره وحسن عمله , والشكر موصول للأختين الكريمتين / منى عبد اللطيف , وبنت أبوي على حسن التفاعل , وثراء التعقيب , وجمال العبارة , استودعكم الله , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



عبد الرحيم


أبو عبدالله