العجلة متى تكون محمودة وصورٌ من العجلةالمذمومة

[معتز]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد:
فالعجلة مذمومة دائماً فقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم(ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما)وقال تعالى(لا تحرك به لسانك لتعجل به إنا علينا جمعه وقرأنه فإذا قرأناه فأتبع قرأنه ثم إن علينا بيانه) وقال الله(ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون مايوعدون لم يلبثو إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون)وقال تعالى(فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عداً)
كان اليهود يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون السام عليكم فكان يرد عليهم عليه الصلاة والسلام وعليكم وكانت عائشة تسمع مقال اليهود وتعرف معناه وهو أنهم يقولون الموت عليكم الهلاك عليكم فغضبت هنالك وقالت وعليكم السام واللعنة فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم يا عائشة قالوا مقالاً فرددنا عليهم ويستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا يا عائشة إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه
وجاء وفد عبد القيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وصلوا إلى المدينة أسرعوا إلى الرسول وعليهم وعثاء السفر إلا الأحنف بن قيس فقد جلس وتنظف ولبس ثياباً ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له:إن فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة
والعجلة تكون محمودة إذا كانت مبادرة إلى الطاعة أو مبادرة إلى ترك الذنوب أو مبادرة للاستقامة على الخير والثبات عليه قال تعالى عن موسى(وعجلت إليك رب لترضى)وقال سبحانه(سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض)وقال(فاستبقوا الخيرات)وقال جل وعلا(والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) وقال جل وعلا(ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين)وقال(فاسعوا إلى ذكر الله)فالمبادرة للخير محمودة في كل الأحوال.
قد يدرك المتأني بعض حاجاته # وقد يكون مع المستعجل الزلل
وقد تفوت على قوم حوائجهم مع التأني # وكان الحزم لو عجلوا
ولعلي أضع بين يديك أيها المبارك بعض صور العجلة المذمومة :
1- العجلة في الإتيان إلى الصلاة بعد إقامتها وليس المراد ذم المبكرين إلى الصلاة بل هذا مطلوب محمود ولكن الذي يذم هو الإتيان للصلاة بسرعة وعجلة قال صلى الله عليه وسلم (إذا أقيمت الصلاة فأتوها وأنتم تمشون ولا تأتوها وأنتم تسعون فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)وقال(امشوا وعليكم السكينة والوقار...)وقد قال بعض العلماء يجوز الإسراع إن كان لإدراك الركعة الأولى أو لإدراك الصلاة
2- العجلة في الصلاة وعدم الطمأنينة فيها وهنا يخل المرء بصلاته ويفوته خير عظيم جاء أعرابي إلى رسول الله فصلى ثم جاء فسلم على رسول الله فقال له رسول الله ارجع فصل فإنك لم تصل كرر ذلك مراراً فقال والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني فعلمه رسول الله الصلاة وقال له في كل ذلك اركع حتى تطمئن راكعاًً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم قال ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ومن العجلة في الصلاة مسابقة المأموم الإمام في الصلاة لا وحده صلى ولا بإمامه اقتدى والعجب أن المأموم لن يخرج قبل الإمام ومع ذلك يسابقه ولربما أبطل صلاته بهذه المسابقه أوأبطل ركعته فإذا كبر إمامك فكبر ولا تكبر حتى يكبر وإذا ركع فأركع ولا تركع حتى يركع ولا تسبقه بقول ولا بفعل.
3- الاستعجال في الخروج من المسجد وهذا الاستعجال يفوت على المسلم استغفار الملائكة وتطبيق السنة والخير العظيم فهلا جلست أيها المسلم في مصلاك تطلب مغفرة ذنوبك وتحقق مطلوبك.
4- الاستعجال في الدعاء وله صور أ/الدعاء على الأولاد بالشر وهذا خطير قال عليه الصلاة والسلام( لا تدعوا على أولادكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم).
ب/الدعاء على النفس بالشر قال تعالى (ويدعوا الإنسان بالشر ودعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا).
ج/ترك الدعاء لأن الله لم يستجب للداعي قال صلى الله عليه وسلم(يستجاب لأحدكم مالم يعجل يقول دعوت فلم أرى يستجب لي فيتحسر هناك ويدع الدعاء)
د/الدعاء على النفس بنزول العقوبات قال تعالى(ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده)وقال(ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات) وقال تعالى(وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم)
5/الاستعجال في الحكم على الآخرين والله يقول(ياأيها الذين امنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين) وإنك لن تندم على التأني ولكنك ستندم على العجلة مراراً.
6/الاستعجال في قطف ثمار العمل وظهور النتائج أنت أيها المبارك تربي أولادك وتدعوا إلى الله فلا تستعجل قطف النتائج فقد تغرس غرساً طيباً يؤتى ثماره بعد ذلك فلا تستعجل قال صلى الله عليه وسلم(ليُتِمّن الله هذا الدين حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون)
7/ومن الاستعجال المذموم الاستعجال في السير بالسيارة فكم حصل بسبب هذا الاستعجال من المصائب والفواجع قال تعالى( واقصد في مشيك)وقال وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً).
فهل يحرص كل واحد منا على ترك العجلة إلا فيما يرضي الله وفق الله الجميع لما يرضيه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

[إنها جنان]

[خيرو]

http://up.graaam.com/p14ic/0ad7ebe206.gif