المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنفلونزا الطيور تضرب العالم فهل ننجو


شيخ الشباب
25-03-2007, 02:57 PM
رغم تقدم العلم والعالم في شتى الميادين والاكتشافات العلمية إلا أنه يقف عاجزا أحيانا أمام معرفة سر وقوع الكثير من الكوارث, أو التنبؤ بها قبل وقوعها, أو توفير وسائل العلاج الناجعة بعد وقوعها, أو على الأقل, حصارها والحيلولة دون انتقالها . وإذا كانت بعض الكوارث تقع دون إنذار مسبق ولا توجد وسيلة لتلافيها والتخفيف من آثارها, كما هو الحال بالنسبة إلى الكوارث الطبيعية, مثل موجات المد البحري الزلزالي والأعاصير والزلازل, فماذا يقال عن كوارث مثل مرض الإيدز الذي يفتك بالبشرية ويعطل النشاط والإنتاج رغم المحاولات التي تبذل للوقاية منه أو العلاج, والحد من انتشاره, والتي تقف عاجزة أمام الزحف الهائل للمرض في المجتمعات الفقيرة والغنية على حد سواء ؟
واليوم تكاد كارثة المرض المعروف بإنفلونزا الطيور تعصف بالعالم اقتصاديا وبشريا, ورغم الجهود التي تبذل لمحاصرة المرض والعلاج إلا أن موجات المرض تسير في اتجاه معاكس لتلك الجهود, بحيث تنتقل عبر الفضاء الواسع متجاهلة وجود حدود جغرافية أو حواجز جمركية, ولم يعد يوجد على وجه الأرض مكان أو دولة محصنة من المرض الذي ينتقل بانتقال الطيور التي تقطع مئات الأميال في هجرتها عبر الفضاء الواسع . وبعد هذه المقدمة التي تداعت تلقائيا عند التفكير في الكتابة عن هذا الخطر أجد أن الحديث سيطول غير أن ما يعنيني في هذا الطرح العاجل هو ثلاثة أمور تتعلق بتضارب المعلومات والبلبلة اللتين تسودان المجتمع وخطر هذا المرض القادم على الاقتصاد العالمي, وواجبنا, وكيف نخرج بأقل الأضرار ؟

تضارب المعلومات .......
في البداية أطلق على المرض إنفلونزا الدجاج واعتقد الناس أنه منحصر في مزارع الدجاج وجندت الجهود لمحاولة السيطرة عليه وإتلاف ما يكتشف رغم الخسائر المادية الهائلة المترتبة على ذلك, ولكن التسمية تغيرت وأصبحت تعم الطيور على اختلاف أنواعها ومصادرها ومواطن تكونها, وأضحت كل بقعة وكل نوع من الطيور مرشحا لاحتضان الوباء, واضطربت المعلومات وعم الخوف والبلبلة والقلق, بل الذعر من كل ما يصيب الطيور من أمراض قد لا تكون لها علاقة بهذا الوباء وزاد من ذلك غموض أعراض المرض وتداخلها مع أعراض أخرى, وقلة التوعية وانعدام خبرة الناس بها, وصعوبة اكتشافها دون تحاليل مجهرية ومخبرية قد لا تتوافر القدرة على إجرائها في كل مكان, ووقف العالم حائرا أمام هجمة المرض الشرسة .

