منى عبداللطيف
13-11-2009, 12:29 PM
بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
الحمد الله ربِّ العالمين و الصّلاةُ وا لسّلام على سيّد المُرسلين نبيّنا مُحمّدٍ صلّى الله عليه و سلّم
و على آله و صحبه و من تبعهُ بإحسانٍ إلى يوم الدين ..
ربنا جلّ و علا خلق الخلق لا ليستكثر بهم من قلّه و لا ليستنصر بهم من ذلّه
خلقهم و هو غنيٌّ عنهم و جاء في الحديث القدسي :
[ يا عبادي إنّكم لن تبلغوا ضرّي فـ تضروني و لن تبلغوا نفعي فـ تنفعوني ؛
يا عبادي لو أنّ أولكم و آخركم و إنسكم و جنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا ؛ يا عبادي لو أنّ أولكم و آخركم و إنسكم و جنّكم كانوا على أفجرِ قلبِ رجل واحدٍ منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا ؛ يا عبادي إنّما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثُمّ أوفيكم أيّها فمن وجد خيرًا فـ ليحمد الله و من وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلاّ نفسه ]
و مع ذلك أرسل الرسل و أنزل الكتب لأمرين تقوم الحجّة و تتضح المحجّة و لا يهلِك على الله إلاّ هالك
[ و ما ظلمناهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون ]
على أنه ما تقرّب أحدٌ إلى الله ليلاً بـ أعظم من الصلاة له و الوقوف بين يديه و السجود له
قال الله عز وجل عن أوليائه الخُلّص :
[ تتجافى جنوبهم عن المضاجعِ يدعون ربهم خوفًا و طمعًا و ممّا رزقناهم يُنفقون فلا تعلمُ نفسٌ ما أُخفي لهم من قرّة أعين جزاءًا بما كانوا يعملون ]
و قال صلى الله عليه و سلم لـ مُعاذ :
[ ألا أدلّك على أبواب الخير ؟ الصوم جُنّة و الصدقة تُطفئُ الخطيئةُ كما يُطفئُ الماءُ النار ] ثُمّ قال :
[ صلاة الرجل في جوفِ الليل الآخر ؛ ثُمّ تلى : تتجافى جنوبهم .. ]
و في الخبر الصحيح أن أمّ المُؤمنين فقدته صلى الله عليه و سلم قالت فإذا هو في المسجد
قد انتصبت قدماه يقول في سجوده :
[ اللهُمّ إني أعوذ برضاك من سخطك و أعوذ معافاتك من عقوبتك و أعوذ بك منك لا أحصي ثناءًا عليك
أنت كما أثنيت على نفسك ]
قال صلى الله عليه و سلم - أنت كما أثنيت على نفسك - لأنّه لا أحد أعلمُ بالله من الله .
و قال ربنا : [ و لا يُحيطون به علمًا ]
فـ تأدّب صلى الله عليه و سلم مع ربه فقال : [ أنت كما أثنيت على نفسك ]
وقفــه: أيّها القلب هذه موعظةٌ لك فيها إيضاحٌ و بيان لما أشكل على العقول و أعيى الأذهان :
[ فأمّا الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه و نعّمه فـ يقولُ ربّي أكرمن و أمّا إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقهُ قيقول ربّي أهانن ]
يظنّ بعض من يجهل سنن الله في خلقه أن العطاء الدنيوي مستلزم للعطاء الأخرويّ ؛ و أن التضيق الدنيويّ مستلزم بالتضيق الأخرويّ !
فـ الله عزّ و جل يقول ( كلاّ ) أي ليس الأمر كذلك
و الله يُعطي الدنيا لمن يُحب و من لا يُحب و لا يُعطي الدين إلاّ لمن يُحب
و بيان ذلك تقريبًا للأفهام و عملاً بما أمر الله لا يُعصم أحد بغناه بأنه تقيّ و لا يُتهم بأنّه فاجر
فـ الغنا هبةٌ إلاهيّه لا علاقة لها بتقوى العبد أو فجوره ؛ كما أن الفقير لا يمدح بأنه فقير من أهل الجنة و لا يذم بأنه من أهل النار فلا سبيل إلى الجنة و النار إلا بأمرين :
الجنة سبيلها الإيمان و العمل الصالح و غير ذلك سبيل النار ؛ لا علاقة للغنى و الفقر و الصحة و المرض و العطاء و المنع بالجنة و النار ؛ لكنّ العطاء الديني هذا لا يُؤتاهُ إلاّ من أحبّهُ الله !
رجلٌ يتقلّب في فراشه قد أقضّ السهر مضجعه لأيّ سببٍ كان فقام بعد أن تقلّب في فراشه و بعُدَ النّوم عن عينيه
- و هذا يحصل تقريبًا لكل أحد -
حال الناس هنا يتفاوت ؛ فهذا يقوم يُقلّبُ قنوات الشاشات ؛ و هذا يذهبُ إلى جهازه ليفتحه ؛ و هذا يتصل بصديقه ليُسلّيه
و ذاك قد يتعرّض لأعراضٍ مستورة يُوقظها من منامها ؛ و هذا قد يتكأ على فراشه يتكاسل أن يقوم !
