ابو سدين
18-09-2012, 01:54 PM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد
سكتات الإمام في الصلاة
لابن قيّم الجوزية رحمه الله
كَانَ لَهُ -يعني النبي صَلى الله عليه وسلم- سَكْتَتَانِ؛ سَكْتَةٌ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، وَعَنْهَا سَأَلَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَاخْتُلِفَ فِي الثَّانِيَةِ؛ فَرُوِيَ أَنَّهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ. وَقِيلَ إِنَّهَا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ. وَقِيلَ: هِيَ سَكْتَتَانِ غَيْرُ الْأُولَى فَتَكُونُ ثَلَاثًا، وَالظَّاهِرُ إِنَّمَا هِيَ اثْنَتَانِ فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَطِيفَةٌ جِدًّا لِأَجْلِ تَرَادِّ النَّفَسِ، وَلَمْ يَكُنْ يَصِلُ الْقِرَاءَةَ بِالرُّكُوعِ بِخِلَافِ السَّكْتَةِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ كَانَ يَجْعَلُهَا بِقَدْرِ الِاسْتِفْتَاحِ، وَالثَّانِيَةُ قَدْ قِيلَ: إِنَّهَا لِأَجْلِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي تَطْوِيلُهَا بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِلرَّاحَةِ وَالنَّفَسِ فَقَطْ وَهِيَ سَكْتَةٌ لَطِيفَةٌ، فَمَنْ لَمْ يَذْكُرْهَا فَلِقِصَرِهَا، وَمَنِ اعْتَبَرَهَا جَعَلَهَا سَكْتَةً ثَالِثَةً، فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهَذَا أَظْهَرُ مَا يُقَالُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
وَقَدْ صَحَّ حَدِيثُ السَّكْتَتَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ سمرة، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ أبو حاتم فِي " صَحِيحِهِ "، وسمرة هو ابن جندب، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ أَحَدَ مَنْ رَوَى حَدِيثَ السَّكْتَتَيْنِ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَقَدْ قَالَ: (حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكْتَتَيْنِ سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7] ))
وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ؛ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ سَكَتَ، وَهَذَا كَالْمُجْمَلِ، وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ مُفَسِّرٌ مُبَيِّنٌ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لِلْإِمَامِ سَكْتَتَانِ، فَاغْتَنِمُوا فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ؛ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَإِذَا قَالَ: " وَلَا الضَّالِّينَ " عَلَى أَنَّ تَعْيِينَ مَحَلِّ السَّكْتَتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ تَفْسِيرِ قتادة، فَإِنَّهُ رَوَى الْحَدِيثَ عَنِ الحسن عَنْ سمرة قَالَ: سَكْتَتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عمران فَقَالَ: حَفِظْنَاهَا سَكْتَةً، فَكَتَبْنَا إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِالْمَدِينَةِ، فَكَتَبَ أبي أَنْ قَدْ حَفِظَ سمرة، قَالَ سعيد: فَقُلْنَا لقتادة: مَا هَاتَانِ السَّكْتَتَانِ؟ قَالَ:إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِذَا قَالَ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ) .
قَالَ: وَكَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَتَرَادَّ إِلَيْهِ نَفَسُهُ، وَمَنْ يَحْتَجُّ بالحسن عَنْ سمرة يَحْتَجُّ بِهَذَا. فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْفَاتِحَةِ أَخَذَ فِي سُورَةٍ غَيْرِهَا، وَكَانَ يُطِيلُهَا تَارَةً وَيُخَفِّفُهَا لِعَارِضٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُتَوَسَّطُ فِيهَا غَالِبًا.
سكتات الإمام في الصلاة
لابن قيّم الجوزية رحمه الله
كَانَ لَهُ -يعني النبي صَلى الله عليه وسلم- سَكْتَتَانِ؛ سَكْتَةٌ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، وَعَنْهَا سَأَلَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَاخْتُلِفَ فِي الثَّانِيَةِ؛ فَرُوِيَ أَنَّهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ. وَقِيلَ إِنَّهَا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ. وَقِيلَ: هِيَ سَكْتَتَانِ غَيْرُ الْأُولَى فَتَكُونُ ثَلَاثًا، وَالظَّاهِرُ إِنَّمَا هِيَ اثْنَتَانِ فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَطِيفَةٌ جِدًّا لِأَجْلِ تَرَادِّ النَّفَسِ، وَلَمْ يَكُنْ يَصِلُ الْقِرَاءَةَ بِالرُّكُوعِ بِخِلَافِ السَّكْتَةِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ كَانَ يَجْعَلُهَا بِقَدْرِ الِاسْتِفْتَاحِ، وَالثَّانِيَةُ قَدْ قِيلَ: إِنَّهَا لِأَجْلِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي تَطْوِيلُهَا بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِلرَّاحَةِ وَالنَّفَسِ فَقَطْ وَهِيَ سَكْتَةٌ لَطِيفَةٌ، فَمَنْ لَمْ يَذْكُرْهَا فَلِقِصَرِهَا، وَمَنِ اعْتَبَرَهَا جَعَلَهَا سَكْتَةً ثَالِثَةً، فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهَذَا أَظْهَرُ مَا يُقَالُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
وَقَدْ صَحَّ حَدِيثُ السَّكْتَتَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ سمرة، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ أبو حاتم فِي " صَحِيحِهِ "، وسمرة هو ابن جندب، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ أَحَدَ مَنْ رَوَى حَدِيثَ السَّكْتَتَيْنِ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَقَدْ قَالَ: (حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكْتَتَيْنِ سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7] ))
وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ؛ فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ سَكَتَ، وَهَذَا كَالْمُجْمَلِ، وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ مُفَسِّرٌ مُبَيِّنٌ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لِلْإِمَامِ سَكْتَتَانِ، فَاغْتَنِمُوا فِيهِمَا الْقِرَاءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ؛ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَإِذَا قَالَ: " وَلَا الضَّالِّينَ " عَلَى أَنَّ تَعْيِينَ مَحَلِّ السَّكْتَتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ تَفْسِيرِ قتادة، فَإِنَّهُ رَوَى الْحَدِيثَ عَنِ الحسن عَنْ سمرة قَالَ: سَكْتَتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عمران فَقَالَ: حَفِظْنَاهَا سَكْتَةً، فَكَتَبْنَا إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِالْمَدِينَةِ، فَكَتَبَ أبي أَنْ قَدْ حَفِظَ سمرة، قَالَ سعيد: فَقُلْنَا لقتادة: مَا هَاتَانِ السَّكْتَتَانِ؟ قَالَ:إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِذَا قَالَ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ) .
قَالَ: وَكَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يَتَرَادَّ إِلَيْهِ نَفَسُهُ، وَمَنْ يَحْتَجُّ بالحسن عَنْ سمرة يَحْتَجُّ بِهَذَا. فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْفَاتِحَةِ أَخَذَ فِي سُورَةٍ غَيْرِهَا، وَكَانَ يُطِيلُهَا تَارَةً وَيُخَفِّفُهَا لِعَارِضٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُتَوَسَّطُ فِيهَا غَالِبًا.