ابراهيم الدريعي
21-04-2011, 11:10 PM
لماذا يهاجم بعض الناس علم النفس؟
لست متعصبا لعلم النفس لأني متخصص فيه ولكني سوف أجيب عن هذا السؤال ، وأكون بذلك حياديا ومنصفا، فعلم النفس من العلوم الإنسانية التي تبحث في سلوك الكائن البشري وتطوير الذات ، وهو معروف منذ القدم ، وقد ذكره القرآن الكريم في عدة مواضع ، والمعروف أنه انتقل للغرب أيام الفتوحات الإسلامية فأعجبوا بمفاهيمه وطوروه ، لاسيما أنه يبحث عن الأساليب المفيدة في تخليص الإنسان من معاناته الداخلية والخارجية ، وكانت بدايته مرتبطة بالفلسفة ولكنه أخيرا تجرد منها إطلاقا وصار يحسب على العلوم التجريبية المعملية كمادة العلوم ، وصارت بعض الجامعات تخصص مختبرا لعلم النفس تجرى فيه التجارب ، وتكتب النتائج والتقارير العلمية المبنية على المشاهدة والملاحظة ، صحيح أن تجارب علم النفس تطبق على الحيوانات ، والحيوان سلوكه يختلف عن سلوك الإنسان ،والسلوك الإنساني معقد وقد يعاب على علم النفس ذلك ولكن علماء النفس يختارون الحيوانات قريبة الشبه بسلوك الإنسان لأنه من الصعوبة تطبيق تجارب علم النفس على الكائن البشري .
المهم في هذا الموضوع أن القرآن الكريم أمرنا أن نتدبر ونتفكر في أنفسنا قال تعالى: ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) وقال تعالى : ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ) أما من قال إن علم النفس علم مستورد من الغرب مشوب بأخلاقيات الغربيين المقيتة ، فهذا القول فيه نظر، أصل علم النفس وأساسه مستنبط من القرآن الكريم ، ولكن الغربيين قدموا لنا نظريات نفسية ممكن أن نستفيد منها ونستبعد مايخالف الدين والعقيدة ، فنحن نستورد الأساليب والطرق أما الأصول والثوابت فلسنا بحاجة إليها لوجودها في القرآن والسنة ، وأما فرويد الذي يرفض البعض نظرياته ، ففرويد ليس هو علم النفس ولكنه قطرة من بحروواحد من مئآت علماء النفس، ظهر بعده من عاب عليه كثيرا من آرائه وأقواله منهم ابنته ( أنا) وإدلر وغيرهم كثير ، وظهر بعد فرويد ما يسمى بالنظرية التحليلية الجديدة ، فإذا كان فرويد يرى أن سبب المشاكل النفسية يعود للكبت الجنسي فغيره لايرى ذلك ، فالتحليليون الجدد يرون أن أسبا ب المشاكل النفسية الظروف الضاغطة على الإنسان منذ نشأته الأولى ،وما يحمله من جينات وراثية تتحد مع الظروف البيئية فتكون المرض النفسي، ثم ظهرت النظرية السلوكية التي تناقض النظرية التحليلية التي ترى أن الاضطراب السلوكي سببه أن الطفل قد تعلم ممن حولة ومن بيئته أمورا خاطئة ، وإذا كان قد تعلم الخطأ فممكن نعلمه الصواب وأهملت هذه النظرية أعني السلوكية جانب اللآشعور الذي تبني عليه النظرية التحليلية مفاهيمها.