هناك أقوام يُحبّهم الله فـ لأنّه يُحبّهم يُحبُّ أن يقوموا بين يديه فـ يقع في قلبهم حبّ الوقوف بين يديه جلّ و علا فـ يقومون
تتسابق أقدامهم إلى موضع وضوئهم فـ إذا توضّؤوا سقط ما سقط من الجوارح التي لامسها الماء تكفيرًا لهم
فإذا وقفوا بين يديّ ربهم فهذا من أعظم الدلائل و أجل القرائر على أن الله يُحبّهم ولو محبته جلّ و علا لهم لما وفّقهم أن يقوموا بين يديه
و من أراد أن يعرف أين مقامه عند ربه فـ لينظر أين مقامه من طاعة ربه
إذ ليس بين الله و بين أحد من خلقه نسب! إنما هي أعمال في ذلك فـ ليتنافس المتنافسون .
فـ لأنّه أحبهم أقامهم جلّ و علا بين يديه لأمر عظيم و الأمر العظيم هو أنه و إن ثقلت بهم الأقدام في وقوفهم في الليل بين يدي الملك العلاّم ؛ فإن هذا يُهوّن عليهم يوم القيامة الوقوف بين يديه قال الله جل و علا :
[ و اذكر اسم ربك بكرة و أصيلاً و من الليل فاسجد له و سبّحه ليلاً طويلاً إن هؤلاء يُحبون العاجلة ويذرون ورائهم يومًا ثقيلاً ]
و الوقوف بين يدي الله يقع في الدنيا في الصلاة و يقع في الأخرة في يوم العود الأكبر ؛
فمن حسُن وقوفه في الدنيا في صلاته بين يدي ربه حسُن وقوفه في الأخرة يوم يقوم الأشهاد و يُحشر العباد بين يدي ربهم تبارك اسمه و جل ثناءه
وقفـه : أيّها القلب تذكّر ذلك اليوم و أهواله و لا تغترّ بدُنياك فإنّما هي مطيّةٌ لأُخراك و تذكّر هذا المشهد !
[ و إذا صُرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ]
مــــــــــــــــــــــن| تـاجُ الخشّيــة |مُحاضرةٌ لـ فضيلة الشيخ / صالح المغامسي - حفظه الله
أسأل الله أن أن ينفع بها الأمة
ولا يحرمني أجرها ومن قرأها وعمل بها
منـــــــــــى
الحمد الله ربِّ العالمين و الصّلاةُ وا لسّلام على سيّد المُرسلين نبيّنا مُحمّدٍ صلّى الله عليه و سلّم
و على آله و صحبه و من تبعهُ بإحسانٍ إلى يوم الدين ..
ربنا جلّ و علا خلق الخلق لا ليستكثر بهم من قلّه و لا ليستنصر بهم من ذلّه
خلقهم و هو غنيٌّ عنهم و جاء في الحديث القدسي :
[ يا عبادي إنّكم لن تبلغوا ضرّي فـ تضروني و لن تبلغوا نفعي فـ تنفعوني ؛
يا عبادي لو أنّ أولكم و آخركم و إنسكم و جنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا ؛ يا عبادي لو أنّ أولكم و آخركم و إنسكم و جنّكم كانوا على أفجرِ قلبِ رجل واحدٍ منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا ؛ يا عبادي إنّما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثُمّ أوفيكم أيّها فمن وجد خيرًا فـ ليحمد الله و من وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلاّ نفسه ]
و مع ذلك أرسل الرسل و أنزل الكتب لأمرين تقوم الحجّة و تتضح المحجّة و لا يهلِك على الله إلاّ هالك
[ و ما ظلمناهم و لكن كانوا أنفسهم يظلمون ]
على أنه ما تقرّب أحدٌ إلى الله ليلاً بـ أعظم من الصلاة له و الوقوف بين يديه و السجود له
قال الله عز وجل عن أوليائه الخُلّص :
[ تتجافى جنوبهم عن المضاجعِ يدعون ربهم خوفًا و طمعًا و ممّا رزقناهم يُنفقون فلا تعلمُ نفسٌ ما أُخفي لهم من قرّة أعين جزاءًا بما كانوا يعملون ]
و قال صلى الله عليه و سلم لـ مُعاذ :
[ ألا أدلّك على أبواب الخير ؟ الصوم جُنّة و الصدقة تُطفئُ الخطيئةُ كما يُطفئُ الماءُ النار ] ثُمّ قال :
[ صلاة الرجل في جوفِ الليل الآخر ؛ ثُمّ تلى : تتجافى جنوبهم .. ]
و في الخبر الصحيح أن أمّ المُؤمنين فقدته صلى الله عليه و سلم قالت فإذا هو في المسجد
قد انتصبت قدماه يقول في سجوده :
[ اللهُمّ إني أعوذ برضاك من سخطك و أعوذ معافاتك من عقوبتك و أعوذ بك منك لا أحصي ثناءًا عليك
أنت كما أثنيت على نفسك ]
قال صلى الله عليه و سلم - أنت كما أثنيت على نفسك - لأنّه لا أحد أعلمُ بالله من الله .