المرض ضربة اقتصادية محتملة .............
رغم أن المرض أودى بحياة ما يزيد على 60 شخصا في قارة آسيا إلا أن الخسائر الاقتصادية المتمثلة في إتلاف الأعداد الهائلة من الطيور تفوق ذلك بكثير, خاصة في دول تعد صناعة الدواجن فيها من أهم الدعامات الاقتصادية . وهاهو البنك الدولي يحذر من أن الوباء قد يكلف الاقتصاد العالمي 800 مليار دولار.. (نعم 800 مليار), وهو رقم مهول بكل المقاييس, ولا يظن أن البنك يبالغ, خاصة وقد ذكر ذلك في تقرير رسمي قدمه إلى مؤتمر نظمته منظمة الصحة العالمية جمع كل المنظمات المهتمة بالصحة والثروة الحيوانية, عقد في جنيف أخيرا لمانقشة كيفية اعتماد خطة عالمية لمواجهة المرض, بدأها البنك ذاته برصد مبلغ 500 مليون دولار لتعويض أصحاب المزارع المصابة التي يجري إتلاف محتوياتها في أنحاء العالم كافة . ومن ناحية أخرى, ذكر البنك أنه لا يستبعد تفشي المرض وانتشاره بين البشر, وإذا ما حصل ذلك فإنه قد يسبب ما بين 100 ألف و200 ألف حالة وفاة بين البشر في الولايات المتحدة نفسها, الأمر الذي قد يلحق بالاقتصاد الأمريكي خسائر تقدر بما بين 100 و200 ألف مليار دولار. ولم يشر البنك إلى مقدار الخسائر المتوقعة في الدول الأخرى غير الولايات المتحدة, خاصة النامية منها أو التي يعتمد اقتصادها على صناعة الدواجن, التي بدأ الوباء يمتد فيها إلى الإنسان والطيور على حد سواء. في بيئات ينخفض فيها مستوى الوعي عنه في الولايات المتحدة فهل يا ترى هذا التجاهل مقصود لعدم إصابة الناس في تلك البلدان بالذعر أم أنه يأتي في سياق تضارب المعلومات وغموض الوضع رغم تحذيرات البنك؟ ومهما يكن من أمر فهناك ضربة موجعة محتملة تهدد الاقتصاد العالمي إذا ما حدثت توقعات البنك, ويقع على الحكومات عبء المراقبة والكشف وإتلاف المزارع المصابة وتوثيق ما يتم إتلافه لمطالبة البنك بالتعويض عنه .

كيف نتجنب الخطر ؟
فيما يتعلق بالوضع في المملكة, كان وزير الزراعة موضوعيا عندما صرح "بأنه لا يستبعد دخول المرض إلى المملكة, رغم أن الوزارة اتخذت عددا من الاحتياطات", وهذا التنويه أمر طبيعي طالما أن المملكة تشكل جزءا من العالم وليست بمنأى عما يصيبه, لكن ما يثير الانتباه ويستدعي الاهتمام هو ما يدور في أوساط المجتمع هذه الأيام من شائعات وأقاويل ومزاعم عن وجود المرض, وما يتناقله الناس من تحذيرات عبر الرسائل الهاتفية حول الابتعاد عن تناول الدجاج, وحتى البيض, وحيث إن الناس يعتمدون فيما لا يقل عن 50 في المائة من استهلاك اللحوم على الدجاج, وأن صناعة الدجاج تعد من أهم الدعامات الأساسية للاقتصاد الوطني وتغطي ما لا يقل عن 60 في المائة من الاستهلاك, فقد صار لزاما التصدي لما يقال ويروج بالإيضاح والتنويه وتثقيف الناس بصورة صحيحة عما يتعلق بالمرض, وكيفية الوقاية منه والتقليل من آثاره في مجتمع تعد تربية الدواجن والعيش معها في المنازل من تراثه الوطني .

ويخطر لي في هذه العجالة عدد من الخطوات أرى أنه لا بد من الاهتمام بها والتركيز عليها , منها :
ـ الاهتمام بالتوعية والتثقيف بكل ما يتعلق بالمرض, أسبابه, كيفية ظهوره, أعراضه, احتمالات انتقاله للإنسان, وما التصرف الأمثل في حالة الشك في وجود شيء من ذلك؟ على أن تشمل التوعية التنويه إلى سلامة المعروض في الأسواق, وعدم التردد أو التخوف من استعماله طالما كان الطهي يقطع الشك باليقين.
ـ انتهاج كل أساليب التوعية والتثقيف المتاحة, مثل الندوات في التلفزيون والإذاعة والإعلانات في الصحف والكتيبات والمطويات والملصقات التي توزع مع الصحف, وفي المدارس والطرق العامة وعن طريق المحافظات والمراكز.
ـ الاهتمام بالمحافظة على الكيانات الاقتصادية المتمثلة في مشاريع الدواجن, وذلك بنفي البلبلة والشائعات والمعلومات الخاطئة لتعزيز ثقة الناس بالإنتاج الوطني وعدم التشكيك في صحته وسلامته.
ـ تكثيف الرقابة والتفتيش على مزارع الدواجن وحظائرها وتدريب من يباشر العمل فيها على طرق التعرف على المرض, وكيفية عزل المصاب والتخلص منه وتطمين الملاك بضمان حقهم في التعويض عما يتم إتلافه سواء من قبل الحكومة مباشرة أو عن طريق البرامج المعدة لذلك من قبل البنك الدولي, مع إعلام الناس بالضوابط والوثائق المطلوبة للحصول على التعويض .

والله من وراء القصد .