التعزيز الإيجابي هو أحد الدوافع للسلوك الإنساني ، فالطفل مثلا عندما تعده بشيء يحبه سيدفعه هذا الوعد إلى أن يجد ويجتهد ليحصل عليه ، وقد حاول بعض علماء النفس تطبيق التعزيز الإيجابي على الدلافين ، فاحضروا سمكا صغيرا حول بركة ماءيوجد بها مجموعة من الدلافين وهدفهم من ذلك أن يجعلوا أحد الدلافين يقفز قفزا بقدر مايستطيع ، وبالتالي يتعلم سلوكا مرغوبا فيه يستمر معه مستقبلا ، فوضعوا حلقه تسمح للدلفين باجتيازها وجعلوها على ارتفاع متر فقفزها الدولفين بسهوله فرموا في فمه سمكه ورفعوا الحلقة إلى 2متر ثم قفز الدلفين على ارتفاع مترين من خلال الحلقة فأعطوه سمكتين واستمر بهم الحال كلما قفز الدلفين أعلى أعطي سمكا حتى قفز لبعد 5 أمتار بعدها توقف عن القفز وهذه المسافة هي نهاية مايمكن أن يصل إليها الدلفين ومن هنا تعلم الدلفين القفز باستخدام المعزز الإيجابي وهو السمك ، وأعاد العلماء هذه التجربة ولكن بشكل مخالف وقد كانوايهدفون من جراء ذلك إلى إطفاء سلوك القفز لدى الدلفين فوضعوا حاجزا داخل بركة السباحة (شبك) ووضعوا في الجهة المقابلة سمكا صغيرا ، ولكن الدلفين لايستطيع الوصول للسمك بسبب الحاجز الشبكي ، فصار الدلفين يضرب برأسه الحاجز ليصل للسمك ولكن لم يستطع اختراق الحاجز وأخيرا تعب و انزوى الدلفين في آخر البركة وانطفأ نشاطه . هذه التجارب يطبقها علماء النفس على الحيوانات والأسماك ليستنتجوا منها أن السلوك كلما عزز تكرر مستقبلا سواء أكان هذه السلوك مرغوبا أو غير مرغوب ، وأنه يمكن أن نعلم أطفالنا سلوكيات حميدة ونلغي سلوكيات سيئة باستخدام التعزيز الإيجابي لتعزيز السلوك المرغوب فيه واستخدام الإطفاء لإطفاء سلوك غير مرغوب فيه ، إذا علم النفس في هذه الحالة بعيد كل البعد عن الفلسفة فصار يميل إلى التجريب والمشاهدة فهو اليوم أقرب للواقع مما كان سابقا ، والله أعلم .
لست متعصبا لعلم النفس لأني متخصص فيه ولكني سوف أجيب عن هذا السؤال ، وأكون بذلك حياديا ومنصفا، فعلم النفس من العلوم الإنسانية التي تبحث في سلوك الكائن البشري وتطوير الذات ، وهو معروف منذ القدم ، وقد ذكره القرآن الكريم في عدة مواضع ، والمعروف أنه انتقل للغرب أيام الفتوحات الإسلامية فأعجبوا بمفاهيمه وطوروه ، لاسيما أنه يبحث عن الأساليب المفيدة في تخليص الإنسان من معاناته الداخلية والخارجية ، وكانت بدايته مرتبطة بالفلسفة ولكنه أخيرا تجرد منها إطلاقا وصار يحسب على العلوم التجريبية المعملية كمادة العلوم ، وصارت بعض الجامعات تخصص مختبرا لعلم النفس تجرى فيه التجارب ، وتكتب النتائج والتقارير العلمية المبنية على المشاهدة والملاحظة ، صحيح أن تجارب علم النفس تطبق على الحيوانات ، والحيوان سلوكه يختلف عن سلوك الإنسان ،والسلوك الإنساني معقد وقد يعاب على علم النفس ذلك ولكن علماء النفس يختارون الحيوانات قريبة الشبه بسلوك الإنسان لأنه من الصعوبة تطبيق تجارب علم النفس على الكائن البشري .