و قال ربنا : [ و لا يُحيطون به علمًا ]
فـ تأدّب صلى الله عليه و سلم مع ربه فقال : [ أنت كما أثنيت على نفسك ]
وقفــه: أيّها القلب هذه موعظةٌ لك فيها إيضاحٌ و بيان لما أشكل على العقول و أعيى الأذهان :
[ فأمّا الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه و نعّمه فـ يقولُ ربّي أكرمن و أمّا إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقهُ قيقول ربّي أهانن ]
يظنّ بعض من يجهل سنن الله في خلقه أن العطاء الدنيوي مستلزم للعطاء الأخرويّ ؛ و أن التضيق الدنيويّ مستلزم بالتضيق الأخرويّ !
فـ الله عزّ و جل يقول ( كلاّ ) أي ليس الأمر كذلك
و الله يُعطي الدنيا لمن يُحب و من لا يُحب و لا يُعطي الدين إلاّ لمن يُحب
و بيان ذلك تقريبًا للأفهام و عملاً بما أمر الله لا يُعصم أحد بغناه بأنه تقيّ و لا يُتهم بأنّه فاجر
فـ الغنا هبةٌ إلاهيّه لا علاقة لها بتقوى العبد أو فجوره ؛ كما أن الفقير لا يمدح بأنه فقير من أهل الجنة و لا يذم بأنه من أهل النار فلا سبيل إلى الجنة و النار إلا بأمرين :
الجنة سبيلها الإيمان و العمل الصالح و غير ذلك سبيل النار ؛ لا علاقة للغنى و الفقر و الصحة و المرض و العطاء و المنع بالجنة و النار ؛ لكنّ العطاء الديني هذا لا يُؤتاهُ إلاّ من أحبّهُ الله !
رجلٌ يتقلّب في فراشه قد أقضّ السهر مضجعه لأيّ سببٍ كان فقام بعد أن تقلّب في فراشه و بعُدَ النّوم عن عينيه
- و هذا يحصل تقريبًا لكل أحد -
حال الناس هنا يتفاوت ؛ فهذا يقوم يُقلّبُ قنوات الشاشات ؛ و هذا يذهبُ إلى جهازه ليفتحه ؛ و هذا يتصل بصديقه ليُسلّيه
و ذاك قد يتعرّض لأعراضٍ مستورة يُوقظها من منامها ؛ و هذا قد يتكأ على فراشه يتكاسل أن يقوم !
هناك أقوام يُحبّهم الله فـ لأنّه يُحبّهم يُحبُّ أن يقوموا بين يديه فـ يقع في قلبهم حبّ الوقوف بين يديه جلّ و علا فـ يقومون
تتسابق أقدامهم إلى موضع وضوئهم فـ إذا توضّؤوا سقط ما سقط من الجوارح التي لامسها الماء تكفيرًا لهم
فإذا وقفوا بين يديّ ربهم فهذا من أعظم الدلائل و أجل القرائر على أن الله يُحبّهم ولو محبته جلّ و علا لهم لما وفّقهم أن يقوموا بين يديه
و من أراد أن يعرف أين مقامه عند ربه فـ لينظر أين مقامه من طاعة ربه
إذ ليس بين الله و بين أحد من خلقه نسب! إنما هي أعمال في ذلك فـ ليتنافس المتنافسون .
فـ لأنّه أحبهم أقامهم جلّ و علا بين يديه لأمر عظيم و الأمر العظيم هو أنه و إن ثقلت بهم الأقدام في وقوفهم في الليل بين يدي الملك العلاّم ؛ فإن هذا يُهوّن عليهم يوم القيامة الوقوف بين يديه قال الله جل و علا :
[ و اذكر اسم ربك بكرة و أصيلاً و من الليل فاسجد له و سبّحه ليلاً طويلاً إن هؤلاء يُحبون العاجلة ويذرون ورائهم يومًا ثقيلاً ]
و الوقوف بين يدي الله يقع في الدنيا في الصلاة و يقع في الأخرة في يوم العود الأكبر ؛
فمن حسُن وقوفه في الدنيا في صلاته بين يدي ربه حسُن وقوفه في الأخرة يوم يقوم الأشهاد و يُحشر العباد بين يدي ربهم تبارك اسمه و جل ثناءه
وقفـه : أيّها القلب تذكّر ذلك اليوم و أهواله و لا تغترّ بدُنياك فإنّما هي مطيّةٌ لأُخراك و تذكّر هذا المشهد !
[ و إذا صُرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ]
مــــــــــــــــــــــن| تـاجُ الخشّيــة |مُحاضرةٌ لـ فضيلة الشيخ / صالح المغامسي - حفظه الله
أسأل الله أن أن ينفع بها الأمة
ولا يحرمني أجرها ومن قرأها وعمل بها
منـــــــــــى