المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطفل الهارب...


نورة الجاسر
23-11-2011, 04:13 PM
الطفل الهارب...

وقفْتُ على رصيف الأُمْنِيَاتِ - - أُفَتِّشُ عن شوارد ذكرياتي
أُفَتّشُ عن ملامح وجه طفلٍ - - بريء ، ذاتُه مُزِجَتْ بذاتي
لقد عشنا سويّاً في صبانا - - فليس صفاتُه إلاّ صفاتي
... وليس حنينُه إلاّ حنيني - - ولا لَفَتَاتُه إلاّ الْتفاتي
وليس بكاؤه إلاّ بُكائي - - وليس شكَاتُه إلاّ شَكَاتي
ونَبْضُ فؤاده هوَ نَبْضُ قَلْبي - - وأُمْنِيَّاتُه هيَ أُمْنِيَاتي
لَعِبْنا بالتُّراب وكان عِطْراً - - تُعَطِّرُنا به كفُّ الحياةِ
وسابَقْنا انْبِثَاقَ الفجر نغدو - - إلى المرعى بزاد الرَّاعيات
لقد كان الصَّغيرُ رفيقَ درْبي - - يُقاسِمُني ثباتي وانْفِلاتي
فكم سرنا إلى الوادي سَويّاً - - سواءُ في الرَّوَاح أَم الغَدَاةِ
شربْنا الماءَ من نَبْع نَقيّ - - تَفَجّر من صخور مُحْكَمَات
شَبِعْنا من جنَى عِنَب وتِيْن - - ومِن أشجار لَوْز مُثْمِراتِ
سَمِعْنَا كلَّ يوم صوتَ جَدّي - - يُنادي بالأذان إلى الصّلاة
وأتْقَنّا السِّباحةَ في غدير - - تَكَوَّنَ من هُطول السَّابِحاتِ
فما بالُ الصّغير يفرُّ منّي - - فِرارَ الأتقياء من العُصَاةِ
أُفَتِّشُ عنه في الوادي فألْقى - - نَسَائمَ روحه بينَ النَّباتِ
وأَلْقى منه عِطْراً في الرَّوابي - - تَخَبَّأَ في الزّهور النّاضرات
أُفَتِّشُ عنه في جبَل وسَهْل - - وأعشاش الطيور الصَّادحات
وفي البيت القديم وقد تَهاوى - - على وَقْع السّنين الماضيات
فما ألْقى سوى أَثَر حزين - - وَفَيض من عيون باكياتِ
تَدَفَّقَ سيلُ أسْئلَتي ،فمن لي - - بأَجْوِبة لقلبي شافياتِ
هُنا ، وقَفَ الزَّمانُ ، وقال : مَهْلاً - - لقد رحلَ الصّغيرُ رَحيلَ آتِ
مضى وَأَتَيْتَ أَنْتَ ،فأنت طفلٌ - - ؟لأنّ الطفلَ أنتَ على الثباتِ
نعم فالطّفْلُ أصْبَحَ فيكَ شَيْخاً - - وعندك منه أقوى البيِّنات
أغرَّكَ أنَّ شَيْبَك قد تَراءى - - كَواكبَ في الليالي المظلمات
لقد كبِرَ الصَّغيرُ ولم يُبارِحْ - - مَرَابِعَ حُبِّه المُتَألِّقات
فقلْبُكَ قَلْبُه حُبَّاً وشَوْقاً - - وَإحساساً بهمِّ الكائنات
وما الإنْسانُ إلاّ روحُ طِفْل - - تَدَرَّجَ في الحياة إلى الممات
وشَرُّ النّاس مَنْ يَغْتالُ طفلاً - - بريئاً بالخطايا المُوْبِقَاتِ
وخَيْرُ النّاس مَنْ يَبْقى كطفل - - بَريء القلب مَيْمُونَ السِّمات
فَعِشْ بالطّفْل فيكَ كما عَهِدْنا - - وجَدِّدْ روحَه بالمَكْرُمات

عبدالرحمن العشماوي -الرياض-14-ذو الحجة-1432



دمتم..

نورة الجاسر
23-11-2011, 04:19 PM
وما الإنْسانُ إلاّ روحُ طِفْل - - تَدَرَّجَ في الحياة إلى الممات


رائـــــــــــــــــــــــــــــــع يخاطب الإحساس ..
حكم نابعه عن تجربه صادقه...
دمتَ شاعراً عملاقاً..

مماآ أعجبني وراآق لي وبشدّهـ.. فأحببت أن تشاركوني روعته والإستمتاع بهـ..

لمياء الديفون
23-11-2011, 07:21 PM
مشكورة على هذا الموضوع يانورة الجاسر
http://alahsaa.net/vb/mwaextraedit4/extra/69.gif

نورة الجاسر
25-11-2011, 12:35 PM
شكراً لمروركـ العذب لمياء..