المهم في هذا الموضوع أن القرآن الكريم أمرنا أن نتدبر ونتفكر في أنفسنا قال تعالى: ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) وقال تعالى : ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ) أما من قال إن علم النفس علم مستورد من الغرب مشوب بأخلاقيات الغربيين المقيتة ، فهذا القول فيه نظر، أصل علم النفس وأساسه مستنبط من القرآن الكريم ، ولكن الغربيين قدموا لنا نظريات نفسية ممكن أن نستفيد منها ونستبعد مايخالف الدين والعقيدة ، فنحن نستورد الأساليب والطرق أما الأصول والثوابت فلسنا بحاجة إليها لوجودها في القرآن والسنة ، وأما فرويد الذي يرفض البعض نظرياته ، ففرويد ليس هو علم النفس ولكنه قطرة من بحروواحد من مئآت علماء النفس، ظهر بعده من عاب عليه كثيرا من آرائه وأقواله منهم ابنته ( أنا) وإدلر وغيرهم كثير ، وظهر بعد فرويد ما يسمى بالنظرية التحليلية الجديدة ، فإذا كان فرويد يرى أن سبب المشاكل النفسية يعود للكبت الجنسي فغيره لايرى ذلك ، فالتحليليون الجدد يرون أن أسبا ب المشاكل النفسية الظروف الضاغطة على الإنسان منذ نشأته الأولى ،وما يحمله من جينات وراثية تتحد مع الظروف البيئية فتكون المرض النفسي، ثم ظهرت النظرية السلوكية التي تناقض النظرية التحليلية التي ترى أن الاضطراب السلوكي سببه أن الطفل قد تعلم ممن حولة ومن بيئته أمورا خاطئة ، وإذا كان قد تعلم الخطأ فممكن نعلمه الصواب وأهملت هذه النظرية أعني السلوكية جانب اللآشعور الذي تبني عليه النظرية التحليلية مفاهيمها.
التعزيز الإيجابي هو أحد الدوافع للسلوك الإنساني ، فالطفل مثلا عندما تعده بشيء يحبه سيدفعه هذا الوعد إلى أن يجد ويجتهد ليحصل عليه ، وقد حاول بعض علماء النفس تطبيق التعزيز الإيجابي على الدلافين ، فاحضروا سمكا صغيرا حول بركة ماءيوجد بها مجموعة من الدلافين وهدفهم من ذلك أن يجعلوا أحد الدلافين يقفز قفزا بقدر مايستطيع ، وبالتالي يتعلم سلوكا مرغوبا فيه يستمر معه مستقبلا ، فوضعوا حلقه تسمح للدلفين باجتيازها وجعلوها على ارتفاع متر فقفزها الدولفين بسهوله فرموا في فمه سمكه ورفعوا الحلقة إلى 2متر ثم قفز الدلفين على ارتفاع مترين من خلال الحلقة فأعطوه سمكتين واستمر بهم الحال كلما قفز الدلفين أعلى أعطي سمكا حتى قفز لبعد 5 أمتار بعدها توقف عن القفز وهذه المسافة هي نهاية مايمكن أن يصل إليها الدلفين ومن هنا تعلم الدلفين القفز باستخدام المعزز الإيجابي وهو السمك ، وأعاد العلماء هذه التجربة ولكن بشكل مخالف وقد كانوايهدفون من جراء ذلك إلى إطفاء سلوك القفز لدى الدلفين فوضعوا حاجزا داخل بركة السباحة (شبك) ووضعوا في الجهة المقابلة سمكا صغيرا ، ولكن الدلفين لايستطيع الوصول للسمك بسبب الحاجز الشبكي ، فصار الدلفين يضرب برأسه الحاجز ليصل للسمك ولكن لم يستطع اختراق الحاجز وأخيرا تعب و انزوى الدلفين في آخر البركة وانطفأ نشاطه . هذه التجارب يطبقها علماء النفس على الحيوانات والأسماك ليستنتجوا منها أن السلوك كلما عزز تكرر مستقبلا سواء أكان هذه السلوك مرغوبا أو غير مرغوب ، وأنه يمكن أن نعلم أطفالنا سلوكيات حميدة ونلغي سلوكيات سيئة باستخدام التعزيز الإيجابي لتعزيز السلوك المرغوب فيه واستخدام الإطفاء لإطفاء سلوك غير مرغوب فيه ، إذا علم النفس في هذه الحالة بعيد كل البعد عن الفلسفة فصار يميل إلى التجريب والمشاهدة فهو اليوم أقرب للواقع مما كان سابقا ، والله أعلم .